إريتريا موطن للقمع وانتهاك حقوق الإنسان

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

كانت ولا تزال إريتريا موطنًا للقمع وانتهاك حقوق الإنسان بالرغم من إعلان اتفاق المصالحة مع إثيوبيا وترحيب الأمم المتحدة بهذه الاتفاقية ورفع الحظر المفروض على البلد الشرق إفريقي الذي لم يظهر أي تغيير في حال الأوضاع المزرية التي يعيشها شعبه تحت وطأة القمع والاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان، مما أثار تساءلات كثيرة حول المعايير التي تعتمدها الأمم المتحدة في فرض الحظر أو رفعه عن بلد ما.

 

وتزداد الأسئلة إلحاحًا بعد اختيار الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ 18 دولة منتخبة حديثًا لعضوية مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ضمت دولًا معروفة بانتهاكات خطيرة وموثقة منها الكاميرون وإريتريا.

 

وقد تعرضت الأمم المتحدة مؤخرًا لانتقادات واسعة من قبل المعارضة الإريترية التي اعتبرت هذا القرار مكافأة لنظام مجرم يستحق المحاكمة وإنزال العقوبات بدل التكريم.

 

واتفقت بعض الأصوات الحقوقية مع اتهامات المعارضة الإريتيرية حيث قال لوي شاربونو، مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في تعليق له على تويتر بأن التصويت بشأن منح هذه العضوية لدول منها إريتريا بأنه “مهزلة”.

 

معاناة مستمرة

ويعاني آلاف الإريتريين من الممارسات القمعية والاستبدادية لنظام أسياس أفورقي في البلاد، كفرض التجنيد الإلزامي والممتد لفترات قد تصل لعشرين سنة، كما أنه لا يستثني الشيوخ حيث تم تجنيد الرجال الذين يبلغون من العمر 67 عامًا فيما يسمى “جيش الشعب”، بل وحتى النساء تفرض عليهن الخدمة العسكرية الإلزامية، ومن يرفض أو يمتنع يُسجن وتُفرض عليه غرامات مالية وأشغالة شاقة بحسب ما أورده تقرير منظمة العفو الدولية.

 

إضافة إلى الاختفاء القسري والسجن بصورة تعسفية، وتقييد حرية الرأي والصحافة، وفرض قيود مشددة على حق السفر والمغادرة وملاحقة كل نشاط ينتقد الحكومة أو رموزها.

 

وتؤكد التقارير أن السجون الإريترية تعتقل آلاف السجناء بتهم في الرأي والسياسة. وكانت منظمة العفو الدولية قد أكدت قبل 5 أعوام أن ما يقرب من 10 آلاف مواطن إريتري قد تم اعتقالهم لأسباب سياسية منذ استقلال البلاد عام 1993.

 

وتحت هذه الظروف يفر الآلاف من الإريتريين عبر الحدود لمزيد من الظروف السيئة ومخاطر الهجرة التي تهدد حياتهم، خاصة وأن القانون الإريتري يفرض قيودًا صارمة على مغادرة المواطنين ما بين 5 و50 عاما. وتشير التقارير إلى تعرض الإريتريين المهاجرين لخطر الاحتجاز التعسفي والاختطاف والاعتداء الجنسي وسوء المعاملة وهم في طريقهم إلى أوروبا.

 

قمع وتقصير

ويزيد من معاناة الإريتريين فساد المؤسسات الحكومية وسوء خدماتها وعدم قيامها بواجباتها كحكومة في تخفيف معدلات سوء التغذية المتزايدة باستمرار والحد من انتشار الأمراض في معظم نواحي إريتريا بسبب تردي الأوضاع الصحية والمعيشية والتضرر من الجفاف إضافة لعدم معالجة الحكومة لمشكلة نقص المياه والمواد الأساسية.

 

مكاسب من المصالحة

ويرى المراقبون أن اتفاقية المصالحة مع إثيوبيا أكسبت إريتريا فرصة كبيرة لتحقيق مكاسب سياسية منها إنهاء الحظر الذي كان مفروضًا عليها، واستفادتها من انفتاح العلاقات الدولية من الاستثمارات والصفقات التجارية، من ذلك المشروع الكبير الذي تموله أوروبا بقيمة 20 مليون يورو لإعادة بناء الطريق الرابط بين الحدود الإثيوبية والموانئ الإريترية.

 

انتهاكات وصلت لليمن

ولم تقف انتهاكات حقوق الإنسان عند المواطن الإريتري فقط بل وصلت للمواطنيين اليمنيين أيضا من خلال العلاقة الوطيدة التي تجمع نظام أسياس أفورقي وحكومة الإمارات.

 

فقد كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة الألمانية  (DW)، استغلال الإمارات لأحد أهم الموانئ في إرتيريا في حربها باليمن لممارسة التعذيب والاغتيالات خارج القانون.

 

وأشار التحقيق  لميناء “عصب” الإرتيري، الذي يبعد 60 كم (37 ميلاً) فقط عن السواحل اليمنية، وهو الميناء الذي يوفر لأبوظبي قاعدة عسكرية لفرض حصارها البحري على اليمن ولشن عمليات عسكرية وإدارة الحرب هناك، وفي المقابل تحصل إريتريا على المال والنفط من أبوظبي.

 

ويجدر الإشارة إلى أن حكومة الإمارات وقعت في عام 2015 مع حكومة إريتريا على عقد إيجار لمدة 30 عامًا وهو ما يسمح للإمارات باستخدام ميناء عصب طيلة هذه المدة وبدون قيود.

 

وفضلا عن تسبب الممارسات العدوانية الإماراتية في انتهاك صارخ لحقوق الشعب اليمني عبر الأراضي الإريترية، تفتتح أبوظبي في هذه الأراضي سجونًا سرية متخصصة في تعذيب المعتقلين اليمنيين خارج إطار القانون والمحاكمات العلنية.

 

وتستمر هذه الممارسات باسم الحكومات والدول تحت دراية الأمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها دون أن تحرك ساكنا لمنع هذا الإرهاب بحق العزّل ما يجعل من شعاراتها المعلنة مجرد حبر على ورق أو وسيلة لتحقيق أجندات الدول الكبرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تستعمل الأمم المتحدة لفرض هيمنتها باسم القانون الدولي أو الشرعية الدولية.

 

كذلك يحمّل المراقبون التحالف العربي على رأسه الإمارات والسعودية انتشار المجاعة في اليمن وارتفاع أسعار السلع الأساسية وارتفاع عدد القتلى المدنيين فيما بعد من جرائم الحرب.

 

ولا يتوقع المراقبون انفراجة قريبة في إريتريا مع استمرار الحكم القمعي والاستبدادي في البلاد، وتبدو فرص الثورة الإريترية ضعيفة في الوقت الحالي نظرًا لاتحاد المصالح الدولية مع أسياس أفورقي على حساب حرية واستقرر الشعب الإريتري.