بيانات المواطنين الكينية الخاصة غير آمنة

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

لا تزال بيانات الكينيين الخاصة غير آمنة رغم الانتقادات التي وجهت للحكومة الكينية عقب الانتخابات الرئاسية في البلاد لعجزها عن استرجاع بيانات المنتخبين، وهو ما أكده تقرير للمحلة السياسية ننجالا نيابولا بعنوان ” إن كنت مواطنا كينيا فإن بياناتك الخاصة ليست بأمان” نشرته على موقع الجزيرة بالإنجليزية.

 

وقد قوي صوت الاتهامات بشأن إهمال البيانات الخاصة للمواطنين الكينيين بشكل كبير حين رفضت لجنة الانتخابات الكينية مطالب المحاميين من جانب المعارضة لمراجعة نتائج انتخابات 19.2 مليون كيني مسجل في صناديق الاقتراع، لتهمة تزوير نتائج الانتخابات،  بحجة أن الخوادم “السيرفرات” التي تحمل هذه المعلومات كانت في فرنسا.

 

وينتقد المراقبون التهاون في حماية معلومات ملايين من المواطنين الكينين التي جمعت لمدة طويلة من أجل الإعداد لانتخابات 2017، حيث تمتلك هذه المعلومات الأهم في العملية الانتخابية والمطلوبة للمراجعة، دولة أجنبية، ثم حين يطالب بها للمراجعة والتدقيق، تصبح  بين يوم وليلة غير متوفرة. ما اعتبر اعتداءً سافرًا على خصوصية بيانات الكينيين.

 

وتمتلك شركة فرنسية تعرف باسم OT Safran Morpho ، هذه المعلومات ، ومع أنها معلومات كينية بحتة إلا أن الحكومة الكينية تكافح من أجل أن تسمح لها الشركة بالحصول عليها.

 

رقم هودوما

وتزاداد مخاوف الكينيين من استمرار الحكومة الكينية في إهمال حقوقهم في الخصوصية وتأمين معلوماتهم الخاصة، بعد إعلان الأخيرة في الشهر الجاري 2019 ، إطلاق حملة جديدة لجمع بيانات ضخمة من المواطنين الكينيين تسمى “رقم هودوما” تستمر لثلاثين يوما.

 

وتهدف الحملة لتسجيل جميع التفاصيل الخاصة بالمواطنين الكينيين بما فيها أرقام الهوية وعناوينهم وما يتعلق بمعلوماتهم الخاصة.

 

ويكمن خطر هذه الحملة في أن صفقة موازية في نفس الوقت أبرمتها الحكومة الكينية مع شركة “ماستركارد” لربط “رقم هودوما” بالبطاقة المسبقة الدفع التي يستخدمها المواطنون لدفع الفواتير الحكومية.

 

ولم تهدأ مخاوف الكينية رغم نفي الحكومة الكينية أن يكون هناك علاقة بين المشروعين.

 

ومن المقرر أن تصبح بطاقة “هودوما” وثيقة جديدة للمواطن الكيني كي يثبت هويته إضافة إلى بطاقة الهوية العادية وجواز السفر ورخصة القيادة وشهادة الميلاد والبطاقة الوطنية لصندوق الضمان الاجتماعي وبطاقة صندوق التأمين الصحي بالمستشفى ورقم التعريف الشخصي لضريبة هيئة الإيرادات في كينيا ، وما إلى ذلك.

 

وقد هددت الحكومة الكينية أي شخص لا يقوم بتسجيل نفسه في الآلية الجديدة بأن يتم رفضه من الخدمات الحكومية.

 

ووصفت المحللة السياسية نانجالا نيابولا التهديد الحكومي بـ “الابتراز” لأنه يهدد من يرفض التسجيل بالحرمان من خدمات الحكومة.

 

كما انتقدت نيابولا انتهاك الحكومة الكينية قانون حماية البيانات. حيث تعمد لجمع كمّ هائل من البيانات الخاصة بمواطنيها،  بما فيها التعرف على الوجه وبصمات الأصابع والبيانات الرئيسية الأخرى  دون أن يكون هناك  أي إشراف قانوني حقيقي. على العملية.

 

الاستعمار الرقمي

ومع أن نتائج الانتخابات الكينية الأخيرة، لا يمكن الوصول لمعلوماتها الخاصة إلا بتدخل فرنسا،  فإن الشركة الفرنسية التي تمتلك هذه المعلومات لها الحق في الحصول على البيانات التي قدمها الكينيون بهدف تعزيز الديمقراطية.

 

وهو ما وصفته نانجالا نيابولا في كتابها بعنوان  “الديمقراطية الرقمية ” بـ “الاستعمار الرقمي” حيث تمنح شركة خاصة في بلد ما سلطة سياسية على مواطني دولة ثانية من أجل مصلحتها الاقتصادية الخاصة.

 

وبهذه الطريقة أصبحت أهم معلومات تخص المواطنين الكينين بيد شركة تجارية كأنها منتج تجاري. مع العلم أن الحكومة الكينية لم تقدم أي دليل يعزز الثقة في هذه الشركة.

 

أدلة أخرى

ولم تكن الانتخابات الكينية الدليل الوحيد على استهتار الحكومة الكينية ببيانات مواطنيها، بل كشفت تقارير أخرى كيف يتم تسليم البيانات الخاصة للمواطنين من المسؤولين الكينيين بشكل روتيني إلى الشرطة والجهات الأمنية الدولية لتسهيل أشكال أخرى من انتهاكات حقوق الإنسان ، مثل الإعدام خارج نطاق القضاء أو الاعتقال والاحتجاز التعسفي.

 

يضاف لذلك شكاوى مستمرة من الكينيين حول بيع بياناتهم الخلوية الخاصة إلى مزودي الخدمات من الأطراف الثالثة دون موافقتهم. وغالبًا ما يتلقون وابلًا من الرسائل النصية غير المرغوب فيها ويتعين عليهم الدفع لإلغاء الاشتراك من هذه الخدمات المزعجة.

 

شكاوى أخرى انضمت لهذه القائمة من الاتهامات، من النساء الكينيات اللاتي تعرضن لمضايقات من قبل حراس الأمن بعد تقديمهن تفاصيل الاتصال بهن قبل الوصول إلى أي مبان عامة أو خاصة.

 

وبهذا الشكل فإن بياناتك في كينيا كمواطن كيني ليست آمنة حسبما خلصت نانجالا نيابولا محذرة من المشروع الجديد للحكومة الكينية “رقم هودوما” الذي لا يمثل إلا حلقة أخرى من الاستهانة المستهترة بخصوصية بيانات المواطنين الكينيين.