إثيوبيا: إعلان حالة الطوارئ في “أوروميا” و”بينشاجول جوموز” و”التيغري” تعترض القوات الإثيوبية المنسحبة من الحدود مع إريتريا

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

أعلنت السلطات الإثيوبية حالة الطوارئ في ولايتي “أوروميا” و”بينشاجول جوموز”، عقب موجة عنف جديدة تعصف بالبلاد الواقعة في شرق إفريقيا.

 

وقد اعتقلت السلطات 171 شخصًا، بتهمة التورط في أعمال العنف وإثارة الشغب في الولايتين. وقال العقيد غيتن، مدير قسم العلاقات العامة في كتيبة الغربية في قوات الدفاع الوطني، أن الاعتقال شمل المتسببين “في العنف الذي أدى إلى خسائر في الأرواح وأضرار في الممتلكات”، بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الإثيوبية.

 

وبحسب العقيد فقد ضبطت السلطات الإثيوبية أسلحة وذخائر وأموال كان منها 49 بندقية كلاشينكوف و1031 طلقة و12 ألف دولار أمريكي، وسبعة ألغام مضادة للأفراد. إضافة لسيارات سبق وأن سرقت من المؤسسات الحكومية والعاملين فيها.

 

ورغم خطابات رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد” لمحاولة تهدئة الاحتقان الذي تعرفه البلاد، لا زال هذه المنطقة تشهد احتجاجات عنيفة بشكل مستمر ويبدو أنها تطمح لتمرد مسلح.

 

جذور عميقة

ويجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإثيوبية كانت قد وقعت على اتفاق لوقف إطلاق النار مع “جبهة تحرير أورومو” بعد إستلام أبي أحمد الحكم وهي منظمة مصنفة “إرهابية” لدى أديس أبابا وتنشط في المنطقة منذ عقود، ولكن ما لبث أن أجهض الاتفاق واندلعت الاشتباكات من جديد.

 

وتعتبر الأحداث الأخيرة في ولايتي “أوروميا” و”بينشاجول جوموز” امتدادًا للاحتجاجات التي عرفتها منطقة أوروميا في عام  2015 والتي خرج فيها السكان في احتجاجات عارمة للمطالبة بحقوقهم في الأرض.

 

وكانت الاحتجاجات حينها على خطة الحكومة المثيرة للجدل بشأن إقليم أوروميا، والتي أعلنت الحكومة الإثيوبية أن الهدف منها هو دمج 8 بلدات من الإقليم مع أديس أبابا طبقا لبرنامج تعزيز التنمية.

 

وقد رفض السكان خطة الدولة وعبروا عن معارضتهم لأي خطة خلف الأبواب المغلقة تحت ستار التنمية، خاصة وأنه بموجب هذه الخطة سيتم حرمان المزارعين من أراضيهم التي هي مصدر رزقهم، إضافة إلى أن هذا الدمج سيؤثر على اللغة والثقافة المحلية.

 

ويعد شعب أورومو من أكبر القوميات في إثيوبيا، ويشكل نحو 40 بالمئة من عدد سكان البلاد، وغالبية أورومو من المسلمين. كما ينتمي لهذه القومية “أبي أحمد” ويرجح المراقبون أن تقليده منصب رئيس الوزراء كان بالعمد لتهدئة هذا الإقليم الثائر، ولكن يبدو أن هذا التنصيب لم يخفف من غضبة الشارع الأورومي بعد.

 

ويجدر الذكر أن إثيوبيا دولة عرقية إثنية تتميز بتعدد الأعراق واللغات وباختلاف العادات والتقاليد،. بحسب ما نشر موقع إثيوميديا الإثيوبي.

 

وقد أدى الاشتباك مع قوات الأمن الإثيوبية آنذاك إلى سقوط المئات من القتلى بما فيهم ضباط للشرطة فضلا عن اعتقال الآلاف في السجون. ولا يزال عداد القتلى مستمرا في تسجيل أعداد جديدة مع كل موجة من الاحتجاجات العنيفة.

 

التيغري يعترضون قافلة أسلحة للجيش

وفي سياق آخر، اعترض عشرات الشباب الإثيوبيين من عرقية “التيغري” في مدينة شري، طريق 50 شاحنة عسكرية تابعة للقوات الإثيوبية، تحمل أسلحة ومعدات أثناء خروجها من المدينة.

 

وقد حاول المعترضون إعاقة سحب القوات الإثيوبية من الحدود الإريترية الإثيوبية للتعبير عن رفضهم لاتفاقية المصالحة التي أعلنت حديثا بين أديس أبابا وأسمرة ورفضهم أيضًا لسحب القوات من الحدود بين البلدين.

 

وقد أدان أبي أحمد بشدة هذه التصرفات من قبل التيغري، واعتبرها خرقا فادحا لقوانين الدستور.  وقال رئيس الوزراء الإثيوبي: “أمرت الجيش ألا يطلقوا الرصاص على المواطنين، ومع هذا أريد أن أخبركم أن الحكومة الفدرالية لديها السلطة المطلقة لتحريك قواتها المسلحة في أي ولاية حسب ما أرادت”.

 

من جهته وصف نائب رئيس القوات المسلحة العميد برهانو، المعترضين بـ”قوى الشر” وقال: “هناك قوة داخل الشعب تحاول خلق ارتباك بين الشعب والقوة المسلحة”.

 

ويأتي سحب القوات الإثيوبية بعيدا عن الحدود مع إريتريا بعد أشهر من إعادة فتح الحدود بين البلدين للمرة الأولى منذ عشرين عامًا تنفيذا لبنود اتفاقية المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا التي تم توقيعها في شهر يوليو من العام الماضي.

 

ويجدر الإشارة إلى أن الاتفاقية جاءت بعد أكثر من عشرين سنة من القطيعة بين البلدين بعد الحرب التي اندلعت بينهما في عام 1998 بسبب الخلاف على الحدود وقضايا أخرى انتهت في عام 2000، ولكن امتدت بعدها القطيعة إلى أن تم الإعلان عن اتفاق المصالحة الأخيرة.

 

وتحصي التقارير أكثر من 80 ألف شخص قتلوا في هذه الحرب، وفي حين ترجح تقارير أخرى عددًا أكبر، وهذا ما يفسر درجة الحقد التي يحملها بعض الإثيوبيين والإريتريين لبعضهم البعض.

 

تطورات تهدد طموحات أبي أحمد

وفي الوقت الذي شكل فيه صعود أبي أحمد لمنصب رئيس الوزراء انفراجة للحكومة الإثيوبية من أجل تهدئة الثورة الداخلية التي تهدد استقرار البلاد، ولفت أبي أحمد المجتمع الدولي بنهج سياسي مختلف تماما عمن كان قبله في الحكم. يبدو أن رئيس الوزراء قد فشل في تحقيق مطالب الشارع الإثيوبي رغم ما بذله من جهود لأجل تحقيق ذلك.

 

ويبدو أيضا أن السخط من أبي أحمد يحاصره من جهتين، من جهة قبيلته الأورومو، التي لم يتمكن بعد من معالجة مشاكلها ومن جهة قبيلة التيجري التي تكنّ له العداء وترفض سياساته في الحكم.

 

فكيف ستتجاوز إثيوبيا هذه الأزمة، هذا ما ستخبرنا به الأحداث المقبلة.