تنافس عالمي على احتياطات نفطية تصل إلى 100 مليار برميل في الصومال

بعيدا عن أخبار المعارك والصراع الجاري في الصومال بين الحكومة الصومالية التي أقامها الغرب والتحالف الدولي الداعم لها وبين حركة الشباب المجاهدين، المشروع الإسلامي الصاعد في البلاد،  كشفت تقارير جانبا من أطماع الدول في ثروات البلاد.
فقد اتجهت أنظار شركات النفط نحو الصومال مع تقديرات بوجود احتياطات نفطية تصل إلى 100 مليار برميل، قد تقفز بالبلاد إلى المرتبة الثامنة عالميا من حيث الاحتياطات النفطية، قبل الإمارات. وهو ما يستقطب اهتمام شركات عالمية للتنقيب عن النفط.
ويتركز الاهتمام على المربعات قبالة سواحل الصومال الأطول أفريقيا، والمطلة على المحيط الهندي وبحر العرب وخليج عدن، وتقع على أهم طريق بحري للتجارة الدولية بين آسيا وأوربا.
ودفعت الاكتشافات النفطية والغازية في شرق أفريقيا وبالأخص في موزمبيق وتنزانيا، وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، شركات غربية وآسيوية إلى العودة مجددا للاستثمار في الصومال.
لن يكون تحوّل الصومال نحو إنتاج النفط وتصديره سريعا، فحركة الشباب المجاهدين ترفض أي استغلال جشع لثروات البلاد وهي تسيطر على المشهد الأمني وتملك نفوذا واسعا في الصومال، كما أن احتمال وجود 5 مليارات برميل من النفط الاحتياطي بإقليم صومالي لاند، يعزز نزعته الانفصالية.
يضاف إلى ذلك الخلاف مع كينيا بشأن الحدود البحرية، التي من المرجَّح أنها تحتوي على احتياطات نفطية، من شأنه عرقلة انطلاق التنقيب في المربعات البحرية محل النزاع.

 

أول بئر نفطية

 

ومن المتوقع حفر أول بئر نفطية في الصومال عام 2025، وفق ما أعلنت شركة (كوستلاين إكسبلوريشن) الأمريكية التي تقود عملية تجديد قطاع النفط والغاز في البلاد، بعد أن حصلت على 7 مربعات بحرية من الحكومة عام 2022. بحسب التقارير.
ومن المتوقع أن تلتحق بها شركتا إكسون موبيل الأمريكية وشل (بريطانية- هولندية)، بعد أن وافقت الحكومة الصومالية على خريطة طريق أولية مع الشركتين في مارس/آذار 2020.
ومنذ الخمسينيات، تنشط شركات متعددة الجنسيات في الصومال على غرار شيفرون وإيني وإكسون موبيل وشل، التي نجحت في حفر 52 بئرا نفطية في الثمانينيات قبل أن تغادره عام 1991، بعد انهيار الدولة واشتعال الحرب الأهلية.
ووفق تقديرات أولية لاحتياطات النفط في الصومال، فإنه يمكن أن يكون هناك 30 مليار برميل من النفط الخام في البلاد عبر 15 مربعا قدّمتها الحكومة، حسب بيانات زلزالية ثنائية الأبعاد أعلنت عنها شركة (تي جي إس) عام 2014.
غير أن الرئيس التنفيذي لشركة (كوستلاين) أكثر تفاؤلا باكتشاف احتياطات نفطية أكبر، إذ يقول إن هناك إمكانية لوجود عشرات المليارات من البراميل يمكن استخلاصها، أو حتى أكثر بمرور الوقت، مستدركا أن “ذلك فقط في الكتل التي لدينا”.
ويُعَد الصومال بلدا واعدا من حيث احتياطات النفط المتوقع اكتشافها سواء في البر أو في البحر، ولم يتم بعد إجراء الدراسات الزلزالية الكافية لتحديد الاحتياطات النفطية المؤكدة في أرجاء البلاد كافة.
وتحدّث موقع (الصومال الجديد) عن تقديرات تصل إلى 100 مليار برميل من احتياطات النفط، وهي ما ستقفز بالبلاد إلى المرتبة الثامنة عالميا من حيث الاحتياطات النفطية، قبل الإمارات، الأمر الذي يثير شهية الشركات المتعددة الجنسيات.
ويأمل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود تسريع عملية إنتاج النفط وتصديره، وتجلى ذلك في موافقته السريعة على الاتفاقات التي وقعتها شركة (كوستلاين) لأول مرة في فبراير/شباط 2022، للتنقيب في 7 مربعات بحرية تغطي 35 ألف كيلومتر مربع. وهو رئيس أكثر حكومة مشهورة بالفساد على سلم الفساد العالمي.
وزار الرئيس الصومالي الجديد، منذ انتخابه في مايو/أيار 2022، دولا عدة لتشجيعها على الاستثمار في قطاع النفط ببلاده، على غرار تركيا.
وعلى هامش زيارته لتركيا في يوليو/تموز 2022، كشف شيخ محمود أن حكومته بدأت لقاءات مع نظيرتها التركية بشأن التعاون في التنقيب عن احتياطات المحروقات (نفط وغاز) في بلاده.
غير أن جهود الرئيس شيخ محمود تصطدم بحركة الشباب المجاهدين التي ترفض حكومته وتصفها بالحكومة الدمية التي أقامها الغرب لضبط هيمنته على الصومال ومنع إقامة أي نظام إسلامي في الصومال.
كما يثير قلق حكومة حسن شيخ محمود، توقيع شركة (غانال إنرجي) البريطانية اتفاقين مع حكومة صومالي لاند الانفصالية، للتنقيب عن النفط دون أخذ موافقتها.
ويعزز توقيع حكومة صومالي لاند اتفاقات مع دول وشركات أجنبية مساعيها للانفصال عن مقديشو والحصول على اعتراف دولي، وهو ما ترفضه حكومة مقديشو.
إضافة إلى أن التنقيب عن النفط بالقرب من الحدود البحرية المتنازع عليها مع كينيا من شأنه عرقلة استغلال الصومال موارده النفطية.
واشتعل نزاع حدودي بين كينيا والصومال في 2014، ولجأ الأخير إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي أصدرت في أكتوبر/تشرين الأول 2021 قرارا ملزما بتعديل خط الترسيم شمالا، وهو الحكم الذي رفضته نيروبي، وأمامها حق الاستئناف عليه حتى عام 2031.
 ومع 30 مليار برميل من احتياطات النفط المحتملة يتوقع أن تقفز الصومال إلى مرتبة متقدمة من الدول المنتجة لنفط، حيث أن هذه الاحتياطات تعادل ثلاث مرات احتياطات النفط الجزائرية وتضع البلاد ثالثة إفريقيًا بعد كل من ليبيا ونيجيريا بحسب التقارير.
ويبقى مستقبل النفط في الصومال مرهونا باستقرار الحكم فيه وحسم الصراع الدائر بين الغرب والحركة الجهادية العصية.