تاريخ الصراع في شرق إفريقيا في كلمة جديدة للشيخ أيمن الظواهري:

(شهادة) – تحت عنوان “شرق إفريقيا ثغر الإسلام الجنوبي”، جاءت الحلقة العاشرة من سلسلة “الربيع الإسلامي” التي يقدمها أمير تنظيم قاعدة الجهاد الشيخ أيمن الظواهري وينشرها الذراع الإعلامي للتنظيم المتمثل في مؤسسة “السحاب”، لتعرض تفاصيل تاريخ المنطقة والصراع الذي امتد عمقه إلى عصر ملك الحبشة النجاشي مع انتشار رسالة الإسلام الأولى من جزيرة العرب.

الحلقة العاشرة التي استغرقت أكثر  من  27 دقيقة شملت جزئين، تم نشر الجزء الأول منهما والذي افتتح بلقطات من إصدارات مؤسسة الكتائب التي تعرض نشاط حركة الشباب المجاهدين في شرق إفريقيا بما فيها العمليات العسكرية والإنجازات الاقتصادية وفي ذات الوقت اقتباس صوتي من كلمة أمير الحركة الذي قتل بقصف أمريكي قبل 3 سنوات، الشيخ مختار أبي الزبير وهو يدعو للمجاهدين والمسلمين.

الهدف من السلسلة

وبدأ الشيخ أيمن الظواهري كلمته التي خصصها لما وصفه بـ”ثغر الإسلام الجنوبي” بتأكيد هدفه من تقديم هذه السلسلة وهو نقل البشرى لبلاد الإسلام ” بأن الربيعَ الحقيقيَ هو ربيعُ الإسلامِ المنتصرُ القادمُ لا محالةَ بإذنِ الله”. مذكرا – باختصار- بفحوى كل حلقة من الحلقات التسع التي تم نشرها من قبل .

 

تاريخ  من الصراع

وقدم الشيخ ملخص تاريخ الإسلام في شرق إفريقيا، منذ أن هاجر الرعيل الأول من الصحابة -رضوان الله عليهم- للحبشة، وأسلم على يدهم الملك النجاشي الذي كان يحكمها آنذاك.

وتبع هذه الهجرة رحيل تجار مسلمين عرب لشرق إفريقيا ، فساهموا في نشر الإسلام وتزايدت بذلك شريحة المسلمين بشكل أثار انزعاج الصليبية في شرق إفريقيا خاصة الحبشة، ليكون رد فعلها مواجهة عنيفة لهذا الانتشار الواسع للإسلام في المنطقة وذلك بشن حملات اعتداء على المسلمين.

وضرب الشيخ أيمن أمثلة على الاعتداءات الصليبية على المسلمين في شرق إفريقيا، كاعتداء الأحباش على مدينة “مصوع” وتقتيلهم للمسلمين وتمثيلهم بهم، وكذا تشجيعهم للقراصنة من أجل الهجوم على مدينة “جدة” سنة 83 هـ، حيث أمعنوا في النهب والتدمير، ولكن حملات الخليفة عبد الملك بن مروان آنذاك لصد هذه الهجمات مكّنت من تطويق هذا العداء وإيقافه.

مدينة “هرر” كانت هي الأخرى حاضرة في تفصيل الشيخ أيمن لتاريخ الغزو الحبشي الذي ضمها في الأخير لسلطان الحبشة النصراني.

التمايز العقدي والسياسي

كما سلط الشيخ أيمن الضوء على انفصال ساحل شرق إفريقيا عن الحبشة عقديا وسياسيا، حيث خضع هذا القسم المسلم بما فيه الجزء المسلم من الحبشة لسلطان دول الخلافة المتعاقبة.

ولكن هذا لم يوقف رحى الصراع الدائر بين المسلمين والنصارى في المنطقة وفي نفس الوقت لم يمنع من انتشار كبير للإسلام ظهر جليا بتغلب عدد المسلمين على عدد النصارى حتى في الدولة النصرانية الحبشية “إثيوبيا” نفسها، التي قادت حملات الاعتداء على المسلمين ، حيث لا زالت آثار هذا الانتشار بادية بجلاء في عصرنا اليوم بوصول عدد المسلمين فيها لأكثر من 60%.

الحركة الجهادية في شرق إفريقيا وعقبة الحكومات العميلة

كما أشار الشيخ أيمن لنشاط الحركة الجهادية منذ ذلك العصر، حيث ظهرت حركات مجاهدة متعددة منها جهاد سلطنة “عدل”. التي استقوت وضمت إليها الصومال وأجزاء من الحبشة وأطلقت هجماتها على الأحباش النصارى بعد سيطرتها على البحر الأحمر وتأسيسها لأسطول قاعدته مدينة “زيلع”.

وكانت ردة فعل النصارى تجاه هذا الصعود الإسلامي في المنطقة هي إرسال الجيوش البرتغالية استجابة لنداء الاستغاثة من نصارى الأحباش رغم اختلاف المعتقدات الكنسية بين البرتغال الكاثوليكية والحبشة الأرثوذكسية. ولم تتمكن هذه الجيوش من هزيمة سلطان عدل آنذاك الإمام “محمد بن إبراهيم” بسهولة، فقد منيت بالهزيمة في أول معركة حامية بين الطرفين ولكن انتهت جهود البرتغال بقتل الإمام وهزيمة جيشه ليفتح هذا الانتصار الباب واسعا أمام الحملات الصليبية المعاصرة التي توسعت بمساعدة مملكة الحبشة النصرانية. وفي ذات الوقت أظهرت بوضوح الدور الخبيث الذي تلعبه الحكومات العميلة المرتدة في مناصرة العدو الصليبي وإعانته على احتلال ديار المسلمين حسبما قال الشيخ أيمن، مضيفا أنه الدور “الذي ما زالت تمارسه حتى اليوم الحكومات العميلة المرتدة في شرق إفريقيا وسائر العالم الإسلامي”.

وحسبما أوضح الشيخ أيمن فإن هذه الحملات الصليبية وهذه الخيانات من قبل الحكومات العميلة كشفت في ذات الوقت عن تمسك المسلمين في مصر وشرق إفريقيا بمبدأ الأمة الواحدة في مواجهة العدو الصليبي، وكيف كانوا يدينون بالولاء للدولة العثمانية باعتبارها رمز الخلافة المتبقي رغم كل الفساد الذي لحق بها.

تغييب للتاريخ في كتب التدريس العربية

وأكد الشيخ أيمن أن مثل هذا التاريخ “لا يجد له مكانا في كتب التاريخ المدرسي العربية، كما لا تشمل هذه الكتب شيئا عن معركة أنوال ولا جهاد القوقاز ولا تركستان الشرقية”.

ليعكس لنا هذا حسب ما قال الشيخ أيمن : “حقيقة اكتساح الاحتلال الكافر من تركستان الشرقية ووسط آسيا حتى سواحل الأطلسي ومن القوقاز حتى وسط إفريقيا”.

أسباب الهزيمة

 

وعن أسباب هزيمة العدو الكافر للمسلمين يقول الشيخ أيمن: “لقد هزمنا العدوُ الكافرُ لسببين رئيسيين: الأولُ: هو تفوقُه علينا في السلاحِ. والثاني: هو الفسادُ السياسيُ، الذي أفسد حياةَ المسلمين”.

وبعرض أمثلة عن الضعف الذي نال من المسلمين آنذاك،  والاستشهاد باقتباسات من الكتب، أوضح الشيخ أيمن أن “علم الكلامِ -القائمُ على قواعدِ الفلسفةِ اليونانيةِ التي حطمها العلمُ الحديثُ- أنهك عقولَ العلماءِ في أغلوطاتٍ لا تصنعُ طلقةً، ولا تُنتجُ مِدفعًا، ولا تُسيرُ سفينةً، والتصوفُ المنحرفُ غيبَهم عن الدنيا، ومنعهم من إنكارِ المنكرِ، وزين لهم ولايةَ الفساقِ والمنحرفين بل والمجاهرين بالكفرِ الصريحِ، فسلبهم تعظيمَ الأوامرِ والنواهيِ، والتحاكمَ للشريعةِ، والولاية للمؤمنين والبراءةَ من الكافرين”.

 

الصوفية مطلب أمريكي

وحذر الشيخ أيمن من أن الصوفية هي التيار المنحرف الذي يرحب به الأمريكان، وهو التيار الذي ثبط همم المسلمين وطاقاتهم وشغلها بالخرافات، مستشهدا بتصريح الأمريكان بوجوب  تأييدِ الفرقِ الصوفيةِ المنحرفةِ، وبتأكيد معهد راند على ذلك، حيث قال الشيخ أيمن: جاء في كتابِ (بناءُ شبكاتٍ إسلاميةٍ معتدلةٍ): أن الشركاءَ المحتملين للولاياتِ المتحدةِ والغربِ يقعون ضمنَ ثلاثِ فئاتٍ: العلمانيين والمسلمين التحرريين والتقليديين المعتدلين بما فيهم الصوفيةُ”.

وأضاف الشيخ أيمن : “ويعتبرُهم كتابُ (الإسلامُ المدنيُ الديمقراطيُ) من الحداثيين، الذين يجبُ دعمُهم وتقويةُ مكانتِهم”.

 

دعم غربي وإثيوبي للصوفية

وسلط الشيخ أيمن الاهتمام ” بدعمِ الأمريكانِ والغربِ والإثيوبيين لجماعاتِ الصوفيةِ في الصومالِ، الذين يحاربون المجاهدين في صفوفِ التحالفِ الصليبيِ”. حسب وصفه.

وكذلك كان حال دارُ الإفتاءِ المصريةُ التي وصفها الشيخ أيمن بـ “السيسيةُ الصهيوأمريكيةُ” والتي أكدت “على ضرورةِ دعمِ التياراتِ الصوفيةِ في الصومالِ في مواجهةِ مجاهدي حركةِ شبابِ المجاهدين”.

 

الصعود الأوروبي وهبوط المسلمين

والمفارقة حسب الشيخ أيمن هي أن أوروبا “وفي الوقت الذي كانت عقولُ علماءِ المسلمين غارقةً في جدلِ أغاليطِ الكلامِ وشطحاتِ التصوفِ المنحرفِ”،  “كانت أوروبا قد بدأت تستيقظُ، وتُعِدُ العدةَ لمحاربةِ المسلمين، فبدأتْ بالتخلصِ من لاهوتِ الكنيسةِ الفلسفيِ، وانطلقت في اكتشافِ أسرارِ الطبيعةِ، وشرعوا في الكشوفاتِ الجغرافيةِ طمعًا في الثروةِ وسعيًا لهزيمةِ المسلمين”. واستشهد الشيخ أيمن بأحد رواد تلك الكشوفِ؛ وهو “ملكُ البرتغالِ هنري الملاحُ الممتلئُ بالحقدِ الصليبيِ على المسلمين”، وكان يَهْدُفُ  “لإقامةِ إمبراطوريةٍ برتغاليةٍ مسيحيةٍ في إفريقيا تنشرُ فيها النصرانيةَ، وتمتدُ حتى بلادِ غانةَ، للوصولِ لملكِ الحبشةِ القديسِ يوحنا، ليستمدَ منه العونَ الروحيَ والعسكريَ لطردِ المسلمين أو لتعميدِهم كنصارى”.

 

فكانت مرحلة صعود لأوروبا وهبوط للمسلمين الذين هم مطالبون باتباع ما أمرهم  “دينُهم به من التفكرِ في مخلوقاتِ اللهِ وعمارةِ الأرضِ” ولكنهم انشغلوا عنه ” بما نهاهم عنه من الجدالِ والتفكرِ فيما لم يُخلقوا لأجلِه ” حسبما وصف الشيخ أيمن في كلمته.

 

وبالفعل انطلقت على إثر هذا الصعود غزوات النصارى من أوروبا بهدف إقامة امبراطورية برتغالية مسيحية في إفريقيا تنشر النصرانية. “وكلُ هذا وعقولُ المسلمين وعلمائِهم في غيبوبةِ علمِ الكلامِ الذي حطمه العلمُ الحديثُ، وخرافاتِ التصوفِ المنحرفِ، الذي يُقدسُ المجانينَ وأهلَ الفواحشِ وتجارَ الحشيشِ والزنادقةَ” على حد تعبير الشيخ أيمن.

 

الفساد السياسي وعقبة الملك العضوض

كما أولى الشيخ أيمن اهتماما بتوضيح العامل الثاني الذي أدى لهزيمة المسلمين قائلا :” هو الفسادُ السياسيُ، والملكُ العضوضُ، الذي أدى لانحسارِ الجهادِ والانشغالِ بالقتالِ الداخليِ وتكديسِ المالِ الحرامِ، الذي أدى للترفِ، الذي من لوازمِه الترفُ العقليُ، والانصرافُ عن العلومِ المعينةِ على الجهادِ.”

وشدد الشيخ أيمن على أن كثيرا من المسلمين غفلوا “عن خطورةِ الفسادِ السياسيِ مع تحذيرِ النبيِ -صلى اللهُ عليه وسلم- وخلفائِه الراشدين -رضوانُ اللهِ عليهم- منه.  حيث قال النبيُ صلى اللهُ عليه وسلم: “لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلامِ، عُرْوَةً عُرْوَةً، فكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ، تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، فَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ”.”

 

الطريق إلى الخلافة

وفي الأخير، أكد الشيخ أيمن أن سقوط  الخلافةُ كان أساسا “لانحدارِها من الخلافةِ على منهاجِ النبوةِ إلى الملكِ العضوضِ، الذي يقومُ على سلبِ حقِ المسلمين في الشورى والاستبدادِ والظلمِ والتعدي على الحرماتِ وتحريمِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ”.

وأن الحل الذي يطرحه تنظيم قاعدة الجهاد، هو الدعوة لوحدةِ المسلمين والمجاهدين حولَ كلمةِ التوحيدِ.

ووجه الشيخ أيمن مناشدته لكل مسلم ومجاهد قائلا: ” تعالَوا لنتفقَ ونتحدَ ونتعاونَ على إقامةِ خلافةِ النبوةِ وتحكيمِ الشريعةِ وتحريرِ ديارِ المسلمين، تعالَوا ولا تتفرقوا عصبياتٍ ووطنياتٍ ومجموعاتٍ، ولا يهولَنكم ضجيجُ أمريكا وعجيجُها، فهي لا تخلقُ ولا ترزقُ، ولا تحيي ولا تميتُ”.

وبهذا اختتم الشيخ أيمن جزئه الأول من حلقته العاشرة من سلسلة “الربيع الإسلامي” التي خصصت لتشخيص حال الأمة وتقديم الحلول لتجاوز أزماتها ومشاكلها ومآسيها.

الحلقة متوفرة على قناة الناشر الرسمي لتنظيم قاعدة الجهاد “مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي” على الإنترنت.