بنغلاديش: استقالة الشيخة حسينة وهروبها إلى الهند بعد مقتل المئات من المتظاهرين

أفادت تقارير إعلامية ومصدر للجيش بأن رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة استقالت من منصبها وغادرت البلاد اليوم الاثنين، وفق ما نقلته وكالة رويترز.

يأتي ذلك في الوقت الذي سقط فيه المزيد من القتلى في أعمال عنف هي من أسوأ ما شهدته الدولة الواقعة في جنوب آسيا منذ إعلان استقلالها قبل أكثر من خمسة عقود.

وأكد أحد كبار مساعدي الشيخة حسينة في وقت سابق أن استقالة رئيسة الحكومة «محتملة»، وذلك في ظل احتجاجات متواصلة منذ أسابيع قتل خلالها 300 شخص على الأقل. وفي وقت لاحق، أفاد مصدر مقر من الشيخة حسينة أنها غادرت العاصمة دكا.

وقال المصدر الذي طلب عدم كشف اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية: «غادرت هي وشقيقتها» المقر الرسمي لرئاسة الوزراء في العاصمة «إلى مكان أكثر أماناً»، مضيفاً «أرادت أن تسجّل خطاباً، لكن لم تتح لها الفرصة لذلك».

وقالت مصادر لوكالة الأنباء الألمانية أن الشيخة حسينة وشقيقتها توجهتا إلى ولاية بنغال الغربية في الهند.

إلى ذلك، اقتحم آلاف المحتجين مقر رئيسة الوزراء في دكا، وفقا لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأظهر بث لقناة «بنغلاديش 24 مشاهد تظهر حشودا يقتحمون المقر الرسمي لحسينة وهم يلوحون للكاميرا ابتهاجاً.

 

كلمة لقائد الجيش… وتحذير من «انقلاب»

ومن المقرر أن يتوجه قائد الجيش في بنغلاديش، وقر الزمان، بكلمة الى الأمة اليوم، وفق ما أكد متحدث عسكري للوكالة. وقال المسؤول في دائرة العلاقات العامة العسكرية راشد العلم «سيتحدث الجنرال وقر الى الشعب عند الساعة الثانية بعد الظهر (08,00 بتوقيت غرينتش) ويأتي ذلك في وقت أكدت شركات تقديم الخدمات ومنظمات رقابية أن الانترنت في بنغلاديش بات يخضع لقيود بالغة الصرامة تشمل الهواتف النقالة والاتصال الثابت بالشبكة.

ومن جانبه، دعا نجل الشيخة حسينة قوات الأمن إلى منع أي انقلاب على حكمها في وقت يطالبها مئات آلاف المتظاهرين بالاستقالة. وقال سجيب واجد جوي المقيم في الولايات المتحدة في منشور على فيسبوك «واجبكم هو الحفاظ على سلامة شعبنا وبلدنا والحفاظ على الدستور» مضيفاً «هذا يعني عدم السماح لأي حكومة غير منتخبة بالوصول إلى السلطة لدقيقة واحدة، هذا واجبكم».

وتسيّر قوات الأمن البنغلادشية اليوم دوريات في العاصمة دكا في وقت يعتزم المتظاهرون المطالبون باستقالة رئيسة الحكومة الشيخة حسينة النزول إلى الشارع مجددا غداة أكثر الأيام دموية خلال أسابيع من الاحتجاجات.ويخشى محللون أن تفوق حدة أعمال العنف تلك التي شهدتها البلاد الأحد مع اندلاع مواجهات بين آلاف المتظاهرين المناهضين للحكومة وأنصارها، استخدموا فيها العصي والسكاكين بينما أطلقت قوات الأمن النار.

ولقي ما لا يقل عن 90 شخصا مصرعهم يوم الأحد بعد اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن وأنصار حكومة رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة ، في أحد أكثر الأيام دموية في بنغلاديش منذ اندلاع المظاهرات المناهضة للحكومة الشهر الماضي.  بحسب وكالات الأنباء.

وأعلنت وزارة الداخلية حظر تجول إلى أجل غير مسمى في جميع أنحاء البلاد اعتبارا من الساعة 6 مساء بالتوقيت المحلي.

وبدأت حركة احتجاج يقودها الطلاب الشهر الماضي كدعوة لإلغاء نظام الحصص المثير للجدل لتوظيف الوظائف في القطاع العام، والذي قلصته المحكمة العليا في بنغلاديش منذ ذلك الحين. ومع ذلك، تحولت الاحتجاجات منذ ذلك الحين إلى حركة أوسع مناهضة للحكومة.

وعاد المتظاهرون إلى الشوارع هذا الأسبوع بأعداد كبيرة، فيما وصف بأنه حركة “عدم تعاون” تهدف إلى شل الحكومة والمطالبة باستقالة رئيس الوزراء.

 

 

ماذا حدث يوم الأحد؟

وقالت الشرطة إن مجموعات كبيرة من المحتجين احتشدت في ميدان شاهباغ بوسط دكا، حيث اندلعت معارك في الشوارع في مواقع متعددة في العاصمة وكذلك في مدن أخرى.

وحث منظمو الاحتجاج الناس على عدم دفع الضرائب وفواتير الخدمات وعدم الحضور إلى العمل في إظهار “عدم التعاون” مع الحكومة.

يوم الأحد هو يوم عمل في بنغلاديش، لكن العديد من المتاجر والبنوك في دكا ظلت مغلقة.

وفي إحدى المراحل، هاجم آلاف المتظاهرين مستشفى عاما رئيسيا في منطقة شاهباغ، وأحرقوا عدة مركبات، بحسب الشرطة.

وقال ضابط شرطة، طلب عدم الكشف عن اسمه، لوكالة فرانس برس الفرنسية للأنباء إن “المدينة بأكملها تحولت إلى ساحة معركة”.

وفي حي أوتارا، أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المحتجين الذين أغلقوا طريقا سريعا رئيسيا.

وقالت الشرطة والأطباء إن 91 شخصا على الأقل قتلوا في أنحاء البلاد.

وهناك “14 شرطيا على الأقل” بين القتلى و300 شرطي آخرين أصيبوا، بحسب المتحدث باسم الشرطة كامرول إحسان.

وأعلنت الحكومة عطلة من الاثنين إلى الأربعاء، في محاولة لقمع الاحتجاجات. يجب إغلاق المحاكم إلى أجل غير مسمى. تم قطع خدمة الإنترنت عبر الهاتف المحمول ، ولا يمكن الوصول إلى فيسبوك وتطبيقات المراسلة، بما في ذلك واتساب.

واتهمت حسينة المتظاهرين بتنفيذ “أعمال تخريب”.

 

 

Smoke rises from the premisers of a hospital after a clash between students and government supporters during a protest in Dhaka, Bangladesh on August 4, 2024

هاجم المتظاهرون مستشفى جامعة بانغاباندو الشيخ مجيب الطبية في دكا

 

 

ماذا قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان؟

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الأحد إن “العنف المروع” في الدولة الواقعة في جنوب آسيا يجب أن يتوقف.

كما حث الحكومة على التوقف عن استهداف المتظاهرين السلميين.

وقال تورك: “أناشد بشكل عاجل القيادة السياسية وقوات الأمن التقيد بالتزاماتها بحماية الحق في الحياة وحرية التجمع السلمي والتعبير”.

وأضاف المسؤول الأممي: “يجب على الحكومة التوقف عن استهداف المشاركين سلميا في حركة الاحتجاج، والإفراج الفوري عن المحتجزين تعسفيا، واستعادة الوصول الكامل إلى الإنترنت، وتهيئة الظروف لإجراء حوار هادف”.

“ويجب أن تتوقف فورا الجهود المستمرة لقمع السخط الشعبي، بما في ذلك من خلال الاستخدام المفرط للقوة، والنشر المتعمد للمعلومات المضللة والتحريض على العنف”.

 

لماذا المتظاهرون غاضبون؟

واندلعت الاحتجاجات الطلابية قبل نحو شهرين بسبب نظام الحصص القائم منذ فترة طويلة لوظائف القطاع العام الذي يحابي أحفاد العسكريين السابقين الذين قاتلوا من أجل استقلال البلاد عن باكستان في عام 1971 ، فضلا عن مجموعات أخرى.

وكانت الحكومة قد وضعت نظام الحصص على الرف، لكن طعنا قضائيا مهد الطريق لإعادة العمل به إلى أن أمرت المحكمة العليا بتخفيض حصة العسكريين السابقين من 30٪ إلى 5٪..

وقضت المحكمة بضرورة تخصيص 93٪ من الوظائف على أساس الجدارة، مع تخصيص نسبة 2٪ المتبقية للأقليات.

هدأت الاحتجاجات لعدة أيام، لكنها تحولت منذ ذلك الحين إلى حركة مناهضة للحكومة، ويطالب الطلاب الآن بالعدالة لضحايا وحشية الشرطة خلال حملة القمع.

“رد فعل حسينة من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات المدنية”

وخلال الشهر الماضي، قتل أكثر من 200 شخص وجرح الآلاف واعتقل نحو 10 آلاف شخص فيما يتعلق بالاحتجاجات.

واتهم منتقدو الحكومة وجماعات حقوق الإنسان حكومة حسينة باستخدام القوة المفرطة للقضاء على الحركة وهو ما نفته.

والاضطرابات هي أكبر اختبار لحسينة منذ فوزها بفترة رابعة على التوالي في انتخابات يناير كانون الثاني التي قاطعها حزب بنجلادش القومي المعارض الرئيسي.

وتحكم حسينة البالغة من العمر 76 عاما بنغلاديش منذ عام 2009. واتهمتها جماعات حقوقية بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ قبضتها على السلطة والقضاء على المعارضة.