تزايد التحذيرات من نشر قوات الشرطة كينية في هايتي لسجلها الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان
ينتظر مراقبون دوليون والمدافعون عن حقوق الإنسان، رد الأمم المتحدة على اقتراح بشأن مهمة الشرطة الكينية في هايتي وفقا لما نقلت وكالات الأنباء.
وفي الأسبوع الأخير، زار 10 مبعوثون كينيون الدولة التي تعيش الأزمة لتقييم الوضع فيها.
وأعلنت الولايات المتحدة والإكوادور في نهاية شهر يوليو، بأنهما خططتا لتدخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للسماح بقوات متعددة الجنسيات بالتدخل في البلاد ولكن لم يوضحا متى سيكون ذلك.
ومع تجلي شكل المهمة في هايتي، ارتفعت الأصوات المطالبة بأمن الشعب الهايتي من آثار التدخلات الدولية السابقة، وأحدثها مهمة ما يسمى قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي اتهمت بالانتهاكات الجنسية وتفشي الكوليرا القاتلة في البلاد.
وقال المراقبون الحقوقيون أن مثل هذه الحماية هي أكثر من مستعجلة بالنظر إلى انتهاكات الشرطة الكينية، التي تتدخل لمساعدة هايتي اليوم، بينما سجلها حافل بالانتهاكات بحق الكينيين أنفسهم.
وقال مارتن مافينجينا، وهو مستشار في لجنة حقوق الإنسان في كينيا:” إن خدمة شرطتنا الوطنية، تحمل سجلا تاريخيا معروفا بانتهاكات حقوق الإنسان”.”وهذا نقاش لا بد أن يفتح قبل نشر قوات الشرطة الكينية في هايتي”.
وقال مافينجينا إن أي موافقة من مجلس الأمن لقيام كينيا بهذه المهمة، يجب أن يكون معه هيكل عمل واضح ومناسب في الميدان يضمن أن يكون نشر قوات الشرطة محددا لأداء واجباتها بشكل احترافي”. “بما في ذلك ضمان حقوق ضحايا الانتهاكات التي تقع”.
وقال بيار إسبيرنس، المدير التنفيذي لشبكة الدفاع عن حقوق الإنسان الوطنية في هايتي، إن دور كينيا القيادي في قوات متعددة الجنسيات صنع القلق في مجتمع هايتي المدني، الذي يخشى من تدخلات الدول الأجنبية.
ويعمل إسبيرنس ضمن فريق المدافعين عن حقوق الإنسان الذي شكك في فعالية التدخل الممكن لدعم شرطة هايتي الوطنية، والذين قالوا إن مثل هذه المهمة، يجب أن ترافقها سياسة انتقالية من الحكومة غير المنتخبة الهايتية، منذ اغتيال الرئيس جوفينيل موسى في 2021،
وقال إسبيرنس إن أي مهمة دولية تخاطر بأن تصطدم بالفساد وسوء العمل.
“نحن بحاجة لدعم تقني للشرطة، نحتاج لتدريب للشرطة، نحتاج لتجهيزات وإعداد للشرطة”. “ولكن لا مجال لفعل ذلك بدون ضبط الأزمة السياسية” بحسبما ما أضاف إسبيرنس.
وكان رئيس وزراء هايتي، أرييل هينري، أول من دعا المجتمع الدولي للمساعدة لتأسيس قوة مسلحة خاصة في هايتي في شهر أكتوبر، وتم تضخيم دعوته من قبل الأمين العام لمجلس الأمن، أنتونيو غوتريس والولايات المتحدة.
لكن واشنطن قالت بأنها لم تكن تريد قيادة مثل هذه المهمة، وصارعت لإيجاد حليف يتحمل مسؤولية هذا التدخل، الذي حذر العديد من المراقبين من أنه سيكون مكلفا.
وغرقت هايتي في أزمة سياسية منذ أعوام، لكن الوضع في البلاد التي يقطنها 11 مليون نسمة، ازداد تعقيدا بعد اغتيال موسى في يوليو 2021، فمنذ ذلك التاريخ، استخدمت عصابات نفوذ الحكم والسياسات العنيفة التمييزية للسيطرة على أغلب المناطق في “بورت أو برانس” وتمددت إلى مناطق أخرى.
ومنذ بداية هذا العام، سجلت الأمم المتحدة ما لا يقل عن 2439 شخصا قتلوا ونحو 200 ألف نزحوا نتيجة الصراعات المسلحة. فضلا عن حالات الاختطاف والاغتصاب التي ارتفعت بشكل ملحوظ إضافة إلى انتشار الجوع والأزمات الصحية.
ولاحظت شرطة هايتي الوطنية، ارتفاع معدلات القتل والاختطاف على يد ضباطها أنفسهم، الذين اتهموا بالتورط في علاقات مع العصابات والفساد.
وبحسب الأمم المتحدة، تضم الشرطة نحو 10 آلاف ضابط نشط، لكن فقط 3300 يمكنهم أن يوفوا بشروط العمل لتأمين العامة.
بعد أشهر من تدهور الأوضاع، أعلنت كينيا في نهاية شهر يوليو أنها ستقود القوات المتعددة الجنسيات في تدخلها في هايتي والمساهمة بـ 1000 ضابط شرطة لتدريب الشرطة الهايتية، بهدف إعادة الاستقرار في البلاد، وحفظ المؤسسات الاستراتيجية”.
وعرضت كل من الباهاماس وجمايكا، تقديم المساعدة، وكذلك إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قالت إنها ملتزمة بتغطية تكاليف المهمة.
ولكن العديد من الأسئلة المتعلقة بالمهمة لا تزال مطروحة، منها هل سيكون من مهمة القوات قيادة هجوم على العصابات أو العمل على دور حماية المؤسسات المهمة، وكم ستكون مدة المهمة، وما هي خريطة نشاطها، وما هو نوع التمويل الذي سيتم الحصول عليه من الأمم المتحدة.
الشرطة الكينية تحت الأضواء
في الوقت الذي لا تزال فيه تفاصيل المهمة غامضة، حذرت منظمة أمنستي الدولية في رسالة لمجلس الأمن، في 21 أغسطس، من علاقة هايتي بالتدخلات الدولية، منذ استقلالها عن فرنسا.
ويخشى العديد من الهايتيين من التدخلات الدولية، بعد 9 سنوات من بقاء بعثة الأمم المتحدة في البلاد على إثر الزلزال المدمر في 2010، حيث اتهمت تلك البعثة بتفشي الكوليرا في البلاد إضافة إلى الانتهاكات الجنسية ضد النساء والبنات الهياتيات.
كما أن سجل كينيا في حقوق الإنسان لابد أن يتم فحصه، بشكل كامل قبل السماح لكينيا بنشر قواتها في هايتي، بحسب رسالة أمنستي. حيث وثقت المنظمة الدولية 30 حالة على الأقل من حالات القتل للمتظاهرين على يد الشرطة الكينية منذ شهر مارس.
وقالت أمنستي أن 11 شخصا قتلوا في شهر يوليو في مظاهرات ضد قانون الضرائب في كينيا، مع العديد من الذين يظهر أنهم استهدفوا بإطلاق النار خلال فرارهم من الشرطة أو خلال محاولتهم الاستسلام.
وبدون حساب هذه التفاصيل، قال مافينجينا “يمكننا أن نتخيل كيف سيكون حجم الانتهاكات بنشر مثل هؤلاء اللامسؤولين”.