التوترات بين الصومال وإثيوبيا -الحليفان السابقان- لا تؤدي إلا إلى تشجيع حركة الشباب
إن انهيار العلاقات الدبلوماسية بين إثيوبيا والصومال له عواقب بعيدة المدى، تتجاوز عدم الاستقرار السياسي والعلاقات الاقتصادية المتوترة. بحسب مقال نشرته صحيفة إيست أفريكان سلط فيه كاتبه الوزير الصومالي في الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، آدم أو هيرسي، الضوء على تداعيات الأزمة الحالية بين الصومال وإثيوبيا.
وبحسب الوزير في الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، من بين أكثر هذه العواقب فتكا كيف أن حركة الشباب المجاهدين التابعة لتنظيم القاعدة في القرن الأفريقي على أعتاب الاستفادة من الخلاف الحالي بين الصومال وإثيوبيا وتجديد الانقسامات والشقاق العرقي والديني لتعزيز أهدافها المتمثلة في إحداث فوضى دائمة في شرق أفريقيا وخارجها. على حد تعبير الصحيفة، في إشارة إلى إقامة نظام إسلامي شامل ومستقل عن الهيمنة الغربية.
حتى 1 يناير 2024، عندما وقع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مذكرة تفاهم مع موسى بيهي، زعيم منطقة صومالي لاند الانفصالية، تمنح إثيوبيا 20 كيلومترا مربعا من الأراضي داخل الصومال، تعاونت مقديشو وأديس أبابا في قطاع الأمن بشكل لا مثيل له في أي دولة مجاورة أخرى في المنطقة. بحسب الوزير.
وتعمل القوات الإثيوبية، التي تعمل خارج نطاق ولاية الاتحاد الأفريقي، في الصومال، وتعمل جنبا إلى جنب مع قوات الأمن الوطنية الصومالية وبأقل قدر من المعارضة من المجتمعات المحلية التي تخدم فيها. بحسب الوزير.
وقال الوزير:”كانت روح التعاون بين البلدين في أعلى مستوياتها على الإطلاق عندما وقع وزيرا الدفاع من كلا البلدين في 6 ديسمبر 2023 على تجديد مذكرة تفاهم متعددة الأبعاد (الأمن ، والشرطة، وتبادل المعلومات، وما إلى ذلك) التي أبرمها البلدان على مدى السنوات العشر الماضية.
ثم، في 1 يناير، تغير كل شيء. وقد أدى تدهور الود الدبلوماسي والصداقة بين الصومال وإثيوبيا إلى خلق فراغ لاستغلال حركة الشباب. إن غياب التواصل والتعاون الفعالين بين البلدين يمكن أن يقوض جهود الأمن الجماعي، مما يؤدي إلى إضعاف تنسيق تبادل المعلومات الاستخباراتية وانخفاض القدرة على الاستجابة السريعة للتهديدات والهجمات الإرهابية”. بحسب ما قال الوزير الذي أغفل حقيقة أن حركة الشباب هي التي أخرجت الاحتلال الإثيوبي من الصومال على إثر غزوه للبلاد بهدف إسقاط اتحاد المحاكم الإسلامي بأوامر أمريكية بعد استقرار البلاد تحت الحكم الإسلامي.
وعادت إثيوبيا بعد ذلك وبعد فشل غزوها العسكري المباشر تحت مظلة قوات ما يسمى السلام التابعة للاتحاد الإفريقي لمنع إقامة نظام إسلامي في الصومال يهدد طموحات إثيوبيا الجشعة في المنطقة. ولذلك يعترف الوزير الصومالي بالعلاقة المنسجمة بين الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب وإثيوبيا لكون الحكومة هي اللاعب الصومالي الذي يعمل على إخضاع البلاد لإرساء الهيمنة الغربية ومنع إقامة نظام إسلامي فيها. في حين يكنّ الشعب الصومالي العداء التاريخي لإثيوبيا لما أحدثته القوات الإثيوبية من فساد وقتل وتدمير في البلاد. كما أن الشعب الصومالي لا يزال يرى إثيوبيا دولة احتلال تسيطر على جزء من أراضيه.
وبحسب الوزير الصومالي، قد تستغل حركة الشباب أيضا نقاط الضعف هذه لتسهيل الحركة والتهرب من القبض عليها وتنفيذ هجمات عبر الحدود ليس فقط بين الصومال وإثيوبيا ولكن أيضا بين البلدين وكينيا، مما يؤدي إلى تفاقم الاستقرار غير المستقر بالفعل في المنطقة.
وبحسب الوزير، لقد أدى انهيار العلاقات الدبلوماسية بين الصومال وإثيوبيا بالفعل إلى خلق جو من عدم الثقة والعداء، والمظالم الاجتماعية والعرقية، وتصورات المظالم التاريخية التي كانت كامنة في الصومال “المثالي” منذ انهيار إدارة سياد بري. على حد تعبيرها.
ويخشى الوزير الصومالي من أن رسالة حركة الشباب في واجب الدفاع عن البلاد والتحرر من الهيمنة الغربية والتدخلات الأجنبية ستلاقي قبولا أكثر على إثر الأزمة الحالية.
وبعد إشادة بعلاقة الحكومة الصومالية مع إثيوبيا يرى الوزير أنه من المرجح أن يصبح تبادل المعلومات الاستخباراتية التعاونية، والعمليات العسكرية المشتركة، والمشاركة العسكرية المنسقة ضد حركة الشباب أكثر صعوبة، إن لم يكن مستحيلا.
وبحسب الوزير، في منطقة يقاتل فيها جنود من خمسة بلدان، بما في ذلك إثيوبيا، عدوا مشتركا في الصومال، فإن انهيار الدبلوماسية بين الصومال وإثيوبيا سيكون له بلا شك تداعيات سلبية شديدة على الآفاق الأمنية العامة ليس فقط لكل من الصومال وإثيوبيا، ولكن أيضا لكينيا وجيبوتي.
وبحسب الوزير فإن هذا “من شأنه أن يمنح حركة الشباب متنفسا جديدا ومساحة عمل جديدة تشتد الحاجة إليها في المنطقة. وبدعم من فقدان البلدين لهما، سيتمكن إرهابيو حركة الشباب من توسيع عملياتهم ووجودهم وأهميتهم، مما يشكل تهديدا أكبر للأمن الإقليمي والعالمي.”
ويقترح الوزير الصومالي ما وصفه بالرد الفعال على هذا الوضع ومنع أي تصعيد إضافي لن يفيد سوى حركة الشباب المجاهدين وأهدافها، إذ أن الحسابات الواقعية لها أهمية قصوى على حد تعبيره.
وقال الوزير الذي وجد الحل الأسهل للتخلص من مسؤولية قطع أطماع حليفهم الإثيوبي في الصومال:”بما أن الصومال ليس لديها متر مربع للمناورة، يجب على إثيوبيا أن تتراجع بمهارة، وأن تتبرأ من مذكرة التفاهم التي وقعتها مع هرجيسا، وعندما يحين الوقت، تبدأ في الانخراط في الوصول البحري التجاري مع الحكومة الوطنية التي تتخذ من مقديشو مقرا لها، حيث منطقة صومالي لاند ممثلة على النحو الواجب، إن لم يكن بشكل مفرط.”
وختم مقاله الذي اعترف فيه بأهمية استمرار التحالف بين حكومته وإثيوبيا على الرغم مما أظهرته الأخيرة من أطماع جشعة في البلاد، قائلا:”من الآن وحتى ذلك الحين، لن يكون كل يوم قاس بين الصومال وإثيوبيا سوى نعمة غير مستحقة لحركة الشباب” المجاهدين على حد تعبيره.