الحكومة الصومالية تستجدي “أتميس” تأجيل المرحلة الثانية من عملية سحب قواتها لمدة 3 أشهر للتعافي من خسائرها الأخيرة وتطالب بدعم مالي ولوجستي

بيان جديد للحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، وجه رسالة مناشدة لبعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال “أتميس” من أجل تأجيل المرحلة الثانية من عملية سحب قواتها، وذلك لمدة 3 أشهر حتى تتمكن القوات الحكومية من التعافي من خسائرها الأخيرة على يد حركة الشباب المجاهدين، كما طالب البيان بدعم مالي ولوجستي للقوات حتى تتمكن من الصمود في حربها ضد الحركة.
وجاء في البيان:”الحكومة الفدرالية الصومالية، تطلب بشكل رسمي، إيقاف مرحلي لمدة 3 أشهر لعملية سحب 3000 من قوات أتميس، بناء على قرار الأمم المتحدة 2687 (2023)”.
وأعلنت بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال “أتميس” يوم الأحد الماضي، انطلاق المرحلة الثانية من سحب قواتها من البلاد، حيث يجري حاليا سحب 3000 جندي من مختلف القطاعات للدول المشاركة بقوات في أتميس.
وقالت البعثة في بيان: “بدأنا المرحلة الثانية من انسحاب قواتنا التي بدأت بتسليم قاعدة “بيو عدي” إلى القوات المسلحة الوطنية الصومالية”.
وتقع القاعدة التي تم تسليمها في ولاية شبيلي الوسطى جنوب الصومال، وكانت تحت يد القوات البوروندية التي تعمل تحت مظلة أتميس.
وبحسب بيان الحكومة الصومالية فإن “طلب إيقاف سحب قوات أتميس يفرض نفسه لحاجة الحكومة الملحة لمعالجة التحديات الكبيرة التي طرحها تقرير (جي تي إي) (الدعم التقني المشترك)”، وهو تقرير مشترك لأتميس والحكومة الصومالية بشأن عملية انتقال المسؤولية الأمنية من قوات أتميس إلى القوات الحكومية.
وأكد بيان الحكومة الصومالية على أن خروج قوات أتميس يجب أن يتماشى مع الظروف الأمنية لكل منطقة، لضمان انتقال سلس للمسؤوليات الأمنية ليد الحكومة الصومالية.
وأشار البيان إلى أن القواعد التي من المقرر أن تنسحب منها قوات أتميس في المرحلة الثانية تختلف بشكل كبير عن القواعد التي تم الانسحاب منها في المرحلة الأولى، حين تم سحب 2000 من قوات أتميس في شهر يونيو الماضي.
وفي 20 يونيو/حزيران 2023، غادرت الدفعة الأولى المكوّنة من 2000 جندي من قوات أتميس البلاد، في إطار الخطة الانتقالية التي وضعها الاتحاد الإفريقي لنقل المسؤوليات الأمنية إلى الحكومة الصومالية قبل مغادرة الصومال.
وبحسب بيان الحكومة الصومالية، فالنجاح النسبي في تسليم قواعد أتميس للقوات الحكومية في المرحلة الأولى يرجع جزئيا لكون القواعد التي تم الانسحاب منها تقع بالقرب من قوات أتميس الأخرى. والتي يمكنها أن تقدم الدعم للقوات الحكومية، لكن هذا الأمر لا يتحقق في المناطق الريفية، التي من المقرر أن يتم الانسحاب منها في المرحلة الثانية، حيث سيكون هناك غياب لوجود أتميس أو قوات حليفة.
وكانت صحيفة إيست أفريكان قد سلطت الضوء مؤخرا على المرحلة الثانية من سحب قوات أتميس حيث أكدت أن القوات الـ3000 ستخرج من قواعدها في العاصمة مقديشو والمدن الاستراتيجية الأخرى، وهي 9 قواعد عسكرية. 4 منها سيتم إغلاقها، بينما القواعد الخمس الأخرى بما فيها التي تعمل على تأمين وحماية المؤسسات الحكومية مثل البرلمان “فيلا صوماليا” (القصر الرئاسي) سيتم استلامها من قبل القوات الحكومية.
وبحسب الصحيفة فإن المرحلة الثانية من سحب قوات أتميس من المتوقع أن تشمل تسليم القواعد التي تحمي “فيلا صوماليا” (القصر الرئاسي) والبرلمان، وميناء كيسمايو القديم، ودوسمريب وبيوعدي.
وستغلق قوات أتميس قواعدها بشكل نهائي في ساليلي، بور حاشي، راجى عيلي وقريولو. حيث على القوات الحكومية أن تسد فراغها.
وقالت الصحيفة أن “فيلا صوماليا” (القصر الرئاسي) والبرلمان الفدرالي بما في ذلك نقاط أمنية رئيسية أخرى، ومكاتب دبلوماسية وسياسية في العاصمة مقديشو، يتم تأمينها حاليا من قبل القوات الأوغندية، تحت القطاع 1 من قوات أتميس، بينما تقع المدن الاستراتيجية مثل كيسمايو تحت يد القوات الكينية.

 

هجوم عوسويني يتسبب في انهيار القوات الحكومية

 

وجاء في بيان الحكومة الصومالية: “لقد شنت الحكومة الفدرالية الصومالية هجوما واسعا ضد حركة الشباب المجاهدين خلال الأشهر القليلة الماضية، خاصة في مناطق وسط الصومال، وخططنا لتحرير المدن والقرى وطرق الإمدادت الحساسة، … لكن للأسف في 26 أغسطس 2023، عانينا من تراجعات كبيرة بعد الهجوم الذي تعرضت له قواتنا في منطقة عوسويني في منطقة جلجدود، وانسحاب قواتنا من عدة مدن كان قد تم تحريرها حديثا”.
وبحسب البيان فقد أثر هذا الهجوم على القوات الحكومية وخطوط القتال، ما يتطلب إعادة تنظيم للتمكن من التصدي لحركة الشباب المجاهدين، ولتحقيق ذلك يشير البيان إلى حاجة القوات الحكومية إلى فترة راحة للتعافي، و”جاء اقتراح أن يتم إيقاف سحب القوات (أتميس) لمدة 90 يوما، لتتمكن قواتنا من تحقيق أهدافها” بحسب البيان.

 

الحاجة للدعم المالي واللوجستي

 

وأشار بيان الحكومة الصومالية، بعد الحديث عن حاجة القوات للراحة وإعادة التنظيم، إلى القلق من ضغط نقص الدعم اللوجستي ونقص الأموال، الذي تواجهه القوات الحكومية، مع ازدياد المسؤوليات الأمنية، فبحسب البيان هناك حاجة كبيرة للدعم اللوجستي، حيث أن الدعم اللوجستي المصيري المتوفر للقوات الحكومية، فشل بسرعة بسبب تصاعد العمليات ضد حركة الشباب.
وأشارت الحكومة الصومالية إلى أنها ستقوم مع شركائها المتوقعين، خلال مرحلة الإيقاف المرحلي لسحب قوات أتميس التي تطلبها، بإعادة تقييم لما تحتاجه قواتها في العمليات. وهذا التقييم يهدف إلى ضمان أن يتم دعم القوات الحكومية ماليا ولوجسيتا، لتتمكن من الاستمرار في أولوياتها خلال المرحلة الانتقالية.
وفي محاولة لطمأنة قوات أتميس، أكد البيان أن الحكومة الصومالية عازمة بشكل نهائي، إتمام انسحاب أتميس المقرر بحلول ديسمبر 2024 في إشارة إلى أن مطلبها بتأخير سحب القوات في المرحلة الثانية، لن يمس تاريخ خروج القوات النهائي المقرر.
وفي محاولة لطمأنة قيادة أتميس، أكد البيان على أن الحكومة الصومالية ستكون متعاونة – خلال مرحلة الإيقاف-  لإجراء كل النقاشات وللإجابة عن كل الأسئلة التي يمكن أن يثيرها الطلب.
وتم توقيع البيان باسم مستشار الأمن الوطني “حسين شيخ علي” المقرب من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.

 

القوات الحكومية لا يمكنها الصمود بدون دعم دولي كامل

 

وحذرت عدة تقارير مؤخرا – تزامنا مع خبر انسحاب قوات أتميس- من ضعف القوات الحكومية وعجزها عن الصمود بدون دعم دولي عسكري ومالي ولوجستي. على عكس ما ينتظر منها المجتمع الدولي.
وبحسب مقال لموقع “نيو عرب”، فإنه مباشرة بعد انسحاب القوات الدولية خلال المرحلة الأولى من الانسحاب في يونيو الماضي، “سيطر مقاتلو حركة الشباب على مدينة غيريلي، التي سلمت فيها القوات الكينية، بضعة أيام فقط، المنطقة للحكومة الصومالية، وهي تقع على بعد 12 كم فقط من الحدود الكينية. وهي لا تزال تحت سيطرة الحركة إلى الآن”.
وما حدث في غيريلي، بحسب المقال، “لم يقدم فقد إنذارًا لما يمكن أن ينتظر المدن والمناطق الصومالية بعد انسحاب القوات الدولية النهائي من التراب الصومالي، ولكن هذا أيضا يسلط الضوء على حالة البلاد”.فـ”الجهاز الأمني الصومالي، ضعيف للغاية، ويعتمد تماما على الدعم الخارجي، خاصة من الغرب، وعلى الرغم من مليارات الدولارت التي صرفها المجتمع الدولي، لا تزال القوات الحكومية تصارع للسيطرة على الأرض، وتستعمل مكاسبها في الخلافات والانقسامات القبلية، وهذا قد يوصل إلى كارثة”.
“بينما حركة الشباب من الجهة المقابلة، أثبتت أنها قادرة على التكيف مع التغيرات وديناميات الصومال. وعلى الرغم من مواجهتها القوات الحكومية والقوات الدولية المتحالفة معها، بدعم أمريكي وتركي جوي، لا يزال مقاتلو الحركة قادرين على التحكم والسيطرة على المشهد الأمني  في مناطق سيطرات القوات الحكومية نفسها”.
“وعلى الرغم من هذه الحقائق، لا تزال الحكومة الصومالية تتحدث عن تحمل المسؤوليات الأمنية من أتميس، التي سترحل في نهاية 2024، وعلى الرغم من الموارد المحدودة، وضعف قواتها، والاعتماد على التمويل الغربي في الوقت الذي يستعد فيه المجتمع الدولي للتخلي عن الحكومة في مقديشو”.
وبحسب المقال فإن، “استلام القوات الأمنية الصومالية للمسؤولية الأمنية الكاملة في نهاية 2024، أمر مشكوك فيه، لذلك نشاهد الكثير من الضغط من الأصوات التي تتحدث عن جدول انسحاب لا يأخذ بعين الاعتبار الحقائق على الأرض”، “والعديد من المراقبين يشتركون في قلقهم بشأن قدرة الحكومة الصومالية على تحمل المسؤولية الأمنية في ديسمبر 2024”.
“وإذا انسحبت أتميس تماما من الصومال في ديسمبر 2024، واستمرت الحكومة وجهازها الأمني على حالتهم الآن، فإن التوقعات من أن تتمكن حركة الشباب المجاهدين من السيطرة الكاملة على الصومال هي حقيقة يجب أن نواجهها”. حسبما قال عبد النور عبد الله، محلل أمني في القرن الأفريقي.