حملة معارضة كبيرة ضد الحكومة العراقية لمنعها من تنفيذ عمليات إعدام جماعية لمعتقلين سنة بدون محاكمات
لاقت قضية الإعدامات الجماعية في العراق التي كشفت عنها تقارير حقوقية وصحافية خلال الأسابيع الماضية، تفاعلاً واسعاً، رغم نفي رئاسة الجمهورية العراقية في بغداد لها.
وأعلنت عدد من القوى والشخصيات السياسية مطالب تتعلق بوقف حملات الإعدام، التي تتزامن مع ترقب التصويت على تعديل قانون العفو العام، بما يضمن إعادة محاكمة المعتقلين وضمان عدالة الأحكام بحقهم، وفقاً لبنود ورقة الاتفاق السياسي التي جرى الاتفاق عليها عام 2022 قبيل تشكيل حكومة محمد شياع السوداني.
وانطلقت حملة عراقية على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بوقف “الإعدامات التي تفتقد لأدنى معايير المحاكمات العادلة” واستندت إلى اعترافات تحت التعذيب وضغوط سياسية وهو ما كذبته الرئاسة العراقية.
ودشن ناشطون عراقيون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بإيقاف الإعدامات الجماعية التي تتم بشكل مستمر في البلاد خصوصًا لشباب السنة، حيث أكدت العديد من المنظمات المحلية والدولية أن هذه الإعدامات تمت بناء على ضغوط واعترافات تحت التعذيب.
وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا ومقاطع فيديو وشاركوا تقارير تحت هاشتاغ #أوقفوا_إعدام_سنة_العراق تتحدث عن الإجراءات غير القانونية التي أجريت خلالها.
وأصدر رئيس “المشروع الوطني” العراقي، جمال الضاري، بياناً قال فيه، إن “استمرار مسلسل الإعدامات في السجون العراقية، بوتيرة متسارعة، يؤكد أن الحكومة ومؤسسة الرئاسة غير جادين، بتجنيب العراق مخاطر الانقسام والضعف في مواجهة المخاطر الكبيرة التي تواجهه”. وأضاف “هذه المرحلة هي مرحلة الوحدة والتضامن الشعبي، لعبور التحديات القائمة والقادمة، وتنفيذ إعدام هذا العدد الكبير من العراقيين، برغم الشكاوى من اعتماد الأحكام على اعترافات تحت التعذيب، وادعاءات المخبر السري، وعلى خلفيات طائفية، كل هذا يزيد من الشرخ الاجتماعي ولا يساعد البلاد على التعافي ناهيك عن عبور الأزمات الراهنة”. وطالب بوقف تنفيذ أحكام الإعدام لحين صدور قانون العفو العام من مجلس النواب وعند توفر مراجعات شاملة للأحكام القضائية، والتحقيق الجاد والشامل في الشكاوى حول عدالة الأحكام.
وردت الرئاسة العراقية، يوم الخميس، عبر بيان، قالت فيه: “تداولت بعض الصفحات المشبوهة العائدة لبعض المطلوبين للقضاء وضباط المخابرات في زمن النظام السابق ممن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين، خبراً مفاده صدور مراسيم جمهورية بالجملة للمصادقة على أحكام الإعدام الصادرة على المحكومين بالجرائم الإرهابية.. نود أن نبين أن مثل هذه الأخبار الكاذبة التي يروج لها أعداء العراق إنما تسعى لإثارة الفوضى وخلط الأوراق وتحريك الشارع، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة”.
لكن البيان لم ينفِ أيضاً عمليات الإعدام، فقد قال إن “رئاسة الجمهورية لن تتوانى عن القيام بواجباتها في المصادقة على أحكام الإعدام على الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين الأبرياء، بعد أن يستوفي الحكم الإجراءات القانونية كافة من تمييز وإعادة محاكمة وعرض على لجنة العفو الخاص، ورئيس الجمهورية بصفته حامياً للدستور وحريصاً على استكمال الإجراءات القانونية بحق المحكومين، وهو مسؤول عن حماية دماء العراقيين الأبرياء والقصاص من قتلتهم”.
وكشف مرصد “أفاد” لحقوق الإنسان في العراق، في وقت سابق، عن تنفيذ السلطات العراقية ما لا يقل عن 50 عملية إعدام في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، واعتبرها من بين أوسع عمليات الإعدام التي تُنفّذ في البلاد منذ 2003، مُحملاً رئاسة الجمهورية مسؤولية تسريع وتيرة عمليات الإعدام في البلاد لغايات سياسية. وفي الشهر الماضي، أكدت وكالة فرانس برس نقلاً عن مصادر أمنية عراقية أن السلطات العراقية نفذت حكم الإعدام بحق 21 شخصاً، بينهم امرأة، مدانين بجرائم أغلبها “الإرهاب”.
في وقت سابق من هذا العام، وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش استئناف الإعدامات الجماعية في العراق بـ”التطور المريع”، وشددت على أنه ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فوراً عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، وأشارت إلى أن الظلم الهائل خلال تنفيذ أحكام الإعدام تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة.
ومن المقرر أن ينفذ النظام العراقي مجزرة كبيرة بحق المعتقلين الذين ينتمون إلى المكون السني، إذ يعتزم قتل 1500 شاب سني خلال شهري (أكتوبر ونوفمبر) من هذا العام، في ظل عمليات ممنهجة سرية وغير معلنة.
ونقل المرصد، عن موظف في سجن الناصرية تحدث عبر الهاتف، قوله إن المعتقلين الذين تم إعدامهم جرى تسليمهم لذويهم في اليوم التالي من دائرة الطب العدلي، وتم إبلاغ ذويهم بجلب بطانية معهم، إلى جانب دفع رسوم مالية لاستخراج شهادة الوفاة.
كما أظهرت التحقيقات، وفق التقرير، أن رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد وقّع على إعدام المعتقلين بناء على توصيات وضغوطات سياسية من جهات طائفية داخل بغداد، وبعضها من فصائل مسلحة، رغم وجود أدلة وعرائض قدمها المعتقلون تؤكد تعرضهم للتعذيب وانتزاع المعلومات تحت الإكراه، وتوقيعهم على أوراق مكتوبة مسبقا.
ويسيطر على العراق الشيعة وإيران منذ سلم التحالف الدولي البلاد ذات لهم. لمنع صعود سني في المنطقة بعد سقوط نظام صدام حسين على إثر الاحتلال الأمريكي للعراق.
وكالات الأنباء ومواقع التواصل