ثورة السودان تجبر المجلس العسكري على قبول الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير فماذا بعد؟

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

شكل الإعلان عن اتفاق بين المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير نقطة تحول مهمة في مسيرة الثورة السودانية خاصة وأنها جاءت بعد مماطلة متعمدة من المجلس العسكري دفعت السودانيين للخروج في مليونية الأسبوع الماضي لإجباره على الرضوخ لمطالبهم.

 

الإعلان عن الاتفاق بين المجلس والمعارضة السودانية أعلن عنه مبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن ليباد، يوم الجمعة، بعد يومين من المفاوضات المباشرة بين الطرفين بحضور الوسيط الإثيوبي.

 

واتفق الطرفان على إقامة تحقيق وطني مستقل بشأن الأحداث الأخيرة كمجزرة فض اعتصام القيادة العامة في الثالث من يونيو/حزيران الماضي، وعلى تقاسم المجلس السيادي مناصفة بين العسكريين والمدنيين لمدة 3 سنوات أو تزيد، وتشكيل حكومة مدنية من كفاءات وطنية مستقلة برئاسة رئيس وزراء مستقل.

 

وأثنى نائب رئيس المجلس العسكري المعروف بـ “حميدتي” على دور الوسطاء الدوليين على رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا في التمهيد للوصول إلى هذا الاتفاق حسب قوله.

 

ويتكون مجلس السيادة بحسب الاتفاق من 11 عضوا خمسة مدنيين وخمسة عسكريين، فيما سيتم اختيار العضو رقم 11 من الشخصيات المدنية ذات التاريخ العسكري، على أن يترأس مسؤول عسكري المجلس في النصف الأول من الفترة الانتقالية، وتحل مكانه شخصية مدنية في النصف الثاني.

 

وقد أفرج عقب الاتفاق عن 235 مقاتلا من “جيش تحرير السودان” من سجن مدينة أم درمان بالقرب من العاصمة الخرطوم، ويعتبر الجيش من أبرز الفصائل المسلحة في إقليم دارفور وأحد المشاركين في تحالف قوى الحرية والتغيير.

 

وفي الوقت الذي عقد فيه الكثيرون الآمال على الاتفاق الجديد بين المجلس العسكري والمعارضة، يرى قسم آخر أنه من المبكر جدا التعويل على الاتفاق بشكل حاسم، فلا زالت هناك المرحلة الانتقالية التي سيكشف خلالها المجلس العسكري عن جدوى الاتفاق مع المدنيين ولا زالت شرائح أخرى معارضة في الشارع لا تمثلها قوى تحالف الحرية والتغيير.

 

وهذا يتعلق حسب المراقبين بقوة الشخصيات المدنية التي ستدخل المجلس السيادي ودرجة تأثيرها خاصة وأن التاريخ السوداني سبق وأن شهد اتفاقيات مماثلة لكنها باءت بالفشل ولم تحقق شيئًا للسودانيين.

 

وما يوجس منه خيفة بعض السودانيون هو أن يكون في يد المجلس العسكري سياسة جديدة يفرض بها هيمنته خاصة وأن التمهيد للاتفاق كان من المعارضين للثورة ابتداء كالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأن المرحلة الأولى للمجلس السيادي ستكون تحت رئاسة مسؤول عسكري.

 

كما أن التحقيقات في مقتل المعتصمين والمدنيين خلال الاحتجاجات إذا كانت نزيهة فستعرض للمحاكمة شخصيات نافذة في المجلس العسكري وهو ما لا يمكن أن يقبله المجلس الذي اتخذ خطوات مضللة وجّه من خلالها الاتهام لعناصر ثالثة بقتل المدنيين ووعد بإعدامهم فيما وصف بوسيلة للتملص لجأ إليها المجلس للمرواغة والتهرب من طلبات التحقيق في المجرزة التي راح ضحيتها أكثر من مائة سوداني أعزل ووقعت معها حوادث اعتداء واغتصاب على يد ميليشيات الجنجويد وهي القوات التي يقودها “حميدتي” بنفسه.

 

وبعيدا عن تخمينات مآلات الاتفاق فإن الثورة السوادنية أجبرت المجلس العسكري للخضوع ولو شكليًا لمطالبها وسيكون الخروج للشارع مرة أخرى أمرًا منتظرا من السودانيين بعد خبرتهم المكتسبة خلال هذه الثورة، عند أي مراوغة من المجلس العسكري، فهل سنشهد مرحلة من الاستقرار في السودان أم سيكون للمجلس العسكري حلقات أخرى مفاجئة على غرار عسكر مصر، هذا ما ستخبرنا به قابل الأيام.