لماذا أصبحت قطعان الماشية أهدافا ذات أولوية للقوات الخاصة الأمريكية في حربها على ما يسمى “الإرهاب” في الصومال؟

قتلت القوات الأمريكية الخاصة والصومالية التابعة لها، قطعان الماشية بشكل متعمد في هجومها على بيت أسرة بدوية يقع في قرية أودوين بضاحية مدينة عيل جرس بولاية جلجدود وسط الصومال ليلة الأربعاء من الأسبوع الماضي.

 

 

لقد كان لافتا أن القوات الأمريكية الخاصة، عالية التدريب، والمجهزة بأحدث التقنيات، والمدعومة بترسانة عسكرية كبرى، وأجهزة استخباراتية واسعة النطاق، قد تعمدت قتل قطعان الماشية، رأسا رأسا، وأجهزت على المصابة منها لضمان مقتلها، خلال عملية إنزال خاصة، وهي كل ما تملكه أسرة بدوية فقيرة تعيش في بوادي الصومال!
فلماذا أصبحت قطعان الماشية أهدافا ذات أولوية للقوات الخاصة الأمريكية في حربها التي تزعم أنها لمكافحة ما يسمى الإرهاب في الصومال؟
هل أصبحت الماشية عناصر “إرهابية” تنفذ هجمات تهدد أمن الولايات المتحدة الأمريكية؟ أم أن ماشية أسرة بدوية فقيرة، عامل تهديد خطير للاقتصاد الأمريكي والمصالح الأمريكية في المنطقة؟
كيف يمكن أن تقنع الأسرة المفجوعة بمقتل أبنائها الصغار وجدتهم في جوف الليل على يد قوات ما يسمى أقوى جيش في العالم! أن تعمّد القوات الخاصة الأمريكية تصفية قطيعهم من الماشية كان لأجل مكافحة ما يسمى الإرهاب أو تحرير الصومال ممن يسمونهم إرهابيين؟
كيف يمكن أن تقنع سكان القرية الصومالية النائية، أن القوات الأمريكية اختطفت جثث الأطفال القتلى وجدتهم لأجل إغاثتهم وليس لأجل إخفاء جريمتها الشنيعة بحق هؤلاء المستضعفين العزّل؟ بدليل تعمدها قتل كل ماشيتهم حتى التي حاولت الفرار بحياتها!
كيف يمكن أن تقنع القبائل الصومالية التي تعيش على الرعي وتتنقل في البوادي، أن القوات الأمريكية لا تستهدف أمنهم واستقرارهم وأن كل هدفها هو قتل المطالبين بنظام الشريعة الإسلامية بقوة السلاح، المتمردين على الهيمنة الغربية بقوة الجهاد؟ لإقامة حكومة موالية للغرب خاضعة لهيمنة هذا الغرب؟

 

 

إن ممارسات القوات الخاصة الأمريكية لا تزال مستمرة في انحدار أخلاقي صارخ، يتجلى بوضوح عند كل مجزرة ومذبحة جديدة يسطرونها بحق المسلمين العزل في اعتداء عليهم في بيوتهم ووطنهم، بل واعتداء على مواشيهم!
وإن كانت منظمات حقوق الإنسان قد التزمت الصمت والتردد في إنكار الهجوم المشين لقيادة القوات الأمريكية العسكرية في إفريقيا (أفريكوم) على الأسرة البدوية الفقيرة في وسط الصومال، فعلى الأقل لتنكر منظمات حقوق الحيوان الاستهداف الجبان لقطعان الماشية برصاص القوات الأمريكية الذي يدفع ثمنه المواطنون الأمريكيون على أمل أن تضمن هذه الضرائب حفظ أمن بلادهم.
في الواقع إن الولايات المتحدة التي فقدت منذ تورطها في الحرب على ما يسمى الإرهاب، كل هالة ودعاية حضارية وإنسانية مزعومة، بانحطاط جنودها وقبح فعال قواتها، وأهدافها الغبية التي لا تليق بمكانة قوة كبرى في العالم. قد سجلت صفحة عار جديدة تشهد لها قرية أودوين بضاحية مدينة عيل جرس بولاية جلجدود وسط الصومال. وهي قرية لا تكاد تذكر في خرائط العالم!
لقد كسرت قرية أودوين بعيل جرس هيبة ما يسمى أقوى جيش في العالم!

 

 

اليوم أسرة بدوية فقيرة في منطقة منسية من صحراء الصومال البعيدة جدا عن القارة الأمريكية، كشفت للعالم كيف أن الغارة الأمريكية على أفرادها لم تكن في الواقع لاستهداف مقاتلين من حركة الشباب المجاهدين كما تزعم أفريكوم، إنما لاستهداف أفراد أسرة مسلمة بحقد أعمى، والاستمتاع بقتل أبنائها وجدتهم، وقتل جميع رؤوس ماشيتهم وتدمير ممتلكاتهم مع سبق الإصرار والترصد، وهم عزّل ضعفاء، لا يملكون قوة لردع العدو الصائل عليهم من الجو، ليلا.
لا يمكن لأفريكوم أن تبرر هذا الانحطاط الذي وصلت له قواتها باستهداف أهداف مدنية لا علاقة لها بحرب بين المطالبين بنظام الشريعة الإسلامية وبين المطالبين بالديمقراطية الغربية على أرض الصومال المسلمة.
وإن كان حجم التطور التقني والعسكري الذي وصلت له القوات الأمريكية لم يسمح لها بتحديد أهدافها بدقة، فهذا يعني أن الجيش الأمريكي قد تراجع إلى مرحلة منذرة، تبشر بخلل كبير في قيادته وفشل فاضح في استراتيجيته القتالية.
وبهذا انكشف ضعف واضطراب الجيش الأمريكي باستهداف قطعان الماشية في بادية الصومال!

 

 

وستبقى جثث الماشية الملقاة على الأرض والمستهدفة بإصابات مباشرة، والمجهز عليها بعد إصابتها، دليلا دامغا على مدى جبن القوات الأمريكية الخاصة التي لم تجد أهدافا لها تفرغ فيها سخطها وحجم إحباطها من فشل حربها على حركة الشباب المجاهدين إلا حيوانات لا تملك أن تدافع عن نفسها.
وإن كانت القيادة الأمريكية تعتقد أن تجاهل هذه الجرائم العار التي تسطرها قواتها في الصومال ستمر بدون ثمن ولا أثر، فهي واهمة، لأن حركة الشباب المجاهدين ما وصلت لما وصلت إليه اليوم من قوة تمكين وقبول بين القبائل الصومالية، إلا لفشل جميع الاستراتيجيات الأمريكية في محاربتها، ولأخطاء فادحة في الأداء الأمريكي في الحرب على الإسلام، وضعف حجة وانحطاط أخلاقي يزيد من مقت الشعب الصومالي للولايات المتحدة الأمريكية وجميع حلفائها وعملائها.