تقرير: الولايات المتحدة بحاجة لاستراتيجية في الصومال .. فمكافحة الإرهاب لوحدها لن تحقق أبدًا السلام

سلط مقال لـ”فورين أفارز” الضوء على الصراع الدائر في الصومال والسياسات الأمريكية لمنع الحكم الإسلامي في البلاد.
وبحسب المقال فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن خفض تدخل الولايات المتحدة في بعض صراعات ما بعد 11 سبتمبر، باستثناء ساحة الصومال، التي تدخل فيها الجيش الأمريكي منذ 16 سنة لشن حرب على حركة الشباب المجاهدين، التمرد الإسلامي الذي ظهر منذ 2006.
وتحت توجيهات بايدن، لا تزال القوات الأمريكية تقود عشرات الضربات الجوية كمعدل في كل عام، وتتكلف ملايين الدولارات والمعدات للقوات الصومالية المعروفة باسم “دناب”.
واستمر وصف الصومال كدولة في حالة حرب مع الإرهاب. وكان تركيز إدارات جورج بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب على مناطق أخرى، والنتيجة، فشلت الولايات المتحدة في صياغة استراتيجية طويلة المدى تركز على حل الصراع في الصومال. بحسب المقال.
وفي الوقت نفسه، استجاب الرؤساء بعنف ضد تهديد حركة الشباب، ما سمح بربط العلاقات بين المقاتلين المحليين والقاعدة، يدفعهم تدخل قوات إثيوبيا والاتحاد الإفريقي والقصوفات الجوية.
والآن تحولت الولايات المتحدة لاستيعاب الصراع بإدارة المشكلة ببساطة من خلال استراتيجية الاحتواء، بحسب المقال.
في الشهر المقبل سيجتمع ممثلو الدول الأكثر تأثيرًا أمنيًا في الصومال، وهي قطر وتركيا والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة، مع القادة الصوماليين في أنقرة. وفي هذا الاجتماع، على واشنطن أن تعرض خطة للسلام. تعتمد على الاستقرار والمصالحة. وليس فقط على إجراءات مكافحة الإرهاب. بحسب المقال الذي أكد أن الحقيقة هي أن حركة الشباب لا يمكن هزيمتها من خلال الوسائل العسكرية.
وعلى الولايات المتحدة إذا ما أرادت سحب قواتها نهائيا من الصومال بشكل جيد، عليها أن تذهب إلى ما بعد المعالجة العسكرية، وأن تطور استراتيجية تعطي الأولوية للمصالحة، ومساعدة مقديشو للاستقرار مرة أخرى. وعلى واشنطن أن تدعم نمو السلام في الصومال الذي يمكنه أن يعمل بذاته. بحسب المقال.
إن تدخل الحكومة الأمريكية في الصومال، بلغ مستويات قياسية حتى قبل صعود حركة الشباب، بعد سياد بري، الدكتاتور العسكري العنيف، الذي حكم الصومال لعقدين من الزمان، ثم سقط حكمه في التسعينات، وبعد أن سقطت الدولة الصومالية، غرقت في حرب أهلية. وفي 1993، استذكر المقال حادثة المروحيات بلاك هوك التي أفزعت القوات الأمريكية، حيث أسقطت في مقديشو، وقتل في تلك الأيام من القوات الأمريكية أكثر من أي معركة منذ حرب فيتنام. بحسب المقال.
في العقد التالي سيطر المقاتلون الإسلاميون الذين لدى بعضهم علاقات مع القاعدة، على الصومال، ولا تزال ذكريات البلاد هوك تؤثر في السياسة الأمريكية.
وفي 2004، اعترف المجتمع الدولي بالحكومة الانتقالية في الصومال، المدعومة بقوة من إثيوبيا لكن هذه الحكومة لم تتمكن أبدا من أن تؤسس نفوذها. وفي عام 2006، قام اتحاد المحاكم الإسلامية، وهو اتحاد للمحاكم الشرعية المحلية، تدعمه قوة مقاتلة، وسيطر على مقديشو ما دفع الحكومة الانتقالية للفرار للشمال الغربي. بحسب المقال.
وأقام اتحاد المحاكم الإسلامية نظام الشريعة الإسلامية، وحقق بعض الاستقرار في الصومال فيما يعد أول استقرار للبلاد منذ 15 سنة من الفوضى. وأثرت ذكريات البلاك هوك مرة أخرى في سياسات الولايات المتحدة خلال إدارة بوش، واعتبرت إثيوبيا اتحاد المحاكم الإسلامية نظاما غير مقبول بالقرب منها، وأرسلت قواتها لإسقاط اتحاد المحاكم الإسلامية. ودخلت إثيوبيا الصومال بدعم أمريكي، تضمن الدعم العسكري والتدريب والاستخبارات والقصوفات الجوية. بحسب المقال.
وفي 2007 أيضا دعمت الولايات المتحدة ومجلس الأمن للأمم المتحدة قوات بعثة الاتحاد الإفريقي، للتدخل في الصومال. وانتهى الغزو الإثيوبي بازدياد قوة الجماعة الإسلامية. وسقط الجناح المدني لاتحاد المحاكم الإسلامية لكن جناحها العسكري استمر وقاد المقاومة. بحسب المقال.
كان يمكن لبوش أن يدفع باتجاه المزيد من الحوار بدل التدخل العسكري. لكن إدارته ركزت على علاقة بين الشباب والقاعدة، لتعميق التدخل العسكري كمنهج في الصومال. وفي مارس 2008  صنفت الحكومة الأمريكية حركة الشباب كمنظمة إرهابية، بحسب المقال.
واستمرت الحرب مع حركة الشباب، وتوسعت. وفي عام 2010 نفذت الحركة أول هجوم لها خارج الصومال. وكان ذلك في هجمات أوغندا، ثم كرد على تصاعد التهديد من حركة الشباب، رفع أوباما عدد الضربات الجوية، وسيطرت قوات الاتحاد الإفريقي على العاصمة مقديشو بينما سيطرة قوات كينيا على كيسمايو. وفي 2012، أعلنت حركة الشباب البيعة للقاعدة. بحسب المقال.
خلال إدارة أوباما كان الهدف تمديد مهمة الاتحاد الإفريقي، على أمل أن تتمكن الجهود المركزة على بناء قوات خاصة من الجيش الصومالي تسمح بقتال حركة الشباب. وهي وحدات دناب. وخلال رئاسة أوباما الثانية، زادت الضربات الجوية بشكل كبير، وفي 2016، صنفت إدارة أوباما حركة الشباب كقوة مشتركة مع القاعدة، ما يسمح بتبرير الهجمات القاتلة ضد أي فرد من الحركة ويوسع من العمل العسكري في الصومال. بحسب المقال.

 

المشي نائما في الحرب

 

رفع ترامب من القيود على الضربات الجوية، وارتفع عدد الضربات بشكل أكبر بكثير لم تعرفه 16سنة من إدارة بوش وأوباما، حيث وصلت عدد الضربات منذ 2017 إلى 2020، إلى 219 ضربة. ومع ذلك تمكنت الحركة من التأقلم مع هذه الهجمات، وشنت العشرات من الهجمات من جانبها على أهداف عسكرية كبيرة لأعدائها. ومع الوقت بدأت قوات الاتحاد الإفريقي بمواجهة التردد من أكبر مموليها، الاتحاد الأوروبي، مع عدم إحرازها تقدما ضد حركة الشباب. بحسب المقال.
وأرسلت الولايات المتحدة مليارات الدولارات بأشكال مختلفة للحكومة الصومالية، لكن كل ما قدمته الولايات المتحدة لم يدعم الحكومة في عملية بناء أمنها كحكومة في عهد محمد فرماجو. بحسب المقال.
في ديسمبر 2020، أمر ترامب بسحب القوات من الصومال لكن قائد أفريكوم، الجنرال ستيفن تاونسند، استمر في إرسال قوات للبلاد. لمواصلة التدخل الأمريكي. وعند استلام بايدن أعاد القوات للصومال وقلب قرار ترامب، بحسب المقال، الذي أشار إلى أن مجلس الأمن القومي في إدارة بايدن كان يقوده المسؤولون عن مكافحة الإرهاب وليس الخبراء في شرق إفريقيا. لذلك كان قرار إعادة القوات للصومال وهو القرار الذي دعمه ستيفن تاونسند. بينما كان أغلب المسؤولين الأمريكيين لا يعتقدون أن الشباب يملكون القدرات لتوجيه تهديد مباشر للولايات المتحدة، لكن لا أحد من المسؤولين جادل تاونسند في حججه. بحسب المقال.
 في ماي 2022 أرسل بايدن عدة مئات من القوات الأمريكية من جديد لصومال. ومع ذلك استمرت حركة الشباب في البلاد، وفي صيف 2023، أطلقت الحكومة الصومالية حملة للسيطرة على مناطق حركة الشباب، بدعم القوات الأمريكية.
وبحسب المقال قد تخرج هذه الحملة حركة الشباب من عدة مناطق لها في الصومال إلا أن الحكومة غير قادرة على حفظ تمكينها فيها. حيث تعود حركة الشباب من جديد للسيطرة.
ففي الأسابيع الأخيرة استعادت حركة الشباب السيطرة على عدة مدن وبلدات كانت تحت سيطرة الحكومة. وبحسب المقال الذي سرد جانبا من تاريخ الصراع في الصومال، فإنه من الأفضل للصومال أن تكسر هذه الدورات العبثية، وأن تعتمد واشنطن استراتيجية للتقدم، وكخطوة أولى، ينصح بأن تجعل أولية أولوياتها، دعم الحكومة الصومالية في التمكن من حفظ سيطراتها على المناطق التي تدخلها، وتقديم ما يجذب الشعب الصومالي بتوفير خدمات ومساعدات للسكان. وبحسب المقال على الحكومة الأمريكية تقديم المزيد من الدعم الحكومة لدعم المصالحة في المجتمعات الصومالية.
وستكون أصعب خطوة لواشنطن – بحسب المقال- هي معرفة حقيقة أن مقديشو سيكون عليها التفاوض مع حركة الشباب، لوضع نهاية للحرب. وهي مفاوضات يجب أن تقودها الجهود الصومالية، وأنه على واشنطن إن لم تحذف الحركة من قوائم الإرهاب فعلى الأقل أن توقف ترصدها للمفاوضين من حركة الشباب.
وفي الختام أوضحت المقالة أنه على الولايات المتحدة أن ترسم سياسة أكثر استيعابا لواقع الصومال، لتحقق السلام، وإلا فإن الصومال تخاطر بأن تصبح فشلا آخر في الحرب على الإرهاب مثل الكثير من الحملات الفاشلة على الإرهاب فيما بعد 11 سبتمبر.