تقرير: الصومال والساحل يشغلان 77% من الهجمات في القارة الإفريقية
نشر مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية تقريرا يسلط فيه الضوء على نشاط الجماعات الإسلامية الجهادية المتمردة في القارة الإفريقية، يخلص فيه إلى استمرار للاتجاه التصاعدي المستمر منذ عشر سنوات، وزيادة نشاط بنسبة 22 في المئة، (بما في ذلك 6,859 هجوما) حيث يمثل هذا رقما قياسيا جديدا للتمرد ويعكس تضاعف عدد الهجمات تقريبا منذ عام 2019. في حين ارتفع عدد القتلى بنسبة 48 في المئة في هذه الهجمات مقارنة مع العام الماضي.
وتشير الخريطة المرفقة في التقرير إلى أن الجماعات المرتبطة بتنظيم قاعدة الجهاد، تهيمن على المشهد الجهادي في القارة من حيث عدد الهجمات والسيطرات. كما يظهر في الخريطة نشاطها البارز في منطقة الساحل والصومال.
وبحسب التقرير لا يزال التمرد الإسلامي في إفريقيا يتركز في خمسة مسارح، يضم كل منها جهات فاعلة محلية متميزة وتحديات محددة السياق – الساحل والصومال وحوض بحيرة تشاد وموزمبيق وشمال إفريقيا.
يشكل التمرد الإسلامي الجهادي في منطقة الساحل والصومال لوحدهما نسبة 77 في المائة من إجمالي الهجمات المبلغ عنها في جميع أنحاء إفريقيا في عام 2022.
ويعزى تصاعد منحنيات القتلى بالكامل إلى زيادة التمرد في منطقة الساحل والصومال (وهو ما يمثل 74 في المائة من إجمالي الوفيات المبلغ عنها في إفريقيا) حيث استقرت الوفيات المرتبطة بالمتمردين في حوض بحيرة تشاد وموزمبيق وشمال أفريقيا أو انخفضت خلال العام الماضي.
الساحل
مع 2,737 هجوم، شهدت منطقة الساحل الغربي (بوركينا فاسو ومالي وغرب النيجر) أكبر تصعيد في الهجمات المرتبطة بالمتمردين خلال العام الماضي مقارنة بأي منطقة في أفريقيا، بزيادة قدرها 36 في المائة.
وارتفعت الوفيات في منطقة الساحل على يد الجماعات الإسلامية المتمردة بسرعة أكبر، بنسبة 63 في المئة، ولوضع هذا في منظوره الصحيح، شهدت منطقة الساحل تضاعف تقريبا (زيادة بنسبة 90 في المائة) في عدد القتلى وأكثر من الضعف (زيادة بنسبة 130 في المائة) في الهجمات التي شنتها هذه الجماعات منذ عام 2020.
هذا الإطار الزمني ملحوظ لأنه يتزامن مع استيلاء المجلس العسكري على السلطة في مالي في آب/أغسطس 2020، مما برر انقلابه بأنه ضروري لمواجهة التهديد الأمني الإسلامي الجهادي. ومع ذلك، بدلا من أن يتضاءل، فإن خط اتجاه التمرد الإسلامي قد تسارع فقط، وعلاوة على ذلك، يتزايد عدد الهجمات التي تقع على بعد 150 كيلومترا من باماكو.
في عام 2022، طالب المجلس العسكري برحيل القوات الفرنسية، وأضعف ولاية بعثة الأمم المتحدة في مالي، وجلب القوة شبه العسكرية الروسية مجموعة فاغنر.
ويتكشف نمط مماثل في بوركينا فاسو حيث وقع أول انقلاب عسكري في يناير 2022. وشهدت البلاد في وقت لاحق زيادة بنسبة 69 في المائة في الوفيات المرتبطة بهجمات المتمردين الجهاديين على مدار العام، حيث بلغ مجموعها 3,600 حالة وفاة.
وتمثل منطقة الساحل الآن 40 في المئة من جميع أنشطة التي تقوم بها الجماعات الإسلامية المتمردة في أفريقيا، أكثر من أي منطقة أخرى في أفريقيا.
وارتبط تحالف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بحصة الأسد في النشاط الجهادي، ولا سيما جبهة تحرير ماسينا، وأنصار الإسلام، وأنصار الدين، بنحو 77 في المئة من الهجمات المسلحة و67 في المئة من الوفيات ذات الصلة في منطقة الساحل.
وقد أدى إدخال مجموعة فاغنر إلى هذا المسرح إلى تصعيد العنف ضد المدنيين في منطقة الساحل. وارتبطت فاغنر بمقتل 726 مدنيا بحسب التقرير.
وفي حين أن 90 في المائة من جميع الهجمات في منطقة الساحل وقعت في بوركينا فاسو ومالي، إلا أن العام الماضي كان ملحوظا أيضا بسبب الزيادة الكبيرة في الهجمات في الدول الساحلية. وقفز عدد الأحداث في بنن من 5 إلى 37 وفي توغو من 1 إلى 17.
وبالمثل، شهدت النيجر زيادة بنسبة 43 في المائة في الهجمات في العام الماضي، وارتفعت إلى 214. ومع ذلك، انخفضت الوفيات إلى النصف إلى 539.
الصومال
كان الاتجاه الأكثر لفتا للانتباه بحسب التقرير في الصومال خلال العام الماضي هو الزيادة بنسبة 133 في المائة في مستوى القتلى بالهجمات التي تشنها حركة الشباب المجاهدين في عام 2022. وهذا مستوى قياسي من الوفيات ويتجاوز إجمالي عامي 2020 و2021 مجتمعين.
وشهدت الصومال زيادة بنسبة 23 في المائة في العمليات الجهادية التي قامت بها حركة الشباب مقارنة بالعام السابق، حيث بلغ مجموعها 2,553 عملية. وهذا يمثل 37 في المئة من جميع العمليات في أفريقيا، أقل بقليل مما هو عليه في منطقة الساحل. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2007 التي لا تحصل فيها الصومال على أعلى حصة سنوية من الهجمات في القارة بحسب التقرير.
تميزت الصومال مرة أخرى بنسبة عالية نسبيا من المعارك، التي تشكل 70 في المائة من جميع أعمال الهجمات التي تشنها حركة الشباب.
وتسارعت وتيرة المعارك في عام 2022 بعد انتخاب الرئيس حسن شيخ محمود في مايو ودعوته إلى شن هجوم شامل ضد حركة الشباب المجاهدين، وقد أدى هذا الهجوم إلى انسحاب الحركة من البلدات التي كانت تسيطر عليها من قبل، ثم شن هجمات انتقامية. وينعكس ذلك في زيادة بنسبة 25 في المائة تقريبا في عدد المعارك في الصومال – وهي وتيرة تسارعت في النصف الثاني من العام. بحسب التقرير.
كما تميز مسرح الصومال بزيادة بنسبة 34 في المائة في هجمات العبوات الناسفة في العام الماضي وتضاعف عدد القتلى الناجمة عن العبوات الناسفة.
حوض بحيرة تشاد
استقر نشاط الجماعات المتمردة إلى حد كبير في العام الماضي بعد انخفاض ملحوظ بنسبة 32 في المائة بين عامي 2020 و2021. تمثل الهجمات الـ 952 التي لوحظت في حوض بحيرة تشاد (الذي يمتد عبر أربعة بلدان: نيجيريا والكاميرون وتشاد وجنوب شرق النيجر) زيادة بنسبة 4 في المائة في التمرد المسلح مقارنة بعام 2021.
وتمثل الوفيات البالغ عددها 3,821 حالة المرتبطة بهذه الأحداث، في حين أن الانخفاض بنسبة 5 في المائة عن العام السابق، تباطؤا عن الانخفاض بنسبة 19 في المائة في العام السابق. ولا يزال حوض بحيرة تشاد ثالث أكثر المناطق فتكا في القارة، حيث يشكل 20 في المائة من جميع الوفيات المرتبطة بالمتمردين.
كما شهدت منطقة حوض بحيرة تشاد عودة بوكو حرام إلى الظهور في عام 2022 منذ عام 2017، كانت بوكو حرام تتراجع في تهديدها النسبي تجاه تنظيم الدولة المنشق في غرب إفريقيا. ومع ذلك، خلال العام الماضي، ارتبطت بوكو حرام بزيادة بنسبة 57 في المائة في أحداث التمرد وقفزة بنسبة 70 في المائة في الوفيات. وفي حين أن تنظيم الدولة في غرب أفريقيا لا يزال مرتبطا بمزيد من العنف في المنطقة، فإن المستويات قابلة للمقارنة الآن. بحسب التقرير.
شمال موزمبيق
ارتفع عدد حوادث الهجمات المبلغ عنها المرتبطة بالجماعات المتمردة في شمال موزمبيق بنسبة 29 في المائة في عام 2022 إلى 437 – وهو عكس الانخفاض البالغ 23 في المائة في عام 2021. وعاد العنف الآن إلى مستويات عام 2020 قبل تدخل الجماعة الإنمائية للجنوب الأفريقي والقوات الرواندية.
شمال أفريقيا
انخفضت الهجمات التي تشنها الجماعات الإسلامية المتمردة في منطقة شمال إفريقيا بنسبة 32 في المئة خلال العام الماضي. ويستمر هذا الانخفاض المطرد في الهجمات في المنطقة.
تقريبا كل الهجمات المبلغ عنها في هذه المنطقة هي في مصر (حوالي 90 في المئة). يتزامن الانخفاض المطرد في الهجمات مع تشكيل اتحاد من قبائل سيناء التي تنضم إلى القتال ضد التمرد.
وعلى الرغم من أن عدد المعارك في عام 2022 ظل ثابتا، إلا أن الهجمات عن بعد انخفضت إلى 60 في المائة بحسب التقرير.
وتقاتل الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة بالاستراتيجية نفسها والأهداف الإسلامية ذاتها، حيث هدفها الموحد هو إقامة نظام إسلامي شامل مستقل في الدول التي تنشط فيها بعد تحريرها من الهيمنة الغربية في سبيل تحقيق خلافة إسلامية شاملة مستقبلا. وقد تمكنت من ترسيخ حكمها بكسب ولاءات القبائل المحلية الراغبة في حكم الشريعة.
تنظيم قاعدة الجهاد الذي أسسه الشيخ أسامة بن لادن يختلف اختلافا شديدا في المنهجية والاستراتيجية مع تنظيم الدولة الذي ينازعه الملك ويشن حربا عليه في وقت يتعرض فيه تنظيم القاعدة لحرب تحالف دولي في كل مناطق نشاطه.
وتأتي هذه النتائج التي عرضها التقرير لتؤكد فشل النظام الدولي في القضاء على تنظيم قاعدة الجهاد الذي انطلق من أفغانستان ثم انتشرت أفرعه في أنحاء العالم وتمكن من تحقيق سيطرات ونفوذ جديد في القارة الإفريقية رغم شراسة الحرب الدولية عليه، كما يأتي هذا الصعود تزامنا مع نجاح أفغانستان في الاستقلال وإقامة نظام إسلامي بعد هزيمة التحالف الدولي بقيادة أمريكية على أرضها، ما يعني أن الصراع مع النظام الدولي الرافض لنظام إسلامي مستمر، وعجز التحالف الدولي أمام الصعود الجهادي الإسلامي المستمر بات حقيقة واضحة.