مقتل 19 في ضربات للاحتلال الإسرائيلي على غزة والحصار يستهدف يستهدف البطون الخاوية ويهدد الأطفال بينما يجري الحديث عن مستقبل القطاع
قال مسؤولو صحة فلسطينيون إن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت 19 فلسطينيا على الأقل في قطاع غزة اليوم الأربعاء بينهم موظف بالدفاع المدني، في وقت توغلت فيه القوات بشكل أكبر في شمال القطاع وقصفت مستشفى ونسفت منازل. بحسب وكالة رويترز.
وذكر مسعفون أن 12 شخصا على الأقل قتلوا في غارة إسرائيلية على منزل في منطقة جباليا بشمال غزة في وقت سابق من اليوم الأربعاء وأضافوا أن 10 أشخاص على الأقل ما زالوا في عداد المفقودين وسط استمرار عمليات الإنقاذ. وقالوا إن رجلا آخر قتل جراء قصف مدفعي لموقع قريب.
وقال حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، أحد المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في شمال غزة، إن المستشفى تعرض لقصف إسرائيلي طال جميع أقسامه دون سابق إنذار في وقت كانت تحاول فيه الأطقم إنقاذ أحد المصابين في العناية المركزة أمس الثلاثاء.
كما قال لرويترز عبر رسالة نصية إن إسرائيل اعتقلت 45 من أفراد الطاقم الطبي وتمنع دخول فريق طبي بديل إلى المستشفى، وهو ما تسبب في وفيات يومية لمصابين كان من الممكن أن ينجوا لو توفرت الموارد.
وتابع قائلا إن “إسرائيل” لا تسمح بإدخال الطعام ولا الماء ولا حتى سيارة إسعاف واحدة إلى شمال القطاع.
وأضاف أبو صفية أن المستشفى به 85 مصابا بينهم أطفال ونساء، منهم ستة في وحدة العناية المركزة. ووصل 17 طفلا مصابين بأعراض سوء التغذية نتيجة نقص الغذاء. وتوفي رجل بسبب الجفاف قبل يوم واحد.
وتركز العمليات الإسرائيلية في غزة منذ أسابيع على الطرف الشمالي للقطاع، حيث يحاصر الجيش ثلاث بلدات رئيسية وأمر السكان بالنزوح.
وقال سكان في البلدات الثلاث، جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات نسفت عشرات المنازل. ويقول فلسطينيون إن الاحتلال عازم على ما يبدو على إخلاء هذه المناطق من السكان بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة بطول الطرف الشمالي لقطاع غزة، وهو ما ينفيه الاحتلال.
وتركزت هجمات الاحتلال خلال الشهر الماضي على البلدات الواقعة على الطرف الشمالي لغزة، إلا أنها لا تزال تشن ضربات في أنحاء القطاع.
وفي حي الصبرة بمدينة غزة، قال الدفاع المدني الفلسطيني إن غارة جوية إسرائيلية استهدفت طاقما له في أثناء عملية إنقاذ، مما أدى إلى مقتل أحد أفراد الطاقم وإصابة ثلاثة آخرين. وأضاف أنه بذلك ارتفع عدد أفراد طواقم الدفاع المدني الذين قتلوا منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 إلى 87.
وذكر مسعفون أن شخصين قتلا في ضربة إسرائيلية على منزل في حي الزيتون المجاور.
ولم يصدر بعد تعليق من الاحتلال بشأن أي من الضربات.
وفي رفح بجنوب القطاع قال مسعفون إن رجلا قتل وأصيب آخرون في غارة جوية إسرائيلية على شرق المدينة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارة لغزة أمس الثلاثاء إن حماس لن تدير القطاع بعد انتهاء الحرب وإن “إسرائيل” فككت القدرات العسكرية للحركة.
وأضاف أن “إسرائيل” لم تتخل عن مسعى العثور على 101 رهينة يُعتقد أنهم ما زالوا محتجزين في القطاع، وعرض مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل إعادة كل واحد من الرهائن.
حصار الاحتلال يستهدف البطون الخاوية ويهدد الأطفال
تشهد مناطق وسط وجنوب القطاع، علاوة عن مناطق الشمال التي تعاني الجوع منذ بدايات الحرب، من أزمة دقيق كبيرة، جعلت السكان يصنعون الخبز من الدقيق الذي تنتشر فيه الديدان والسوس. بحسب صحيفة القدس العربي.
وفي هذه الأوقات نفد معظم الدقيق المخزن لدى السكان، والذي حصلوا عليه من خلال مساعدات غذائية أشرفت على توزيعها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” بشكل منظم، منذ شهر ديسمبر من العام الماضي، حتى ثلاثة أشهر مضت، حيث لم تعد هذه المنظمة الأممية قادرة على توزيع الدقيق، لعدم ورود الكميات اللازمة إلى مخازنها، بسبب تشديد سلطات الاحتلال إجراءات الحصار على المعابر التي تتحكم بكل ما يمر منها إلى سكان غزة.
ويطال الأمر الأسر جميعها في القطاع، بالأخص تلك التي كانت تنتظر دورها في استلام هذه المساعدة الغذائية، بعد أن نفد تقريبا ما كان متوفرا لديها من مخزون قليل، ما اضطر العوائل إلى اللجوء إلى صنع الخبز من الدقيق الفاسد في هذه الأوقات.
وتعاني كثيرا في هذا الوقت الأسر التي نفدت كميات الدقيق من منازلها أو خيام نزوحها، وتضطر إلى إيفاد أحد أفرادها إلى المخابز القليلة التي لا تزال تعمل في مناطق وسط وجنوب القطاع، للحصول على ربطة من الخبز بزنة ثلاثة كيلو جرامات، بسبب الازدحامات الكبيرة والطابور الطويل الذي تكثر فيه المشادات والمشاكل، حتى وصول الدور.
وتعود أزمة الطعام في غزة، وفي مقدمتها الدقيق، بسبب تشديد سلطات الاحتلال إجراءات الحصار على القطاع، ومنعها مرور كميات السلع والمواد التموينية والمساعدات بالشكل الكافي، وقد أدى ذلك إلى حدوث الأزمة بهذا الشكل الخطير، خاصة في مناطق شمال غزة، وتؤكد المنظمات الأممية والمؤسسات الخدماتية أن كميات الطعام والمساعدات كانت أفضل قبل إغلاق سلطات الاحتلال معبر رفح الفاصل عن مصر قبل ستة أشهر.
يديعوت أحرونوت: دلائل على أن “إسرائيل” لا تنوي الخروج من غزة
في ظل الموقف المتشدد الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية، والوقائع التي تقوم بفرضها على الأرض في غزة، يظهر جليًا أن الاحتلال بصدد خطوات جدية نحو فرض حكم عسكري في القطاع. ويعكس هذا التحرك سياسة غير معلنة تسعى إلى ترسيخ السيطرة الإسرائيلية على غزة بشكل دائم، من دون أن يكون هناك قرار سياسي معلن بشأن المرحلة المقبلة.
هذا ما تكشفه صحيفة يديعوت أحرونوت عبر افتتاحية موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء بتوقيع مراسلها لشؤون الاستيطان أليشع بن كيمون، حيث سلط فيها الضوء على تفاصيل الخطوات التي تؤكد أن حكومة الاحتلال تقترب من تطبيق حكم عسكري في غزة، وهو ما يشير إلى تغيير جذري في إستراتيجياتها العسكرية والاستيطانية.
ومن خلال متابعته المستمرة للتحركات العسكرية على الأرض، يوضح بن كيمون أن الجيش الإسرائيلي قد بدأ في تنفيذ إستراتيجيات على الأرض تتماشى مع فرض سيطرة دائمة على غزة.
وفي الآونة الأخيرة، تم توسيع نطاق القوات العسكرية بشكل تدريجي، مع إنشاء مواقع عسكرية جديدة في مواقع حساسة، كما تم تمديد شبكة الطرق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال في أنحاء مختلفة من القطاع، وهو ما يسهم في إرساء بيئة من السيطرة العسكرية الدائمة.
علاوة على ذلك، بدأت المؤسسة العسكرية في التنسيق مع شركات خارجية تعمل تحت إشراف إسرائيلي مباشر لتنسيق المساعدات الإنسانية في غزة، وهي خطوة لم يكن من الممكن تصورها قبل هذا التوقيت.
ووفقا لما أفاد به بن كيمون، تشير هذه الخطوات إلى أن “إسرائيل” بصدد تنفيذ خطط كانت على الورق فقط في الماضي، إلا أنها الآن أصبحت واقعًا ملموسًا على الأرض.
وتقول الصحيفة إن التحول نحو حكم عسكري في غزة يرتبط بمسائل سياسية داخل الحكومة الإسرائيلية، وتحديدًا بالمواقف المتطرفة لأعضاء الحكومة اليمينيين مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يدفعان بسياسات متشددة تجاه الفلسطينيين بشكل عام، وعلى وجه الخصوص تجاه قطاع غزة.
وتشير في هذا السياق إلى أنه في وقت سابق، عارض وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت هذه السياسات، ورفض خططًا كانت تتضمن تعزيز الاستيطان في شمال غزة. لكن مع استبدال غالانت بيسرائيل كاتس في منصب وزير الدفاع، والتغييرات الأخرى في الحكومة، يبدو أن الخطط الاستيطانية في غزة قد أصبحت أكثر قربًا من التنفيذ.
ويؤكد بن كيمون أن هذا التغيير في القيادة قد ساهم في تسريع خطوات “إسرائيل” نحو فرض حكم عسكري على غزة، في وقت تتلاقى فيه الأهداف السياسية لعدد من قادة المستوطنين الذين يرون أن هذه الفترة تمثل فرصة تاريخية لتغيير الواقع على الأرض بشكل جذري، لصالح الاستيطان الإسرائيلي في القطاع.
لكن، كما يوضح بن كيمون، فإن هذا التحرك العسكري لا يخلو من التحديات القانونية والسياسية. ففي الوقت الذي تسعى فيه “إسرائيل” لتكريس سيطرتها العسكرية على غزة، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا قانونية جمة، على رأسها تلك التي تأتي من محكمة العدل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان.
في هذا السياق، يلفت بن كيمون إلى أن “إسرائيل” تواجه ملاحقات قانونية قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على المستوى الدولي، بما في ذلك احتمال ملاحقة قادة الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بسبب تعاملها مع الفلسطينيين في القطاع.
علاوة على ذلك، يشير إلى أن “إسرائيل” قد تجد نفسها مضطرة لتحمل مسؤولية إدارة القطاع بشكل مباشر، وهو ما يعني تلبية احتياجات السكان الفلسطينيين من مساعدات إنسانية وكهرباء وصرف صحي، وهو أمر قد يكون صعبًا في ظل الوضع الراهن.
وتلفت الصحيفة إلى أنه “في ظل غياب أي قرار سياسي حاسم بشأن المرحلة القادمة في غزة، يواجه المسؤولون الإسرائيليون تحديات كبيرة في كيفية التعامل مع هذه الأمور بشكل يتماشى مع القوانين الدولية”.
من ناحية أخرى، يتعرض التحرك الإسرائيلي نحو حكم عسكري في غزة لضغوط داخلية من أطراف سياسية وإسرائيلية أخرى لا توافق على هذه الخطط، ومنها أوساط في حزب الليكود وداخل الحكومة الإسرائيلية. وهناك أيضًا ضغوط خارجية، حيث تعارض الدول العربية وبعض القوى الدولية هذا الاتجاه، داعية إلى ضرورة إيجاد حل سياسي دائم وشامل لقضية غزة والفلسطينيين.
ومع ذلك، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تحاول استغلال فرصة ما بعد الحرب في غزة للتغيير الدائم في الواقع على الأرض. وقد تحدثت تقارير إسرائيلية عن خطط مستقبلية لإنشاء “مناطق آمنة” داخل غزة لإيواء الفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف والدمار، وهو ما قد يشير إلى التوجه نحو سياسة الفصل العسكري الدائم بين الفلسطينيين في غزة وإسرائيل.
ويختم تقرير بن كيمون بالإشارة إلى بديل آخر محتمل لإسرائيل عن الحكم العسكري لغزة، وهو سيطرة السلطة الفلسطينية، ولكن الحكومة الإسرائيلية لا تزال ترفضه، في حين ترفض الدول الأخرى ممارسة أي دور داخل قطاع غزة طالما استمرت قوات الاحتلال في الانتشار هناك.