بيان فتوى الاجتماع التشاوري حول قضايا “الجهاد” في شرق إفريقيا

أصدر الاجتماع التشاوري حول قضايا الجهاد في شرق إفريقيا بيانا لفتوى وقّع عليها نحو 40 من علماء الأمة الصومالية تتعلق بالأوضاع الراهنة في المنطقة والعالم الإسلامي.

وافتتح بيان الفتوى بقول: “الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم”.

وواصل بيان الفتوى: “ينفون عن كتاب الله تحريف الغالي، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدع وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن الضالين”.

 

القضايا التي تناولتها الفتوى

واستدل بيان الفتوى بعدد من الآيات القرآنية ثم علق بقول :”وانطلاقا من هذه الآيات وأداء لواجب البيان الذي أخذه الله على أهل العلم، كان لزاما على من أتاه الله العلم والفهم بيان الحكم الشرعي للقضايا التالية:

  1. الدستور الوضعي والنظام الفيدرالي.
  2. الموقف الشرعي مما يسمى بـ “الحكومة الصومالية”.
  3. حكم الانتخابات المزمع إجراؤها في البلاد.
  4. العولمة في شرق إفريقيا.
  5. دفع العدو الصائل.

الدستور الوضعي

وأشار نص الفتوى إلى أن الله قد أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بالحكم بما أنزل عليه واستشهدت بالنصوص القرآنية التي توضح هذا الأمر.

وأوضحت الفتوى بأن الله قد نصّ في كتابه على أن الحكم بما أنزله عبادة له وأن الحكم بغير ما أنزله كفر وشرك مخرج من ملة الإسلام. وقدمت الأدلة الشرعية على ذلك.

وأضاف نص الفتوى في تبيان كيف نفى الله سبحانه الإيمان عمن لم يحكم كتابه وسجل عليهم بالكفر والظلم والفسق بتوضيح من يدخل تحت هذا الناقض وهم:

  • الحاكم المشرع بغير شرع الله المبدل لدينه.
  • الذي يحكم بغير ما أنزل الله من قوانين وضعية ولو لم يضعها بنفسه.
  • المتحاكم باختياره إلى المحاكم الوضعية التي تحكم بغير ما أنزل الله.
  • الذي يفضل حكم الطواغيت على حكم الله ويروّجه.
  • المعطل لأحكام الله وحدوده، كأن يحكم بأن السرقة والزنا ونحوهما ليست بجرائم ولا عقاب عليها.
  • الممتنع عن التحاكم إلى شرع الله، المعرض عنه.
  • كل من يكافح ويدافع عن المحاكم الوضعية وحكامها ويكون سببًا لتثبيتها وتقويتها من الجنود والعلماء والرهبان الأحبار والتجار وزعماء القبائل ونحوهم.

 

الدستور الصومالي

وأشار نص الفتوى إلى فحوى الدستور الصومالي حيث جاء فيه: “وقد اشتمل الدستور الوضعي للحكومة الصومالية بنودًا كفرية كثيرة من أهمها:

  • تحليل الحرام وتحريم الحلال وتقنين القوانين المنافية للإسلام كشرع الجنس المعروف بـ”الجندر”
  • إباحة الإلحاد والكفر والأمر بهما تحت مبدأ ما يسمى “حرية الاعتقاد”.

وواصل بيان الفتوى : “وهذا الدستور ينص على أن نظام الحكم في البلاد هو النظام الفيدرالي الديمقراطي وهو نظام كفري مستورد لم يُنزل الله به سلطانًا بل هو تشريع باطل من دون الله وفيه من المفاسد:

  • أنه تشريع من دون الله وحكم بغير ما أنزل الله.
  • أنه تفريق بين المسلمين وتقسيم لبلادهم وحرب على الدين الحنيف الذي دعا إلى الوحدة والاعتصام.
  • إحياء النعرات القبلية والعصبية.
  • أن فيه تبعية المسلمين للكفار من المشركين واليهود والنصارى ومشابهتهم لهم والاقتداء بهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن تشبه بقوم فهو منهم)”.

البيان واصل ليوضح الموقف الشرعي “مما يسمى بالحكومة الصومالية”.

فجاء فيه: “لقد ارتكبت الحكومة الصومالية من نواقض الإسلام الكثير الكثير، فما من شر إلا تبنته ولا من رذيلة إلا احتضنتها ومن ذلك:

  • شرك التشريع ووضع القوانين الكفرية استبدالًا لشرع الله.
  • الحكم بغير ما أنزل الله والتحاكم إليه.
  • الطاعة والانقياد لأوامر الصليبيين.
  • الاستهزاء بالدين.
  • مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين.
  • الافتراء على الله والقول عليه بغير علم.

 

وخلص بيان الفتوى إلى أنه: “بناء على هذا فالحكومة الصومالية حكومة كافرة مرتدة خارجة عن الإسلام يجب على المسلمين تكفيرها وبغضها والبراءة منها ومقاتلتها وخلعها ولا يجوز لهم بحال التعاون معها”.

 

الانتخابات المرتقبة

نص الفتوى شمل أيضا “حكم الانتخابات المزمع إجراؤها في البلاد”.

وجاء في هذا الشأن: “يجب أن يعلم كل مسلم أنه لا يجوز له بحال أن يشارك في الانتخابات الديمقراطية ذلك لأن الديمقراطية دين كفري غير دين الإسلام، والترجمة الحرفية لكلمة “الديمقراطية”: حكم الشعب، أو سلطة الشعب، أو تشريع الشعب، وركنها الذي تدور عليه أن الحكم والتشريع والسلطة للشعب لا لله.

فالفيصل والمرجع في الديمقراطية هو: الشعب وليس الله ولا رسوله ولا كتابه ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم”.

وأكد البيان أن هذه الديمقراطية تناقض نص القرآن الذي جعل الحكم لله وحده.

وأضاف:” كما يجب أن يعلم كل مسلم أن المنتخب ينازع الله في ألوهيته ويشرع فيما لم يأذن به الله فيكون شريكًا لله تعالى وهذا كفر”.

وأوضح أيضا : “كما أن الناخب للنواب المشرعين بغير شرع الله أو رئيس دولة الردة كافر مخلد في النار إذا كان عالما بالحال، وعلى كل فالمشاركة في هذه الانتخابات مشاركة في كفر ظاهر بالكتاب والسنة والاجماع”.

 

العولمة في شرق إفريقيا

البيان تناول أيضا “العولمة في شرق إفريقيا” حيث جاء فيه: “لما باءت بالفشل كل محاولات العدو الصليبي الحبشي في الاستيلاء على أراضي المسلمين في الصومال، عمد إلى اتخاذ خطط بديلة ماكرة، تهدف إلى إنشاء وتكوين تحالفات إقليمية وأخرى دولية تنطوي تحتها دول مختلفة في الأديان والأطماع السياسية لغزو واحتلال أراضي المسلمين في الصومال من جديد”.

وواصل بيان الفتوى موضحًا: “ومن أبرز وأهم ما يسعى إليه الصليبيون تكوين كيان موحد في شرق إفريقيا بزعامة نصارى الحبشة بحيث تصبح جميع المناطق الصومالية المسلمة محتلة لهذا الكيان، ورغم كون هذا الأمر، احتلالًا سافرًا للبلاد وغزوًا صليبيًا مكشوفًا إلا أنه يحمل في طياته من المفاسد ما لا يحصيه إلا الله ومن ذلك:

  • تهميش تميز دين الإسلام وأهله، وإزالة الحدود الفاصلة بينه وبين الأديان الباطلة وصد الناس عن الإيمان به وبثّ الرذيلة في المجتمع.
  • منع وإبعاد الأمة عن التحاكم إلى شرع الله، وإعداد دساتير وضعية تحت اسم الديمقراطية.
  • السيطرة على خيرات البلاد ونهب ثروات الأمة وتراثها التليد.
  • التمهيد والإعداد والتخطيط لغزو الكعبة وهدمها كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحبشة تهدم الكعبة وتقلعها حجرًا حجرًا.

 

دفع العدو الصائل

وتحت بند خامس بعنوان “دفع العدو الصائل” جاء في البيان: “أيها المسلمون، كما هو ظاهر لكل ذي عينين أن بلادنا اليوم ترزخ تحت الاحتلال الصليبي الغاشم الذي يفسد الدين والدنيا. ويأكل الأخضر واليابس ولا يرقب في مؤمن إلًا ولا ذمة.

وعليه فالواجب على المسلمين صد ودفع هذا العدوان الظالم الذي احتل بلادهم وأفسد دينهم ونهب خيراتهم وانتهك أعراضهم.

وقد أجمع المسلمون على وجوب دفع العدو الكافر الصائل على الدين والدنيا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعًا. فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه. فلا يشترط له شرط، بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده.

وقال الإمام النووري رحمه الله في الروضة: “فإذا وطئ الكفار بلدة للمسلمين أو أطلوا عليها، ونزلوا بابها قاصدين ولم يدخلوا صار الجهاد فرض عين”.

 

خاتمة بيان الفتوى

وختم البيان الفتوى بوصية جاء فيها: “نوصي المسلمين بالاعتصام بالكتاب والسنة ونبذ البدع، والسمع والطاعة لأمراء المسلمين والجماعة الهجرة والجهاد. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدًا حبشيًا وسترون من بعدي اختلافًا شديدًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم والأمور المحدثات، فإن كل بدعة ضلالة”، وقال صلى الله عليه وسلم: (وأنا آمركم بخمس: بالسمع والطاعة والجماعة والهجرة والجهاد في سبيل الله، فمن خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من رأسه حتى يراجع، ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من جثا جهنم”. فقال رجل: يا رسول الله. وإن صلى وصام؟ قال: نعم، وإن صلى وصام ولكن تسموا باسم الله الذي سماكم عباد الله المسلمين المؤمنين).

وواصل البيان في خاتمته: “ونؤكد على كل ما جاء في البيانات الثلاث السابقة والتي تم إصدارها في مدينة بيدوا وعليشة في عام 1433ه وفي مدينة بولابردي عام 1435 ه”.

وأضاف: “كما أننا نناشد المسلمين الابتعاد عن مقرات ومراكز ومعسكرات العدو وعدم الاختلاط بهم وعدم مساكنتهم”.

واستهد بيان الفتوى بقول ابن عباس رضي الله عنهما: “أن أناسا من المسلمين كانوا من المشركين، يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي السهم فيرمي فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله فأنزل الله تعالى (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم)”.

وواصل البيان:”كما أننا ندعوهم بالالتفاف حول الإمارة الإسلامية في البلاد ونحثهم على أن ينصروا أبنائهم المجاهدين الصادقين وأن ينضموا إليهم ويناصروهم ويكونوا معهم، فإن الجهاد في الصومال هو جهاد أمة يجب على الأمة الحفاظ عليه والذود عنه”.

“وأخيرًا، نوصي المسلمين أن لا ينسوا معاناة إخوانهم المسلمين المستضعفين الذين يسامون سوء العذاب في جميع الأقطار وخاصة في ربوع الأقصى المبارك، وأن يقوموا بواجبهم تجاه مقدسات الإسلام، بربط المسلمين في الصومال بما يحدث في الأرض المقدسة، وتثقيف المجتمع المسلم حول مسجد الأقصى المبارك، وتوريث قضية الأقصى إلى الأجيال القادمة، لتبقى حية في نفوس المسلمين في الصومال، وراسخة في أذهان شبابهم، حتى يعود الأقصى إلى أحضان الأمة الإسلامية،  فعن النعمان من بشير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.