انسحابات للميليشيات الصومالية من قواعدها احتجاجًا على انقطاع رواتبهم منذ أشهر وردود الحكومة تثير الغضب
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
عمدت الميليشيات الحكومية الصومالية إلى الانسحاب من عدة قواعد لها احتجاجًا على انقطاع رواتب جنودها منذ أشهر، في وقت لم تقدم فيه الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب أي تفسير مقنع لهذا الانقطاع خاصة مع تلقي الأخيرة لدعم دولي يغطي رواتب الميليشيات التابعة لها بشكل مستمر.
وقد انسحبت الميليشيات من قواعدها في ولايتي شبيلي السفلى والوسطى وهي ولايات قريبة من العاصمة مقديشو وتسيطر حركة الشباب المجاهدين على مساحات شاسعة منها.
تصريحات حكومية تثير الغضب
من جانبها، علّلت الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب أزمة الرواتب بحجة أن عملية تسجيل للأسماء المنتسبة للميليشيات لا تزال جارية وهو ما لم يُهدّأ من روع الجنود ولم يقدم تفسيرًا مقنعا لهذا التأخير.
ولكن تضاربًا في التصريحات أثار غضب الميليشيات بشكل كبير وذلك بعد تصريح رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري الذي فصل في قضية الرواتب بشكل حاسم بقول أن الرواتب قد صرفت على الجنود، ولا يوجد أي جندي بانتظار راتبه أو أي حق من الحكومة.
وفي مزيد إهانة للجنود أضاف خيري أن حكومته ليست مستعدة لصرف رواتب لجنود لا يقدمون خدمات لبلادهم.
وجاءت الانسحابات من القواعد التابعة للميليشيات كرد غاضب ومباشر على تصريحات رئيس الوزراء المستفزة.
وقد انسحبت الميليشيات بالفعل من قواعدها في ضواحي مدينة جوهر ومن مناطق مهداي وقلمو وغرسالي في ولاية شبيلي الوسطى.
ويجدر الإشارة إلى أن الميليشيات انسحبت من منطقة “دناني” في ولاية شبيلي السفلى، وقد سيطر مقاتلو حركة الشباب المجاهدين فورًا على المنطقة.
أسوء حكومة
وفي تصريحات صحفية من ضباط وجنود في صفوف الميليشيات المنسحبة، أكدوا فيها أن الحكومة الحالية أي حكومة فرماجو هي أسوأ حكومة قادت الميليشيات الصومالية طيلة تاريخ خدمتهم.
من جانبه كان رد الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو إرسال وزير أمنه محمد أبو بكر إسلو ووزير الإعلام طاهر محمود جيلي رفقه وفد حكومي إلى منطقة بلعد للقاء ضباط القوات المنسحبة في معسكر “هيلوني” لإقناع الجنود بالعودة لقواعدهم.
وانتقد مراقبون صوماليون خطاب قائد الميليشيات اللواء طاهر آدم علمي الذي بدل أن يجيب على أسئلة الجنود بشأن الرواتب متى سيتم تسليمها، شغل خطابه بالحديث عن عملية تسجيل الجنود في النظام الجديد للميليشيات.
ولم يقدم الوفد الزائر أي وعود تطمئن الجنود.
انقسام داخلي
وكشفت أزمة الرواتب الانقسام الداخلي في حكومة فرماجو الذي يسعى من جهته لاستدراك الانسحاب بتهدئة الميليشيات في حين يتعمد المسؤولون الحكوميون المعنيون بالقضية لإهانة الجنود وإرباكهم واستفزازهم من خلال تصريحاتهم المقلقة.
وتخشى الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب من أن تسيطر حركة الشباب المجاهدين على القواعد المحيطة بالعاصمة ما سيزيد من قوتها في وقت عجزت فيه حكومة فرماجو وأميصوم وتحالفاتهما الدولية من التغلب على الحركة.
ويذكر أن قائد الميليشيات الصومالية اللواء طاهر آدم علمي وجه انتقادات لاذعة هذا الأسبوع لقوات أميصوم واتهمها بالجبن والتحصن خلف القوات الصومالية أثناء القتال.
وانتقد جنود أميصوم كونهم لا يبذلون جهدهم الذي ينتظر منه رغم أنهم يحصلون على رواتب شهرية تتجاوز الألف دولار للجندي الواحد.
وأكد علمي بأن قوات أميصوم قد فشلت في هزيمة حركة الشباب المجاهدين منذ 10 سنوات.
انسحابات متزامنة
وتأتي هذه الانسحابات في وقت تشهد فيه القوات الكينية تحت مظلة بعثة الإتحاد الإفريقي “أميصوم” هي الأخرى انسحابات من قواعدها في ولاية جيذو الإسلامية جنوب غرب الصومال.
فقد انسحبت القوات الكينية من آخر قواعدها في هذه الولاية. وهي منطقة “بوسار” التي احتلتها منذ عام 2012.
وأكد شهود عيان انسحاب القوات الكينية إلى مدينة “عيل واق ” الحدودية خوفا من هجمات حركة الشباب المجاهدين والتي سيطرت على “بوسار” مباشرة وغنمت العديد من الأسلحة والعتاد من القوات الكينية ونشرت أذرعها الإعلامية صور المدرعات والآليات المدمرة التي خلفتها القوات الكينية بعد انسحابها باتجاه الحدود.
ويأتي هذا الانسحاب الكيني بعد انسحاب مماثل من قواعد كينيا في “فحفحدون” و”بارديري” و”عيل عدي” من ولاية جيذو.
من جانبه أوضح المتحدث العسكري لحركة الشباب المجاهدين الشيخ عبد العزيز أبو مصعب تفاصيل الاحتلال الكيني لبعض مناطق هذه الولاية حيث قال: “عندما دخلت القوات الكينية لولاية جيذو الإسلامية تمركزت في 5 مناطق وهي عيل عدي وتراكو وفحفحدون وبوسار وبارديري ثم انتهى بهم الأمر أن انسحبوا منها جميعًا واليوم يحكم أربعة من تلك المناطق شريعة الله، وهذا كله بفضل الله سبحانه ثم بصبر المجاهدين الذين كرسوا وقتهم في التصدي للعدو وتدمير دباباته وآلياته واستهدافه باستمرار”.
وأكد المتحدث العسكري أن ما تبقى من القوات الكينية تتواجد حاليا في مناطق بولاية جوبا وهي مدن معدودة ونقاط في الساحل في حين يسيطر المجاهدون على أغلب المناطق.
ومن جانبها رفض كل من الناطقة باسم وزارة الدفاع بوغيتا أونجيري والمتحدث الرسمي باسم قوات الدفاع الكينية بول نجوروج يوم الثلاثاء الرد على استفسارات الصحافة الكينية حول سبب انسحاب القوات الكينية باتجاه الحدود.
الدعم الدولي
ويتوقع مراقبون أن يتدخل ممثلون عن المجتمع الدولي لإنقاذ حكومة فرماجو من ورطة الرواتب، مع العلم أن المجمتع الدولي بجميع مؤسساته يقر بأن الحكومة الصومالية التي يدعمها هي الأفسد في سلم الفساد العالمي للحكومات، ومع ذلك يستمر في تمويلها ومداراة سرقاتها وتستمر هي في نهب الأموال بدل أن تذهب إلى الأماكن المخصصة لها.
وهذا ما يجعل المراقبين لا يعولون أبدًا على قدرة الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب على تأمين وحفظ استقرار البلاد بعد خروج قوات أميصوم المعلن عنه وقد شرعت القوات فعليا في سحب بعض كتائبها، وكان آخر الانسحابات المعلن عنها في الشهر الماضي، سحب ألف جندي بوروندي وسط جو من السخط في بوجومبورا ، العاصمة البوروندية التي ترفض هذا الانسحاب من الصومال فيما يفسره المراقبون بحجم الاستفادة المادية التي جنتها الحكومة البورندية من جراء توظيف جنودها في بلد القرن الإفريقي.