آبي أحمد في ضيافة نتنياهو في القدس لتعزيز العلاقات بين “إسرائيل” وإثيوبيا
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
أجرى رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد زيارة للقدس المحتلة خطفت الأنظار وعكست عمق العلاقات الودية التي تجمع إثيوبيا مع “إسرائيل” فيما عدّ أول زيارة رسمية له للأراضي المحتلة منذ وصوله إلى السلطة في شهر نيسان/أبريل 2018..
واستقبل الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو آبي أحمد بحفاوة باعتباره “أحد أهم القادة وأكثرهم تأثيرًا في أفريقيا”.
والتقى أبي أحمد خلال زيارته بالرئيس رؤوفين ريفلين الذي زار أديس أبابا العام الماضي، بالإضافة إلى عدد من المسؤولين الإسرائيليين.
وناقش رئيس الوزراء الإثيوبي مع نتنياهو وإدارته سبل تعزيز التعاون في مجال الأمن والمياه والزراعة والتكنولوجيا والإنترنت والتعليم والصحة.
واعتبرت الحكومة الإسرائيلية في بيان لها بهذه المناسبة زيارة رئيس آبي أحمد ثمرة “للعودة لإفريقيا”. التي زار نتنياهو عدة بلدان منها في جولة له شملت إثيوبيا وذلك في عام 2016 في عهد رئيس الوزراء السابق هيلي ماريام ديسالين حيث وقّع الطرفان على عدة اتفاقيات لتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والزراعة، والسياحة، والتكنولوجيا، والاقتصاد.
علاقة وطيدة قديمة
ورغم أنها الزيارة الأولى لآبي أحمد لـ “إسرائيل” منذ استلامه منصبه، إلا أن العلاقة بين البلدين من أقدم العلاقات الدبلوماسية، حيث تعود إلى خمسينيات القرن الماضي لكنها تطورت في عام 1984 في عهد الرئيس مانغستو هايلي مريام، الذي استجاب لمطالب الحكومة الإسرائيلية وفتح باب ترحيل اليهود الفلاشا إلى أرض فلسطين المحتلة. وسجلت زيارة سيلفان شالوم إلى أديس أبابا في عام 2004، محطة لافتة لتوطيد العلاقات الاقتصادية بين البلدين بشكل قوي.
آبي أحمد من أب مسلم وأم نصرانية، لبس القبعة اليهودية وطاف في القدس المحتلة مع فريقه المرافق يرتدون جميعا القبعة اليهودية وكان من بين الأماكن التي زارها متحف “ياد فاشيم”.
تصريحات الزعيمين الحليفين
وقال آبي أحمد في القدس المحتلة: “أريد بث الروح في علاقتنا الثنائية وفق المصالح المشتركة وتوجيهها نحو الشراكة الاستراتيجية”، وأضاف: “نحن نتطلع للمستثمرين الإسرائيليين للمساهمة في القطاعات الرئيسية بما فيها الري والمياه والطاقة والملاحة وتحديث قطاع الزراعة في إثيوبيا”. وأضاف أيضا: “التعاون بين إثيوبيا وإسرائيل تتعدى العلاقة الثنائية لتصل إلى القضايا الإقليمية والدولية، وسوف تعمل إثيوبيا من خلال شراكة ديناميكية للنهوض بالسلام والأمن الإقليمي والدولي”.
كما قال آبي أحمد ولكن باللغة العبرية: “أشقاء نحن”، وخاطب نتنياهو قائلا: “قدمتَ إلى إثيوبيا في عام 2016، وكنتَ أول رئيس حكومة إسرائيلية يزورنا، ونحن نتذكر ذلك. ونتذكر أيضا الإسرائيليين الذين قضوا بتحطم الطائرة الإثيوبية، والطالبة الجامعية التي لقيت مصرعها”.
من جانبه قال نتنياهو: “منذ ملكة سبأ لم يزر رئيس حكومة إثيوبي إسرائيل. سنتعاون، وسنتغلّب على الصعوبات معا”. وأضاف “أجرينا العديد من المكالمات في الهاتف، وحان الوقت للتحدث حول العديد من الأمور”. وشكر نتنياهو آبي أحمد على مساعدته في العثور على جثمان المواطنين الإسرائيليين اللذين قتلا في تحطم طائرة للخطوط الجوية الإثيوبية في آذار / مارس الماضي. معتبرا ذلك “دليلا على العلاقة الحميمية” بين الطرفين. وخاطب أبي أحمد قائلا “لقد أصبحتَ أحد الزعماء المُهمين في إفريقيا. لقد رفعت مكانة إثيوبيا، وأحييك على إنجازاتك”.
وأضاف نتنياهو مخاطبا آبي أحمد: “أنت تعمل بجد، لتغيير وتحسين اقتصاد بلادك من الداخل، وأنا أدرك ذلك، لأن هذا بالضبط ما أقوم به كرئيس للحكومة، هنا في إسرائيل”. “العلاقة بيننا خاصة، بسبب 150 ألف الذين يعيشون هنا في البلاد. طائفة جلبت معها الثقافة الإثيوبية والتاريخ الإثيوبي اليهودي إلى إسرائيل”.
وقال نتنياهو أعتقد بأن “علاقتنا الوثيقة قوية، بسبب القيم الديمقراطية التي نتشاركها. لقد زادت علاقتنا الآن، وتعززت على عدة مستويات، وتعاوننا رائع”.
آبي أحمد بدوره أجاب بشكر نتنياهو وقال:”من المميز جدًا أن أكون هنا على هذه الأرض، الدولة التي لها تاريخ طويل وهام”، فـ “إثيوبيا تتقاسم العديد من الأمور مع إسرائيل، فقد كان أسلافنا حلفاء أيضًا. تاريخنا المشترك، سيواصل خدمة علاقتنا الوثيقة، والحفاظ عليها”.
اليهود الفلاشا وآبي أحمد
من جانبهم طالب زعماء اليهود الفلاشا لقاء آبي أحمد بحسب ما أعلن نتنياهو كما التقت أغرنش منغيستو، والدة الجندي الإسرائيلي إفرا منغيستو، المُحتجز لدى حركة حماس في قطاع غزة. التقت آبي أحمد وتحدثت إليه. وحاول آبي أحمد مواساة عائلات يهود الفلاشا وأرسل تعازيه لعائلة سلمون تيكا من يهود إثيوبيا، الذي قُتل برصاص شرطي إسرائيلي في يوليو / تموز الماضي. فيما فسره المراقبون محاولة منه لتخفيف الانتقادات التي وجهت له بإهماله ملف اليهود من أصل إثيوبي الذين يعانون الاضطهاد في “إسرائيل”.
وفي “إسرائيل” 150 ألف يهودي من أصل إثيوبي، قال عنهم نتنياهو “يأتون بثقافة وفخر أثيوبيا إلى إسرائيل”. ومع ذلك يشتكي هؤلاء اليهود التمييز العنصري والتهميش وسوء المعاملة في “إسرائيل”، وتندلع ثوراتهم الاحتجاجية بشكل متكرر ولكنها لا تلبث أن تخمد من قبل السلطات الإسرائيلية.
مصالح اقتصادية واهتمام بعيد النظر
ويتوقع أن ترفع هذه الزيارة من حجم التبادل التجاري بين البلدين والذي لا زال يعتبر ضعيفا لا يعكس طبيعة العلاقة بين الطرفين، حيث كشف تقرير صادر عن “المعهد الإسرائيلي للصادرات والتعاون الدولي” عن أن حجم التبادل التجاري بين “إسرائيل” وإثيوبيا بلغ نحو 70 مليون دولار فقط، وتُصدّر “إسرائيل” إلى إثيوبيا المواد الكيميائية والآلات الصناعية والبرمجيات، وتستورد منها المنتجات الزراعية والتبغ. أما الاستثمارات الإسرائيلية بالسوق الإثيوبية فتتركز في مجالي زراعة الزهور والتصنيع الزراعي، ووفقا لهيئة الاستثمار الإثيوبية بلغ عدد المشاريع الإسرائيلية في إثيوبيا نحو 187 مشروعا بقيمة 1.3 مليار بِر إثيوبي أو ما يقارب 58.4 مليون دولار.
وتدعم حكومة نتنياهو سد النهضة بشكل قوي حيث أرسلت 3 طواقم تابعة للصناعات العسكرية الإسرائيلية لتعمل على نصب أنظمة دفاعية جوية لصواريخ “Spyder-MR ” حول السد المثير لمخاوف مصر وكذلك عمدت لتزويد أديس أبابا بتكنولوجيا متطورة متعلقة بعمليات تشغيل السد وتوليد الكهرباء.
ويرى المراقبون هذا الاهتمام الإسرائيلي بسد النهضة يأتي بهدف ضمان حصة ثابتة من مياه نهر النيل في المستقبل خاصة وأن منطقة الشرق الأوسط مهددة بنقص حاد في ثروة المياه.
كما يرى المراقبون الدافع الأول لتعزيز العلاقات بين تل أبيب وأديس أبابا هو التخوف الإسرائيلي من الصعود الجهادي والإسلامي في منطقة شرق إفريقيا الممثل بحركة الشباب المجاهدين وتهديده لآمال مشروع تمددها وصفقة القرن التي تدير خيوطها واشنطن مستعينة بحلفائها في المنطقة.
وتعتبر حركة الشباب المجاهدين في شرق إفريقيا تحرير فلسطين المحتلة أحد أولوياتها وترفض الاحتلال الإسرائيلي لهذه الأرض المسلمة المقدسة، وكان ردها على إعلان القدس عاصمة دولة الاحتلال الإسرائيلية، الهجوم على مجمع يهودي في العاصمة الكينية نيروبي حمل عنوان “القدس لن تهود” قتل فيه جندي أمريكي من أصل يهودي.