مفاوضات جديدة بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة تنطلق في القاهرة
انطلقت جولة مفاوضات جديدة صباح اليوم الأحد، في العاصمة المصرية، القاهرة، بشأن سد النهضة، بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا بحسب وكالات الأنباء.
وأكد وزير الري والموارد المائية المصري، هاني سويلم، في بيان رسمي صادر عن وزارته، أهمية التوصل إلى “اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، يراعى مصالح وشواغل الدول الثلاث”، مشدداً على أهمية “التوقف عن أية خطوات أحادية في هذا الشأن، وأن استمرار ملء وتشغيل السد في غياب اتفاق يعد انتهاكاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقّع عام 2015”.
كما أكد سويلم على أن “مصر مستمرة في بذل أقصى الجهود لإنجاح العملية التفاوضية”، مشددا على “إيمان مصر بوجود العديد من الحلول الفنية والقانونية التي تتيح تلبية مصالح الدول الثلاث، والتوصل إلى الاتفاق المنشود”.
إثيوبيا تتقدم في مشروع السد
وتأتي هذه الجولة من المفاوضات في وقت اقتربت فيه إثيوبيا من إنهاء مرحلة الملء الرابع لسد النهضة بحسبما كشفت صور حديثة التقطت بالأقمار الصناعية.
ووضّحت الصور التي نشرتها مواقع إثيوبية أنه لم يتبق سوى 4 أمتار للوصول إلى منسوب الممر الأوسط في السد، حيث وصل المنسوب الحالي إلى 621 مترا، فيما بلغ ارتفاع الممر 625 مترا، وحجم الحصاد نحو 19 مليار متر مكعب من المياه.
وكان وزير الري المصري قد حذر قبل أيام من أن بلاده تقترب من “خط الشح المائي” بنصيب يقارب 500 متر مكعب للفرد سنويًا.
وأضاف سويلم، خلال جلسة ضمن فعاليات الأسبوع العالمي للمياه في العاصمة السويدية استوكهولم، أن مصر “تسعى لمواجهة الأزمة بطرق جديدة تعتمد على الطبيعة، وتنفيذ العديد من المشاريع الكبرى في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي ومشروعات إحلال وتأهيل المنشآت المائية، ومشروعات الحماية من أخطار السيول، ومشروعات حماية الشواطئ”.
فشل المفاوضات السابقة
وتأتي هذه المفاوضات بعد توقف سلسلة من المفاوضات السابقة كان آخر محطاتها منذ إبريل/نيسان عام 2021، وفشلت جميعها في تحقيق أي حل لأزمة سد النهضة، حيث عقدت جلسات المفاوضات في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية.
وقال أحمد حافظ، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية آنذاك، بأن المفاوضات “لم تحقق أي تقدم ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، إذ رفضت إثيوبيا المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية، تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الأفريقي للتوسط بين الدول الثلاث”.
وأكدت الخارجية المصرية أن إثيوبيا “رفضت كذلك خلال الاجتماع كافة المقترحات والبدائل الأخرى، التي طرحتها مصر وأيّدها السودان، من أجل تطوير العملية التفاوضية لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط بنشاط في المباحثات، والمشاركة في تسيير المفاوضات وطرح حلول للقضايا الفنية والقانونية الخلافية”؟
وساطة الإمارات
وأشارت “العربي الجديد”، إلى أن المفاوضات الجديدة جاءت بعد وساطة الإمارات لدى إثيوبيا لأجل مصر من أجل الاجتماع من جديد لإيجاد حل. حيث قال مصدر دبلوماسي مصري يوم الأربعاء إن دولة الإمارات، التي ترعى وساطة فنية بشأن أزمة السد بين مصر وإثيوبيا والسودان “قدمت أخيراً تعهدات إلى القاهرة، بأنها ستقنع أديس أبابا بالشروع في مفاوضات السد قريباً، من أجل الوفاء بالتعهدات التي جاءت في القمة الثنائية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الشهر الماضي”.
وقال المصدر المصري إن القاهرة “أثارت هذا الملف مع المسؤولين في دولة الإمارات، على هامش المفاوضات التي جرت أخيراً بشأن الحصول على قرض بقيمة 500 مليون دولار، لتمويل عمليات شراء القمح، وهو الاتفاق الذي تم التوصل إليه أخيراً على أن يتم التنفيذ عبر توريد شركة (الظاهرة) الإماراتية، للاحتياجات المصرية من القمح، سواء عبر الأراضي الزراعية المملوكة لها في منطقة توشكى، أو من الخارج”.
وبحسب المصدر المصري، فإن القاهرة “تلقت أخيراً رداً من الإمارات، عقب اللقاء الذي جمع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، ورئيس الحكومة الإثيوبية آبي أحمد، في أديس أبابا، بأن الأخير ليست لديه نية للتراجع عن تعهداته بشأن استكمال المفاوضات والتوصل إلى اتفاق خاص بعملية الملء، لكنه أرجع التأخر في انطلاق تلك المفاوضات إلى المستجدات الأمنية التي تمر بها بلاده أخيراً، وإعلان حال الطوارئ، في أعقاب الاشتباكات التي اندلعت في إقليم أمهرة بين قوات الجيش الوطني ومليشيات فانو”.
وحول “الوساطة الإماراتية” في ملف سد النهضة على مدار السنوات الماضية، قال وزير الموارد المائية والري المصري السابق، محمد نصر الدين علام، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “دولة الإمارات دخلت في وساطات لسنوات طويلة، ولكن دون فائدة حقيقية، إلا لصالح الطرف الإثيوبي”.
وبدأت أزمة مصر السودان مع إثيوبيا منذ شهر مايو 2011 أي منذ بدأت أديس أبابا ببناء سد النهضة، حيث بدأ بناء السد في شهر أبريل 2011، بتكلفة 4.8 ملياردولار.
وأشرفت على بناء السد شركة ساليني إمبرجيلو الإيطالية للبناء والهندسة.
ويقع السد على النيل الأزرق، ومن المخطط أن تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب، على أن ينتج أكثر من 6000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية.
ولا تبدو في الأفق أية إشارات من إثيوبيا لتغيير موقفها المتعنت بشأن السد.