الانتخابات في أوغندا سيناريو متكرر لبقاء موسيفيني
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
لا تمثل الانتخابات في أوغندا محطة تجديد أو تغيير محتمل للشعب الأوغندي، ذلك أن البلاد تخضع لحكم رجل واحد منذ أكثر من 30 سنة هو الرئيس يوري موسيفيني الذي تمكن من إحكام قبضته على أوغندا بفضل حكم العسكر الذي يدعمه.
ومع بدأ الحديث عن الانتخابات في البلد الواقع في شرق إفريقيا قالت اللجنة الانتخابية أن الإعدادات لهذا الموعد انطلقت في نهاية العام الماضي ولكنها لا زالت تفتقر إلى الأموال ولا يمكن الوفاء بمواعيد خارطة الطريق الانتخابية. بحسب ما نقلت صحيفة “ذي سيتيزن”.
من جانبها هاجمت المعارضة الحكومة الأوغندية وانتقدت مماطلتها بشأن الانتخابات والإصلاحات المرافقة لها، ولكنها بحاجة إلى توحيد صفوفها هذه المرة لتظهر كجبهة متحدة يمكنها أن تتحدى الرئيس يوري موسيفيني.
وفي الواقع يرى المراقبون أن تماطل الحكومة في الإعداد للانتخابات وحالة الفوضى التي تعاني منها صفوف المعارضة قد يخلق شعور لا مبالاة لدى الأوغنديين بهذه الانتخابات وهو أمر متوقع وطبيعي.
وينتظر أوغندا موعد انتخابات رئاسية في عام 2021 المقبل، ولكن الضبابية تسود مستقبل البلاد بشأن نوع الانتخابات التي ستجرى، في وقت تفتقد فيه أوغندا الاصلاحات الانتخابية، والأموال لتمويل خارطة الطريق لهذه الانتخابات إضافة إلى معارضة منهمكة في حروب السيادة وقد تفرقت صفوفها بسبب الخلافات التي لا تنتهي.
الحكومة تماطل
وقال وزير العدالة والشؤون الدستورية “كاهيندا أوتافيير” للبرلمان مؤخرًا أن الحكومة غير مستعدة لإدراج الإصلاحات الانتخابية المطلوبة بشدة على الرغم من اقتراب الموعد النهائي الذي حددته المحكمة العليا بشأن هذه الاصلاحات”.
وقد أثار هذا الأمر القلق بشأن مصير الانتخابات.
وقال كريسبي كاهيرو منسق تحالف المواطنين للانتخابات الديمقراطية في أوغندا :”كان للانتخابات السابقة إطار قانوني وإداري ضعيف وكانت النتائج عبارة عن عنف وفساد وتلاعب بسبب تقنية الانتخابات، وخلل في التغطية الإعلامية للأحزاب السياسية والمرشحين، واستعمال الأموال الحكومية لإدارة الحملات السياسة الفردية “.
وأضاف: “فلن تكون انتخابات 2021 مختلفة إن لم نعزز الإطار التشريعي والإداري الحالي لإجراء انتخابات ديمقراطية في البلاد”.
إعادة انتخاب موسيفيني
وفي الوقت الذي تتأخر فيه الحكومة في إجراء الخطوات الحاسمة والضرورية لسلامة الانتخابات، يُحكم الحزب الحاكم (حركة المقاومة الوطنية) وزعيمه يوري موسيفيني قبضتهم على البلاد ويخططون للمستقبل بدهاء.
ويحكم موسيفيني أوغندا منذ 1986، ومع ذلك لا زال يسعى لإعادة انتخابه كمرشح وحيد عن حزبه للانتخابات المقبلة.
فقد جمّد طلبات وقرارات عضوين من كبار أعضاء حزبه، اللجنة التنفيذية المركزية (سي إي سي) والمؤتمر التحضيري في البرلمان وذلك ليستمر كمرشح وحيد للرئاسة.
ويحظى موسيفيني بعلاقة وطيدة مع الجيش، أحد أكثر المؤسسات المهمة التي سمحت له بالبقاء طويلا في منصب الرئيس.
واعتبر المراقبون إجراءه جولات مؤخرًا في مقرات الجيش رسالة بعد ضمان تأييد الجناح السياسي له. كما اعتبرت تحركات موسيفيني لجس نبض المؤسسة العسكرية التي سمحت له بحكم أوغندا أكثر من 30 سنة.
المعارضة في حالة فوضى
وفي الوقت الذي يبدو فيه موسيفيني والحزب الحاكم أكثر ثقة بقوة قبضتهم وسيطرتهم على الرئاسة الأوغندية، ويطلقون الحملات الشكلية للترويج لترشح موسيفيني من جديد، تبدو المعارضة غارقة في الخلافات.
هذا ما يقف عائقا أمام تحول المعارضة لجبهة متحدة يمكنها تحدي الرئيس موسيفيني بحسب ما يرى المراقبون.
ومن أبرز أسماء المعارضة “وبرت سانتامو كاياغولاتي” المعروف باسم “بوبي واين” وهو عضو في البرلمان لدائرة كيادوندو الانتخابية الشرقية، والذي أطلق أنصاره الهجمات على رمز المعارضة كيزا بيسيجي.
ووصف “نوربيت ماو” رئيس الحزب الديمقراطي الهجوم على بيسيجي بـ”بتكتيك أحمق” وقعت فيه المعارضة.
وقد خاض بيسيجي الانتخابات وخسرها أربع مرات، والمعارضة تريده أن يعطي الفرصة لغيره ويفسح المجال لمرشحين جدد، لكنه مع حزبه حزب التغيير الديمقراطي لا زال يمثل تحديا للرئيس موسيفيني.
فقد حصل بيسيجي على 3.5 مليون صوت في عام 2016 مقابل 5 ملايين صوت لموسيفيني، وأصر على أن الانتخابات تعرضت للتحايل والسرقة وأن هذا سبب خسارته.
من جانبه أعرب “بوبي واين ” عن نيته في الترشح لانتخابات 2021، على أمل أن يقود أنصاره تحت شعار “قوة الشعب” لكن الباحث “باتريك واكيدا” حذر من أنه لا يمكن أن يترجم دعم بوبي واين بالموسيقى المرحة إلى دعم سياسي.
وقال واكيدا: “لم يتأكد بوبي واين إن كان الدعم الذي يحظى به سياسي أو مجدر دعم للترفيه”. وأضاف: ” ليس بوبي واين السياسي الأول الذي رأيناه يرتفع مع موجة من الدعم، بل رأينا مثل هذا من قبل ثم ما لبث أن اختفى ذكره مثل ما حدث من رئيس البلدية حاجي ناصر نتايغ سيباغالا”.
لا مبالاة الناخبين
ونبّه كاهورو إلى أن تماطل الحكومة في الإعداد للانتخابات وعدم الاستجابة لقرار المحكمة العليا بشأن الاصلاحات الانتخابية إضافة إلى حالة الفوضى التي تعيشها المعارضة بأن هذه العوامل ستؤدي في نهاية المطاف إلى لا مبالاة الناخبين الأوغندين.
وقال واكيدا: “منذ الانتخابات السابقة أصبح الأوغنديون يميلون أكثر إلى اللامبالاة، وهي نتيجة متوقعة، وعلى المرشحين الآن ضخ الحماسة بين الجماهير لضمان حشدهم للمشاركة في الانتخابات المقبلة”.
تناقضات وشعارات كاذبة
وتعيش أوغندا تحت حكم العكسر منذ عقود وتعاني من الدكتاتورية والقمع وانتهاك حقوق الإنسان، ومع ذلك تشارك أوغندا في قوات الأمم المتحدة التي تسمى بقوات “حفظ السلام” وهو ما يدفع للتساؤل، كيف تحقق قوات أوغندا السلام في مكان ما وهي لم تحققه بعد في بلادها. وما هي المعايير التي تقوم وفقها الأمم المتحدة بتوظيف القوات التي تعمل لصالح أهدافها.
وهو ما يكشف أيضا النفاق وسياسة الكيل بمكيالين، حين ترفع الأمم المتحدة شعار الحريات والديمقراطيات ثم توظّف حكومات ديكتاتورية قمعية معروفة بانتهاك حقوق الإنسان لأجل التدخل في بلدان أخرى بحجة فرض هذه الحريات والديمقراطية كما يجري في الصومال حيث تشارك أوغندا بآلاف الجنود في بعثة الإتحاد الإفريقي “أميصوم”.
ويتوقع المراقبون أن يفوز موسيفيني مرة أخرى بالانتخابات المقبلة ما يجعل من مستقبل أوغندا مظلما.