أزمة أمهرة في إثيوبيا: فشل سياسة آبي تهدد بالعودة إلى الحرب
ناقش الكاتب يوهانس جيدامو في مقال نشره موقع “كنفرسيشن” أزمة أمهرة الحالية في إثيوبيا، حيث جاء في مقاله:
أعلنت الحكومة الفدرالية الإثيوبية عن حالة الطوارئ في منطقة أمهرة، في 4 أغسطس 2023، وقد دعمت هذا القرار جلسة خاصة للبرلمان، حيث وضعت إدارة ثاني أكبر منطقة في البلاد (أمهرة) تحت حكم العسكر.
أعقب هذا القرار اشتباكات بين القوات الفدرالية وقوات أمهرة التي قاومت قرار الحكومة بنزع أسلحتها وتعطيل فعالية القوات الإقليمية الخاصة.
أمهرة هي ثاني أكبر منطقة من حيث السكان في إثيوبيا، وتقع بجوارها شمالا، منطقة تيغراي، التي عرفت صراعا داميا شكل أكثر حرب أهلية مدمرة عرفها تاريخ إثيوبيا الحديث. إضافة إلى مناخ سياسي غلب عليه الصراعات العرقية، والأحزاب العرقية، والميليشيات الإقليمية، لقد أصبحت أزمة أمهرة الحالية تنذر بخطر حرب أهلية أخرى.
فالضغط السياسي مع الأزمات العرقية، ارتفع بشكل كبير في إثيوبيا، فالترحيل القسري والمجازر التي استهدفت عرقية الأمهرة، استمرت تحت حكم رئيس الوزراء آبي أحمد منذ 2018.
في 2019، احتلت إثيوبيا المرتبة الأولى في العالم فيما يخص عدد النازحين داخليا، لقد كان عددهم أكثر من عدد النازحين في حروب سوريا واليمن وأفغانستان.
مع الاستقطاب العرقي الذي بلغ مستويات لم يسبق لها مثيل، خسرت إثيوبيا نداء وحدة قواتها وأحزابها السياسية، فالصراعات العرقية اليوم هي المعالم البارزة في المشهد الإثيوبي، حيث ظهرت أمهرة التي لطالما عرفت بدعمها للحركات السياسية الوطنية، ظهرت اليوم في اتجاه ينادي بأمهرة فقط.
خلال السنتين الأخيرتين لوحدهما، تعرضت عرقية الأمهرة للنزوح من المناطق المحاذية للعاصمة أديس أبابا، كما تعرضت ولا تزال للصدام مع قوات أوروميا الأمنية، عند السفر إلى أديس أبابا، والتي هي إدارة بحكم ذاتي لكنها من الناحية الجغرافية تتبع لمنطقة أوروميا.
ثم هناك التحالفات الحكومية مع الميليشيات العرقية، مثل ميليشيات الأمهرة المعروفة باسم فانو، والتي توظفها الحكومة كلما شعرت بالحاجة للاستقواء والبقاء.
خلال الحرب الفدرالية مع إقليم تيغراي مثلا، اعتمدت القوات الوطنية الإثيوبية على شباب الأمهرة في القتال، وبعد الحرب، أصبحت ميليشيات فانو مسلحة بشكل جيد، وأصبحت أكثر قوة، مع قيادة مركزية مستقلة. مما سبب الإزعاج لآبي وانتهى إلى الأزمة الحالية في أمهرة.
بالنسبة لمقاتلي فانو الأمهرة، فإن الأسباب الرئيسية لصراعهم، هي استمرار المجازر التي تستهدفهم، واستمرار النزوح والمعاملة التمييزية للأمهرة في إثيوبيا. على سبيل المثال، أشارت فانو إلى أن حملة الاعتقالات الأخيرة من الشرطة الفدرالية أوقفت الأمهرة في أديس أبابا العاصمة، وفي ذلك مثال على استمرار آبي أحمد في إساءة معاملة العرقية الأمهرية. وما جعل الأمر أكثر تعقيدا وسوءا، تعرض العائلات التي تطالب بمعلومات عن أبنائها وأقاربها المعتقلين للتهديدات.
أنا أستاذ في السياسة، أركز على دول القرن الإفريقي، وسبق أن ألفت كتابا عن الفدرالية العرقية وتعايش السلطات في إثيوبيا، بعد 9 أشهر من استلام آبي الحكم في إثيوبيا، حذرت من أن ثقل عرقية الأمهرة قد يؤثر بشكل كبير على مشروعه السياسي، وفي ذلك الوقت كان يرسي الاتفاق بسياسية عنيفة، كانت تستهدف الجماعات العرقية، وتقمع حريات حركات المواطنين، وقد فشل في ذلك.
اليوم العديد من الإثيوبيين وخاصة المواطنين من منطقة أمهرة، يعتقدون أن حزب الإزدهار الذي أسسه آبي أحمد خسر المصداقية، وأيضا القدرة الإدارية على قيادة المنطقة، إنها رؤيتي بشأن استعمال آبي أحمد للقوة العسكرية في معالجة التحديات الحرجة ما تسبب في فشله، فالحل العسكري يمكن أن ينتهي بمزيد من الدماء.
تحديات إثيوبيا في ازدياد
بعد أن كان آبي الأمل الوحيد لحل مشاكل إثيوبيا، فشل الأخير واستمرت التحديات السياسية في التصاعد، لم يستغرق ذلك وقتا طويلا، قبل أن تحول إلى تطبيق خططه السياسية بالعنف على يد قواته الأمنية.
في عام 2021، نقلت وسائل الإعلام أن 5.1 مليون شخص، نزحوا داخليا، في إثيوبيا، سكان الولايات الإثيوبية الإقليمية، تعرضوا للترحيل القسري، بشكل رئيسي بسبب انتماءاتهم العرقية، وعدد كبير من هؤلاء كانوا من الأمهرة في المناطق الخمس.
استمرت حرب تيغراي لمدة سنتين، بشكل رئيسي بين القوات الفدرالية وجبهة تحرير شعب تيغراي، وتسببت في تدمير البلاد، مئات الآلاف من الإثيوبيين قتلوا، وأصبحت المنطقة بحاجة إلى 20 مليار دولار على الأقل لإعادة إعمارها.
بعد توقيع اتفاقية في بريتوريا في جنوب إفريقيا في نوفمبر 2022، جلب الاتفاق السياسي الهدوء لشمال البلاد، لكن نظام آبي أحمد لم يكن يريد إيجاد حل سياسي لكل تحديات البلاد الأخرى، مثال على ذلك، بعد أن تم توقيع اتفاق السلام مع تيغراي، لم تعالج الحكومة مجازر الأمهرة ونزوحهم والتهديدات التي استمرت تلاحقهم.
وحتى خلال حرب تيغراي، مناطق مثل عفر وأمهرة، عانت بشدة من آثار الحرب المدمرة، لكن الحكومة أهملت معاناة الإثيوبيين في عفر وأمهرة.
والنتيجة، أصبحت أمهرة في قلب الصراع مع القوات الفدرالية، التي كانت تقاتل معها في صراع تيغراي، وتم نشر الطائرات بدون طيار، الأداة المهمة ضد التيغراي، والتي تسببت في مقتل 26 مدنيا على الأقل من الأمهرة في مدينة فينوت سلام.
واليوم اتفاق السلام مع تيغراي مع حزب الإزدهار للأورومي آبي، سمح للمسؤولين في دعوة التيغراي للتسلح ضد الأمهرة، ما يكشف كيف أن الحكومة تصر على الرد على العنف بطرق أشد عنفا.
أزمة منطقة أمهرة
تم اغتيال رئيس أمهرة الشهير وأكبر قائد بعد أن استلم الحكم في 2019، منذ ذلك الوقت، لم تعرف المنطقة، حياة طبيعية مستقرة، فحكام الأمهرة المتعاقبين من حزب الإزدهار فشلوا أيضا.
وهذا ما دفع شباب الأمهرة لتنظيم صفوفهم كوحدات ميليشيات، هدفها حماية منطقتهم، ومع الوقت تحول ذلك إلى مقاومة شعبية أمهرية، عدد معتبر من قوات أمهرة الخاصة القدامى، أصبحوا اليوم في صفوف مقاومة فانو، بعد رفضهم عرضا للانضمام إلى قوات الدفاع الفدرالية.
ازدياد قوة ميليشيات فانو ذكر على لسان رئيس الاستخبارات الإثيوبي، وكان خلف قرار الحكومة الفدرالية بتفكيك القوات الخاصة الإقليمية.
وتم تطبيق القرار على جميع المناطق، لكن الأمهرة رأت أن القرار يستهدف فقط القوات الخاصة القوية لأمهرة، بينما بقيت القوات الأخرى بدون أي تغيير. ويعتقد الأمهرة أن تحركا مثل هذا سيعرض منطقتهم لهجمات ممكنة من الأورومو والتيغراي، وهي مناطق تطالب بمناطق تحت يد الأمهرة، وتعيش التوترات منذ زمن طويل.
كما يرى الأمهرة أن نزع الأسلحة، خيانة لهم، بعد كل التضحيات التي قدموها في حرب تيغراي لتأمين حياة رئيس الوزراء الإثيوبي.
ماذا حدث بعد ذلك؟
إن الخوف من حرب جديدة مثل أو أكثر مما حصل في تيغراي، يمكن تجاوزه لو أنه تم إيجاد حل. المجتمع الدولي عليه أن يضغط على جميع المجموعات، خاصة الحكومة الفدرالية الإثيوبية، لتبدأ حوارا سياسيا فوريا، وقبول وقف إطلاق النار.
على السلطات الفدرالية الإثيوبية أن تعلم بأن الحوار وتحمل المسؤولية بشكلمباشر مع الشعب يمكنه أن يساعد في حل الصراع.
إنه أيضا الوقت لآبي أحمد لإثبات أن إثيوبيا يمكنها أن تعيش السلام تحت سلطته، فإن ثقل حرب أهلية أخرى في القرن الإفريقي في الوقت نفسه مع الحرب في السودان سيكون كارثيا.