كيف تساهم حرب السودان في تأمين حصة مصر من مياه النيل؟
تشهد العلاقات بين مصر وإثيوبيا تصاعدًا في التوتر بسبب أزمة سد النهضة، في حين تلقي الحرب الأهلية في السودان بظلالها على ملف مياه النيل، مما يزيد تعقيد التحديات الإقليمية. هذه التطورات تؤكد الحاجة الماسة إلى تعاون دولي لضمان استقرار تدفق مياه النيل وحل الخلافات العالقة بين الدول المعنية. بحسب صحيفة دي دبليو الألمانية.
في هذا السياق، صرّح المهندس كيفلي هورو، المدير العام لمشروع سد النهضة، بأن السد اكتمل بنسبة 99,5 بالمائة، بينما اكتمل ملء سد السرج بنسبة 100 بالمائة. وقد تم تشغيل أربع توربينات لتوليد الكهرباء، مع توقعات بأن المشروع سيُستكمل تماما خلال العام المقبل.
وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، في مقابلة مع DW، “إن عملية التخزين في سد النهضة قد اكتملت بالفعل”. وأشار إلى أن التصريحات الإثيوبية بشأن استمرار الملء حتى ديسمبر/ كانون الأول “غير دقيقة، حيث تتوقف الأمطار عادة في شهر سبتمبر/ أيلول”.
كما أوضح شراقي أن التوربينات توقفت عن العمل منذ 5 سبتمبر/ أيلول، كما “يتضح من الصور الجيولوجية التي لا تظهر فيها حركة الدوامات التي تشير إلى تشغيل التوربينات. وبالتالي، فإن الاعتماد الآن على بوابات المفيض فقط”.
وأرجع شراقي عدم استمرار تشغيل التوربينات الجديدة، التي تم الإعلان عن تشغيلها في 24 أغسطس/ أب الماضي، إلى عدة أسباب: قد تكون فنية، أو تتعلق بعدم جاهزية شبكة الكهرباء الرئيسية. كما أن الفيضان الحالي يساهم في اندفاع الأحجار والمواد المتحللة من البحيرة، مما يُعيق عمل التوربينات. وأضاف أن هذه المشاكل “تعتبر مؤقتة، ويرجع جزء منها إلى عدم تطهير المنطقة المحيطة بالسد من الأشجار”.
وفي مقابلة مع دي دبليو، أشار الدكتور محمد حافظ، الخبير في مجال السدود، إلى أن إثيوبيا لم تعلن بعد انتهاء الملء الخامس، الذي سيستمر حتى نهاية العام. وقد يكون ذلك مرتبطًا بتركيب الجسر المعدني للمفيض العلوي. ويُتوقع أن ينتهي الملء الخامس بحلول نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وفقًا لتصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي.
وأضاف حافظ أنه “حتى الآن، تم تخزين حوالي 40 مليار متر مكعب من المياه، بينما يُقدّر إيراد النيل الأزرق هذا العام بأكثر من 50 مليار متر مكعب. ومن المتوقع أن تحصل مصر والسودان على ما يتراوح بين 12 و15 مليار متر مكعب من إيراد النيل الأزرق خلال الفترة من نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024 حتى يوليو/ تموز 2025، لكن ذلك يعتمد على قرار إثيوبيا بفتح بوابات التوربينات”.
كما ذكر أنه تم تخزين حوالي 50 مليار متر مكعب من المياه خلال الملئين الأخيرين، مما أدى إلى انخفاض منسوب بحيرة ناصر بمقدار 1,5 مترا مقارنة بالأعوام الأربعة الماضية. رغم أن بحيرة ناصر حصلت على 90 بالمائة من حصة السودان منذ إبريل/ نيسان 2023 بسبب الحرب الأهلية السودانية، مما أضاف حوالي 25 مليار متر مكعب، فإن المنسوب الحقيقي للبحيرة كان سيقل بمقدار 7,5 مترا لو كانت السودان تعيش في استقرار سياسي.
وأوضح أنه إذا استمرت الحرب في السودان حتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2025، فقد تستحوذ بحيرة ناصر على حوالي 60 مليار متر مكعب إضافية من فيضانات الصيف، مما يعوض ما تم تخزينه في سد النهضة. وهذا سيساهم في تقليل احتمالية انهيار مخزون بحيرة ناصر لفترة تصل إلى عامين، ما لم يحدث جفاف في إثيوبيا.
وأضاف أنه في حالة استمرار الحرب الأهلية السودانية لعدة سنوات، وحصول مصر على الحصة السودانية، “قد تتمكن مصر من تعويض حوالي 80 بالمائة من العجز المائي المتوقع بعد اكتمال بناء سد النهضة، مما سيؤثر إيجابيًا على توقعات مصر بشأن تأثير السد”.
من جهة أخرى، يرى حافظ أن التحركات العسكرية المصرية في الصومال تهدف إلى “ممارسة ضغط سياسي على إثيوبيا لضمان تصريف عادل لمياه النيل الأزرق. ومع تراجع منسوب بحيرة ناصر، قد تضطر مصر لاتخاذ خطوات رمزية لحماية أمنها المائي”.
وقال شراقي إن إثيوبيا لم تعترف رسميًا بتوقف التوربينات، لكن الأدلة تشير إلى ذلك. و إن “الحقائق واضحة، لا تحتاج إثيوبيا للإعلان، فنحن نرى هذه المياه على حافة البحيرة الآن”.