ترامب يمدد حالة الطوارئ في الصومال ويصف الصعود الإسلامي فيها بـ “التهديد غير العادي والاستثنائي” للولايات المتحدة
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع أمرًا تنفيذيًا يقضي بتمديد حالة الطوارئ في الصومال لمدة عام آخر، واصفًا الصعود الإسلامي في البلاد بأنه “تهديد غير عادي واستثنائي” للولايات المتحدة الأمريكية.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية عن التمديد بأنه التمديد الأخير لحالة الطوارئ، في حين أن المهمة في الصومال من المحتمل أن تستغرق سنوات أخرى بحسب ما نقلت شبكة السي أن أن.
ويتوقف القتال هناك على قدرة القوات الخاصة الأمريكية بقيادة البحرية SEAL على إتمام تدريب وحدة من نخبة الجيش الصومالي تكون قادرة على هزيمة مقاتلي حركة الشباب المجاهدين على الأرض. ويأتي هذا الالتزام المتزايد بالصومال بعد أن أشار ترامب إلى رغبته في خفض مستويات القوات الأمريكية في جميع أنحاء العالم في حين يجري حاليًا سحب القوات من سوريا.
ويرى المراقبون قرار ترامب بخفض قواته في سوريا وأفغانستان يوازيه قراره بزيادة التركيز على الصومال كخطر أكبر للمرحلة المقبلة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الجهود الأمريكية في تدريب القوات الصومالية قد لا تكتمل حتى عام 2026 بحسب ما نقلت سي أن أن.
وقد قادت القوات الخاصة الأمريكية منذ ما يقرب من عامين الميليشيات الحكومية لقتال حركة الشباب المجاهدين. فضلًا عن الهجمات عن طريق الغارات الجوية والإنزالات الأرضية إضافة إلى تدريب الميليشيات الحكومية.
وتحمل القوات الخاصة الصومالية المدرب على يد قوات أمريكية اسم “دناب” ويبلغ عدد هذه القوات حاليًا حوالي 500 جندي فقط ، وهو عدد قليل جدًا للقيام بعمليات في بلد بساحل يصل طوله تقريبّا لطول الساحل الشرقي للولايات المتحدة بحسب ما نقلت سي أن أن. وبحسب المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية فإن هدف بلادهم هو بناء “دناب” لتصبح قوة بـ 3000 جندي قادرة على مواجهة حركة الشباب المجاهدين.
وقالت بيكي فارمر ، المتحدثة باسم القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” في بيان “إن الخطة الأمريكية تهدف إلى بناء وحدتين في كل عام ، لنصل إلى بناء خمس كتائب ولواء”.
ونقلت “سي أن أن” قول مسؤول في وزارة الدفاع مطلع على الإستراتيجية الأمريكية لمكافحة ما يُسمى الإرهاب في الصومال ” نعتقد أن الأمر سيستغرق حوالي سبع سنوات كي يستوعب الصوماليون كل هذه القوات”.
وأضاف “إذا نجح كل شيء ، وتوفرت العديد من المعجزات لتحقيق ذلك ، فقد تسير الأمور بشكل أسرع وقد تزداد بطأً”.
وهكذا وبعد ربع قرن من أحداث “بلاك هوك داون” الشهيرة حيث قتل 18 جندي أمريكي في مقديشو ، يجد الجيش الأمريكي نفسه أكثر نشاطًا في الصومال. على الرغم من نشاط أكبر للقوات الأمريكية في النيجر وجيبوتي، إلا أن الصومال هي المكان الوحيد في إفريقيا الذي ينفذ فيه الجيش الأمريكي غارات جوية منتظمة ضد قوات “العدو”. بحسب ما علّقت سي أن أن.
ووفقًا لأفريكوم يوجد لدى البنتاغون ما بين 500 إلى 600 جندي معلن عنه في الصومال.
ومع أن الوجود العسكري الأمريكي سجّل منذ عام 2013 على أقل تقدير بعد حادثة “بلاك هوك داون”، إلا أن النشاط الملحوظ حاليًا جاء بعد الدعم الكبير من إدارة ترامب التي تطوعت لبناء قوات دناب في عام 2017 بالإضافة إلى توسيع نطاق ضربات الطائرات بدون طيار ورفع القيود عنها، ثم في ديسمبر / كانون الأول 2018 أعادت التمثيل الديبلوماسي في مقديشو لأول مرة منذ عام 1991.
وقد أذن ترامب للجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات تستهدف أي عضو في حركة الشباب المجاهدين في مارس 2017. وكان الأمر قبل ذلك هو تنفيذ ضربات جوية فقط للدفاع عن الجنود الأمريكيين على الأرض.
وانتقدت هذا التصعيد بعض أعضاء الكونغرس ومنظمات خارجية مثل منظمة العفو الدولية التي اتهمت الولايات المتحدة بقتل المدنيين في الصومال.
ولكن بعد رفض تام من الجيش الأمريكي لاتهامات منظمة العفو الدولية، أعلنت أفريكوم تراجعها واعترافها في هذا الشهر بـأنها قتلت امرأة وطفلًا في غاراتها بطائرات بدون طيار عام 2018 وهو أول اعتراف من هذا القبيل من قبل الجيش الأمريكي في الصومال. في حين تنتظر منظمة العفو الدولية المزيد من الاعترافات.
ويؤكد المسؤولون العسكريون الأمريكيون أن الغارات الجوية ليست سوى جزء من الحملة الشاملة للجيش الأمريكي في الصومال.
وتعتبر الإدارة الأمريكية القتال ضد حركة الشباب المجاهدين في الصومال أمرًا بالغ الأهمية لحماية حلفائها الرئيسيين الاستراتيجيين في المنطقة كإثيوبيا وكينيا التي تعرضت لهجمات في السنوات الأخيرة بحسب “سي أن أن”.
اجتماع لندن
وبحسب الوكالة الإخبارية الأمريكية فإن الاستراتيجية الأمريكية الحالية جاءت جزئيًا نتيجة مؤتمر مايو 2017 الذي عقد في لندن، حيث اجتمعت مجموعة من الدول بما فيها بريطانيا والولايات المتحدة وكينيا وإثيوبيا إلى جانب ممثلين من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي لمناقشة مستقبل الصومال .
ورغم أن مهمة محاربة حركة الشباب المجاهدين في الصومال والتي تقع على عاتق بعثة الإتحاد الإفريقي “أميصوم” امتدت لسنوات إلا أن الحركة لا تزال قوية في ساحة المعركة حيث قام مقاتلوها بالسيطرة على عدة قواعد لبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال وغنم الأسلحة والمركبات المدرعة والذخيرة.
وقد اتفق المجتمعون في لندن على خطة تدعو إلى إنشاء جيش نظامي يتكون من 18000 جندي و 32000 من الشرطة ليحلوا محل أميصوم.
ووافق وزير الدفاع آنذاك جيم ماتيس على أن تتولى الولايات المتحدة مسؤولية “تدريب أعداد محددة من القوات الخاصة القادرة على قتال حركة الشباب” ، في إشارة إلى وحدة دناب.
أما بقية القوات الأمنية الصومالية التي تقدر بـ 6000 جندي، فقد تولى مهمة تدريبها الاتحاد الأوروبي وتركيا والإمارات.
ولكن مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية نبّه إلى أن العديد من القوات الصومالية التي دربها الاتحاد الأوروبي لم تنضم إلى الجيش الصومالي وأن أغلبها التحق بالميليشيات والعشائر المحلية.
ويحاول الجيش الأمريكي تنسيق كل هذه الجهود المختلفة وفي نفس الوقت توفير الدعم لقوات أميصوم عبر خلية تنسيق عسكرية يقودها جنرال أمريكي في مقديشو بحسب ما نقلت “سي أن أن”.
وقد تمكنت حركة الشباب من الاستجابة للمظالم المحلية بين العديد من القبائل الصومالية ما أكسبها قيادة وسلطة في البلاد ، لذلك بذلت الولايات المتحدة جهودًا كبيرة لضمان اشتراك قوات تشكل دناب من القبائل الصومالية في محاولة لكسب ثقتها كما أفادت “سي أن أن”.
ويجدر الإشارة إلى أن تمديد إعلان ترامب لإعلان الطوارئ جاء في نفس اليوم الذي زار فيه رئيس وزراء الحكومة الصومالية حسن خيري البيت الأبيض لعقد اجتماع مع مستشار الأمن القومي جون بولتون.
وبحسب المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية فلا تزال الحكومة الصومالية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على القوات الأمريكية، خاصة فيما يخص التخطيط والاستخبارات.
كما يرافق الأمريكيون القوات الصومالية في الميدان مع اتخاذ القيادة الأمريكية إجراءات لحماية جنودها في الأرض.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع “نحن نعمل بحرص دائم على البقاء على مسافة بعيدة من الخط الأخير للتغطية والتخفي، ونحن لا نتحرك إلا عندما نعتقد أن المواجهة غير متوقعة أو غير ممكنة”.
وكان آخر جندي أمريكي قتل في الصومال في يونيو 2018 ، وهو الرقيب بالجيش الأمريكي ألكساندر كونراد والذي أصيب معه ثلاث جنود أمريكيين آخرين بعد تعرضهم لهجوم من قبل مقاتلي حركة الشباب المجاهدين بينما كانوا يساعدون الميليشيات الصومالية في إقامة موقع من المواقع القتالية التي يرى الجيش الأمريكي أنها ضروري لاستراتيجيته في الصومال.
مشاكل في الميزانية
وبحسب مسؤول في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ميزانية مساعدات التنمية الأمريكية للصومال محدودة، حيث لا تتجاوز 60 مليون دولار وقد تزداد الأمور سوءًا لأن طلب ميزانية وزارة الخارجية لعام 2020 من إدارة ترامب يسعى للحصول على 58 مليون دولار فقط من المساعدات التنموية للصومال، أي بانخفاض يقدر بحوالي 15 مليون دولار عن العام الماضي.
وتقدم الولايات المتحدة أيضًا مئات الملايين من الدولارات كمساعدات عسكرية.
وقال مسؤول بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية: “ليس المشكلة في الصومال حركة الشباب فقط ، بل هناك مشاكل بين القبائل تعود إلى مئات السنين ، ويجب حلها أيضًا”.
وتأتي هذه التصريحات الأمريكية في وقت تعاني فيه الحكومة الصومالية من أزمات داخلية وفقدان الثقة من الحلفاء الخارجيين، وتصعد فيه حركة الشباب من هجماتها وتوسّع من سيطراتها.
في حين لم تتمكن الهجمات الأمريكية سواء السرية أو المعلنة عن طريق الغارات الجوية والإنزالات بالقوات الخاصة من تخفيف وتيرة الهجمات التي تضرب عمق العاصمة مقديشو وتصل إلى مقر الرئاسة الصومالية ومراكز حساسة في الحكومة المدعومة من الغرب.