الحكومة الصومالية تعاني الشهر الأصعب من معدلات الهجمات الاستشهادية
نشرت صحيفة الحرب الطويلة، “لونغ وور جورنال”، مقالة تسلط الضوء فيها على ما وصفته بـ”الشهر الأصعب” على الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، لارتفاع معدل العمليات الاستشهادية التي نفذها مقاتلو حركة الشباب المجاهدين ضد القوات الحكومية ومسؤوليها خلال شهر سبتمبر.
وبحسب الصحيفة، في سبتمبر 2023 عانت الحكومة الصومالية، أكبر عدد من العمليات الاستشهادية في شهر واحد، وهي العمليات التي بدأت الحركة الجهادية استخدامها منذ 2006، حيث تم تسجيل 14 عملية استشهادية في شهر سبتمبر. وهو أكبر عدد من العمليات الاستشهادية في شهر واحد، في الصومال منذ 17 سنة.
وتم استخدام نصف عدد هذه العمليات في وسط الصومال، حيث تجري أكبر حملة عسكرية ضد حركة الشباب. بحسب الصحيفة.
واستهدفت العمليات الاستشهادية القوات الحكومية أو المسؤليين الحكوميين في حين استخدمت عمليتان منهما ضد القوات الإثيوبية، على قافلتين منفصلتين في جنوب الصومال.
وأشارت الصحيفة إلى أن حصيلة هذه العمليات، خلفت 70 قتيلا، إلا أن بيانات حركة الشباب المجاهدين تؤكد على أن الهجوم في ولاية باكول، على قوافل القوات الإثيوبية، تم بعملية استشهادية واحدة وكبّدت الإثيوبيين، 248 قتيلا.
كما سبق أن نفذ مقاتلو الحركة عملية استشهادية أخرى على القوات الإثيوبية في ولاية جذو أدت إلى مقتل 123 من القوات الإثيوبية إضافة إلى الجرحى والخسائر المادية.
حيث تعمد قيادات الدول التي تعرضت قواتها لهجمات حركة الشباب، إلى تخفيف عدد خسائرها لتخفيف أثر الصدمة.
وترى الصحيفة أن هذا العدد المرتفع من العمليات الاستشهادية، يسلط الضوء على أمرين:
الأول: أن استمرار الاشتباكات والمعارك في وسط الصومال، في الحملة الكبيرة ضد حركة الشباب، لم يعد يحقق النتائج التي حققتها الحملة في البداية. ما سمح بإعطاء مساحة لحركة الشباب لإعادة تنظيم قواتها والحصول على درجة من الحرية لحركتها. التي استثمرتها حركة الشباب في شن هجمات استشهادية خاصة لتعطيل تقدم كل القوات التي تحاول الهجوم عليها.
وبحسب الصحيفة، نفذت حركة الشباب 4 عمليات استشهادية منفصلة لاغتيال كل من القادة السياسيين الإقليميين والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.
وبالفعل استهدفت حركة الشباب، بعمليتين استشهاديتين، حسن شيخ محمود، خلال زيارتيه إلى محاس ودوسمريب، بوسط الصومال، وتسببت العمليتين في مقتل عدد من مرافقيه والقوات التي تحرسه.
والثاني: أن بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال “أتميس” التي بدأت المرحلة الثانية من سحب قواتها في سبتمبر، حيث من المقرر سحب 3000 من قوات أتميس من الصومال. ولاستغلال الفرصة أصبحت حركة الشباب أكثر عنفا في هجماتها للاستفادة من انسحاب أتميس من الصومال. وحاول العديد من الأعضاء في أتميس، التصدي لخطة حركة الشباب بالمطالبة بإيقاف انسحاب القوات، لكن الاتحاد الإفريقي بنفسه أوقف هذه المحاولات. بحسب الصحيفة.
وكانت الحكومة الصومالية قد تقدمت بطلب لمجلس الأمن للأمم المتحدة لتأجيل انسحاب القوات من الصومال لمدة 3 أشهر، وأحالها المجلس إلى الاتحاد الإفريقي، المعني بالأمر بشكل مباشر، ورد الاتحاد الإفريقي بالموافقة على الطلب، بشرط أن تدفع الحكومة الصومالية تكاليف بقاء هذه القوات.
وبحسب الصحيفة، بالنظر إلى الأمرين، فإن ضعف الظروف الأمنية، ناسب حركة الشباب التي ضربت بقوة ضد الحكومة وحلفائها، ما سمح لفرع القاعدة بمضاعفة، عملياته التكتيكية الاستشهادية.
كما تمكنت حركة الشباب من تأكيد بقاء قدرات قوتها بعيد المدى، وقوة رسالتها العقدية المستمرة لتجنيد المزيد من الجنود في برنامج العمليات الاستشهادية. بحسب الصحيفة.
حملة حركة الشباب بالعمليات الاستشهادية
ورصدت الصحيفة، عمليات حركة الشباب المجاهدين الاستشهادية منذ 2006، بالاستناد إلى المصادر المفتوحة من التقارير الإخبارية، وبيانات حركة الشباب، حيث استخدمت حركة الشباب 411 استشهادية على الأقل في 341 عملية منفصلة على امتداد محور الزمن. بما في ذلك 36 عملية فشلت، ويبدو أن الأرقام أعلى من هذه لكون بعض العمليات لم يتم تغيطتها أو تبني مسؤوليتها. بحسب الصحيفة.
وقتل نحو 3000 في عمليات حركة الشباب، وهو تقدير محافظ، والرقم في الواقع أكبر بكثير، بحسب الصحيفة.
كما وقعت هذه الهجمات في أغلب مناطق الصومال، ونجحت الحركة أيضا في تنفيذ هجماتها في أوغندا وجيبوتي، وتمكنت إثيوبيا وكينيا من تعطيل عدة محاولات، بحسب الصحيفة.
كما نفذت الحركة على الأقل 4 عمليات استشهادية منفصلة في داخل أراضي صومالي لاند الإقليم الانفصالي الذي انفصل عن الصومال منذ عام 1991. بحسب الصحيفة.
وبحسب الصحيفة استخدمت الحركة الهجمات الاستشهادية على القواعد العسكرية، والفنادق الحكومية والمؤسسات الحكومية، وتمت أغلب العمليات بالسيارات المفخخة، ونسبة قليلة تمت من خلال الأحزمة الناسفة، وفقط 5 هجمات استخدمت فيها الدراجات النارية، أو ما يعرف بـ”توك توك”، وواحدة تمت باستخدام حاسوب مفخخ في الطائرة.
وبحسب الصحيفة، تمثل حملة حركة الشباب من العمليات الاستشهادية أكبر وأقوى حملة في فروع القاعدة، وتقف حركة الشباب المجاهدين اليوم كواحدة من أصعب الهجمات الاستشهادية في العالم. ومع الجماعة تسعى للقوة في الصومال، فإن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع.
عمليات حركة الشباب الاستشهادية تستهدف الأعداء لا المدنيين
وكانت دراسة حديثة نشرها مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، بعنوان: “الإرهاب المستهدف: الاستشهاديين في حركة الشباب المجاهدين”. قد سلطت الضوء على السلاح الجهادي الفتاك الذي يثخن في القوات الحكومية والدولية المعادية.
وأشارت الدراسة إلى أنه وبالرغم من الإدارك التام لجدية التهديد الذي يمثله الاستشهاديون في حركة الشباب المجاهدين، إلا أن المعلومات حول كيف ومتى تقرر حركة الشباب استعمال تكتيك العمليات الاستشهادية تعد قليلة، وهذا ما دفع الباحثين لجمع المعلومات اللازمة واستخلاص التحاليل والنتائج الهامة لتسليط الضوء على الموضوع.
وسجلت الدراسة تاريخ 18 سبتمبر 2006، كتاريخ أول عملية استشهادية نفذتها حركة الشباب المجاهدين، في حين نفذت الحركة خلال الفترة الممتدة بين سبتمبر 2006 وأكتوبر 2017، على الأقل 155 عملية استشهادية قادها 216 استشهادي. بمعدل من 0 إلى 4 عمليات في الشهر الواحد.
طبيعة الأهداف
كما سلطت الدراسة الضوء وبشكل رئيسي وبالاعتماد على المعلومات حول العمليات الاستشهادية لحركة الشباب المجاهدين على أهداف هذه العمليات، مؤكدة على أن الاستشهاديين في الحركة يستهدفون غالبا، أعضاء ورموز الحكومة الصومالية ومسؤولي القطاع الأمني وكذلك المؤسسات والبنايات التابعة للحكومة الصومالية، التي يتوجه إليها تقريبا 36.6 % من الاستشهاديين. كما تستهدف هذه العمليات الاستشهادية أعضاء ورموز المجتمع الدولي بما فيهم الأعضاء والمسؤولين في أميصوم (القوات الإفريقية)، والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، والتي يتوجه إليها حوالي 24.5% من الاستشهاديين. إضافة للمساحات التي تجتمع فيها الأهداف السابقة، مثل الفنادق والمطاعم والتي يتوجه إليها حوالي 32.4% من الاستشهاديين.
استهداف العدو لا المدنيين
وتؤكد الدراسة على أن المتابعة والتحاليل الخاصة بالمعلومات التي جمعت حول العمليات الاستشهادية تبين بأن جهود العمليات الاستشهادية لحركة الشباب المجاهدين، تُظهر بأنها مخططة بشكل تكتيكي لاستهداف وتفكيك مؤسسات عدو خاص بعينه، وخاصة الأعضاء التابعين له، وليست فقط لإثارة الصدمة واستهداف المدنيين.
من جهة أخرى تضيف الدراسة بأنه يبدو واضحا أن العمليات الاستشهادية لحركة الشباب المجاهدين لا تستهدف المدنيين غير المقاتلين بشكل عشوائي.
يذكر أن مؤسسة الكتائب، الجناح الإعلامي لحركة الشباب المجاهدين سبق أن نشرت صورا لحفل تخرج معسكر “ربحي بن عامر رضي الله عنه”، تظهر فيه كتيبة الاستشهاديين التي تضم مئات المقاتلين المستعدين لتنفيذ هجمات على أعدائهم، تخرجوا للتو من المعسكر الذي تخرج منه مئات المقاتلين المدربين تدريبا عاليا لخوض حرب عصابات طويلة الأمد في سبيل إقامة نظام الشريعة الإسلامية الكامل والمستقل في البلاد وإجهاض محاولات التحالف الدولي منع إقامة هذا النظام الإسلامي لإبقاء الصومال تحت وطأة الهيمنة الغربية.
ولا يزال التحالف الدولي عاجزا عن مواجهة العمليات الاستشهادية على الرغم من توالي استراتيجيته القتالية في الصومال دون جدوى.