النزاع البحري بين كينيا والصومال إلى أجل غير مسمى
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
بدأ النزاع بين الحكومتين الكينية والصومالية المدعومة من الغرب في عام 2014، عندما اشتكت الأخيرة لمحكمة العدل الدولية (ICJ) من كينيا واتهمتها بقيادة أعمال وصفت بغير القانونية على جزء من أراضي الصومال.
وتبلغ مساحة هذه الأراضي ما يقدر بـ 100 ألف كيلومتر مربع باتجاه المحيط الهندي.
من جانبها رفعت كينيا شكوى مضادة في أوائل عام 2017 بحجة أن مطالبة الصومال تتعارض مع تقاليد الدولتين منذ 35 عامًا والتي مفادها أن الحدود البحرية بين البلدين يجب أن تمتد على طول خط العرض بدلاً من الخط المتساوي الذي تطالب به الصومال الآن.
وزعمت كينيا أيضًا أن اتفاق “خط العرض الموازي” هذا قد صدر في عام 1979 و “تمت مراجعته لمزيد من الدقة” في عام 2005.
خريطة توضح المناطق المتنازع عليها بحسب صحيفة “ذي ستاندرد” الكينية
ولا تزال هذه القضية معلقة أمام محكمة العدل الدولية، لكن الخلاف الدبلوماسي حول الحدود ما لبث أن اشتعل من جديد، حين اتهمت كينيا حكومة فرماجو بالشروع في بيع حقوق التنقيب عن النفط في المنطقة المتنازع عليها. كما اتهمت كينيا الحكومة الصومالية بادعاء أن المنطقة المتنازع عليها جزء من أراضيها وذلك خلال منتدى اقتصادي في لندن عقد في 7 فبراير الماضي.
ووصفت كينيا هذا التحرك بأنه عمل عدائي استفزازي من قبل جار “ناكر للجميل”.
وكان نتيجة هذه الاتهامات إصدار وزارة الخارجية الكينية بيانًا شديد اللهجة إلى الصومال في 16 فبراير الماضي بعد عقد المؤتمر، ثم بعد فترة وجيزة ، استدعت كينيا سفيرها إلى الصومال لوكاس تومبو وطردت نظيره الصومالي من العاصمة نيروبي.
ورغم تراجع كينيا عن هذا القرار وإعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية، فهذا لا يعني أن العلاقات عادت إلى طبيعتها. ولا يزال النزاع البحري معروضًا على محكمة العدل الدولية، ولا تزال الحكومة الكينية عازمة على إغلاق مخيم داداب للاجئين كورقة تهديد للصومال.
وفي حلقة جديدة من سلسلة هذا النزاع، دخل اسم الحكومة النرويجية، حيث انزعجت كينيا من العقد مع شركة (دي أن أو) للنفط النرويجية الذي وقّع للتنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها مع الصومال.
وأكدت عدة تقارير اعتراض كينيا لدى الحكومة النرويجية لسماحها للشركة في الانخراط في هذه القضية.
وقال أحد المسؤولين الكينيين الذي رفض الكشف عن هويته لصحيفة ديلي نيشن الكينية: “إن الحكومة الكينية ساخطة وغاضبة بشدة أن يكون للنرويج التي من المفروض أن تكون لأجل إحلال السلام في الصومال، يكون لها قدم في هذه القضية”.
وترى الحكومة الكينية أن نظيرتها الصومالية تقودها الأطماع التجارية التي تجعلها ترسم خرائط مزورة لتخدع بها المستثمرين الدوليين وشركات التنقيب.
من جانبها لم تخرج الأمم المتحدة ردا رسميا على النزاع بين البلدين ولكن تقارير أكدت أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد ذكر بشكل غير رسمي النزاع الدائر على مجلس الأمن المكون من 15 عضوًا باعتباره تهديدًا محتملاً للسلام والاستقرار في المنطقة.
ويرى المراقبون أن كينيا تخشى أن تطالب بقية الدول إلى الجنوب التفاوض بشأن حدودها أيضا.
فإن كان هذا النزاع سيؤثر على كينيا فبالتالي قد يؤثر على تنزانيا مع كينيا وعلى الموزمبيق مع تنزانيا وعلى جنوب إفريقيا مع الموزمبيق.
أيضا إذا أجبرت كينيا على أن تتنازل عن الأراضي المتنازع عليها أو خسرت القضية، فإنها ستخسر 26% من منطقتها الاقتصادية التي تبلغ مساحتها حوالي 51 ألف كيلومتر مربع وأيضًا 85% أو حوالي 95 ألف كيلومترًا مربعًا من الجرف وراء الـ 200 ميل بحري وكذلك ستخسر الوصول إلى المياه الدولية من هذه الجهة.
ولهذا يرى المراقبون أن كينيا لن تتنازل أبدا ولا على شبر من هذه الأراضي ما سيجعل الصراع مع الصومال إلى أجل غير مسمى.
وبانتظار صدور الحكم في سبتمبر من هذا العام تعد كينيا أنفاسها لأن رئيس محكمة العدل الدولية هو عبد القوي أحمد يوسف الصومالي الجنسية وتخشى الدولة التي غزت الصومال بقواتها العسكرية واعتدت على شعبه من أن يحكم القاضي الصومالي لصالح بلاده بحسب تصريحات بعض المسؤولين والصحف الكينية.