مقتل 18 شخصا وإصابة 41 آخرين إثر قصف مدفعي لقوات الدعم السريع على الفاشر والمعارك تحتدم في الخرطوم

تحتدم المعارك حاليا في العاصمة الخرطوم، وعدد من المدن السودانية، حيث يصعد الجيش السوداني هجماته على منطقة المقرن الواقعة غرب المدينة، في محاولة لاختراق مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وكذلك يصعد عملياته في مدينة بحري شمال العاصمة الخرطوم، حيث تشهد مناطق الكدرو والحلفاية طلعات جوية متتالية للطيران العسكري تستهدف مناطق ارتكاز الدعم السريع.

وقتل 18 شخصاً وأصيب 41 آخرون، إثر عملية قصف مدفعي نفذتها قوات الدعم السريع على سوق المواشي في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، فيما وصفته لجان المقاومة بـ”الجريمة البشعة” التي تضاف إلى سجل قوات الدعم السريع.

وقالت لجان المقاومة في المدينة إن عمليات التدوين المدفعي ما تزال مستمرة على الأحياء السكنية بمدينة الفاشر وسوق المواشي، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري ومحاسبة مرتكبي “الجرائم ضد الإنسانية”.

وفي الأثناء، تشهد ولاية سنار جنوب شرق البلاد اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فيما تراجعت قوات الدعم السريع بعد صد الجيش هجوماً نفذته قواتها على الفاو شرقي البلاد.

ودوّت أصوات انفجارات، وتصاعدت ألسنة الدخان من مناطق عدة تحت سيطرة قوات الدعم السريع بالعاصمة السودانية الخرطوم، جرّاء غارات شنّها الطيران الحربي التابع للجيش، صباح الأربعاء، في وقت طالَب مسؤول رفيع في الدعم بفرض حظر فوري على طيران الجيش.

ولم يُخفِ أزيز الطائرات الحربية أصوات ودويّ المقذوفات والمدفعية الثقيلة التابعة للدعم السريع التي تستهدف منطقة شمالي أم درمان وكرري التي يسيطر عليها الجيش من المدينة، وتُلحق خسائر فادحة بالمدنيين الذين يتكدّسون هناك.

ولا توجد إحصائية دقيقة لأعداد القتلى والجرحى منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، لكن منسّقية الشؤون الإنسانية «أوتشا» تقدِّر أن «20 ألفاً قُتلوا منذ اندلاع الحرب».

وقال شهود عيان إن «الطيران المقاتل شنّ هجمات عنيفة على أحياء المنشية، والامتداد، والديوم، ومحيط سلاح المدرعات في الخرطوم»، وأكّدوا أن الطائرات المقاتلة ظلّت تحلّق بكثافة في مناطق سيطرة «الدعم» التي ردّت باستخدام المضادات الأرضية.

وذكر شهود آخرون أن «الدعم السريع» قصفت بشراسة لليوم الرابع على التوالي عدة أحياء في محلية كرري، شملت أحياء الثورات، وبعض مناطق مدينة أم درمان الواقعة تحت سيطرة الجيش، مُلحِقةً خسائرَ فادحة بالمواطنين والبنى التحتية، ولم تصدر حصيلة بأعداد القتلى والجرحى من السلطات الصحية.

ومساء الثلاثاء، أغار الطيران الحربي التابع للجيش السوداني على مدينتَي الضعين شرق دارفور، والطينة شمالها، وقالت «قوات الدعم السريع» على منصة «إكس»، إن الطيران الحربي واصل ما أسمَته «غاراته المسعورة» ضد مدينتَي الضعين والطينة بدافور، و«حُمرة الشيخ» في شمال كردفان، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى.

وطلب مستشار «الدعم السريع»، الباشا طبيق، عبر حسابه على «إكس»، من المجتمع الدولي «فرْض حظرٍ على الطيران الحربي»، وقال: «أكرّر مطالبتي للمجتمع الدولي ابتداءً من الاتحاد الإفريقي، ومجلس الأمن فرْضاً فورياً لحظر الطيران الحربي لجيش عبد الفتاح البرهان… ، من أجل حماية المدنيين»، مشيراً إلى أن ذلك تَحدٍّ للمجتمع الدولي.

وأكد رئيس القائد العام للجيش، الجنرال عبد الفتاح البرهان، استعدادهم للانخراط في أي مبادرة جادة تهدف لإيقاف الحرب دون أي إملاءات أو شروط مسبقة، وقال البرهان إن القوات المسلحة ليست رهينة لأي قوى سياسية، مضيفاً: “إن ما يروج له بأن هذه القوات تسيطر عليها الحركة الإسلامية وعودة النظام السابق يعد من الأغطية والذرائع التي تستخدم لتدمير الدول”، وتابع: “هناك تضليل إعلامي وتكسب سياسي تجاه ما يجري في السودان”.

وتابع أن السودان يتعرض لمؤامرات بمشاركة قوى سياسية داخلية وبعض القوى الإقليمية والدولية متهماً اياها بالعمل على تغيير السلطة بقوة السلاح. وأضاف: “هذا المخطط تم التخطيط له منذ فترة ليست بالقصيرة”.

 

أكبر أزمة جوع

وفي السياق، دعت منسقية الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة «أوتشا»، الدول الأعضاء المجتمعين في الجمعية العامة لاتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين، وزيادة التمويل الإنساني والوصول إليه، وإنهاء القتال مرةً واحدة، وإلى الأبد في السودان.

وقالت في نشرة موجّهة لاجتماع الجمعية العمومية، إن السودان يمثّل أكبر أزمة جوع في العالم، وإن نحو 26 مليوناً يعانون مستويات عالية من الجوع الحادّ، بينما تأكدت المجاعة في معسكر «زمزم» للنازحين في شمال دارفور، وإن نحو 5 ملايين شخص وامرأة حامل ومرضعة يعانون سوء التغذية الحادّ، وسط تدمير للبنى الصحية والخدمية، ما أدى لزيادة معدلات الإصابة بالكوليرا والأمراض الأخرى، وبقاء الأطفال خارج المدارس للعام الثاني على التوالي.

ووصفت «أوتشا» الأوضاع في السودان أنها واحدة من حالات الطوارئ التي تُعدّ الأسوأ في التاريخ الحديث، بجانب استمرار مستويات مثيرة للقلق من العنف الجنسي، والقائم على النوع ضد المدنيين، ولا سيما النساء والفتيات.