لا قيمة للمؤسسات الدولية كمحكمة العدل الدولية حين تصادم مصالح الغرب

 

قضت محكمة العدل الدولية بأنه يتعين على الاحتلال الإسرائيلي أن يوقف “على الفور” هجومها العسكري أو أي أعمال أخرى في رفح، مشيرة إلى “الخطر المباشر” على الشعب الفلسطيني.

كما أمرت المحكمة الاحتلال بفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، إلى جانب ضمان وصول أي لجنة تحقيق أو تقصي حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية.

ووفقا لقرار المحكمة يتوجب على الاحتلال أن تقدم للمحكمة خلال شهر تقريراً عن الخطوات التي ستتخذها.

وأضافت المحكمة بأن الاحتلال لم يؤمن معلومات كافية بشأن سلامة المواطنين خلال عمليات إجلاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وذكرت بأن الإجراءات المؤقتة التي أقرتها في مارس/آذار الماضي “لا تستجيب” تماما للتطورات الأخيرة.

ولا شك أان القرار يُمثل إجماعاً دولياً على مطلب وقف الحرب الشاملة على غزة.

وبعيدا عن جمع ردود الاحتلال الإسرائيلي لقرار محكمة العدل التي اتفقت كلها في تجريمه، يكفينا وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، الذي وصف قرار محكمة العدل الدولية بأنه “انهيار أخلاقي”.

وأضاف: “إسرائيل هي التي تعرضت لهجوم وحشي من غزة وكان عليها أن تدافع عن نفسها ضد منظمة إرهابية فظيعة تقتل الأطفال وتغتصب النساء ولا تزال تطلق الصواريخ على المدنيين الأبرياء”.
مع العلم أن نتيجة تحقيقات الأمم المتحدة أكدت أن جميع التقارير التي تتحدث عن الاغتصاب كاذبة، ولم يثبت قتل الأطفال.

وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية لوكالة رويترز، الخميس، إنه “لا توجد قوة على وجه الأرض ستمنع إسرائيل من حماية مواطنيها وملاحقة حماس في غزة”.

من جانبه قال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الجمعة، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي الاختيار بين احترام دعم الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الدولية أو دعمه لإسرائيل.

وأضاف بوريل: “ماذا سيكون الرد على حكم محكمة العدل الدولية الذي صدر اليوم، ماذا سيكون موقفنا؟ سيتعين علينا الاختيار بين دعمنا للمؤسسات الدولية لسيادة القانون أو دعمنا”.
لكن الرد الصريح على قرار المحكمة جاء من السيناتور الأمريكي غراهام الذي قال: “إذا سمحنا للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو – فسوف يتم القبض علينا بعد ذلك”.

ولا شك أن عبارة غراهام تلخص لنا واقع النظام الدولي ومؤسساته من جهة معرفة الساسة بحقيقة إجرامهم وفسادهم ومن جهة أخرى تبرؤهم من قرارات مؤسسات النظام نفسه حين تخالف أهواءهم ومصالحهم.
ولذلك أعلنت قيادة الولايات المتحدة أن: المحكمة الجنائية الدولية لها الحق في محاكمة روسيا، وليس إسرائيل.
وتم تهديد المدعي العام، حيث قال مدعي الجنائية الدولية: “زعماء غربيون هددوني.
أبلغوني أن المحكمة أُنشئت من أجل أفريقيا وأمثال بوتين”.
ومن جانبها ردت روسيا بقول: استعداد أمريكا لفرض عقوبات على الجنائية الدولية شيء غريب جداً.

نحن أمام مشهد فضح كذب جميع التصريحات وحقيقة المؤسسات الدولية في منظومة الهيمنة، فمحكمة العدل الدولية وإن حصلت على الإجماع في إيقاف الحرب على رفح فإنها لن تقدم شيئا في واقع تعارض فيه واشنطن وحلفها قرارات المحكمة وتجهضها بانحطاط أخلاقي صارخ.

ففي رفح يتكدس مئات الآلاف من النازحين في خيم وحصار، بينما الآلة العسكرية الصهيونية لا تفرق بين مدني ومقاتل. ولم تشبع ولم ترتو بعد من دماء أهل غزة لتشفي غليلها في حرب كشفت الكثير من النفاق الدولي والانحطاط الأخلاقي للدول الغربية وللاحتلال الصهيوني.

ومحكمة العدل الدولية، هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، لاتزال قراراتها تنشط في باب الإدانة، ولا تخرج تطبيقاتها عن إرادة واشنطن وحلف الهيمنة الغربي. ولا يزال المسلمون أبرز ضحايا تسلط هذا النظام الدولي الظالم والفاسد.

الخلاصة مما سبق أن منظمات الأمم المتحدة عاجزة عن تطبيق قوانينها بحرية فكيف يمكنها أن تحرر دولا من ظلم أو اعتداء ما دام المحتل والجاني هو الغرب.

ولذلك لا تحظى هذه المنظومات بثقة الشعوب المستضعفة لأنها ترى فيها مجرد وسيلة لتزيين جرائم الاحتلال والهيمنة الغربية وإن كانت غزة قد أزاحت القناع لنرى بشاعة المشهد الدولي..!

لاشك أن ثقة الشعوب في الأمم المتحدة ومنظماتها وفي الغرب قد تزعزت فعلا، ولن يمكن للولايات المتحدة تصحيح هذه الأحكام بعد اليوم، كل ذلك ثمن ستدفعه على جرائمها التي امتدت لعقود في هذا العالم!

 

زيد عبد العزيز