الثورة السودانية والسيناريو المصري

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

كما توقع العديد من المراقبين تحوّل مسار الثورة السودانية لمواجهة ذات المصير الذي واجهته الثورة المصرية إبان الربيع العربي المنصرم.

 

ورغم القوة التي انطلقت بها الثورة السودانية والنظام والثبات على مطالب الثوار كان الاصطدام بجدار حكم العسكر في البلاد تحديا أكبر لمستقبل هذه الثورة.

 

وهو ما رسمه مشهد مجزرة فض قوات الأمن لاعتصام السودانيين المحتجين أمام قيادة الجيش في الخرطوم في الثالث من يونيو/حزيران الجاري بقوة وعنف متعمدين مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى تماما مثلما عرفت القاهرة إبان الثورة المصرية حين واجه الثوار قوات الأمن المصرية الذين قمعوا احتجاجاتهم بالرصاص الحي والقتل المتعمد.

 

وقد تم العثور على أكثر من 40 جثة في مياه النيل بعد مجزرة قوات المجلس العسكري وأكدت التقارير الواردة مقتل أكثر من 118 سوداني في المجزرة.

 

واستمر عداد القتلى المدنيين في الارتفاع مع استمررار حالة العصيان المدني في شوارع العاصمة الخرطوم  ومدن وأقاليم أخرى التي استجابت لدعوة قوى المعارضة.

 

العصيان طال المصارف والمستشفيات والمطار والأسواق التجارية الرئيسة ومؤسسات حكومية وقضائية ومصرفية ما تسبب في شلل كامل في البلاد.

 

وقطع المجلس العسكري الأنترنت عن السودانيين دون تقديم سبب لذلك، كرد فعل عقابي من المجلس الذي تشبث الآن بمقاليد الحكم، ورفض نقل السلطة لمكونات مدنية.

 

وبحسب لجنة أطباء السودان المركزية فإن القتلى في هذه الاحتجاجات سقطوا برصاص قوات الأمن أو بتعرضهم للضرب والطعن.

 

ووصل بحسب اللجنة عدد القتلى إلى 118 قتيلا منذ فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في العاصمة.

 

في حين رفضت وزارة الصحة هذا العدد قالت بأن عدد القتلى لا يتجاوز 61 قتيلا.

 

من جانبه اتهم تجمع المهنيين السودانيين المجلس العسكري الانتقالي بإغلاق المستشفيات الحكومية والخاصة ووجه تحذيرات تحت عنوان “وضع صحي كارثي” نشرها على موقع التويتر، وذلك بعد “اقتحام قوات أمنية الصندوق القومي للإمدادات الطبية والسيطرة عليه”.

 

ووصل وسم “#العصيان_المدني_الشامل” إلى صدارة الوسوم المتداولة بين الدول العربية إضافة إلى وسوم أخرى باللغتين العربية والإنجليزية لنفس المضمون.

 

وشهدت مواقع التواصل عموما نشاطا مكثفا من السودانيين وقال “تجمع المهنيين السودانيين” في تغريدة على موقع التويتر: “موقفنا الراسخ هو عدم الرضوخ لترويع مليشيات جهاز الأمن وكتائب الظل والجنجويد التي يديرها ويستخدمها المجلس العسكري الانقلابي المجرم”.

 

أما المجلس العسكري الانتقالي فرفض الاتهامات التي وجهت له من الثوار السودانيين بمحاولة إعادة السيناريو المصري في فض الاعتصام أمام مبنى قيادته بالقوة والقتل المتعمد، وقال المتحدث باسمه شمس الدين الكباشي أن ما حدث كان مجرد “خطأ في التنفيذ”.

 

ويجدر الإشارة إلى أن دعوة العصيان المدني تعني التوقف التام عن إجراء معاملات حكومية، والامتناع عن دفع فواتير خدمات الماء والكهرباء، إضافة إلى عدم استخدام وسائل النقل العامة.

 

وتنتشر مع دعوة العصيان المدني، المتاريس التي توزع في الشوراع والأزقة. حيث يتم إعادتها كلما قامت قوات الأمن والشرطة والدعم السريع بنزعها وإحراقها.

 

وشهد العصيان تنظيما ميدانيا من حيث نقل الجرحى والمرضى وتوزيع الطعام والأغذية على الناس ونقل المعلومات والتجهز لمواجهة خطط القوات الأمنية السودانية تحت شعار الحفاظ على الطابع السلمي للاحتجاجات.

 

وزار رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد السودان الأسبوع الماضي حيث التقى برئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان في الخرطوم كما التقى قيادات من المعارضة السودانية.

 

يجدر الإشارة إلى أن حملة اعتقالات واسعة شنها المجلس العسكري ضد الناشطين والمعارضين بعد فض الاعتصام واعتقالات أخرى طالت قيادات المعارضة بعد لقاء رئيس الوزراء الإثيوبي.

 

وفي حين لم تظهر بعد نتائج زيارة آبي أحمد، أعلن الثوار السودانيون بأنهم مستمرون في ثورتهم وعصيانهم المدني حتى يتم تسليم السلطة للمدنيين وأن جميع محاولات المجلس العسكري التي ترتفع تارة بالتهديد وأخرى بالتهدئة قد باءت بالفشل.

 

فهل ستشهد السودان ثورة ناجحة بحق ويتنحى المجلس العسكري أم سيحصل الصدام والإجهاض لجهود وآمال الثوار على الطريقة المصرية؟

 

في هذه الأثناء علّق الاتحاد الإفريقي عضوية السودان في مجلسه بسب لجوء المجلس العسكري للعنف، وهو تماما ما قضى به مع مصر إبان ثورتها بعد مجازر النظام العسكري بحق المحتجين، ولكن العديد من المراقبين وصفوا هذه الخطوة من الاتحاد الإفريقي بسياسية لاحتواء الحراك السوداني حيث سرعان ما عادت العلاقات مع نظام الانقلاب في مصر وعيّن لاحقا رئيسه عبد الفتاح السيسي الذي قاد المجازر بحق المدنيين العزّل رئيسا للإتحاد الإفريقي للعام الجاري رغم بيانات الشجب والتنديد التي سبقت.