خبراء يقولون إن الحكومة الصومالية بحاجة إلى قوات أجنبية بعد خروج أتميس

 

في الوقت الذي يتحرك فيه الصومال نحو خروج بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) من البلاد وإدخال قوة أجنبية أخرى على شواطئها، يقول خبراء أمنيون إن الأسباب المالية والنفعية السياسية هي المسؤولة عن الجداول الزمنية الانتقالية القصيرة. ونتيجة لذلك، يقولون إن سعي الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب لتكون مهندسة أمنها لن يتحقق مرة أخرى عندما تغادر جميع قوات الاتحاد الأفريقي البلاد. بحسب صحيفة إيست أفريكان.

وسيأتي ذلك بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من تفويض أتميس من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتوجيه الجيش الصومالي لتولي المسؤوليات الأمنية وتسليم المواقع العسكرية وتنفيذ المرحلة الانتقالية التي تضمن حماية مراكز الحكومة من مقاتلي حركة الشباب المجاهدين.

ولكن، في الإحاطة التي قدمها رئيس أتميس محمد الأمين سويف في 24 حزيران/يونيو إلى مجلس الأمن الدولي، أشار إلى أنه على الرغم من التقدم الذي أحرزته قوة الاتحاد الأفريقي نحو تنفيذ العملية الانتقالية، لا تزال حركة الشباب المجاهدين مرنة وتحتفظ بالقدرة على شن هجمات مدمرة.

وقال سويف إن هذا كان واضحا في الهجوم الأخير على قوات الأمن الصومالية في عيل دير في منطقة جلجودود وسط الصومال، والهجوم بقذائف الهاون على مخيم أتميس في بيدوا، في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد.

“الطموحات السياسية حول المرحلة الانتقالية لم تتطابق باستمرار مع الحقائق على الأرض، مما يؤدي بعد ذلك إلى التأخير”، كما يقول عمر محمود، كبير محللي شرق أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية.

وقال محمود: “من المرجح أن الصومال سيظل بحاجة إلى مساعدة القوات الأجنبية على الأقل خلال العامين المقبلين من أجل تجنب حدوث انتكاسة أمنية”.

وتقول محللة السلام والأمن روث ناماتوفو إن المرحلة الانتقالية في الصومال متداخلة لأنها لم تصمم من قبل الاتحاد الأفريقي بل تم استيرادها إلى البعثة.

“لا يوجد خطة واضحة، أصحاب المصلحة المختلفون لديهم جداول أعمال مختلفة”، كما تقول ناماتوفو، وهي زميلة باحثة في معهد البحوث وتكامل السياسات في أفريقيا، في جامعة إلينوي الشمالية في الولايات المتحدة.

وتضيف ناماتوفو مستشهدة بصراعات مثل أفغانستان والعراق وبعثات ما يسمى حفظ السلام في مالي والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية أنه على الصعيد العالمي، كانت التحولات الأمنية خلال حركات التمرد تنتهي دائما بالكوارث وتعيد تدوير البلدان المتضررة إلى صراعات.

وأضافت أن “الصومال يحاول تفادي نتيجة نهائية مماثلة من خلال التقليل من مخاطر التخلص من القوات الأجنبية دفعة واحدة في الوقت الذي أصبحت فيه حركة الشباب أكثر مرونة وتطورا ونمت قوتها من حيث العدد”.

إن العملية الانتقالية في الصومال بتسليم ملفات الأمن للحكومة المدعومة من الغرب تعثرت بسبب العجز في تكوين القوات، مما أدى إلى عدم القدرة على مضاهاة المهام الأمنية المطروحة، الأمر الذي استمر في تعريض قوات الحكومة والتحالف الدولي لهجمات مقاتلي حركة الشباب المجاهدين,

وبسبب هذه الثغرات الأمنية، سعت الحكومة الصومالية الشهر الماضي إلى تأجيل خروج 2000 جندي من أصل 4000 جندي من قوات الاتحاد الأفريقي حتى نهاية سبتمبر الذين كان من المفترض أن يغادروا البعثة في نهاية المرحلة الثالثة من الانسحاب في 30 يونيو.

لكن في 28 يونيو/حزيران، خفض مجلس الأمن الدولي الفترة التي سعت فيها الحكومة إلى تأخير الانسحاب الكامل إلى 12 أغسطس/آب، في القرار 2741 (2024) الذي تم تبنيه بالإجماع.

ويعني القرار أن الدول المساهمة بقوات في أتميس قد أذن لها بنشر ما يصل إلى 14,626 فردا نظاميا حتى 30 يونيو، ولكن يجب أن تكمل سحب 2,000 فرد بحلول هذا التاريخ.

كما أذن مجلس الأمن للبلدان المساهمة بقوات بنشر ما يصل إلى 12,626 فردا نظاميا من 1 يوليو حتى 12 أغسطس ، وبعد ذلك سيغادر 2,000 جندي البعثة لإكمال المرحلة الثالثة من الانسحاب.

وستنهي قوة الاتحاد الأفريقي عملياتها العسكرية في 31 كانون الأول/ديسمبر، وسط مخاوف من عودة حركة الشباب التي فشلت الاتحاد في القضاء على نظامها الإسلامي في البلاد.

في ديسمبر 2023 ، قدمت الحكومة الصومالية طلبا رسميا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لقوة ما بعد أتميس بعد سلسلة من النكسات الأمنية التي تعرضت لها في عدة أجزاء من البلاد.

ويجادل محمود بأن البعثة الجديدة – التي يقول مجلس الأمن الدولي إنه يجب الانتهاء من مفهوم عملياتها (Conops) بحلول نهاية هذا الشهر ومراجعتها في 2 أغسطس – يجب أن تحدد بوضوح المعايير التي تواصل الزخم نحو الانتقال الكامل.

“جزء من المشكلة كان الخطط السابقة التي أكدت على جداول زمنية سريعة لأسباب تتعلق بالنفعية السياسية، بدلا من الحقائق على الأرض. وفي نهاية المطاف، فإن الأمر ليس متروكا للشركاء الدوليين أو حتى الاتحاد الأفريقي لتحقيق العملية الانتقالية، بل للصوماليين أنفسهم”.

والواقع أنه في الفترة التي سبقت إعادة تشكيل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال أميصوم إلى أتميس، ألغى المانحون المنهكون من البعثة فترة انتقالية مدتها خمس سنوات اقترحتها البلدان المساهمة بقوات بوصفها الجدول الزمني الأكثر واقعية، لصالح فترة انتقالها القصيرة التي تقل عن ثلاث سنوات.

لكن التمويل لا يزال قضية شائكة، حيث يزعم أن البعثة متأخرة بمبلغ 145 مليون دولار حاليا، ويقول محللون إن الشركاء الدوليين يجب أن يتفقوا على آلية لتمويل القوة الجديدة، كأولوية تضمن عوائد نشرها والأمن على استثماراتهم في بناء الدولة الوكيلة للهيمنة الغربية في الصومال.

ويعكس الاضطراب الكبير الذي تشهده الحكومة وحلفائها درجة الانفصام عن واقع الصومال ومحاولاتهم التهرب من حقيقة تمكن حركة الشباب المجاهدين ميدانيا وسياسيا، وهو ما يطيل أمد التصريحات العاطفية التي تدغدغ مشاعر المجتمع الدولي بينما في الأرض، فإن الحركة الجهادية ماضية في تطبيق حكم الشريعة الشامل والمستقل ولا تبالي بقرارت مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي حيث ترى هذه المنظمات أدوات الهيمنة الغربية التي تحرم الصومال من الاستقلال بهويته الإسلامية الرائدة.