مقتل العشرات في انقلاب زورقين قبالة سواحل جيبوتي وتقارير تؤكد بأن ستة أشخاص يموتون يوميًا في طريق الهجرة عبر البحر

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

سلطت حادثة انقلاب زورقين – يحملان عشرات الأشخاص من المهاجرين قبالة سواحل جيبوتي- الضوء على أخطار الهجرة عبر البحر والتي بحسب تقرير للأمم المتحدة تكلّف حياة ستة أشخاص يوميًا، يموتون أثناء تهريبهم إلى أوروبا وأماكن أخرى في العالم.

 

وقد تمكن راكبان من النجاة خلال هذه الحادثة، وبحسب شهود في المنطقة، فقد انقلب الزورقان بعد حوالي 30 دقيقة من الإبحار من بلدة غودوريا الواقعة في الساحل الشمالي الشرقي لجيبوتي، وكان البحر حينها هائجًا.

 

ولفتت الانتباه هذه الحادثة لظاهرة الهجرة لآلاف الأشخاص من منطقة القرن الإفريقي عبر جيبوتي ومضيق باب المندب باتجاه الجزيرة العربية في سبيل الحصول على عمل في دول الخليج الغنية أو محاولة الوصول إلى أوروبا بطريقة أو أخرى.

 

وقالت المنظمة الدولية للهجرة يوم الأربعاء بأنه تم تأكيد مقتل 38 شخصًا ولا زال البحث جاريًا عن باقي المفقودين.

 

تقرير الأمم المتحدة

وقد تزامن هذا الحادث مع إعلان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تقريرًا جديدًا لها يبين تفاصيل الخسائر في الأرواح في البحر المتوسط ​​خلال العام الماضي.

 

وبحسب التقرير، فإن ستة أشخاص يموتون في كل يوم في طريق الهجرة عبر البحر. حيث قُتل أو فقد 2,275 شخصًا في البحر المتوسط ​​في عام 2018 ، على الرغم من الانخفاض الكبير في عدد الوافدين إلى الشواطئ الأوروبية.

 

ويقدر التقرير عدد الواصلين إلى أوروبا في العام الماضي بـ 300,300 لاجئ ومهاجر إلى أوروبا ، وهو أقل عدد خلال السنوات الخمس الأخيرة.

 

وبحسب التقرير فقد كانت التحولات في سياسة بعض الدول الأوروبية وراء العديد من الحوادث حيث اضطر العديد من المهاجرين للبقاء عالقين في البحر عدة أيام ، في انتظار الحصول على إذن بالنزول على الشوطئ.

 

كما واجهت قوارب المنظمات غير الحكومية وأطقمها قيودًا معرقلة بشكل متزابد ما أثر على عمليات البحث والإنقاذ.

 

وبين ليبيا وأوروبا فقد شخص واحد حياته في البحر مقابل كل 14 شخص تمكنوا من الوصول إلى أوروبا في حين أُعيد آلاف آخرون إلى ليبيا ، ليواجهوا ظروفًا مروعة داخل مراكز الاحتجاز بحسب التقرير.

 

وكشف التقرير أيضًا عن تغييرات كبيرة في الطرق التي يلجأ لها المهاجرون.

 

أعداد المهاجرين

وتعتبر إسبانيا نقطة دخول أولى إلى أوروبا حيث وصل حوالي 6,800 شخص برا عبر سبتة ومليلية .

 

وعبر 58,600  آخرين بنجاح عبر البحر المتوسط من جهة الغرب المحفوفة بالمخاطر. ونتيجة لذلك ، تضاعف عدد القتلى في منطقة البحر الأبيض المتوسط غربًا أربع مرات تقريبًا منذ عام 2017 ، حيث ارتفع من 202 إلى 777 في العام الماضي.

 

كما وصل ما يقدر بنحو 23,400 لاجئ ومهاجر إلى إيطاليا في عام 2018 ، لتسجيل انخفاض بخمسة أضعاف مقارنة بالسنة الماضية.

 

من جهتها حصلت اليونان على عدد مماثل من الوافدين إلى البحر قدر بحوالي 32,500 مقارنة بـ30,000 في عام 2017 ، لكنها شهدت زيادة تقارب ثلاثة أضعاف عدد الأشخاص الذين يصلون عبر حدودها البرية مع تركيا.

 

وفي أماكن أخرى من أوروبا ، سجلت البوسنة والهرسك وصول ما يقدر بـ000 24 وافد من اللاجئين والمهاجرين عبر غرب البلقان. كما استقبلت قبرص عدة قوارب تحمل اللاجئين السوريين من لبنان ، بينما عبرت أعداد صغيرة من فرنسا إلى بريطانيا في نهاية العام.

 

المهاجرون عبر سواحل شرق إفريقيا

أما بالنسبة لمنطقة شرق إفريقيا فلا تزال تمثل شواطئ بونتلاند وصومالي لاند شمال الصومال وجيبوتي وإريتريا محطات عبور يصلها الآلاف من المهاجرين من القارة الإفريقية هدفهم أن يصلوا أولا لأرض اليمن ثم يتحولون بعدها إلى وجهاتهم سواء في دول الخليج أو باتجاه أوروبا. ولم تصدر إحصائيات دقيقة حول عدد القتلى عبر هذه الشواطئ.

 

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة فإن عدد المهاجرين الذين يصلون إلى اليمن ارتفع بنسبة 50 في المئة في عام 2018 مقارنة مع عام 2017.

 

وقال جويل ميلمان المتحدث باسم المنظمة إن هذا يعني أن عدد المهاجرين عبر هذا المسار يتجاوز عدد من وصلوا إلى أوروبا في نفس العام.

 

وأضاف: “هذه حالة طوارئ، حالة تعادل في حجمها على الأقل، وربما تفوق، بعض أكبر حركات النزوح الكبرى الأخرى في العالم في يومنا هذا. أظن أن فنزويلا ستكون الاستثناء الوحيد”، في إشارة إلى نزوح قرابة ثلاثة ملايين شخص من فنزويلا مؤخرًا بسبب الأزمة التي تمر بها البلاد.

 

ويجتمع المهاجرون في محطة جيبوتي بشكل أساسي، ثم يركبون القوارب في رحلات خطيرة عبر خليج عدن إلى اليمن، الذي يعد حاليا أحد أشد ممرات الهجرة البحرية ازدحامًا في العالم.

 

وبحسب الإحصائيات فإن 92 % من المهاجرين يأتون من إثيوبيا والباقين من الصومال، وأن 20 بالمئة منهم لم يبلغوا بعد سن الرشد ويسافرون دون مرافقين.

 

أما عن عدد القتلى فقد سجلت المنظمة الدولية للهجرة أكثر من 700 حالة وفاة في خليج عدن منذ بداية 2014، بينهم 156 غرقوا هذا العام، في حين شكك ميلمان في دقة هذه التقديرات مؤكدًا أنها أقل بالفعل من الرقم الحقيقي.

 

وأوضح المتحدث باسم المنظمة بأن الكثير من الحالات لم يتم الإبلاغ عنها، وأن مهربي البشر أجبروا المهاجرين في بعض الأحيان على القفز من القوارب بمجرد مشاهدة البر فيما أدى إلى غرق الكثيرين.

 

ورغم طول رحلة العناء ومواجه خطر الموت، ترحل الحكومة السعودية 10 آلاف إثيوبيا شهريًا بعد إنذارهم بمغادرة البلاد التي دخلوها عن طريق التهريب.

 

ويعمل المهربون في اليمن على توصيل هؤلاء المهاجرين عبر الحدود السعودية التي يؤكدون بأن السلطات السعودية غير قادرة على مراقبتها بشكل كامل نظرًا لانشغالها في الحرب الدائرة مع الحوثيين في اليمن.

 

ومع ذلك من ينجو من الموت في البحر قد يلاقي الموت عند حقول الألغام التي يعبرها باتجاه السعودية أو إطلاق النار من حرس الحدود. فضلا عن حوادث السير وأنواع المخاطر التي تتربص بهم قبل النجاح في العبور. لينتهي المطاف بالعديد منهم لنقطة الصفر حين تعيد ترحيلهم السلطات السعودية لبلدانهم الأصل.

 

ومع ذلك يؤكد شهود عيان أن الكثير من المهاجرين يفضلون خوض التجربة عدة مرات لأجل كسب لقمة العيش، ومنهم من قطع البحر مرات عديدة رغم ترحيله في كل مرة ورغم الشدة التي يواجهها خلال كل رحلة.

 

ويجدر الإشارة إلى أن مروحية عسكرية فتحت النار في آذار/مارس من العام الماضي على قارب يحمل 140 مهاجرًا، ما أدى الى مقتل 42 منهم وجرح 34. وألقى تقرير سري للأمم المتحدة بالمسؤولية على التحالف الذي تقوده السعودية، في عملية تعتبر انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.

 

ويرى المراقبون أن الحل الأفضل لخفض معدلات الهجرة عبر البحر هو تحقيق مستوى من العيش الكريم في هذه البلدان التي تفرّ شعوبها إلى الموت رغم علمها بالمصير الذي ينتظرها.