تصريحات الحكومة الصومالية وأفريكوم بشأن المجزرة التي ارتكبوها في جلجدود وقتل فيها امرأة و5 أطفال تفضح أكاذيبهم

اعترفت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا “أفريكوم”، يوم أمس الجمعة، بأنها أخذت القتلى المدنيين في الغارة التي شُنت على قرية أودوين بضاحية مدينة عيل جرس بولاية جلجدود وسط الصومال.كما اتهمها المكتب السياسي لحركة الشباب المجاهدين عقب الغارة التي أودت بحياة امرأة مسنة و5 أطفال أعمارهم بين 3 و7 سنوات.

وعلى الرغم من اعترافها بأخذ المدنيين، أنكرت أفريكوم تواجد القوات الأميركية في موقع العملية لدعم قوات الحكومة الصومالية التي حملتها مسؤولية الغارة، بحسب ما جاء في بيانها الذي أشار أيضاً إلى أنها “لم تقم بشن أي غارة جوية خلال العملية”. وزعمت أفريكوم أن عملية الإخلاء التي قامت بها جاءت استجابة لطلب من الحكومة الصومالية لإجلاء المدنيين المصابين، دون ذكر عددهم.

بينما ناقضت رواية أفريكوم روايات أخرى عن العملية رصدتها وكالات الأنباء الدولية، حيث أكدت وقوع قصف أدى إلى مقتل المدنيين، منها رواية وكالة رويترز التي نقلتها عن قائدين محليين يوم الجمعة، بأن طائرة بدون طيار قتلت 5 مدنيين و3 مقاتلين لحركة الشباب في قرية أودوين.

وقالت رويترز نقلا عن مصادرها، أن المدنيين الخمس أصيبوا جراء القصف الذي استهدف مقاتلي الحركة.

من جانبها قالت هيئة الإذاعة الحكومية الصومالية إن 3 مدنيين (امرأة وطفلين) قتلوا بعد انفجار لغم أرضي تزعم أن مقاتلي الحركة كانوا يخبئونه في المنزل المستهدف. وهي رواية لم تصدر إلا من الطرف الحكومي. وتدحضها الصور التي حصلت عليها وكالة شهادة والتي سبق نشرها عقب الغارة، حيث لا تظهر أي آثار لانفجار لغم في بيت العائلة، وإنما كان فراش المرأة والأطفال مليئا بالدماء، حيث أن الأسرة تعيش في بيت من بيوت البادية الصومالية، وهي بيوت مصنوعة من أغصان الأشجار والأقمشة ومكونة من غرفة واحدة صغيرة، كانت غرفة المرأة وأطفالها، ما يجعل من رواية الحكومة الصومالية متهمة ومفتراة.

وكانت وزارة الإعلام الصومالية قد أعلنت الخميس، مقتل ثلاثة من حركة الشباب وأشارت في بيان الإعلان إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين دون تحديد للتفاصيل.

ويوم الخميس، صدر بيان لمكتب الولاية والسياسات لحركة الشباب أكد مقتل 6 مدنيين، بينهم امرأة وخمسة أطفال، قتلوا في العملية العسكرية، واتهم المكتب “أفريكوم” بالوقوف وراء الهجوم وسرقة جثث القتلى لإخفاء الجريمة، وطالب أفريكوم بإعادة الجثث لكي تدفن على الطريقة الإسلامية. وقدم البيان أسماء الضحايا وأعمارهم.

وجاء في بيان مكتب السياسة والولايات: “وبدأت غارة أفريكوم على الساعة العاشرة ليلة الأربعاء، وانطلقت بشن قصف جوي عشوائي على بيوت المدنيين في القرية، وبعد ذلك نزلت القوات الأمريكية وقامت بتصفية جميع الضحايا الذين نجوا من قصفهم الأول”.

“وقتل في هذه الغارة 6 مدنيين مسلمين، من بينهم 4 أطفال من عائلة واحدة وفتاة من أقاربهم وجدتهم المسنة وهم:

مصعب طاهر أحمد البالغ من العمر 3 سنوات.

عبد الرحمن طاهر أحمد البالغ من العمر 4 سنوات.

عبدي مهد طاهر أحمد البالغ من العمر 5 سنوات.

عبد الغني طاهر أحمد البالغ من العمر 7 سنوات.

إخلاص أحمد البالغة من العمر 7 سنوات.

وكاهو تكر ورسمي التي تبلغ من العمر 60 سنة”.

وأضاف البيان:”وبعد القتل الوحشي للعائلة، قام الصليبيون الأمريكيون بأخذ جثث الضحايا، الجدة والأطفال، وذلك بهدف إخفاء حقيقة أفعالهم البربرية عن العالم، والتهرب من المحاسبة على جرائمهم الشنيعة”.

“وفي هذا المقام، ترسل حركة الشباب المجاهدين تعازيها الخالصة لأقارب الضحايا وتقول لهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بقدر)”.

وواصل البيان:”وأما بالنسبة للمليشيات المرتدة التي ساعدت الصليبيين الأمريكيين في فعلهم المشين ضد أبناء قبائلهم، اعلموا أن الخيانات لا يمكن أبدا التسامح معها أو نسيانها.

ويكفيكم ما تحملونه من عار ومهانة بأن تدلوا الصليبيين الأمريكيين على بيوت أبناء قبائلكم، وتساعدوهم في ارتكاب مجازرهم بحق أمكم وأبنائكم.

اعلموا أنكم ستحاسبون على أفعالكم هذه في الدنيا، وما ينتظركم في الآخرة سيكون أشد”.

وبحسب وكالة رويترز قال وزير الداخلية الصومالي أن الجيش استخدم طائرات بيرقدار التركية، تي بي 2، في حملتهم ضد حركة الشباب، في إشارة إلى احتمالية أن يكون القصف قد تم عن طريق الطيران التركي.

 

مقارنة الروايات

 

أما رواية الحكومة الصومالية فغير معقولة أن تقتل المرأة والأطفال في لغم في غرفة نومهم المنفردة في بيت بدوي. كما أنها لا تقدم تفسيرا لمقتل الماشية بطلقات الرصاص، كما أثبتت الصور من مكان الغارة، ولا تقدم تفسيرا معتبرا للقصف ولم تذكر أيضا لجوءها إلى أفريكوم كما تزعم الأخيرة لإجلاء المدنيين. ولو كان صح ما تدعيه الحكومة من مقتل المدنيين بلغم، فما فائدة الإجلاء الأمريكي في هذه الحال! بل إن تصريح الحكومة يدحض تصريح أفريكوم بشكل واضح، فما فائدة أن تخاطر أفريكوم بانتشال حثث قتلى مدنيين! إلا أن تكون متورطة في قتلهم وتريد أن تخفي جريمتها.

وأما رواية أفريكوم فباعترافها بأخذ المدنيين من موقع الغارة فهي أثبتت تورطها بشكل مباشر، حيث لا يعقل أن تتواجد قوات أفريكوم في هذا الوقت نفسه دون أن تكون مشاركة في الهجوم، كما أن الهجوم وقع كله في وقت واحد، القصف أعقبه مباشرة الإنزال، فلم يكن هناك وقت يكفي لانتظار أن تصل أفريكوم إلى المنطقة لإجلاء المدنيين وهي المنطقة التي تقع تحت سيطرة حركة الشباب وإلا لكانت واجهت مقاتلي الحركة الذين كانوا سينتبهون للهجوم ولن تجد أفريكوم فرصة لإنزال آخر.

وإن كانت بالفعل استجابت لطلب الحكومة بانتشال المدنيين، فهذا اعتراف منها بأن الحكومة أضابت المدنيين، وبالتالي فهي تدحض رواية الحكومة في أن المدنيين قتلوا في لغم لحركة الشباب! وفي الواقع الروايتان تستخفان بعقول الجماهير.

كما أن القصف بعد أن حدث، ليس من عادة القوات الأمريكية فضلا عن الصومالية أن تنزل قوات لإجلاء المدنيين، فلم يحدث هذا في تاريخ القصوفات الجوية الأمريكية فضلا عن الصومالية المعروف أنها تابع يعمل تحت أوامر قادته الأمريكيين.

كما أن إنكار أفريكوم استخدام القصف لا يرد شهادات السكان المحليين من كون قصفا أصاب المنطقة قبل إنزال القوات التي استهدفت كل من كان في البيت بما فيهم المرأة والأطفال والماشية كما تظهر الصور التي توثق آثار الهجوم.

ويظهر أن بيان حركة الشباب أحرج أفريكوم حيث لم تنكر أخذ المدنيين كما لم تقدم تفسيرا معقولا لفعلها ذلك.
أما رواية حركة الشباب فأكدت على أن المنطقة تعرضت لقصف ثم إنزال قوات قامت بتصفية المدنيين الستة (امرأة و5 أطفال) داخل بيتهم وقدمت أسماءهم وأعمارهم بدقة واتهمت أفريكوم بأخذ جثثهم، وهو ما تتفق معه الصور التي حصلت عليها وكالة شهادة من موقع الغارة حيث يظهر موقع مقتل المدنيين وطبيعة بيتهم وتفاصيل موقع مقتل المدنيين، وتظهر الصور كيف استهدفت حتى الماشية بالرصاص، ما يدل على أن القوات التي تم إنزالها استهدفت حتى الماشية بشكل متعمد خاصة أنه لم يرد حدوث أي اشتباك أو قتال في الموقع بعد إنزال القوات. فلماذا تتعمد القوات الخاصة المدربة تدريبا عاليا قتل الحيوانات بإصابات مباشرة؟! وكيف لمن يقتل الماشية بهذا الشكل المضطرب أن ينزل لإنقاذ مدنيين قتلهم بنفسه؟!

وبهذا يتبين أن أفريكوم وضعت نفسها في موقع المجرم الذي يحاول أن يداري جريمته، وقد أحرجتها رواية الحكومة الصومالية بدل أن تتفق معها على إخراج رواية معقولة، ولا تزال التساؤلات مطروحة، متى تعيد أفريكوم جثث الضحايا المذكورين في بيان مكتب السياسة والولايات وبيان المكتب الصحفي لحركة الشباب الأخير.

وإلى أن تخجل أفريكوم من تصرفاتهم الخرقاء، ستبقى دماء هؤلاء المدنيين عارا يسجل من جديد في سجل الجرائم الأمريكية بحق المسلمين.