موسيفيني رئيسًا لأوغندا مدى الحياة ودراسة تؤكد أن البلاد تقبع تحت حكم العسكر

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

فيما وصف بالمسرحية الرئاسية المتجددة، أعلن الحزب الحاكم في أوغندا يوم الأربعاء مرة أخرى، عن موافقته ترشح الرئيس يوري موسيفيني لولاية سادسة في الانتخابات الرئاسية في 2021 المرتقبة في بلد شرق إفريقيا.

 

موسيفيني البالغ من العمر 74 عاما حظي بإجماع الحزب الحاكم، ليواصل حكمه للبلاد منذ 33 عاما مسجلا بذلك أطول حكم دكتاتوري في القارة الإفريقية.

 

وبحسب الصحافة الأوغندية فإن قرار ترشيح موسيفيني مرة أخرى جاء بعد اجتماع اللجنة التنفيذية المركزية لحركة المقاومة الوطنية (الحزب الحاكم في أوغندا)، في خلوة لمدة 5 أيام مع موسيفيني شخصيًا وذلك في أحد الفنادق الفاخرة بمنتزه مورشيسون فولز الوطني شمال غرب البلاد.

 

قرار الحزب الحاكم أثار غضب الأوغنديين، ونددت به المعارضة التي خرجت في مظاهرات في الشوارع، في حين عمّ الاضطراب في البرلمان.

 

ويجدر الإشارة إلى أن البرلمان الأوغندي ألغى في نهاية 2017 القانون الذي يقضي بتحديد أقصى عمر للمرشح بـ 75 عاما حتى يُعاد انتخاب موسيفيني رئيسا مرة أخرى متجاوزًا عقبة العمر.

 

ويرى المراقبون كما ترى المعارضة الأوغندية أن هذا القرار هو بمثابة إعلان موسيفيني رئيسًا لأوغندا “مدى الحياة”، لتستمر البلاد تحت قبضته الحديدية التي يعاني منها الأوغنديون منذ توليه الحكم في  1986.

 

 دراسة جديدة

وفي هذه الأثناء تؤكد دراسة جديدة لمركز حقوق الإنسان والسلام (هوريباك) أن أوغندا بلاد تقبع تحت حكم العسكر، وأنها  اليوم تعاني من وطأة هذا الحكم أكثر من أي وقت مضى، حيث تنتهك حقوق الإنسان فيها بشكل متصاعد دون أمل في التغيير.

 

التقرير الذي نشر الأسبوع الماضي في فندق “إمبريال رويال” في العاصمة الأوغندية كمبالا، يعتبر “مواصلة تدخل الجيش الأوغندي في الشؤون المدنية اتجاه خطير”. بحسب ما نقلته الصحف الأوغندية.

 

وسلطت الدراسة الضوء على هجوم قوات الحرس الرئاسي على البرلمان الأوغندي في العام الماضي، حيث تعرض النواب وأعضاء المعارضة للضرب بوحشية أثناء مناصرتهم للمعارضة الشعبية من أجل الضغط على الحكومة لتعديل المادة 102 (ب) من الدستور بشأن عمر المترشح لرئاسة أوغندا، وهي المادة التي تم التعديل عليها في نهاية المطاف وأصبح بموجبها موسيفيني رئيسًا مرة أخرى للبلاد ويبدو بهدف أن يبقى كذلك مدى الحياة.

 

وتؤكد الدراسة أن أوغندا تعيش تحت سلطة أمنية عسكرية قوية، حيث ينتهك ضباط الأمن في الجيش والشرطة الأوغندية حقوق الإنسان بشكل صارخ.

 

ومن بين الانتهاكات التي رصدتها الدراسة، أماكن الاعتقال والاحتجاز غير القانونية، وعمليات التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء إضافة للاعتقالات التعسفية وسياسة تفريق المظاهرات عن طريق السجن والتعذيب بصورة غير قانونية.

 

وعرضت “هوريباك” وهي منظمة لحقوق الإنسان تابعة لجامعة “ماكريري” للقانون ، عرضت في دراستها قضايا تعاني منها أوغندا منها: عدم احترام سيادة القانون ، وانعدام الإرادة السياسية، وتأثير الأهداف السلبية للسياسات، والغموض الذي يعتري القانون ، على أنها عوامل تؤثر على انتهاك الجيش لحقوق حقوق الإنسان في أوغندا.

 

واتهمت الدراسة الجيش الأوغندي بأخذه دور الشرطة في انتهاك مباشر للدستور الأوغندي.

 

كما اعتبرت تدخلات الجيش العنيفة في مهام الشرطة انتهاك جسيم لحقوق الإنسان.

 

وأكدت الدراسة تزايد حالات تدخل الجنود في كل ما يتعلق بإنفاذ القانون وارتفاع حالات انتهاك حقوق الإنسان في البلاد.

 

ومن الأمثلة على ذلك قيام الجيش الأوغندي بإنشاء وحدة لحماية مصايد الأسماك تابعة له، أثارت غضبًا عارمًا في الأوساط الشعبية والمؤسسات الرسمية كالبرلمان ووزارة الزراعة والصناعة الحيوانية والسمكية بسبب إدارة نشاطها ومع ذلك، لم تتجاوب مع شكاويهم وأصرت على أنها لا تعترف إلا بقرارات الرئيس موسيفيني.

 

وقد سجلت اللجنة الدستورية الأوغندية في عام 1995، بعد توثيق آراء الأوغنديين بشأن رأيهم في الدستور وكيف يحبذون أن يكون، سلجت ملاحظة تؤكد بأن “الواجب الرئيسي للجيش في مجتمع من المفروض أنه “ديمقراطي” يحكمه القانون هو محاربة الأعداء الخارجيين وإنهاء التمرد الداخلي ولكن وفق توجيهات الحكومة المدنية والحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. كما يجب على الشرطة من جهة أخرى التركيز على المواطن لحمايته أو تصحيح سلوكه إن كان شاذًا. وهذا ما يستدعي حصول الشرطة على تدريب متخصص وتكتيكات خاصة لم يحصل عليها الجيش بوجه عام أو لم يألفها ولا تناسبه”.

 

ويجدر الإشارة إلى أن الملف الحقوقي في أوغندا يعرف حجما خطيرا من انتهاكات حقوق الإنسان، ويستعين موسيفيني بمؤسسات الجيش والشرطة لفرض رقابة مستمرة على الشعب الأوغندي تحرمه أي حق في التمرد أو الاعتراض حتى بالطرق السلمية، إذ يتم تصفية المعارضة فورا قبل أن يقوى صوتها.

 

ورغم هذا السجل الثقيل من الانتهاكات لحقوق الإنسان والسيرة القمعية الدكتاتورية، تشارك أوغندا في قوات ما يُسمى “حفظ السلام” للإتحاد الإفريقي التابع للأمم المتحدة كعضو أساسي، كما أرسلت أكبر عدد من جنود قوات الإتحاد الإفريقي في الصومال لإجل ما يُسمى “إرساء الديمقراطية” وقتال حركة الشباب المجاهدين.

 

ويتساءل المراقبون كيف يمكن لدولة بحاجة ماسة لمن يحقق السلام في أرضها أن تحققه في أرض غيرها. والواقع أن السياسات الدولية بُنيت لأجل فرض حبال الهيمنة على الشعوب، وفي سبيل ذلك تعمد لتوظيف الحكومات الفاسدة والأنظمة الدكتاتورية بغض النظر عن التناقضات التي تدعو إليها.

 

ويبدو أن أوغندا لن تتخلص من قبضة موسيفيني وحكمه العسكري إلا بعد موته وتفكيك هذه المؤسسة المتجذرة في البلاد.