الاعتراف بمقتل وإصابة قرابة الـ 10 آلاف جندي من الاتحاد الإفريقي في الصومال على يد حركة الشباب المجاهدين

أكد مقال لإذاعة صوت أمريكا مقتل الآلاف من قوات بعثة الاتحاد الأفريقي وجرح آلاف آخرين على يد مقاتلي حركة الشباب المجاهدين في الصومال منذ أن بدأت القوات عملها في هذه البلاد في أوائل عام 2007، وذلك حسبما صرّح رئيس بعثتهم لإذاعة صوت أمريكا باللغة الصومالية. وتم نشر قوات التحالف الدولي التابعة للاتحاد الإفريقي للمساعدة في حماية الحكومة المدعومة من الغرب والمنشآت من مقاتلي حركة الشباب.
وكشف محمد الأمين سويف، الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في الصومال، عن أعداد الضحايا خلال مقابلة الأسبوع الماضي مع “ملف التحقيق”، وهو برنامج إذاعي صومالي تابع لإذاعة صوت أمريكا.
وقال سويف عبر منصة واتس أب:”لم تكن القوات مستعدة بشكل جيد، ولم تكن الإدارة حتى في مقديشو. لم يتم توثيق العديد من الحالات بشكل صحيح”.
وكانت العملية تعرف في الأصل باسم بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال “أميصوم”، وجاء أول انتشار للعملية في مقديشو في آذار/مارس 2007 بقوات من أوغندا. في أبريل 2022، غيرت بعثة الاتحاد الأفريقي اسمها إلى بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية، أو” أتميس”، بهدف الانسحاب من الصومال بحلول ديسمبر 2024 بعد أن تولت القوات الصومالية مسؤوليات أمنية في البلاد. ولدى أتميس حاليا حوالي 19000 من قوات الاتحاد الإفريقي العاملة في الصومال المعلن عنها بحسب الإذاعة.

 

القوات الأوغندية مع البعثة الانتقالية الأفريقية في الصومال “ أتميس” تقف بجانب مركبتهم المدرعة في مقديشو، الصومال، 10 مايو 2022.

 

وعن عدد القتلى والإصابات قال سويف:”لقد وثقت البعثة حوالي 4000 ضحية. ووفقا لضباط القوة الذين خدموا في البعثة، فإن الإصابات، بمن فيهم المعاقون، يمكن أن تصل إلى أكثر من 5000 مصاب”.
وأكد سويف أن القوات من بوروندي وأوغندا تكبدت أكبر عدد من الضحايا.
وهذه هي المرة الأولى التي يعلق فيها مسؤول في الاتحاد الأفريقي علنا على الخسائر الإجمالية في صفوف قوات الاتحاد العاملة في الصومال على أنها تقترب من الـ10 آلاف قتيل وجريح، ومن عادة هذه القوات كتمان خسائرها ونفيها.
وقال سويف، وزير خارجية جزر القمر السابق، إنه سيعطي الأولوية لعائلات الجنود الذين قتلوا في الصومال للحصول على تعويضات، حيث لم يتم الاعتراف ببعضهم بعد “بسبب نقص الأموال”.
وقال إن القوات جاءت إلى الصومال لسبب وجيه لأن الدول التي ساهمت بقوات “تشعر أنها قريبة من الصومال”. وقال “هذا ليس مثل القرض الذي نمنحه للصوماليين”. “أستطيع أن أقول إننا نعوض الصوماليين لأنك قد تتذكر أن الصومال هي من بين الدول التي حصلت على الاستقلال في وقت مبكر من الستينات، ودعمت العديد من البلدان الأفريقية للحصول على استقلالها. لقد دعموا العديد من البلدان الأفريقية من حيث التدريب والتعليم. لذلك، أعتقد أن الصومال تستحق ذلك، ونحن على استعداد للقيام بذلك”.
ويأتي دعم القوات الإفريقية للحكومة الصومالية استجابة لأمر الولايات المتحدة في سد الفراغ الذي أحدثته هزيمة الجيش الإثيوبي على يد مقاتلي حركة الشباب المجاهدين، لمنع إقامة نظام إسلامي في الصومال كان أعلن عنه اتحاد المحاكم الإسلامية، حيث اضطرت القيادة الأمريكية بعد هزيمة الإثيوبيين، للاستعانة بوكيل جديد، وهذه المرة تحالف القوات تحت مظلمة الاتحاد الإفريقي.
وبدورها أشادت الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب بما وصفته “تضحيات” قوات التحالف الدولي التابعة للاتحاد الأفريقي.

 

جنود من الاتحاد الأفريقي يتوقفون بالقرب من مطار بيليدوغلي، الصومال، للمساعدة في تأمين المنطقة من مقاتلي حركة الشباب، 11 أكتوبر 2012.

 

وقال حسين شيخ علي، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي، إن الحكومة تعترف بعمل قوات الاتحاد الأفريقي. وقال:”نحن ممتنون لهم، لكننا نريد أن نرد لهم هذه المهمة. ولهذا السبب تقاتل القوات الصومالية للقضاء على حركة الشباب”.
ونفذت حركة الشباب المجاهدين غارات معقدة على قواعد العمليات في الخطوط الأمامية لقوات الاتحاد الإفريقي، مما أسفر عن مقتل المئات من قوات الاتحاد الأفريقي. أودى آخر هجوم كبير في مايو 2022 بحياة أكثر من 30 من قوات الاتحاد الإفريقي في بلدة عيل برف بحسب الإذاعة.
لكن حركة الشباب المجاهدين أكدت مقتل 173 من القوات البوروندية في هذا الهجوم، الذي وثقته بالصور واللقطات المصورة. ما يدل على أن الاتحاد الإفريقي لا يزال يمارس سياسة التكتيم على عدد قتلاه الحقيقي كما هو دأبه.

 

صورة نشرتها بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال التقطت في 10 حزيران/يونيو 2016 ونشرتها بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال تظهر جنودا يخدمون في إطار بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) في دورية راجلة في قرية هالغن بمنطقة هيران.

 

في الصومال الخسائر الأكثر فتكا في العالم

 

وجاءت التقديرات السابقة لضحايا الاتحاد الأفريقي في الصومال من بول دي ويليامز، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن ومؤلف العديد من الكتب عن عمليات ما يسمى حفظ السلام الدولية.
وقال ويليامز لصوت أمريكا:”بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال هي، إلى حد بعيد، عملية السلام الأكثر فتكا في جميع أنحاء العالم على مدى السنوات الـ 80 الماضية”،”لا توجد عملية سلام أخرى تقترب من هذا العدد الكبير من القتلى والإصابات”.
وقال وليامز إن هناك افتقارا للشفافية من جانب الاتحاد الأفريقي والدول المساهمة بقوات فيما يتعلق بعدد الضحايا. وقال: “لم يكن الاتحاد الأفريقي شفافا أبدا بشأن أعداد القتلى من بعثاته في الصومال”. “وبدلا من ذلك، أذعنت لرغبات البلدان المساهمة بقوات، التي لم ترغب في الإعلان علنا عن مقتل جميع جنودها من قوات حفظ السلام. لقد ألحق هذا القرار السياسي ضررا بالغا بحفظة السلام الذين دفعوا التضحية القصوى وأقاربهم “.
ويزيد من حجم المأساة لأسر القتلى والمصابين من القوات الإفريقية، تعثر عملية تسليم الرواتب والتعويضات ما يجعل رحلة مغامرتهم –على الرغم من حجم تضحياتهم- مجانية بدون ثمن.
وتقوم القوات الحكومية الصومالية بدعم من ميليشيات محلية بعمليات عسكرية منذ آب/أغسطس 2022، وتعهدت بهزيمة حركة الشباب هذا العام. وفي الآونة الأخيرة، قالت الحكومة الصومالية إن قوات من إثيوبيا وكينيا وجيبوتي من غير المنتسبين في البعثة، ستشارك في المرحلة الثانية من العمليات العسكرية، والتي من المتوقع أن تبدأ بمجرد انتهاء شهر رمضان المبارك.
وأشار سويف أن قوات أتميس من بوروندي وجيبوتي كانت هناك لتقديم الدعم.
وقال إن أتميس دعمت القوات الصومالية بالمعلومات وعمليات الإجلاء الطبي والإصابات والدعم الجوي باستخدام طائرات هليكوبتر تابعة لأوغندا.
وتأتي هذه التصريحات تزامنا مع تصريحات رسمية تؤكد استمرار الأزمة المالية التي تواجهها بعثة الاتحاد الإفريقي مع عجز الممولين عن توفير المبالغ المالية الكافية لتكاليف البعثة في الصومال، نتيجة استمرار الحرب بين روسيا والغرب في أوكرانيا والأحداث الدولية الراهنة. وتناشد المجتمع الدولي المساعدة قبل أن تسيطر حركة الشباب المجاهدين على كامل الصومال كما سيطرت حركة طالبان على كامل أفغانستان.
ومع أن الرقم المعلن عنه يعد أول رقم كبير يكشف عنه لقتلى الاتحاد الإفريقي في الصومال إلا أن العدد لا يزل مشكوكا فيه، حيث أن العدد الحقيقي للقوات لا يزال قيد النظر، لكون قيادة القوات الإفريقية لا تكشف عن الأرقام الحقيقية للقوات التي تقاتل في الصومال لتخفيف أثر الصدمة من عدد القتلى، وهي تماما الاستراتيجية الإعلامية نفسها التي ينتهجها الأمريكان في ساحات الحروب، كما أثبتت وثائق مسربة كشفت عنها صحيفة الواشنطن بوست سابقا تؤكد تلاعب القيادة العسكرية الأمريكية بأعداد القتلى من قواتها لتخفيف الصدمة.
ويتوقع أن يكون عدد القتلى والجرحى أكبر من المعلن عنه، وأضعاف هذا العدد من الميليشيات الحكومية والقوات الخاصة الصومالية المدربة من الدول الداعمة للحكومة كالولايات المتحدة وتركيا وإريتريا التي تسقط في عمليات حركة الشباب المجاهدين اليومية ضد أهداف الحكومة والتحالف الدولي.
وتأتي هذه التصريحات لتؤكد جدية حركة الشباب المجاهدين في طرد قوات التحالف الدولي من الصومال وإسقاط الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب وقطع حبال الهيمنة الغربية في البلاد وإقامة نظام الشريعة الإسلامية المستقل، وفشل الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في القرن الإفريقي، وقد أكدت تصريحات متحدث الحركة الرسمي، أنها أعدت لهذا الصراع أجيالا من المقاتلين المعدين أحسن إعداد، لحرب طويلة الأمد حتى تحقق أهدافها، ما يعني أن استنزاف القوات الدولية مستمر بلا هوادة إلى أن تسحب قواتها من الصومال.