الرئيس الجيبوتي في مقابلة: الأشهر المقبلة حرجة للغاية في الصومال وإلا سنشهد تكرارًا لما حدث في أفغانستان بل أشد
نشرت قناة “تي آر تي العالم” التركية، باللغة الأنجليزية تقريرها من برنامج “شؤون إفريقيا” الذي تضمن لقاء حصريًا مع الرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر جيلة.
وجاء اللقاء مع إسماعيل جيلة الذي يحكم جيبوتي في ولايته الخامسة، لمناقشة كيف يدير الرئيس السياسات المحلية والإقليمية والدولية.
وفي مقدمة تقريرها عرفت مراسلة القناة بجيبوتي، الدولة التي تضم أكبر عدد من القواعد العسكرية الأجنبية على ترابها على الرغم من صغر مساحتها. وذلك لأهمية موقعها الاستراتيجي في القرن الإفريقي.
التعريف بجيبوتي
وعرفت المراسلة بجيبوتي على أنها دولة صغيرة تضم نحو مليون نسمة فقط من السكان، وهي دولة تعيش الاستقرار وتقع بين جيرانها: إريرتيا، إثيوبيا، الصومال، واليمن. وتضع يدها على باب المندب، الممر المائي الاستراتيجي نحو البحر الأحمر وقناة السويس. ما يسمح بتحرك السفن بين أوروبا وآسيا، ونقل النفط من الشرق الأوسط إلى أوروبا وشمال أمريكا، عبر باب المندب إلى قناة السويس في مصر.
وتستضيف جيبوتي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، وكذلك قاعدة عسكرية صينية هي الأولى خارج حدود الصين، وقاعدة عسكرية يابانية هي الأولى أيضا خارج حدود اليابان منذ الحرب العالمية الثانية.
وتملك فرنسا أيضا قاعدة لقواتها في جيبوتي، وكذلك إيطاليا، وتتشارك جميع هذه الدول، إلى جانب مصالحها العسكرية والأمنية، في مكافحة القرصنة، وحركة الشباب المجاهدين في المنطقة بحسب ما نقلت المراسلة.
اللقاء مع الرئيس الجيبوتي
وفي سؤالها الأول الموجه للرئيس الجيبوتي، إسماعيل عمر جيلة، وجهت المراسلة سؤالها بشأن الصومال، وانسحاب قوات بعثة الاتحاد الإفريقي “أتميس” التي تقاتل ضد حركة الشباب المجاهدين.
وفي رده على سؤالها قال عمر إسماعيل جيلة: إن الأشهر المقبلة حرجة للغاية، وإلا سنشهد تكرارًا لما حدث في أفغانستان، عندما انسحبت القوات الأمريكية من البلاد بدون إعداد، وفي الصومال سيكون الأمر أشد، فجميع آمال الناس ستتحطم.
وخلصت المراسلة قائلة: إذا أنت تدعم تأجيل سحب قوات أتميس من الصومال؟
فرد إسماعيل عمر جيلة: على الأقل لثلاثة أشهر للتعامل وقبول أن القوات الأفريقية عليها أن تعود لبيتها.
وقالت المراسلة: لقد أصبحت جيبوتي مؤخرًا رئيسة “إيغاد”، وأنت هو القائد، وتحت قيادتك، تجري عملية سلام طموحة للغاية في السودان، وهذا منذ 5 أشهر.
وقاطعها الرئيس الجيبوتي: السودان!
فقالت: نعم! منذ 5 أشهر، أسأل إن كنت تعتقد أنكم تحققون تقدما بهذا الشأن.
فقال: إنه سؤال حساس للغاية، ومشكلة حساسة للغاية، صعب جدًا معالجتها، بسبب تدخل العديد من الشركاء واللاعبين، والسوادن الآن في حالة سيئة جدًا، ونحن نسعى لحل هذه الأزمة بالحوار وليس بالقوة. وبدون حوار لا يوجد هناك سلام، وبدون حوار لا يوجد هناك حل للمشكلة. وبدون حوار لا يوجد هنا طريق لتحقيق أهدافنا، من مشاهدة السلام في سبيل الشعب السوداني.
وسألت المراسلة: أزمة سد النهضة في إثيوبيا تهدد المنطقة من جديد، مع مصر التي تعبّر مؤخرًا عن استياءها من ملء السد. أعلم كم هي مرتبطة إثيوبيا بجيبوتي، وكم هي جيبوتي مرتبطة بإثيوبيا، كم هو كلاكما مهم لاقتصاد بعضكما البعض. وأتساءل في الوقت الذي كانت فيه الأزمة تشتعل ما هي الخطوات التي اتخذتها لتقريب النوايا؟ والآن يظهر أنها تبدأ تتصاعد من جديد، ما الذي ستفعله لجعل الأمور تسير؟
وأجاب إسماعيل عمر جيلة: لدى مصر وإثيوبيا مئات أو آلاف السنين معًا، يشتركان في الماء من نهر النيل، والديانة، وهو أمر طبيعي أن تحدث مشاكل بين بلدين متقاربين للغاية وبين علاقاتهما. سد النهضة موجود هنا الآن، إنها حقيقة، كيف نتعامل معها؟ وهل مصر تعرضت للعدوان إلى الآن، لا، لم نعرف ذلك. ولكن بدون حوار، بدون تفهم لموقف الطرفين، إثيوبيا تقول نحتاج لتطوير بلادنا بهذه المياه، والتي لم نلمسها أبدًا، ومصر تقول إنها قضية حياة أو موت.
وقالت المراسلة: في ذورة هذه الأزمة، نتحدث عن تطور صناعات الطاقة، وأيضا المشاركة في المياه، التي تعتبر ثورة حياتية جدًا في المنطقة، وكنت أتساءل ما هو دور المشروع الجيبوتي الإثيوبي الذي أطلق حديثا، “بان ويند فارم”.
وأجاب إسماعيل عمر جيلة: إنها رحلتنا الطويلة لنحقق الاكتفاء الذاتي، في الطاقة وخاصة في الطاقة الخضراء، لدينا مشروع الطاقة الشمسية، الذي سينطلق في الأشهر الثلاث المقبلة، أو في أقل من ذلك. لدينا برنامج “جيوثرمال”، لدينا الرياح، ولدينا العلاقة الداخلية مع إثيوبيا أيضا، لتجتمع كل هذه العناصر لأجل أن تقودنا إلى الاكتفاء الذاتي والاستقلالية في مجال الطاقة.
وسألت المراسلة: ماذا تقول عن حملة الانقلابات التي تعيشها المستعمرات القديمة لفرنسا في إفريقيا، هل أنت متفاجئ أم قلق؟
وأجاب الرئيس الجيبوتي: الآن هو الوقت لتبدأ أيضا مراجعة علاقة فرنسا مع القارة الإفريقية، لقد حاولوا الشرح، لكنها لم تستجب. فالآن فرنسا مضطرة للاستماع. ولفهم أو لتحاول فهم لماذا جاءت روسيا بالأمس وأخذت كل الشركاء المتعاونين مع فرنسا في الدول الإفريقية. الآن أعتقد أن القيادة في فرنسا عليها أن تفهم كيف يمكنهم أن يصنعوا جوًا جديدًا وشراكة جديدة معها كدول مستقلة، يمكنها أخذ القرارت بنفسها ولمستقبلها.
وسألت المراسلة: كرئيس لمن تريد أن تكون شرعيتك؟
وأجاب الرئيس الجيبوتي: يجب أن تكون فقط لذكائنا، وإيجاد الطريقة لتطوير بلداننا، باستخدام تمويلنا الخاص، ومواردنا لنكون مكتفيين ذاتيًا.
وسألت المراسلة: كيف يمكنك وصف، علاقتك، علاقة جيبوتي مع تركيا.
وأجاب الرئيس الجيبوتي: عندما أصبح أردوغان رئيسًا، وضع بلاده في الطريق الصحيح، والشرعي وكدولة من دول الشرق الأوسط، وكدولة أوروبية آسيوية، فهي حساسة للغاية، نقول بالفرنسية “سونسيبل”(حساسة)، بالنسبة للعلاقات مع الدول الإفريقية، والدول المسلمة، فهي علاقات وقيادة جيدة لتركيا في منطقتنا، وهي أكثر من مُرْضِية، لذلك نريد أن نطور في اليد علاقتنا المصلحية لكل منا.
وكان هذا آخر سؤال تطرحه المراسلة من القناة التركية على الرئيس الجيبوتي.
وانتقلت المراسلة بعد ذلك لتكمل تقريرها بتسليط الضوء على الاقتصاد في البلاد وعلى أهمية ميناء جيبوتي وطموحاته التي يعمل على تحقيقها في المستقبل ليتحول من مجرد ميناء يسد احتياجات جيبوتي وجوارها من المواد المستوردة، إلى مركز عالمي للشحن.