تحركات مصرية للضغط على إثيوبيا في أزمة سدّ النهضة
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
لا زالت الخلافات بين مصر وإثيوبيا مستمرة بشأن أزمة سدّ النهضة وحصص المياه المتنازع عليها، حيث بدت آخر فصول هذه الخلافات التحركات المصرية للضغط على إثيوبيا من جديد خاصة بعد رفض أديس أبابا حضور الاجتماع السداسي الذي جمع وزراء المياه والخارجية لكل من مصر والسودان وإثيوبيا والذي انعقد في القاهرة في شهر مارس/ آذار الماضي.
وتمثلت التحركات المصرية بتوجيه القاهرة دعوة لوفد من حكومة إقليم صومالي لاند لزيارة مصر بهدف الضغط على إثيوبيا بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة.
وتأتي هذه الدعوة في وقت لا تعترف فيه مصر ولا جامعة الدول العربية باستقلال إقليم صومالي لاند الذي يمتلك حكمًا ذاتيًا ولكنه لا يحظى باعتراف دولي رغم وجود علاقات دولية قوية بين إدارته وعدة دول على رأسها الولايات المتحدة التي تقدم له تمويلًا بصفة دورية فضلا عن الدول الأوروبية وحتى إسرائيل.
وقد عرف الموقف الإثيوبي من أزمة السد مراوغة شديدة وتماطل وضبابية بتهميش متعمد للنداءات المصرية وتكثيف للعمل على المشروع الذي عرف أيضًا تعثرًا منذ تركيز رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد جهوده لإتمامه كأحد أهم مشاريع إثيوبيا الاقتصادية.
ويرجع تأخر المشروع لسوء تقدير للتكاليف ولشروط العقد المبرم مع الشركات المستثمرة لبنائه، إضافة إلى قصص فساد إداري وسرقات.
من جانبه أكد مدير مشروع سد النهضة كفلي هورو في شهر فبراير/ شباط الماضي، أنّ نسبة البناء في السدّ بلغت 66%.
وأوضح هورو أنّ تكاليف تمويل بناء السدّ بلغت نحو 98.7 مليار بر إثيوبي (نحو 3.5 مليارات دولار أميركي) حتى الآن، وهو ما لم يكن في حسابات المشروع الأساسية، ما تسبب في تأخر إنجاز المشروع، بحسب وكالة الأنباء الإثيوبية.
ويأتي الاهتمام المصري بصومالي لاند في وقت تبدي فيه الإمارات اهتمامًا بالإقليم المنفصل عن الصومال، في محاولة للتصدي للنفوذ التركي في المنطقة حيث لدى أنقرة موطأ قدم في كل من مقديشو وجزيرة سواكن السودانية المقابلة للسواحل السعودية.
وبالمقابل أقامت أبو ظبي لنفسها موطأ قدم في صومالي لاند من خلال شركة موانئ دبي العالمية ولديها قواعد في إريتريا لكنها فشلت في الحصول على موطأ قدم في جيبوتي.
ويرى المراقبون أن اتجاه مصر لصومالي لاند جاء بعد فشل الأخيرة في كسب تنزانيا للضغط على إثيوبيا خاصة بعد دخول قطر هي الأخرى في خط الاستثمار في تنزانيا ما اعتبره البعض قطع طريق على استثمارات مصر في البلد الواقع في شرق إفريقيا.
ولا تزال الأزمة الخليجية تلقي بظلالها على الأزمات في منطقة شرق إفريقيا من خلال استقطابات المحورين التركي القطري من جهة والسعودي الإماراتي المصري من جهة أخرى.
ولا تبدو تحركات مصر مؤثرة في الجانب الإثيوبي الذي يحاول فرض الأمر الواقع على المصريين والمضي قدمًا في مشروع قد يهدد الأمن القومي لمصر وفي وقت انشغلت فيه السودان بثورتها الداخلية.
ويبدو استعمال مصر لصومالي لاند للضغط على إثيوبيا في وقت تمتلك أديس أبابا منافذ بحرية من جهة جيبوتي وإريتريا غير مؤثر بشكل كافِ على بلد هو أقوى حليف للولايات المتحدة الأمريكية في القارة الإفريقية.
إضافة إلى كون صومالي لاند مجرد إقليم لا يحظى بالاعتراف الدولي ولا يمتلك مقومات دفاعية تسمح له بتحدي قوة إقليمية مثل إثيوبيا أو الضغط عليها.
فهل سترضخ مصر لسياسة إثيوبيا في فرض رؤيتها للسدّ أم ستصعّد الأمر بمواجهات أكثر شراسة وتحالفات قد تؤدي إلى حرب بين البلدين.
وهو ما لا يستبعده المراقبون إذ أن المساس بالثروة المائية يمثل مساسًا بالأمن القومي لمصر التي تعاني أزمات اقتصادية حادة.
وتبدو فصول أزمة سدّ النهضة طويلة قبل أن تصل لنهاية خاتمة، كما يبدو أن مصر ستستمر في البحث على وسائل أكثر تأثيرًا للضغط على إثيوبيا للاستجابة لمطالبها من أجل الاطمئنان على حصتها في مياه السد.