السودان ماضٍ في ثورته رغم تجديد الحكومة وتداعيات تظهر لاستمرار الأزمة

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

لم تتمكن محاولة عمر البشير تهدئة الشارع السوداني الثائر بإعلان حكومة جديدة بقيادة محمد طاهر إيلا يوم الأربعاء من ثني الشعب السوداني عن مطالبه بإسقاط النظام وتنحية الرئيس السوداني.

 

فقد أعلن إيلا عن أعضاء حكومته الجديدة، التي أبقت على عدد من الوزراء السابقين أبرزهم وزراء الدفاع والخارجية والعدل في حين ركزت على تغيير وزراء الداخلية والمالية والنفط باعتبارها الوزارات الأقوى اتصالا باقتصاد البلاد والوضع المعيشي الذي يشتكي منه السودانيون. وقد شملت الحكومة الجديدة 21 وزيرًا و18 وزير الدولة.

 

الحكومة الجديدة

وقال إيلا: إن “القضية الاقتصادية بحاجة لمعالجات عاجلة لأنها أثرت على ارتفاع معدلات التضخم وتدهور سعر صرف العملة”. وأضاف: “نأمل في أن تحقق الحكومة الجديدة بعض آمال وطموحات شعبنا، آخذة في الاعتبار أن قضايا الخبز والوقود والسيولة يجب أن تعود إلى وضعها الطبيعي”.

 

واستلم منصب وزير النفط، اسحق آدم جماع، ومنصب وزير المالية، مجدي حسن يس ومنصب وزير الداخلية، بشارة جمعة أرو.

 

كما استلم حسن إسماعيل وزارة الإعلام والاتصالات وحامد ممتاز وزارة التجارة.

 

وأبقى إيلا على فضل عبد الله فضل وزيرا لرئاسة الجمهورية وأحمد سعد عمر وزيرا لمجلس الوزراء والدرديري محمد أحمد وزيرا للخارجية.

 

وشهدت الأيام الأخيرة من الثورة السوادنية انتقادات وجهت للرئيس السوداني عمر البشير وحكومته بسبب اعتقاله للنساء المحتجات وتهديده بجلدهن.

 

وكان من بين المعتقلات مريم المهدي ابنة صادق المهدي زعيم حزب الأمة التي حكم عليها بالسجن لمدة أسبوع بتهمة محاولتها تنظيم مسيرة احتجاجية للبرلمان، ثم أفرج عنها بعد ذلك.

 

الثورة مستمرة رغم التجديد

ورغم التجديد الحكومي، استجاب السودانيون لدعوات العصيان المدني وأصروا على مطلبهم برحيل عمر البشير وشهدت الخرطوم إغلاقا للأسواق والمحال التجارية.

 

العصيان المدني الذي دعا له تجمع المهنيين الذي يقود الحراك الشعبي في السودان والقوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، شمل الإضراب عن الدراسة وعن العمل للتجار والعمال وموظفي القطاع العام والخاص، والتوقف عن دفع كل أنواع الرسوم والضرائب.

 

ورغم تمديد حالة الطوارئ لمدة عام كامل في البلاد وحظر التجمعات والاحتجاجات، شهدت شوارع الخرطوم وأم درمان وعطبرة ومدن أخرى  احتجاجات واسعة شارك فيها الطلاب أيضا.

 

وحاولت السلطات السودانية قمع الاحتجاجات الجديدة بالقوة والغاز المسيل للدموع والاعتقالات لكنها فشلت في وقف سيل هذه الاحتجاجات.

 

ولا زال سكان ولاية كسلا التي قتل فيها المعلم أحمد الخير على يد جهاز الأمن السوداني ثابتون على مطالب ثورتهم.

 

الاحتجاجات اندلعت أيضا بولاية الجزيرة كما شارك الولايات الثائرة نازحو معسكر أبو شوك بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

 

ويجدر الذكر أن الحكومة السودانية الجديدة المعلن عنها هي ثالث حكومة في السودان في أقل من عامين ونصف العام حيث أقيلت الحكومتان الأخيرتان لفشلهما في حل الأزمة الاقتصادية.

 

مشكلة الكهرباء

على صعيد متصل أعلن وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري محمد شاكر يوم الأربعاء، عن تأجيل تشغيل مشروع الربط الكهربائي مع السودان “لأجل غير مسمى”، بسبب الظروف السياسية في السودان.

 

ومع أن المشروع جاهز بالكامل بحسب الوزير وأرسلت طلبات التشغيل التجريبي من السودان خلال مارس الجاري، إلا أن الرد السوداني برر العجز في التجاوب من جانبه بعدم وجود وزير للكهرباء.

 

وكان من المقرر أن تبدأ مصر تصدير الطاقة إلى السودان، نهاية الشهر الجاري، بقدرات 100 ميغاوات/ ساعة ترتفع إلى 300 عبر خط ربط مشترك، مقابل الحصول على سلع ومحاصيل سودانية.

 

خطوط الطيران تخفض عدد رحلاتها للسودان

تداعيات الأزمة الاقتصادية السودانية والحاجة للنقد الأجنبي ظهرت آثارها على الرحلات الجوية من وإلى السودان، حيث تسبب إلزام سلطة الطيران المدني السوداني لخطوط الطيران الدولية ببيع تذاكر السفر بالجنيه السوداني في تراجع عدد الرحلات احتجاجا من هذه الشركات على القرار الجديد.

 

وقد أعلنت الخطوط القطرية في أواخر يناير الماضي عن تقليص عدد رحلاتها الى السودان وإيقاف بيع التذاكر من الخرطوم. كما  عممت الإعلان مؤخرا في عدد من الدول الإفريقية فيما عزته لأسباب تجارية.

 

بدورها أعلنت الخطوط الملكية الأردنية نفس القرار،  وكذلك  شركة “طيران الخليج” التي قامت بتخفيض عدد رحلاتها إلى الخرطوم من 7 رحلات إلى خمس أسبوعيًا.

 

الكونغرس الأمريكي سيزور الخرطوم

على صعيد آخر أعلنت الخرطوم عن زيارة مرتقبة لوفد من الكونغرس الأمريكي يوم السبت تستغرق 3 أيام سيلتقي خلالها الأمريكيون برئيس وقيادات المجلس الوطني ورئيس مجلس الوزراء القومي ومدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني، إضافة لوزيري العدل والخارجية وعدد من المسؤولين الآخرين بالدولة.

 

وهي الزيارة الثانية من الكونغرس الأمريكي للخرطوم منذ شهر مايو/ أيار من العام الماضي.

 

وبالنظر في اندلاع ثورة أخرى في الجزائر المجاورة يرى المراقبون أن فرص تهدئة الشارع السوداني ضعيفة.

 

وفي حين أعلنت الحكومة عن مقتل 31 بما فيهم عناصر الأمن الحكومية، منذ انطلاق الاحتجاجات في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي تؤكد تقارير حقوقية أخرى أن عدد القتلى لا يقل عن 57 قتلوا أثناء الاحتجاجات ولا يزال المئات من المعتقلين مغيبين في السجون، وهي أسباب تدفع لمزيد من الاحتجاجات ولا تساعد في تهدئة السودانيين العازمين على خلع حكومة البشير الذي يحكمهم منذ عقود.