بعد خمسين عامًا من استقلال كينيا لا تزال مقاطعة “لامو” مهملة
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
تناول تقرير نشرته صحيفة “ذي ستاندر ديجيتال” إهمال كينيا لمقاطعة “لامو” الساحلية، وهو إهمال يمتد إلى أكثر من خمسين سنة، منذ حصلت البلاد على استقلالها من الاحتلال البريطاني.
وسلط التقرير الضوء على ظاهر الهجرة التي عرفتها لامو في أوائل الستينيات بسبب عدم وجود فرص عمل لسكانها، مؤكدًا أنها لا تزال مستمرة إلى اليوم، حيث يغادر المتعلمون المقاطعة، فور حصولهم على شهاداتهم الدراسية، ما يحرم “لامو” من طاقاتها البشرية المتعلمة.
وبحسب التقرير ينظر الكينيون لمقاطعة “لامو” كمحطة استجمام، تتميز بمشاهد الغروب الجميلة والمراكب الشراعية وحضارة تمتد لألف سنة في التاريخ، منذ اكتشاف الصينيين لها.
و”لامو” مقاطعة كبيرة تمتد على طول الطريق إلى الحدود الصومالية. بجانب مقاطعات “كليفي” و”غاريسا”. أغلب مساحاتها من المناطق النائية الجافة، مع نشاط اقتصادي ضعيف للغاية .
اقتصاد محطم
وبحسب التقرير فإن قاعدة لامو الاقتصادية محطمة. وقد كانت المقاطعة تعتمد على الصيد والسياحة والزراعة وصناعة “المنغروف” وهو شجر استوائى مشهور في المنطقة. إلا أنها قطاعات تعاني من حالة يرثى لها اليوم.
فعائدات الصيد ضعيفة جدًا لدرجة أنها لا تستطيع تغطية حاجة الفنادق المحلية. ويمتلك الصيادون قوارب صغيرة لا تغامر بعيدًا في البحر. كما أنهم يفتقدون لأماكن ووسائل لتخزين صيدهم للحفاظ عليه. بل ينتهي المطاف بأغلبه للتعفن وهو لا يزال في قوارب الصيد.
بلدة كيونغا
وضرب التقرير مثالا بلدة “كيونغا”وهي بلدة صغيرة بالقرب من الحدود الصومالية ، وصفت بأنها تعكس حقيقة مصاب صناعة الصيد في المقاطعة، حيث لا يوجد فيها كهرباء وشبكة إمدادات المياه فيها محدودة ولا توجد فيها آلات لصناعة الثلج.
وسلط التقرير الضوء على واقع الطرق المؤدية إلى كيونغا والتي أصبحت مناطق معارك بين حركة الشباب المجاهدين والقوات الكينية. كما تعتبر طرقها غير سالكة بسبب العبوات الناسفة المزروعة فيها.
وكان ميناء كيونغا يتميز بسعة صيد كبيرة ومزود بمعدات جيدة. لكن الحكومة حظرت صناعة أعمدة المنغروف التي تستخدم في البناء منذ مئات السنين.
الحكومة تحظر صناعة “المنغروف” وتهمل بقية مصادر الرزق
وكانت صناعة المنغروف أحد أسس الاقتصاد في المنطقة، حيث يستخدم في بناء المنازل عبر الساحل، ويصدر إلى الجزيرة العربية، كما تم بناء العديد من المنازل القديمة في دبي باستخدامه. ولكن مع قرار الحظر الحكومي، فقد الآلاف سبل معيشتهم من خلال صناعة المنغروف.
وبخلاف ما هو عليه الوضع في “أمبكتوني” التي لا تزال تنتج الخضار والفواكه، يعتبر القطاع الزراعي في لامو، في وضع كارثي، فالأرض جافة، والتربة غير مناسبة، وبالكاد تتمكن المقاطعة من جني بعض محاصيل الذرة المحلية.
وتبيع شركة “سمسم” الكيلغرام الواحد بثمانين شلنًا. وهو مبلغ بالكاد يكفي لتغطية التكاليف الزراعية. والأسوء من هذا كله، أنه لا توجد مياه لريّ جميع القرى في المقاطعة.
ولا تزال لامو تعتمد على السياحة ، ولكنه قطاع تأثر بشدة بسبب هجمات حركة الشباب المجاهدين، حيث أغلقت العديد من الفنادق، والفيلات السياحية المعروضة للبيع، وعمّ هذه الصناعة شعور يأس وإحباط.
ومع هذا المشهد المظلم الكئيب لمقاطعة لامو، تبقى الأخيرة أقل مقاطعة فاسدة في كينيا. رغم أن ميزانيتها هي الأقل من بين الميزانيات المخصصة لها من قبل الحكومة.
مشاريع بلا جدوى
ثم رغم أن هناك مشاريع جارية في المقاطعة، مثل ممر “لابست” الذي يشمل الميناء الجديد، إلا أنه لا توجد طرق تؤدي لهذا الميناء.
وبحسب تعبير الكاتب فإن هذا يعني أن يكون لدينا ميناء لا يصل إلى أي مكان. مثل ما هو الحال مع ميناء صلالة في سلطنة عمان، وهو ميناء راكد منذ أكثر من عشر سنوات.
وأشارت المقالة إلى محطة الطاقة القائمة على الفحم إلا أنه مشروع تتربص به المنظمات غير الحكومية الممولة من قبل الأوروبيين بحجة التصدي للتلوث. مع العلم أن العديد من هؤلاء الذين يرفعون هذا الشعار لديهم منازل للعطلات في لامو. وفي الواقع هي أطراف لا تريد أن تشهد مقاطعة لامو أي نهضة للتنمية بحسب المقالة.
لامو إلى أين؟
ويتساءل الكاتب في ختام مقالته، هل يدرك قادة لامو، بأن تسونامي اجتماعي واقتصادي قادم؟ ليختم مقالته بالحث على التعليم في محاولة لتجاوز التهميش الذي تعاني منه لامو.
.
يجدر الإشارة إلى أن مقاطعة لامو من أكثر المقاطعات التي تعاني التهميش من قبل الحكومة الكينية وتمكنت حركة الشباب المجاهدين من تأسيس شبكة لها في المنطقة وحظيت بدعم سكان المنطقة الساخطين على حكومتهم، ما سهل الكثير من الهجمات التي نفذتها الحركة ضد القوات الكينية في المنطقة.
ويرى المراقبون إهمال الحكومة الكينية المزمن للمقاطعة أحد الأسباب الرئيسية لانتعاش نشاط حركة الشباب في المنطقة.