“داخل الشباب”: تقرير مصور جديد عن حركة الشباب المجاهدين
سلط تقرير مصور جديد للصحفي الصومالي “جمال عثمان” في داخل مناطق حركة الشباب المجاهدين، الضوء على أهداف الحركة الجهادية وتطلعاتها للمستقبل.
وزار جمال ولاية جوبا جنوب الصومال حيث تطبق الشريعة الإسلامية كنظام حكم كما هو الحال في جميع الولايات الإسلامية الواقعة تحت سيطرة الحركة.
وافتتح التقرير المصور بلقطات لمقاتلي حركة الشباب، بكامل زيهم العسكري الموحد، وهم يحملون أسلحتهم في عرض لتخرج سرية من 400 مقاتل جديد للحركة.
وبحسب الصحفي جمال، فإن هذه أحدث دفعة للمقاتلين المتخرجين من المعسكرات بعد عدة أشهر من التدريب. وأشار المراسل إلى أن كل المعدات والتجهيزات التي يتمتع بها المقاتلون هي من نتاج الغنائم التي يحصلون عليها في القتال.
وتم إعداد هؤلاء المقاتلين بهدف إسقاط الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، وقال جمال سيتم إرسال هؤلاء المقاتلين إلى قواعد الميليشيات الحكومية والقوات الإفريقية في الصومال وأيضا في البلدان المجاورة.
وفي حوار جمال مع أحد كبار قادة حركة الشباب المجاهدين، الشيخ أبو عبد الرحمن مهد ورسمي، أكد الشيخ القائد بأن الديمقراطية ديانة لغير المسلمين، وبما أنها ديانة لغير المسلمين فستعمل الحركة بكل ما تستطيع للتصدي لها.
وقال أيضا:”نعلم جميعا أن العديد من الجيوش من أوروبا وأمريكا، من بريطانيا والدول الإفريقية، تم استجلابهم إلى هنا (الصومال) لمحاربة ديننا (الإسلام)”.
وأشار جمال إلى أنه أول صحفي يسمح له بتصوير مثل هذه المشاهد في سيطرات الحركة منذ سنوات.
وفي سؤال وجهه للشيخ أبو عبد الرحمن بشأن سقوط قتلى مدنيين في الحرب الدائرة بين الحركة والحكومة المدعومة من الغرب والقوات الإفريقية، أكد الشيخ على أن هدف الحركة ومنهجها لا يتقصد استهداف المدنيين، بل يستهدف فقط من تجيز الشريعة استهدافهم، وأشار إلى أن في هذه الحرب يقتل من الطرفان، وأن طرق القتل يحصل أن يقع فيها قتلى مدنيين بالخطأ وليس عن قصد فليس هذا منهج الحركة التي حددت أهدافها بوضوح كما تجيزه الشريعة.
وبحسب جمال تم تأسيس حركة الشباب في عام 2002، ثم ذاع صيتهم في عام 2006 عند تصديهم للغزو الإثيوبي للصومال، بعد ذلك أعلنت الحركة البيعة للقاعدة في إطار التصدي للحملة الأمريكية في المنطقة.
ويقول جمال في التقرير أن أمريكا وأوروبا صرفت كل منهما المليارات لهزيمة الحركة إلا أنها لا تزال قوية وتسيطر على مناطق واسعة في الصومال. وهذا ما جعل القوات الأمريكية تعلن عودتها للبلاد مجددا بعد انسحابها الأخير.
ويضيف جمال إن تصنيف حركة الشباب كمنظمة إرهابية وإعلان الحرب عليها، منذ 16 سنة، لم يغير من واقع الحركة التي لا تزال قوية ومسيطرة.
وأثناء جولته في مناطق الحركة مع والي ولاية جوبا، الشيخ محمد أبو عبد الله، لاحظ جمال كيف يتم تفتيش المركبات التي تدخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة للتأكد من عدم احتوائها على مواد ممنوعة، كما لفت الانتباه إلى أن الحركة تحظر استعمال الأكياس البلاستيكية في الولايات الإسلامية تحت سيطرتها، للحفاظ على البيئة، وتسمح بدلا من ذلك باستعمال أكياس غير مضرة.
ومع ذلك يقول جمال لا تزال بريطانيا والولايات المتحدة يصنفون الحركة كأخطر جماعة إرهابية في إفريقيا.
وأثناء جولته في مدينة جلب، زار جمال مع والي الولاية، مبنى مستشفى جديد يتم تشييده بكلفة 2 مليون دولار لتقديم خدمات العلاج للسكان.
كما شاهد صندوقا خاصا في الطريق لاستقبال شكاوى السكان في المدينة، وأبدى جمال تعجبه من هذه السياسة التي تطبقها جماعة اشتهرت بتطبيق الحدود الإسلامية في ساحات عامة في المدينة.
ويظهر من خلال الكتابة على الصندوق أنه مخصص لاستقبال الشكاوى والمقترحات من السكان مع اهتمام الحركة بالاستماع لها.
انتقل جمال بعد ذلك للاطلاع على مركز توزيع المساعدات الغذائية في المدينة، حيث يتم تقديم المعونة للأسر المتضررة من الجفاف، وتساءل جمال إن كانت هذه المساعدات تقدم بهدف كسب ولاء السكان فأجاب الوالي أبو عبد الله أن القضية تطبيق للسنة ” المسلم أخو المسلم”. وفي إجابة عن سؤال: لماذا لا يتم السماح للهيئات الدولية الإنسانية بتقديم المساعدة لهؤلاء السكان؟ أكد المسؤول في الحركة أن مساعيهم تهدف لحماية السكان من كل ما يستهدفهم من أخطار، وأن هذه الهيئات سبق أن سمح لها بالدخول فما كان منها إلا نشر التنصير وتأجيج الخلافات بين القبائل والإفساد فتم منعها من الدخول بسبب ذلك.
وفي حوار بين جمال وأحد المستفيدين من المساعدات شكر الأخير خدمات الحركة للأهالي وأكد على أن المساعدة تأتي من صميم النظام الإسلامي.
وأثناء تجوله في مدينة جلب، لقي جمال حلاقا يعمل في محل حلاقة خاص به منذ 6 سنوات فقط حيث انتقل للعيش في مدينة جلب قادما من مدينة هرجيسا من إقليم صومالي لاند الانفصالي شمالا، مؤكدا أن رغبته في الاستقرار في المدينة جاءت بحثا عن الاستقرار والأمن.
ولاحظ جمال أن جنود الحسبة يحرصون على تطبيق الشريعة خلال دورياتهم بمنع الاختلاط في سيارات النقل بين الرجال والنساء.
كما سلط المراسل الضوء خلال زيارته إلى المدينة، على نشاط المدارس التعليمية في مناطق سيطرات الحركة حيث افتتحت العشرات من المدارس التي تقدم مناهج إسلامية للأطفال، ويرى جمال أنها كفيلة بإخراج جيل يحمل الولاء لمنهج الحركة الإسلامي.
وفي زيارته لمركز تعليمي للنساء لاحظ جمال أن الحركة لا تمنع النساء من التعلم حتى العلوم التجريبية، حيث تتلقى النساء تعليما في العلوم الحياتية والتقنية، وفي لقائه مع أم محمد، أم لستة أطفال، أشارت المرأة التي تلبس حجابا شرعيا، أن الحركة تشجع النساء على الدراسة وتوفر لهن أسباب ذلك في ظروف شرعية. وكانت أم محمد تعلم النساء على الحواسيب.
وقال جمال أنه جلس مع أكثر رجل مطلوب في الصومال يتحدث إليه بينما تحلق الطائرة الأمريكية فوقهم. وفي الأثناء كان يحدثه الشيخ أبو عبد الرحمن عن الصراع مع الأمريكان والحرب على الاسلام. وأكد أن الحركة تخطط للسيطرة على الصومال لإقامة نظام الشريعة الإسلامية فيها وأنها عازمة على تحقيق هذا الهدف.
وفي رد على سؤال، هل تقبل الحركة أي مفاوضات مع الطرف الآخر؟ أجاب الشيخ القائد: “نحن لا نرى الحكومة الصومالية حكومة شرعية، ولا يمكننا أن نتفاوض مع من لا يقبل بتطبيق الشريعة الإسلامية، عندما يأتي من يريد تطبيق هذه الشريعة هنا يمكننا الحديث عن مفاوضات”.
وفي ختام تقريره أكد جمال أن الغرب يفقد صبره مع الحكومة الصومالية وأن الحركة مدركة لذلك كما كان حال طالبان في أفغانستان ولذلك تنتظر اللحظة المناسبة.
من جانبه علق السفير الأمريكي في الصومال “لاري أندريه” من العاصمة الصومالية مقديشو. في تسجيل آخر تم نشره من نفس القناة الرابعة البريطانية التي نشرت تقرير جمال، حيث أكد بعد مشاهدته للتقرير على حقيقة سيطرة الحركة وقوتها وهيمنتها على المشهد الأمني في العاصمة مقديشو.
وفي لقاء منفصل تعليقا على التقرير المصور، قال جمال أنه لم يكن يخشى الذهاب إلى مناطق حركة الشباب لأنه يعلم أنه إذا حصل على إذن وأمان من الحركة فسيتم الوفاء به، لكن قلقه كان من الطيران الأمريكي من احتمالية أن يقصف المكان في لحظة تواجده مع الشيخ أبي عبد الرحمن الذي وضعت الإدارة الأمريكية مبلغا يقدر بـ5 ملايين للوصول إليه.
ولفت جمال الانتباه إلى أن حركة الشباب تولي اهتماما كبيرا بتقديم الخدمات للشعب وبإقامة البنية التحتية كالمستشفيات والمدارس، حيث يظهر أنها واثقة من خروج القوات الأجنبية عاجلا أم أجلا فتتهيأ لإقامة حكمها في كل الصومال. وكان هذا أبرز ما لفت انتباه المراسل خلال رحلته للولايات الإسلامية.