بعد افتتاح السفارة الأمريكية في مقديشو وزارة الخارجية الأمريكية تحذر رعاياها من السفر إلى الصومال

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

ما لبثت وزارة الخارجية الأمريكية أن أعلنت على لسان المتحدثة باسمها “هيذر نويرت” قبل أسابيع عن افتتاح الولايات المتحدة لسفارة لها في الصومال بعد انقطاع دام حوالي 30 عاما، بدافع ما وصفته بالاستقرار النسبي في البلاد، حتى عممّت بالأمس تحذيرًا على موقعها للرعايا الأمريكيين تحثهم فيه على عدم السفر إلى الصومال بسبب ارتفاع معدلات ما وصفته بالجريمة والإرهاب والقرصنة.

 

وأوضحت السفارة أن جرائم خطيرة مثل القتل والاختطاف، متداولة بشكل مألوف في بلاد القرن الإفريقي، بما في ذلك مناطق الحكم الذاتي في “بونتلاند” و”صومالي لاند” شمال البلاد.

 

ولفتت الوزارة الانتباه إلى أن هجمات حركة الشباب المجاهدين تستهدف بكثافة أماكن تواجد الغربيين سواء كانوا في القوافل والقواعد العسكرية والمقرات الحكومية أو في الفنادق والمطاعم أو في المطارات والموانئ.

 

واعترفت السفارة بأن قدرتها محدودة في تقديم خدمات الطوارئ للمواطنين الأمريكيين في الصومال، بسبب عدم توفر تمثيل ديبلوماسي دائم في البلاد.

 

وأعقبت تحذيراتها بسرد قائمة طويلة من الإجراءات الإدارية والنصائح الأمنية التي توصي بها المواطنين الأمريكيين المضطرين للسفر إلى الصومال. كان من بينها ترك عينة من الحمض النووي (الدي أن إي) في حال احتاجت له عائلة المسافر حين افتقاده.

 

ويبدو أن التمثيل الديبلوماسي الجديد لم يستقر بعد في العاصمة الصومالية مقديشو بحسب ما أشار له بيان الخارجية الأمريكية.

 

خلفية عن العلاقات الأمريكية الصومالية

ويرجع أول تاريخ للتمثيل الديبلوماسي الأمريكي في الصومال إلى يوليو/تموز 1960، في عهد الرئيس الأمريكي “دوايت إيزنهاور”.

 

حيث اجتذبت الصومال المصالح الأمريكية كونها تشرف على مضيق باب المندب الاستراتيجي، حيث يمر النفط المصدر من الخليج إلى أوروبا وأمريكا. إضافة لحساسية موقعها القريب من القواعد الأمريكية العسكرية التي كانت تتوسع في المنطقة.

 

واستمر الاهتمام الأمريكي بالصومال في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي كان يصارع القيصر الروسي حينها ويتنافس معه على مناطق النفوذ في العالم.

 

إلا أن هذه العلاقة ما لبثت أن انقطعت بسبب اندلاع الحرب الأهلية وانهيار حكومة سياد بري عام 1991

ثم تدخلت واشنطن من جديد في المستنقع الصومالي وأرسلت 30 ألف جندي أمريكي لداخل الصومال نهاية عام 1992، لكنها تفاجأت بحرب مقاومة شرسة شنها الصوماليون الرافضون للتدخل الأجنبي وقُتل إثر ذلك العشرات من الجنود الأمريكيين كما أُسقطت مروحيتين عسكريتين في حادثة “البلاك هوك” الشهيرة. وسارعت إدارة واشنطن لسحب قواتها بعد دخولها بستة أشهر فقط.

 

وتعلمت إدارات البيت الأبيض التالية الدرس حيث أصبح التدخل الأمريكي في الصومال عن طريق إدارة جيوش الوكلاء والحكومة التي يدعمها الغرب والضربات الجوية بالطائرات بدون طيار وإنزالات القوات الخاصة دون توريط الجيش الأمريكي في قتال مباشر على الأرض.

 

ثم بعد أكثر من 22 عاما، أعلنت وزيرة الخارجية “هيلاري كلينتون” في عصر باراك أوباما عن عودة التمثيل الدبلوماسي في العاصمة مقديشو عام 2013، وذلك في عهد الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود.

 

أما بعد استلام دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض، فقد منع الرئيس الأمريكي الجديد دخول الصوماليين إلى الولايات المتحدة ضمن قائمة الحظر للدول التي شملها القرار. كما عمد إلى ترحيل عشرات الصوماليين إلى بلادهم في آذار/مارس ومايو/أيار من عام 2017. في حين استمرات سياساته في تشديد قبضتها على الصوماليين المتجنسين الذين لا زالوا يقيمون في الولايات المتحدة.

 

وشملت قرارت ترامب الجديدة توسيع صلاحيات القوات الأمريكية في تنفيذ العمليات القتالية في الصومال ضد حركة الشباب المجاهدين، مخففًا من القيود على الشروط والضوابط في إجراء الضربات بالطائرات بدون طيار وإنزالات القوات الخاصة، ما أدى إلى ارتفاع معدلات القتل في صفوف المدنيين. والتي بالرغم من توثيقها من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية إلا أن القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) لازالت مصرة على إنكار حقيقتها.

 

ولكن إطلاق إدارة ترامب يد القوات الأمريكية بعد قرار البنتاغون الذي صدر مع استلام المواطن الصومالي الأمريكي الجنسية محمد عبد الله فرماجو رئاسة الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، لم يخفف من قدرة حركة الشباب المجاهدين على توجيه الضربات للميليشيات الحكومية في قلب العاصمة مقديشو وفي أكثر المناطق تحصينا كمثل القصر الرئاسي ومبنى البرلمان.

 

وكذلك لم يخفف من وطأة حرب العصابات التي تستهدف القواعد العسكرية التابعة لقوات الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم) ولا هجمات الحركة التي امتدت إلى داخل العمق الكيني.

 

ويجدر الإشارة إلى أن الجيش الأمريكي قد اعترف بمقتل جنود له خلال مواجهات مع مقاتلي حركة الشباب المجاهدين خلال الإنزالات الجوية أو خلال دعم القوات الأمريكية للميليشيات الحكومية في عمليات عسكرية مشتركة على الأرض ضد الحركة.