لكونها قوات احتلال للصومال حركة الشباب تهدد أمن إثيوبيا
نشرت مؤسسة “جيمس تاون” العالمية للبحث والتحليل، تقريرا يسلط الضوء على الصراع الجاري بين حركة الشباب المجاهدين وإثيوبيا لكاتبها أدام روسال.
وقال الكاتب، إن حركة الشباب المجاهدين تهدد بشكل متزايد إثيوبيا مع تصاعد الصراع بين مقاتليها وبين القوات الإثيوبية والقوات الدولية الأخرى في الصومال. في وقت تعمل فيه بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) على إتمام سحب قواتها بالكامل من البلاد مع نهاية عام 2024. ويبدو أن حركة الشباب ستستمر في تصعيد هجماتها لكسب المزيد من السيطرات على الأراضي الصومالية. وهذا قد يسحب الجارة إثيوبيا إلى صراع يشغلها للسنوات المقبلة على كلا الجهتين من حدودها مع الصومال.
الشباب تحمل مشاعر معادية لإثيوبيا
وقال الكاتب إن عداء حركة الشباب المجاهدين مع إثيوبيا بدأ منذ أواخر سنة 2006 إلى 2009، أثناء الاحتلال الإثيوبي للصومال، والذي تم خلاله إسقاط اتحاد المحاكم الإسلامية في مقديشو. وبعد بروزها مع اتحاد المحاكم الإسلامية، ازدادت قوة حركة الشباب خلال سنوات منذ الاحتلال الإثيوبي الأول للبلاد. واليوم تسيطر حركة الشباب على أغلب أراضي جنوب الصومال الخصبة.
في حين تشارك إثيوبيا في بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال “أميصوم”، التي شغلت فترة 2007 إلى 2022 ثم تحولت إلى بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية “أتميس” بعد ذلك.
وقال الكاتب: “-كما تمت الإشارة إليه- فإن إثيوبيا هي مساهم رئيسي في قوات أتميس، التي خلفت أميصوم في أبريل 2022”.
وجعل دور إثيوبيا لمدة نحو عقدين من الاحتلال العسكري للصومال، جعل من إثيوبيا، هدفا ثابتا لحركة الشباب المجاهدين. ويبدو أن شدة عداء الحركة لإثيوبيا لا تزال في ازدياد.
فإعلام حركة الشباب والناشر الإعلامي لشبكة القاعدة، التي بايعتها حركة الشباب، وأصبحت أقوى فروعها، ذكرا إثيوبيا في عدة مرات في إنتاجهم الإعلامي في الأشهر الأخيرة. على سبيل المثال، في بيان القيادة العامة للقاعدة بتاريخ 19 يونيو ناشدت “المسلمين للوقوف مع إخوانهم المجاهدين في حركة الشباب في الصومال … ليحاسبوا إثيوبيا على اعتداءاتها وجرائمها. وكان هذا في الرد على تدمير المساجد الأخير في إثيوبيا.
أيضا في 19 مايو، صدرت فتوى الاجتماع التشاوري للعلماء وحركة الشباب في الصومال، لتدعو “المسلمين في شرق إفريقيا لنصرة دينهم، والدفاع عن أراضيهم، وطرد القوات المحتلة الإثيوبية وبقية الكفار والمرتدين. وأخيرا نشرت وكالة شهادة الإخبارية مقالة لأحد الكتاب في 10 مارس، بعنوان “سبيل النجاة الوحيد للمسلمين في إثيوبيا: نظام الشريعة“.
ومع أن معظم هذه البيانات صدرت باللغة العربية، بحسب الكاتب، إلا أن آخر رسالة صدرت باللغة الإنجليزية، وهي أكثر لغة يتداولها الإثيوبيون، فيما يبدو أنه محاولة لمواكبة مع ما يجري في البلاد. وجاءت هذه الرسالة تزامنا مع الجهود التي تبذلها حركة الشباب لدعوة وتجنيد الإثيوبيين في صفوفها. وقد استهدفت حركة الشباب جماعات أخرى في شرق إفريقيا باستخدام حسابات مواقع التواصل من خلال توظيف عدد كبير من اللغات، بما فيها السواحيلية والعربية.
ارتفاع التوترات على الحدود الصومالية الإثيوبية
سحبت أتميس 2000 من قواتها الـ 22000 المعلن عنها من الصومال، وهي تخطط لسحب دفعة أخرى من 3000 في شهر سبتمبر الجاري قبل أن تكمل سحب جميع قواتها في 31 ديسمبر 2024، كما هو مخطط له، وكان دور أتميس تحقيق الاستقرار في بلاد شرق إفريقيا المضطربة، في الوقت الذي يجري فيه تحويل مسؤوليات الأمن للحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، بحسب الكاتب.
لكن تمرد حركة الشباب بقي متصاعدا، وكانت سنة 2022، أشد السنوات فتكا في البلاد، منذ 2018، لهذا السبب، لاحظ المسؤولون الصوماليون أنه سيكون من الصعب على الحكومة الصومالية تأمين المناطق التي ستنسحب منها أتيمس، واعتبروا الانسحاب المخطط له أنه مستعجل وغير موائم.
في 2 مارس وافقت إثيوبيا على إرسال 1000 جندي إضافي خارج مظلة أتميس إلى الصومال، كما وافقت كينيا وجيبوتي على إرسال قوات إضافية أيضا. جاء ذلك في الوقت الذي ركزت فيه حركة الشباب هجماتها على القوات الأجنبية بما فيها القوات الإثيوبية بدل الميليشيات الحكومية. وارتفعت الهجمات بشكل لافت على أتميس بالمقارنة مع انخفاض العنف بشكل نسبي، ضد الميليشيات الحكومية بين أغسطس 2022 ويونيو 2023.
واستهدفت حركة الشباب بشكل كبير الحدود الإثيوبية خلال السنة الماضية، ففي 8 يونيو تصدت القوات الإثيوبية لهجوم لحركة الشباب على بلدة دولو الحدودية. بحسب الكاتب.
كما تمكنت الحركة من تنفيذ هجومين ناجحين على قواعد القوات الإثيوبية على بلدة دولو الحدودية، ما تسبب في خسائر غير محددة لكون إثيوبيا تصنف جميع العمليات العسكرية في الصومال بـ”سري للغاية” وتخفي خسائرها.
وفي أغسطس شنت حركة الشباب هجمات ناجحة على الحدود الإثيوبية، وزعمت السلطات الإثيوبية أنها قتلت نحو 800 مقاتل من الحركة، بعد أيام من القتال الشرس، بما فيهم القائد الكبير فؤاد محمد خلف، الذي وضعت الولايات المتحدة عليه مكافأة بـ 5 ملايين. بحسب الكاتب.
ولكن الكاتب لم يذكر أن هذه التصريحات كانت مجرد تصريحات استعراضية لا دليل عليها في الواقع. وأن مجرد اختراق حدودها وتنفيذ هجمات داخل ترابها يعتبر خرقا أمنيا كبيرا لإثيوبيا.
الخلاصة
وقال الكاتب، إن تاريخ إثيوبيا الذي استمرت فيه كقوات احتلال للصومال، إضافة إلى عزمها تقديم المزيد من القوات خارج مظلة أتميس، يجعل منها هدفا مستمرا لحركة الشباب ذلك لأن حركة الشباب تدرك أنه بعد أكثر من عقد ونصف العقد من تدخل القوات الأجنبية، ستكون جارتها الأقوى، عقبة أمام جهودها في بسط سيطرتها على كامل الصومال.
وبحسب الكاتب فإن قدرات الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب في السيطرة على الأراضي الصومالية بعد انسحاب قوات أتميس مشكوك فيها، وحركة الشباب أثبتت قدرتها على حفظ قوات كبيرة وجيدة الإعداد والتجهيز، وقد أثبتت قدرتها على التصدي لعدة حملات.
أيضا، حدود إثيوبيا الطويلة مع الصومال، يعيش فيها الصوماليون أو الأورومو المسلمين، الذين لديهم تاريخ من المشاعر الانفصالية الممتدة مع إثيوبيا. هذه العوامل تجعل من الممكن أن تواجه إثيوبيا صراعا جارفا مع حركة الشباب في الأشهر والسنوات المقبلة. إن حدث ذلك، فإن حركة الشباب قد أثبتت أنها قادرة على استغلال كل فرصة ممكنة لزعزعة الأمن في إثيوبيا، بما في ذلك تأسيس خلايا داخل إثيوبيا، التي لوحدها تمثل سببا بارزا لإحداث التحولات الداخلية والحرب الأهلية. بحسب ما ختم الكاتب تقريره.