مقتل أغلب قادة حزب الله
مع اعتراف حزب الله التابع لإيران في لبنان بمقتل أمينه العام، حسن نصر الله، والذي يعد الشخصية الأهم المتبقية في سلسلته القيادية، يفتح ذلك الباب أمام تساؤلات بشأن سبب الانكشاف الاستخباراتي العميق الذي يعيشه الحزب أمام توالي استهدافات الاحتلال الإسرائيلي له بشكل لافت منذ حرب غزة المستمرة منذ ما يقارب السنة.
خلال أسبوع واحد استطاع الاحتلال الإسرائيلي اغتيال أغلب قادة حزب الله.
ويقول مراقبون في القنوات الإعلامية أن مقتل قيادات الحزب هو “نتاج انكشاف استخباراتي لحزب الله، أمام قدرات تل أبيب الاستطلاعية الكبيرة سواء عن طريق أجهزة متطورة في الرصد، أو المسيرات أو العملاء المحليين”.
وكانت أحد أبرز أسباب استمرار ذلك الاختراق يعود للجبهة السورية، نتاج “سنوات استمرار تواجد حزب الله في قتال شبه منظم داخل سوريا والذي ساهم في إخراج العديد من قياداته وعناصره تحت أضواء المسرح العملياتي وجعل قياداته وخططه وعناصره منكشفة أمام الرصد الإسرائيلي”، وفق تقدير خبير عسكري سوري.
الأربعاء، أكد الجيش الإسرائيلي، أنه قتل طالب عبدالله، القيادي الكبير في حزب الله اللبناني، بالإضافة إلى 3 مقاتلين آخرين من الجماعة في غارة على مركز للقيادة والتحكم في جنوب شرق لبنان.
وفي 4 يونيو الجاري، كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، عن دور وحدة الاستخبارات الميدانية 869″ التابعة للفرقة 91 ، لافتة إلى أنها المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية متعددة الأبعاد في منطقة الحدود اللبنانية، وتحديد عناصر حزب الله، وأخيرا تحقيق مهمتها المتمثلة في القضاء على التهديدات الإرهابية”.
وكشف أنه “منذ بداية الحرب، حددت الوحدة هوية أكثر من 100 إرهابي ومن خلال معلومات استخباراتية دقيقة وعالية الجودة، تم القضاء عليهم بالتعاون مع القوات العاملة على الأرض وسلاح الجو الإسرائيلي والمدفعية”.
ومن أبرز قادة حزب الله الذين قتلوا، بسبب الاحتلال، إسماعيل يوسف باز: قائد القطاع الساحلي لحزب الله، ووسام الطويل ومحمد شحوري وعلى حسين وعلى الدبس وعباس رعد القادة بقوة الرضوان، وعلي عبد الحسن نعيم نائب قائد وحدة الصواريخ والقذائف في حزب الله، ومحمد علوية قائد منطقة مارون الراس، وحسن سلامي قيادي في وحدة ناصر، وعلى برجي قائد منطقة جنوب لبنان.
بخلاف اغتيال صالح العاروري، القيادي في حركة حماس، خلال اجتماع في الضاحية الجنوبية ببيروت مطلع العام الحالي.
وقال الخبير العسكري الاستراتيجي السوري، عبد الله الأسعد، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن تواجد حزب الله في سوريا وحرصه على الاستمرار في تلك الجبهة مفتوحة لسنوات طويلة، جعل قياداته وعناصر وخططه وتحركاته مكشوفة لقدرات الكيان الإسرائيلي الاستخباراتية، وتبقى في ظل أضواء المسرح العملياتي هدفا محتملا”.
ويرى أن “ما حدث إلى طالب عبدالله وغيره هو جزء من بنك أهداف لدى الكيان الإسرائيلي تم جمع معلوماته وإحداثياته لاسيما مع تواجد حزب الله في الجبهة السورية”.
ويعتقد أن “استهداف الكيان الإسرائيلي يمكن أن يكون من أحد أسبابه اختراق من جانب عملاء محليين”، ويرى أن “التدابير الأمنية لحزب الله تبدو عاجزة أمام وسائل الاستطلاع الإسرائيلية ومنظماتها المتطورة التي رفعت الغطاء عنها وتستطيع كل فترة أن تقتل قياديا ضمن بنك أهداف جمعت معلومات وإحداثياته بشكل واضح ومحدد ودقيق”.
ويختلف مع هذا الطرح، الخبير الاستراتيجي والعسكري اللبناني، العميد الركن المتقاعد هشام جابر، الذي لا يعتقد أن الجبهة في سوريا مرتبطة بما يحدث من سلسلة اغتيالات لقيادات حزب الله.
غير أنه يؤكد أن “استمرار استهداف تل أبيب لقيادات حزب الله يعود لتفوقها في هذا الأمر كونها تملك معلومات استخباراتية كبيرة عنهم، خاصة ولبنان مكشوف أمنيا كما هو معلوم للجميع”.
ويعود هذا التفوق إلى دعم الأقمار الصناعية الغربية لتل أبيب، والعملاء المنتشرين في الأراضي اللبنانية وطائرات الاستطلاع وغيرها من التحركات الاستخباراتية، يضيف العميد المتقاعد هشام جابر، الذي يرأس مركز الشرق الأوسط للدراسات ببيروت.
ويؤكد وجود حرب استخبارات بالدرجة الأولى، بين حزب الله والاحتلال، والأخيرة تتفوق عليها للأسباب السابقة.
بينما يرى المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب، أن “القيادات والعناصر التي تعرضت للاغتيال تتواجد في المنطقة الحدودية وتتنقل بين الجبهة وقرى الجنوب اللبناني، مما سهل رصدها وملاحقتها من قبل إسرائيل”.
ولفت إلى أن الاحتلال “يستخدم مسيرات وتكنولوجيا متفوقة مزودة بالذكاء الاصطناعي”، وتحفظ على تقديم توضيح بشأن كيفية معرفة الاحتلال بأماكن تواجد القيادات واستهدافهم بالقول: “لا أحد يعرف في لبنان كيف استطاعت إسرائيل جمع معلومات عن قيادي الحزب الذين تم اغتياله؟”
ويرى أن الاحتلال “بدأ بتطبيق سياسة الاغتيالات بحق قياديين في حزب الله بعدما ضغطت الولايات المتحدة الأميركية على إسرائيل لمنعه من شن عملية عسكرية واسعة في جنوب لبنان”.
ويرى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي “يعتمد في ذلك بشكل أساسي على سلاح الجو، المسيرات، لملاحقة القياديين في حزب الله وطالهم في مناطق تبعد مسافات تتراوح بين 10 كيلومترات و30 كيلومتراً عن الحدود الجنوبية مع إسرائيل”.
ولفت إلى أن “المسيرات استطعت الوصول منذ أشهر إلى الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري”.
أبرز قيادات حزب الله التي اغتالها الاحتلال
شن الاحتلال غارات في مناسبات عدة على الأراضي اللبنانية بعضها استهدف ما قال جيش الاحتلال إنها أهداف عسكرية تابعة لحزب الله، وبعضها استهدف قياديين في الحزب أغلبهم تم اغتيالهم في قصف للضاحية الجنوبية لبيروت.
وفي ما يلي أبرز قيادات حزب الله التي اغتالها الاحتلال بعد طوفان الأقصى، التي تلاها عدوان على قطاع غزة لا يزال مستمرا منذ نحو سنة.
وسام حسن طويل (الملقب بالحاج جواد) أول قائد اغتاله الاحتلال منذ بداية مواجهة طوفان الأقصى. تولى عدة مناصب قيادية في الحزب، إذ أشرف على ملف العمليات الخارجية وملف التصنيع العسكري، وكان عضوا في مجلس الشورى المركزي للحزب.
وقد استهدفت مسيّرات إسرائيلية سيارة وسام طويل في الثامن من يناير/كانون الثاني 2024 في بلدة خربة سلم جنوبي لبنان، الواقعة على بعد حوالي 11 كيلومترا من الحدود مع فلسطين المحتلة، ما أدى إلى مقتله وإصابة شخص آخر كان برفقته.
سامي طالب عبد الله -الملقب بالحاج أبو طالب- وهو قائد وحدة النصر المسؤولة على القطاع الشرقي، وأشرف على العديد من العمليات العسكرية ضد الاحتلال.
قتل سامي طالب في يونيو/حزيران 2024 رفقة محمد حسين صبرا وعلي سليم صوفان في غارة للاحتلال استهدفت بلدة جويا جنوبي لبنان.
محمد ناصر، قيادي عسكري في حزب الله اللبناني، يلقب بـ”الحاج أبو نعمة” وكان أحد أبرز قادة وحدة عزيز (في قوة الرضوان) المسؤولة عن القطاع الغربي.
شارك مع مقاتلي حزب الله في مساندة النظام السوري ضد الثورة.
فؤاد شكر المعروف أيضا باسم “الحاج محسن”، وهو قيادي عسكري في حزب الله، ومن الجيل المؤسس له.
شارك فؤاد شكر في معركة خلدة ضد الاحتلال أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وأدار عملية إرسال عسكريين من حزب الله إلى البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و1995.
كان المسؤول العسكري المركزي الأول لحزب الله بداية تأسيسه في ثمانينيات القرن العشرين، وشغل عضوية الشورى المركزية للحزب إضافة إلى عضوية المجلس الجهادي، أعلى هيئة عسكرية.
وكان فؤاد شكر كبير مستشاري الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
ساعد فؤاد شكر مقاتلي الحزب وقوات الجيش السوري في الحملة العسكرية ضد قوات المعارضة في سوريا، بعد الثورة التي طالبت بإسقاط الرئيس بشار الأسد عام 2011.
وتتحدث التقارير أيضا عن أن “الحاج محسن” كان هو المسؤول عن برنامج الصواريخ الدقيقة في حزب الله، وكان مطلوبا من الإدارة الأميركية، وصنفته عام 2019 في قائمة المتهمين بالإرهاب.
في يوم 30 يوليو/تموز 2024 أعلن جيش الاحتلال أنه اغتال فؤاد شكر في غارة شنتها طائراته على مبنى بحارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، وأكد الحزب اغتياله وأقام بعد يومين من ذلك حفلا لتأبينه.
إبراهيم عقيل – المعروف أيضا باسم إبراهيم تحسين- قيادي عسكري في حزب الله، كان ضمن الوحدة المسؤولة عن تفجير السفارة الأميركية في بيروت أبريل/نيسان 1983 وهو التفجير الذي قتل فيه 63 شخصا، بينهم 52 موظفا لبنانيا وأميركيا. كما شارك في الهجوم على ثكنات المارينز في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.
تقول مصادر إعلامية إنه كان له نشاط عسكري كبير في سوريا بعد دخول حزب الله على خط الصراع المسلح بين النظام السوري والمعارضة.
في 20 سبتمبر/أيلول 2024 أعلن الاحتلال اغتيال إبراهيم عقيل بصاروخين أطلقتهما طائرة من طراز “إف 35” على شقة في منطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت.
أحمد وهبي، التحق بحزب الله منذ تأسيسه، وشارك في عدد من العمليات العسكرية جنوب البلاد، قبل أن يقود تدريب قوة الرضوان.
شارك في عدد من العمليات العسكرية جنوبي لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي، الذي أسره عام 1984. وكان من القادة الميدانيين في عملية “كمين أنصارية” الذي استهدف وحدة الكوماندوز البحري الإسرائيلية “شايطيت 13” في بلدة أنصارية عام 1997، وقتل فيها نحو 12 عسكريا إسرائيليا.
تولى خلال مسيرته مع حزب الله عددا من المسؤوليات القيادية في وحدة التدريب المركزي حتى عام 2007، وكان له دور محوري في تطوير القدرات البشرية للمقاومة.
وفي 20 سبتمبر/أيلول 2024 أعلن حزب الله مقتل أحمد وهبي وإبراهيم عقيل و14 مقاتلا آخرين في غارة إسرائيلية على شقة بمنطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية.
إبراهيم قبيسي، -الذي يلقب بـ”الحاج أبو موسى”- انضم إلى حزب الله منذ انطلاقته عام 1982، وتدرج فيه حتى تولى مسؤولية وحدة بدر العسكرية شمال نهر الليطاني، وقاد عددا من التشكيلات الصاروخية في الحزب. تولى مسؤولية الجناح العسكري “محور الإقليم” بين عامي 1998 و2000.
ومع مطلع القرن الـ21، تولى مسؤولية “وحدة بدر العسكرية” شمال نهر الليطاني حتى عام 2018، وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي لحظة إعلان اغتياله إنه كان “قائد منظومة الصواريخ والقذائف في حزب الله”.
في 24 سبتمبر/أيلول 2024، استهدفت الاحتلال قبيسي بغارة جوية نفذتها على منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية. وأكد حزب الله مقتله ونعاه في بيان.
محمد حسين سرور -الذي كان يحمل لقب الحاج أبو صالح- انضم إلى حزب الله منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وتلقى العديد من الدورات التدريبية في العمل العسكري وفي أساليب القيادة العسكرية، قال عنه الجيش الإسرائيلي -في بيان بعد اغتياله- إنه “روج ووجه وقاد تنفيذ المخططات الجوية بالمسيرات وصواريخ كروز وطائرات من دون طيار” التي استهدفت الجبهة الشمالية لإسرائيل. في إشارة لفلسطين المحتلة.
وأضاف البيان الإسرائيلي أن سرور “يعد أحد رواد مشاريع إنتاج الطائرات المسيرة في لبنان”، وأنه “أنشأ مواقع لإنتاج المسيرات الانقضاضية والمسيرات المكلفة بجمع المعلومات”.
من جانبه، قال حزب الله -في نعيه لمحمد حسين سرور- إنه كان من “الضباط الأساسيين” في العمليات العسكرية التي خاضها الحزب في سوريا منذ عام 2011 مع النظام ضد الثورة السورية في مختلف المحافظات.
ومن جهتها، قالت وسائل إعلام سعودية إن سرور قدم الدعم والتدريب العسكري لجماعة الحوثيين في اليمن، وساهم في بناء قوتها العسكرية، واتهمته بالتورط في الإعداد لبعض الهجمات التي شنتها الجماعة على الأراضي السعودية.
يوم 26 سبتمبر/أيلول 2024، اغتال جيش الاحتلال الإسرائيلي محمد حسين سرور في غارة نفذتها طائرة من نوع “إف-35” أطلقت 3 صواريخ على مبنى سكني في حي القائم بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وقالت وسائل إعلام لبنانية إن المبنى الذي اغتيل فيه القائد في حزب الله مؤلف من 10 طوابق، ويقع قرب مسجد القائم ومدرسة القديس عند تقاطع حي الرويس.