حميدتي يقترح “الفدرالية” كحل لأزمة السودان والبرهان يؤكد “لن نتفق مع الخونة” والجوع يهدد حياة السودانيين
أكّد رئيس مجلس السيادة في السودان، القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، أنهم لن يتفقوا مع من وصفهم بـ”الخونة الذين بدؤوا الحرب بكذبة”، في حين طرح قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، حميدتي، رؤيته للسلام في السودان. بحسب وكالات الأنباء.
وقال حميدتي، إن أي مفاوضات تهدف للتسوية يجب أن تقوم على البحث عن حل سياسي شامل. وحثّ على إدراج بنود في أي مفاوضات قادمة، ومن بينها: اعتماد نظام حكم فدرالي، وحكومة مدنية تمثّل كل أقاليم السودان.
وطالب بإقرار تأسيس جيش سوداني جديد بغرض بناء مؤسسة عسكرية واحدة تنأى بنفسها عن السياسة، داعيًا إلى تصفية الوجود الحزبي والسياسي داخل الجيش، حسب وصفه.
بينما قال البرهان، نحن نقاتل وحدنا، ونكرس كل وقتنا لإنهاء التمرد، مشددًا على أن “الذين غزوا الخرطوم لا يشبهون أهل السودان”.
وبحسب مراسل الجزيرة لا يزال هناك سماع لإطلاق نار بمختلف أنواع الأسلحة بالقرب من المنطقة الفاصلة بين قوات الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع في مدينة أم درمان.
وقال الجيش السوداني، إنه وجّه ضربات بالمدفعية لمواقع تمركز قوات الدعم السريع في أم درمان، حيث شوهدت ألسنة اللهب تتصاعد في المكان، وسط اشتباكات محتدمة بين الطرفين.
وقد جدّدت مدفعية الجيش السوداني قصف مواقع لقوات الدعم السريع -صباح اليوم الاثنين- وسط وشرقي أم درمان، كما حلق طيران الجيش في أجواء الخرطوم، وردّت عليه المضادات الأرضية للدعم السريع.
البرهان في بورتسودان
ووصل يوم أمس الأحد، البرهان، إلى مدينة بورتسودان (شرقي البلاد)، بعد زيارة امتدت يومين لمدينة عطبرة في الشمال.
وقال مصدر حكومي للجزيرة، إن البرهان سيعقد اجتماعًا مع مجلس الوزراء، الذي اتخذ من بورتسودان مقرًا له منذ اندلاع القتال منتصف أبريل/نيسان الماضي.
ولدى وصوله مطار بورتسودان، التقى البرهان نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، الذي كان في استقباله برفقة أعضاء في المجلس.
وتشكّل مدينة بورتسودان مقرًا بديلًا لتسيير عمل الحكومة السودانية منذ اندلاع المواجهات، كما انتقلت إليها بعثات دبلوماسية، ومنظمات إنسانية.
وأسفرت المعارك -التي تدور منذ 4 أشهر- عن مقتل نحو 5 آلاف شخص، وفق منظمة “أكليد” غير الحكومية، لكن الحصيلة الفعلية تبدو أكبر؛ لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تمامًا، كما يتعذر دفن كثير من الجثث المتناثرة في الشوارع، ويرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما.
وأُجبر أكثر من 4.6 ملايين شخص على الفرار، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، التي أكدت أن أكثر من 700 طفل ينزحون بسبب القتال في كل ساعة تمرّ.
الجوع يهدد حياة السودانيين
وفي تقرير لشبكة بي بي سي، قالت أم سلمة، ربة أسرة مكونة من خمسة أطفال حين سألت عن سبب وفاة ابنها الصغير:”نعم .. ابني الصغير مات بسبب الجوع الشديد والخوف والتعب والإرهاق”.
وقالت وهي تتحدث بصوت يغلبه البكاء عبر الهاتف : “عشنا أياما سوداء بعد فرارنا من مدينة الجنينة بسبب القتال، وقطعنا مسافات طويلة على الأقدام .. لم نجد شيئا نأكله طوال ثلاثة أيام فمات ولدي الصغير الذي كان يعاني من سوء التغذية أساسا”.
واضطرت أم سلمة إلى الفرار إلى منطقة أردمتا الحدودية بين السودان وتشاد بعد قتال عنيف اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في غرب دارفور.
وأبدت خشيتها من أن تلقى ابنتها الوسطى المصير نفسه لأنها تعاني أيضا من سوء التغذية: “لا يوجد طعام كاف في المعسكر الذي نقيم فيه حاليا، نتناول وجبة واحدة مكونة من العصيدة والسمك المجفف في اليوم ولا شيء غير ذلك”.
وكشفت منظمات معنية بالأطفال أن أكثر من 500 طفل سوداني ماتوا جوعا منذ بدء الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/ نيسان الماضي.
وقال عارف نور مدير منظمة “أنقذوا الأطفال” في السودان إن ثلث السكان في السودان يعانون من الجوع قبل بدء الحرب. وأضاف: “لم نتخيل قط رؤية هذا العدد الكبير من الأطفال يموتون جوعا لكن هذا هو الواقع الجديد في السودان”.
وكان الأطفال الفئة الأكثر تضررا دون غيرهم في السودان، كما تبين الأرقام. فقد وثقت منظمات محلية مقتل عشرات الأطفال الرضع بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة عن دار رعاية الأيتام التي كانوا يقيمون فيها في الخرطوم، وذلك بعد شهر من اندلاع الحرب.
كما نشرت منظمة اليونيسيف تقريرا صادما بعد مرور مائة يوم على الحرب كشفت فيه أن طفلا يتعرض للموت أو الإصابة مع مرور كل ساعة بسبب الحرب، مشيرة إلى أن أكثر من 2500 طفل لقوا حتفهم خلال الاشتباكات منذ بدء القتال.
وأشارت المنظمة المعنية بالأطفال أن نحو مليوني طفل أجبروا على ترك مساكنهم منذ بدء القتال، وبعبارة أخرى فإن 700 طفل ينزحون كل ساعة.
وأضافت أن ملايين الأطفال يعيشون في أوضاع خطرة في ظل انتهاكات لحقوقهم، مبينة أن أكثر من ثلاثة عشر مليون طفل في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.
إقليم دارفور، الذي لم يشهد الاستقرار منذ أكثر من نحو ثلاثة عقود، هو الأكثر تضررا من الحرب الحالية بعد العاصمة الخرطوم، وبطبيعة الحال، فإن الأطفال يدفعون الثمن مضاعفا.
ويوجد الآلاف منهم في معسكرات الشتات المنتشرة داخل الإقليم، أو في دولة تشاد المجاورة.
ويحذر والي ولاية شمال دارفور، عبد الرحمن نمر، في تصريحات لبي بي سي من حدوث مجاعة وشيكة بسبب قلة المواد الغذائية “نواجه وضعا صعبا للغاية .. نحن على حافة المجاعة ونطالب المجتمع الدولي بالتدخل السريع وتقديم المساعدات الإنسانية”.
وقالت مانديب أوبراين، ممثلة اليونيسيف في السودان: “مع نزوح أكثر من مليوني طفل من ديارهم خلال أشهر قليلة فقط بسبب النزاع، ووقوع عدد لا يحصى في قبضته القاسية، لا يمكن التأكيد بقدر كاف على الحاجة الملحة لاستجابتنا الجماعية”.
وتضيف: “نسمع قصصا لا يمكن تصورها عن الأطفال والعائلات، بعضهم فقدوا كل شيء واضطروا إلى مشاهدة أحبائهم يموتون أمام أعينهم. لقد قلناها من قبل، ونقولها مجددا: نحن بحاجة إلى السلام الآن لكي يتمكن الأطفال من البقاء على قيد الحياة”.
ومع بطء الاستجابة للمطالب الملحة بالتدخل العاجل وتقديم المساعدات الضرورية، فربما تلقى ابنة أم سلمة الوسطى نفس مصير ابنها الصغير وتفارق الحياة بسبب الجوع.