فتاوى ووصايا المؤتمر الخامس لعلماء الولايات الإسلامية في الصومال
نشر المؤتمر الخامس لعلماء الولايات الإسلامية في الصومال بيانا ختاميا بعنوان: “فتوى العلماء في حكم الخارجين عن الشريعة ووجوب قتالهم دفعا وابتداء”.
وجاء في مقدمة الفتوى:” أداء لواجب البيان والبلاغ قام العلماء الصادقون بدورهم المنوط بهم في مواجهة الباطل فنشروا التوحيد بالسيف واللسان والسنان والبنان، وكان لهم من المواقف والبطولات المشرقة والمشرّفة ما كان. وكان لعلماء المسلمين في منطقة شرق إفريقيا نصيب وافر في الصدع بالحق ومواجهة الباطل”.
سرد مختصر لتاريخ قادة الجهاد في المنطقة
وسردت الفتوى بشكل مختصر تاريخ قادة الجهاد في المنطقة، حيث جاء فيه: “ففي عام (699 هـ) قام بأرض الحبشة الإمام أبو عبد الله محمد يدعو إلى الإسلام فاجتمع عليه نحو 200 ألف رجل. وحارب نصارى الحبشة حروبا كثيرة .
وفي منتصف القرن الثامن الهجري قاد الإمام العالم: حق الدين بن أحمد جهادا مباركا ضد نصارى الحبشة واستمر على محاربتهم ومقاتلتهم فما زال مؤيدا بنصر الله إلى أن نال الشهادة مقبلا غير مدبر سنة (776هـ) بأرض شوة بعد جهاد دام قرابة 10 أعوام.
ثم حمل الراية من بعده أخوه: الإمام العالم المجاهد الصالح -كما يصفه المقريزي-: سعد الدين محمد بن أحمد أبو البركات نحو من 30 سنة، حتى اصطفاه الله للشهادة في وسط جزيرة زيلع التي عرفت فيما بعد باسمه سنة (805 هـ). واستشهد معه 400 من الصالحين واستحرّ القتل في المسلمين حتى هلك أكثرهم وانكسر من بقي منهم.
ثم توارث الجهاد والعزة من بعده أبناؤه: فحمل الراية الإمام علي صبر الدين بن سعد الدين بعد استشهاد أبيه، وجاهد نصارى الحبشة إلى أن مات على فراشه مبطونا في حدود سنة (825 هـ) مشكور السيرة بعد جهاد دام لـ 8 سنين.
ثم حمل الراية الإمام: منصور وعضده أخوه محمد وسارا بسيرة أسلافهما في جهاد نصارى الحبشة إلى أن وقعا معا في أسر أعداء الله النصارى غازيين في سبيل الله في معركة من أعظم معارك الإسلام عام (828 هـ).
ثم حمل من بعدهما الراية الإمام العادل: جمال الدين محمد بن سعد الدين حتى رزقه الله الشهادة في جمادى الآخرة عام (835 هـ) بعد 7 سنين من الجهاد. وكان-كما يصفه المقريزي والحافظ ابن حجر والسخاوي – خير ملوك زمانه دينا ومعرفة وقوة وشجاعة ومهابة وجهادا في أعداء الله تعالى أعز الله به الإسلام في أيامه حتى امتلأت بلاد الهند واليمن وهرمز والحجاز ومصر والشام والعراق وفارس من رقيق الحبشة الذين أسرهم وسباهم في غزواته، وما زال مؤيدا من الله تعالى منصورا على أعداء الله حتى ختم الله له بالحسنى وكتب الله له الشهادة.
ومن محاسن جمال الدين التي يجب أن تذكر له والتي حفظها له التاريخ: جهاده وقتاله مانعي الزكاة من القبائل الصومالية الذين تحزبوا وتجمعوا لقتاله، فقاتلهم قتالا عظيما حتى هزمهم الله وانقادوا لأمره ودخلوا في طاعته ودفعوا إليه زكاة أموالهم كما يحكيه المقريزي.
ولما استشهد جمال الدين حمل راية المسلمين من بعده أخوه: شهاب الدين أحمد بدلاي (835هـ) وجرى على سيرة آبائه وإخوانه من قبله في جهاد نصارى الحبشة وأنكى فيهم -كما يصفه السخاوي- حتى رزقه الله بالشهادة في الـ 26 من شهر رمضان سنة (847 هـ) وهو يقود المعركة بعد 13 عاما من الجهاد.
ثم تولى الأمر من بعده ابنه: السلطان محمد بن بدلاي حتى توفاه الله في رجب عام (875 هـ) بعد 26 عاما من الجهاد.
ثم حمل الراية من بعده أخوه: الإمام إبراهيم بن محمد بن بدلاي وقاد الجهاد عاما ونصفا تقريبا حتى توفي عام (876 هـ).
ثم حمل الراية أخوه: شمس الدين بن محمد بن بدلاي.
ثم تولى الأمر الأمير محفوظ وجاهد الحبشة ونصارى البرتغال حتى عام (924 هـ).
وهكذا جرت الأمور بين المسلمين ونصارى الحبشة جهادا وقتالا في سبيل الله إلى أن جاء دور الإمام: أحمد بن إبراهيم الغازي فواصل الجهاد ومضى على سيرة من سبقه، وطبّق الشريعة الإسلامية في حكمه وخاصة في توزيع أموال الزكاة والغنائم على مستحقيها وفي مصارفها الشرعية.
وفي عام (934 هـ) سيطر الإمام على مدينة هرر ووحد الصفوف وأصلح البيت الداخلي، وحارب قطاع الطرق ومانعي الزكاة ولم يزل أمر الإمام بعد يعظم حتى صار إلى ما صار إليه وأستفتح كثيرا من بلاد الحبشة وقهر الكفار ووظب على الجهاد والغزو في سبيل الله ونقل عنه في ذلك ما يبهر العقول حتى سمعت بعضهم يقول ما تشبه فتوحاته إلا بمثل فتوحات الصحابة كما يقوله العيدروسي.
وواصل الإمام جهاده مكلّلا بالنصر حتى استشهد عام (949 هـ) على يد النصارى البرتغاليين وتفرقت جموعه.
ثم حمل الراية من بعده الإمام: أمير نور عام (966 هـ) وواصل المسيرة.
من عصر الدراويش إلى اليوم
ثم جاء دور الإمام السيد محمد عبد الله حسن المتوفى في الـ 10 -ربيع الثاني عام (1339ه) الذي وقف بعزيمته الصادقة أمام جموع نصارى الحبشة والإنجليز والإيطاليين ومن انضم إليهم من حثالة المرتدين من القبائل والطوائف والممالك الموالية لهم 20 عاما ابتداء من عام (1317 هـ) تقريبا.
ثم ثارت من بعده حركات جهادية في فترات لاحقة من بينها: الحركة التي قادها الشيخ حسن برسني المتوفى (1928م) والتي خاضت جهادا ضد النصارى الإيطاليين والحبشة وسط البلاد ومنها أيضا: الحركة التي قادها الشيخ بشير في شمال البلاد التي ثارت في وجه الإنجليز.
ولما أعلن الطاغية المرتد محمد زياد بري (لعنه الله) الكفر والفجور وكَفَر بالقرآن وحرفه وسب النبي محمدا صلى الله عليه وسلم قام في وجهه الدعاة وأهل العلم الصادقون، وكان من بينهم كوكبة شهداء سورة النساء يوم الخميس الـ 11 من شهر محرم من عام (1395 هـ).
وبعدما سقط النظام المجرم المرتد لما غزت الحبشة البلاد جابههم العلماء والدعاة وطلاب العلم أنصارا ومهاجرين في معارك لا تزال منقوشة في أذهان الصليبيين”.
المؤتمر الخامس لعلماء الولايات الإسلامية
وإكمالا لتلك المسيرة انعقد لعلماء الولايات الإسلامية مؤتمرهم الخامس بتاريخ الـ 24 -ربيع الأول-1444هـ، تحت: شعار: {أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} للنظر في الأوضاع الحالية للبلاد، والبحث في المستجدات الجارية فيه. وتداول العلماء في مؤتمرهم الأمور التالية:
(1) حكم الإسلام في الحكومات القائمة على النظم العلمانية.
(2) الفرق بين الدولة الإسلامية وبين الدولة العلمانية.
(3) واجب الشعب الصومالي المسلم تجاه الحكومات العلمانية.
(4) حكم الجهاد إذا احتلت بلاد المسلمين.
(5) واجب الشعب الصومالي تجاه تطبيق الشريعة.
(6) أساليب الكفار في مواجهة دعوة الرسل وأتباعهم.
(7) علماء السوء ودورهم في إضلال الأمة واحتلال أراضيها.
(8) الخوارج من هم؟ وبراءة المجاهدين من بدعتهم.
(9) الإرجاء وأهله وموقف السلف منه.
(10) التنصير والمنصرون وسبل مواجتهم.
(11) الفساد الأخلاقي وكيفية مواجهته.
قرار المؤتمر
وبعد مداولات ومباحثات جرت لأيام أجمع العلماء المشاركون في المؤتمر وقرروا ما يلي:
(أولا): تأييد ما جاء في البيانات الختامية لمؤتمرات العلماء 1-4:
يؤيد العلماء جميع القرارات التي حوتها البيانات الصادرة من مؤتمراتهم الأربعة الأولى.
(ثانيا): حكم الإسلام في الحكومات القائمة على النظم العلمانية:
حيث أكد البيان على أن الحكومات والدول القائمة على النظم العلمانية والأعراف الجاهلية كافرة كفرا ينقل عن الملة بإجماع المسلمين. وأن كفر هذه الحكومات معلوم بالاضطرار من دين الرسل وأن المخالف في تكفيرها أو الشاك فيه والمجادل المدافع عنها بفتواه أو المتأول لها بتأويل كلامها وبحث المخارج لتصرفاتها المنافية للإسلام مع العلم بها وبما هي عليه من اتباع النظم الجاهلية وابتغائها دينا واجب الاتباع مخالف لإجماع المسلمين الضروري من الدين والمخالف للمعلوم الضروري من الدين كافر كفرا ينقل عن الملة بإجماع المسلمين. وأن الخلاف في تكفير هذه الحكومات هو الشك في كفر من كفره الله ورسوله .
أن عدم تكفير هذه الحكومات والحكمَ بإسلامها مع العلم بحالها هو: الذي قاد كثيرا من الناس إلى موالاتها ومظاهرتها على المسلمين وعلى التجسس لها. وهذا هو: أبوجاد الزندقة وباب عظيم إلى بحار المكفرات والنواقض. وأن من لم يعرف كفر هذه الحكومات مع العلم بحالها وما هي عليه لم يعرف الإسلام الذي بعث الله به رسله.
وأن عدم تكفير هذه الحكومات والحكمَ بإسلامها مع العلم بحالها وبما هي عليه من اتباع الأنظمة العلمانية والتدين بها والانقياد لها والأمر بها والإلزام بها -وواحد من هذا كاف- موجب لقتال من اتصف به.
فلا يقبل من أحد علم حال هذه الحكومات وما هي عليه ادعاء التأول في عدم تكفيرها؛ لأن ذلك تكذيب وكفر؛ إذ التأويل لا يكون في المعلوم الضروري من الدين، فالمتأول في ذلك لا شك أنه عاص مخالف لضروريات الدين وقد أجمع العلماء على أن المعاصي لا يجوز ارتكابها بادعاء التأول والاجتهاد.
أن من أباح التأول فيما هو ظاهر في الكفر أو صريح فيه فقد أجاز الكفر وشرّع إظهاره وارتكابه. وقد مر أن ذلك كفر وردة وخروج من الإسلام.
الفرق بين الدولة الإسلامية وبين الدولة العلمانية
وعد البيان الفرق بين الدولة الإسلامية والدولة الديمقراطية العلمانية حيث جاء فيه:
(1) إن الفرق بين الدولة الإسلامية وبين الدولة الديمقراطية هو: الفرق بين التوحيد والشرك والإيمان والكفر. فعقد المقارنة بين الدولة الإسلامية وبين الدولة الديمقراطية مقارنة بين الحي والميت بل هو ضرب من العبث ومن إضاعة الوقت.
(2) إن المعبود المتبع المطاع المشرع المحلل للحلال المحرم للحرام في الدولة الإسلامية هو الله، وأما في الدولة الديمقراطية فهو: هوى البشر. فإله الناس في الدولة الإسلامية هو خالق البشر، وإله الناس في الدولة الديمقراطية هو هوى البشر.
(3) إن الدين المتبع في الدولة الإسلامية هو: الوحي كتاب الله وسنة رسوله (‘). والشرع المتبع في الدولة الديمقراطية هو: أهواء الناس ورغباتهم.
(4) إنه إذا ثبت اختلاف الدولتين في الإله المعبود وفي الدين المتبع، فلا التقاء بينهما في شيء بحال من الأحوال.
(5) إن الدولة الإسلامية تحفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة وتطبق الشريعة وتقيم الحدود وتحفظ البيضة. فباختصار هي: تحفظ الدين كله أصوله وفروعه. والدولة الديمقراطية: تضيع الدين وتفتح الباب على مصراعيه للكفر والإلحاد وسائر القبائح والخبائث.
واجب الشعب الصومالي المسلم تجاه الحكومات العلمانية:
وجاء في البيان أن الواجب الشعب الصومالي المسلم تجاه هده الحكومات يتلخص فيما يلي:
(1) تكفيرها والكفر بها.
(2) بغضها.
(3) معاداتها.
(4) قتالها والخروج عليها.
(5) إن على الشعب المسلم أن يعلم أن حراما عليه موالاة الطائفة ونصرتها وبذل المال لها.
(6) إن على الشعب المسلم أن يعلم أن قتال هذه الطائفة فرض عين عليه وأنه من أفضل الطاعات والقربات. وأنه مقدم على قتال اليهود والنصارى والمشركين.
(7) إن الناس قد انقسموا فيما يجري في بلادنا وفي سائر بلاد المسلمين إلى:
(أ) طائفة كافرة مرتدة خارجة عن الإسلام وهي هذه الحكومات الكافرة وجنودها والمفتون لها والمدافعون عنها بقول أو عمل، والمعينون لها برأي أو مال وكل من ضم إليها أو قاتل تحت رايتها.
(ب) طائفة منصورة وهم المجاهدون في سبيل الله لهذه الطائفة المرتدة الكافرة وكل من أعانهم إما برأي أو مال أو أية إعانة.
(ت) طائفة مخذلة مثبطة وهم القاعدون عن جهاد المرتدين والصليبيين دون عذر شرعي. وهؤلاء وإن كانوا مسلمين لكنهم تحت الوعيد لتركهم الفرض العيني. فلينظر الرجل من أي الطوائف يكون؟
(8) إنه لا ينهى ولا يمنع ولا يثبط من جهاد هذه الطائفة المرتدة مع العلم بحالها إلا كل منافق جاهل شاك في الإسلام ونصرة الله.
(9) إنه كما يجــب قتال هذه الحكومات يجب قتال كل من انضم إليها أو ذب عنها أو أثنى عليها أو عظّم قوانينها أو ساعدها وظاهرها على المسلمين أو كره الكلام فيهم أو حكم بإسلامها مع العلم بحالها أو أخــذ يعتذر لها بالمعاذير الباطلة التي لا يقولها إلاّ جاهل أو منافق، بـل تجب عقوبة كل من عرف حالها ولم يعاون على القيام عليها، فإن القيام والخروج عليها من أعظم الفروض العينية على المسلمين.
حكم الجهاد إذا احتلت بلاد المسلمين
وعن حكم الجهاد إذا احتلت بلاد المسلمين جاء في البيان:
(1) إن الجهاد يتعين على المسلمين إذا احتل العدو بلادهم كما هو واقع اليوم.
(2) إن هذا الجهاد المتعين لا يشترط له إذن الإمام ولا وجوده.
(3) إن القول باشتراط الإمام للجهاد المتعين على المسلمين وحي أوحاه إبليس إلى بعض أوليائه من علماء الدجل وإلا فبأي دليل وحجة أوجبوا ذلك وقد قرر الفقهاء أن المرء يغزوا العدو وحده إن قدر عليه.
(4) إن على التجار المسلمين أن ينفقوا مالهم في سبيل الله، وأن لا يبخلوه على أنفسهم وعلى دينهم وعلى إخوانهم وأبنائهم المجاهدين في سيبل الله.
(5) إنه يجب قتال الطوائف والقبائل الممتنعة الخارجة عن شريعة الإسلامية دفعا وابتداء حتى يتوبوا مما هم فيه من الكفر والردة، ويدخلوا في الإسلام كافة ويذعنوا لحكم الله ورسوله .
واجب الشعب الصومالي تجاه تطبيق الشريعة
وجاء في البيان بشأن واجب الشعب الصومالي تجاه تطبيق الشريعة الإسلامية:
(1) إن على الشعب الصومالي المسلم: أن يتمسك بكتاب ربه وسنة نتيه (‘) وأن يحكم بهما ويتحاكم إليهما ويكفر بكل شرع أو قانون آخر فلا يحكمه ولا يتحاكم إليه في قليل ولا كثير.
(2) إن على الشعب الصومالي المسلم أن يدافع عن تطبيق الشريعة ويبذل الغالي والنفيس، وأن ينصر أبناءه البررة المجاهدين القائمين بشرع الله الذابين عن حماه وعن بيضته وعن عرض الأمهات وشرف الآباء والأعمام والأجداد.
أساليب الكفار في مواجهة دعوة الرسل وأتباعهم:
وجاء في البيان: انتهج الأعداء أساليب ووسائل خبيثة ماكرة لمواجهة الحق وأهله من أهمها:
(1) الدعاية، وهي من الأسلحة التي يعتمدها العدو؛ لقطع التلاحم العقدي والترابط الإيماني بين المجاهدين وبين سائر المسلمين لينفرد بهم.
(2) استصدار الفتاوى الانهزامية من أحبار السوء لتحريم الجهاد وتجريم المجاهدين.
وهذه حيلة قديمة ركبها الإنجليز لعرقلة مسيرة مسلمي شبه القارة الهندية ضد احتلال الانجليز لأراضيهم.
ومن الفتاوى التي استصدرها الإنجليز أن أفتى البعض: بأن الجهاد ورفع السلاح في وجه الانجليز الذين رفعوا شعار حرية التدين لا يجوز شرعا، وأن من فعل ذلك فهو باغ يجب عقابه.
وأفتى آخر: أن الحكم بالقوانين الإنجليزية والتحاكم إليها ليس بكفر بل هو جائز .
وكان الانجليز يهدف من جمع تلك الفتاوى امتصاص أثر فتوى قديمة أفتى بها ولى الله الدهلوي ناشد فيها المسلمين بوجوب الجهاد ضد الانجليز وجاء فيها: إن الأجزاء التي يحتلها غير المسلمين من الهند دار حرب، يجب السعي لاستردادها، وإن الوضع الحربي قائم بينها وبين بقية الهند حتى تعود إلى حكم الإسلام.
وقد قام الإنجليز بنفس الدور مع المجاهد السيد محمد عبد الله حسن، وهاهم الصليبيون يمارسون نفس الصنيع مع أحفاد الدراويش وأبنائهم الذابين عن حمى الشرع.
(3) تبني المذاهب الهدامة والدعوات الضالة ونشرها بين المسلمين، كالرفض والشرك.
(4) الافتراء واختلاق الفرى وإلصاقها بالمجاهدين، كما فعل الإنجليز مع المجاهد الزعيم السيد محمد عبد الله حسن قائد الدراويش. وكما فعله أيضا مع الإمام العالم الشهيد أحمد بن عرفان البريلوي الذي قاد جهادا ضروسا ضد الصليبيين والهندوس بتاريخ الـ 7 – جمادى الآخرة-1241هـ=17-يناير-1826م حتى رزقه الله الشهادة في (24-12- 1246 هـ) في معركة في بالاكُوث، واستشهد معه في ساحة المعركة الإمام إسماعيل بن عبد الغني العمري الدهلوي، وأكثر من 300 مجاهد.
(5) تهييج القبائل وتجنيدهم ضد المجاهدين. وذلك من خلال الزج ببعض القبائل في أتون حرب ضروس لا قبل لهم بتحمل تكلفتها والصبر على مشاقها وأهوالها وقد عجزت عنها دول بجيوشها وأركان حربها وخيلها ورجلها.
علماء السوء ودورهم في إضلال الأمة واحتلال أراضيها:
وعن علماء السوء جاء في البيان:
(1) إننا نقصد بعلماء السوء هنا تلك الشرذمة التي سخرت نفسها لخدمة النصارى واليهود وتنازلت عن دينها وعن أرضها للأمريكان مقابل لا شيء وصارت أبواقا للحملة الصهيوصليبية وخناجر مسمومة يطعن بها الأعداء في خاصرة الأمة تحرض على قتال المجاهدين وتصفهم بالخوارج والمارقين.
فهنيئا لكم يا قطاع الطريق إلى الله ويا دعاة الضلالة من قدوة في ذلك: حيي بن أخطب حين زين لمشركي قريش شركهم.
(2) إننا نبين لأمتنا المسلمة: أن هؤلاء الخونة خانوا الله ورسوله وخانوكم وخانوا أماناتهم يوم أن حكموا بإسلام الحكام الخونة المرتدين، وصاروا بذلك مستحقين للوعيد الواجب المنتظر لمن يخون أمانته فلا تطيعوهم ولا تسمعوا لأراجيفهم؛ فإن ما يأمرونكم به هو عين معصية الله وسخطه؛ لأن من المعصية ترك الجهاد المتعين.
(3) إننا نقول لأولئك الدجاجلة: إن دوركم في احتلال أراضي المسلمين معروف، وتسويغكم لتمرير المشاريع الصهيوصليبية لتنطلي على الجهلة أمر مكشوف، وانضوائكم تحت راية الصليب علمه القاصي والداني وتبعيتكم للأنظمة المرتدة وعمالتكم لها لم يعد بعد خافيا على العقلاء، فقد والله فضحوكم وجعلوكم لأغراضهم مطايا طيعة سهلة الانقياد. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
الخوارج من هم؟ وبراءة المجاهدين من بدعتهم
وعن تهمة الخوارج جاء في البيان:
(1) إن الخوارج فرقة مبتدعة متشعبة الفروع والقول الجامع لأغلب فرقها: هو: التكفير بالكبائر والحكم بخلوده في النار.
(2) إن المجاهدين بريؤون من مقالات الخوارج ومن بدعهم. والمعلوم من حال المجاهدين أنهم لا يحكمون بالكفر على أحد من أهل القبلة لم يرتكب مكفرا بمجرد ذنب ارتكبه، ولا بعظيم جرم اجترحه.
وأما ما اعتاده أحبار السوء من رمي المجاهدين بالخارجية فكذبة فاجرة من كذباتهم يعلمه كل من له أدنى إلمام بأخبار المجاهدين.
وإنما يرمي المجاهدين برأي الخوارج أحد رجلين: جاهل بمذهبهم مقلد فيما يقوله أو معاند يقصد التنفير عن التوحيد والجهاد والعمل بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة.
ولو قدر أن إنسانا مغمورا يقع منه جراءة، وجسرة على إطلاق الكفر، جهلا منه، فلا يجوز أن ينسب إلى المجاهدين، وإنما ينسب إليهم ما يقوله أئمتهم ورؤوسهم وقادتهم على ما بينه أهل العلم والتحقيق. وأما الكذب والافتراء فشأن المبطلين والأفاكين والله المستعان عليهم.
(3) إن المجاهدين وعلمائهم بإذن الله لن يتوقفوا -مهما قال المبطلون وكره الكافرون- عن الجهاد الواجب ولا عن تكفير من ثبت لهم كفره بدليل، وإن قال لا إله إلا الله، وصلى وصام، وزعم أنه مسلم؛ وهذا مجمع عليه عند أهل العلم، لا اختلاف في ذلك بين اثنين منهم.
(4) إن المجاهدين ليسوا بأول من رمي بالخارجية، فقد وصف المجانبون للحق المباينون له جماعات من أهل العلم بالخارجية.
(5) إن الخوارج الحقيقيين موجودون في البلاد ومنتشرون في طولها وعرضها، فليحذر الشعب الصومالي منهم ومن بدعهم.
ومن مقالاتهم: تكفير من أظهر الإسلام ولم يعلم منه ناقض ظاهر قولي أو عملي.
وهذا مخالف لما علم من دين الإسلام ضرورة؛ إذ كان النبي يقبل الإسلام ممن أظهره ولو كان كافرا في الباطن مالم يظهر ناقضا قوليا أو علميا.
(6) إن أحبار السوء استغلوا عبارة “ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب” لمنع تكفير أسيادهم المرتدين.
ومن تكلم بهذه العبارة من أهل السنة فإنما أراد بالذنب مطلق الذنب وهو: المعصية التي ليست كفرا مخرجا عن الملة.
الإرجاء وأهله وموقف السلف منه
وجاء في البيان بشان الإرجاء:
(1) إن الإرجاء مذهب مبتدع ظهر في الإسلام قديما بعد هزيمة ابن الأشعث عام (83 هـ)، والمرجئة فرق متعددة يجمعها القول بإخراج الأعمال من الإيمان، والقول بصحة إيمان من لم يعمل لله عملا صالحا قط مع التمكن وقيام الحجة عليه.
(2) إن السلف اشتد إنكارهم على هؤلاء وتبديعهم وتغليظ القول فيهم وذلك أن نزاعهم “يتعلق بأصل الدين؛ فكان المنازع فيه مبتدعا”؛ إذ ليس لأحد أن يخالف ما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع، وقد صارت بدعتهم سببا وذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم وإلى ظهور الفسق؛ فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء.
(3) إن للمرجئة المعاصرين من التلبيس والتخليط واضطراب الأقوال في مسائل الإيمان ما جعل حالهم أسوء من حال أسلافهم.
(4) إن من سمات المرجئة المعاصرين التشدق بانتحال السلف والانتساب إليهم مع مخالفتهم لهم بل ولسائر طوائف أهل القبلة في ركن الإسلام الأول. ومن كان مطلعا على مذهب السلف في هذه الأبواب ثم وقف على كلام هؤلاء الخوالف يشتد عجبه من انتحالهم الكاذب لهم مع براءتهم الكاملة.
(5) إن على طلبة العلم أن يولوا اهتمامهم لمسائل الأسماء والأحكام وضبط قاعدة التكفير على نصوص فقهاء المذاهب بعيدا عن ارتجالات المعاصرين. فإن الخطأ فيها وخيم وله من المفاسد والأضرار ما يشيب الولدان.
التنصير والمنصرون وكيفية مواجتهم
وعن حركة التنصير جاء في البيان:
(1) إنه لوحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع مستوى نشاط المرتدين الخارجين عن الشريعة المنتسبين إلى النصرانية، وصارت لهم قنوات ومعرفات في مواقع التواصل الاجتماعي، واستضيف بعضهم في الفضائيات ترويجا للكفر والإلحاد ودعوة إلى الشرك والتثليث.
(2) إن الحكومات العلمانية وما يسمى بالهيئات الإغاثية والقوات الصليبية الغازية بمختلف أسمائها هي: من تشجع هذه النشاطات الكفرية، حيث تؤوي المرتدين في مقراتهم ومعسكراتهم وتوفر لهم الغطاء، وتقوم بتأمينهم للحيلولة دون وصول أيدي المجاهدين إليهم.
(3) إن نشاط المنصرين يستهدف بالدرجة الأولى الناشئة وصغار السن في المدارس ولا سيما الداخلية والمشافي، ويركزون بشكل ملحوظ على المدارس الداخلية المخصصة للبنات.
(4) إن على العلماء والدعاة نشر وفضح مخططات المنصرين وكشف شبهاتهم الساقطة.
(5) إن على من ولاه الله أمر المسلمين العمل على صرف بعض الجهود إليهم بقدر الوسع والإمكان ورصد ومراقبة أنشطتهم ودراسة أمرهم وجمع المعلومات عنهم لإقامة الحد فيهم واغتيال المعروفين منهم بذلك، لإعدام كفرهم وإزالة شركهم.
وقد سبق للمجاهدين -شكر الله سعيهم وتقبل أعمالهم- أن أعملوا السيف في رقاب الخارجين عن الشرع الداعين إلى الكفر والشرك والإلحاد كالمدعو: عبد الولي علي علمي يري لا رحمه الله.
الفساد الأخلاقي وسبل مواجهته
وعن الفساد الأخلاقي جاء في البيان:
(1) إن الفساد الأخلاقي الهابط قد انتشر في طول البلاد وعرضها، وخاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة المجاهدين، وظهرت قنوات ماجنة ومعرفات خليعة في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انعدم الحياء والعفة ومراقبة الله من كثير من الشباب ولا سيما في العائدات من بلاد الغرب مأوى الفجور والفسق والموظفات للهيئات الصليبية المتسترة باسم الإغاثة.
(2) إن على أهل العلم وطلابه: القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء واجبهم تجاه أمتهم وتحذير الناس من مغبة انتشار الفساد في الأرض.
(3) إن على من ولاه الله أمر المسلمين الضرب على أيدي المفسدين والسعي في منعهم من نشر الفساد في البلاد وبين العباد، والعمل على الحد من أسبابه.
(4) إن على الشركات الموفرة لخدمات الإنترنت -إن بقيت فيهم بقية من خير-أن يتقوا الله في المسلمين وفي ناشئتهم، وألا يحملهم الجشع والسعي وراء حطام الدنيا الفانية وجمع المال على إهلاك ما تبقى من هذا الشعب المسلم المستضعف وإلا فهم مشاركون في نشر الفساد.
وصايا
واختتمت الفتوى بتوصيات حيث جاء فيه:
إننا نوصي جميع المسلمين بتقوى الله وطاعته في السر والعلن والصبر على الحق ومواظبة الجهاد. وإن العلماء إنما يدعون “إلى الاستعداد والمواظبة على الجهاد ومدافعة العدو عن البلاد عملا بهدي خير العباد وبما أمر الله به وأوجبه على العباد واستمر على ذلك ” مدة حياته وتلاه الخلفاء الراشدون من أصحابه.
جاهدو عدوكم بالسيوف والسنان وحاجوا بلاعمهم بالإجماعات، فقد علتم أن كفرهم مجمع عليه بين المسلمين معلوم من دين الإسلام ضرورة، فلا تنشغلوا عن قتالهم ومناجزتهم ببنات الطريق.
ألا فليعلم المسلمون أن جولة الباطل ساعة، وجولة الحق الى الساعة، وأن أعدائكم على باطل، وأنكم على الحق فلا تهنوا ولا تضعفوا وبايعوا ربكم على الموت في سبيله، ولا تزالوا بهم حتى يخرجوا من بلادنا أذلة وهم صاغرون. والله معنا وعلى الله فليتوكل المتوكلون.
وقد استشهدت الفتوى بالكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والنصوص الشرعية وأقوال إئمة أهل السنة، والفتاوى الشرعية وقدم تأصيلا شرعيا لكل فتوى قدمها في هذا المؤتمر.
كما اعتنى بذكر المراجع التاريخية والعلمية لكل معلومة وردت فيه.
وقد وقع على هذه الفتوى 74 من علماء الولايات الإسلامية في الصومال.
الفتوى