الاحتلال الإسرائيلي يواصل هجومه في غزة وسط حصار وحشي ومجاعة تفتك بالمدنيين

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليته العسكرية على نطاق واسع في مدينة غزة ما أدى إلى نزوح الآلاف من جديد، وذلك عشية مفاوضات جديدة مرتقبة في قطر للتوصل إلى هدنة. بحسب وكالة فرانس برس.
واعتبرت الأمم المتحدة أوامر الإخلاء الجماعي الأخيرة لسكان القطاع “مروعة” دون تقديم حلول للوضع المأساوي الذي يعيشه المدنيون.
ونزح آلاف الفلسطينيين من مدينة غزة بعد أن اقتحمها جيش الاحتلال الإسرائيلي وأمرهم بإخلاء أحياء إضافية، مع احتدام القتال واستمرار القصف والغارات العنيفة.
وتواصلت المعارك في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر. فشمالا، ذكر شهود عيان والدفاع المدني والمكتب الإعلامي لحكومة حماس بأن الدبابات الإسرائيلية اقتحمت العديد من الأحياء في مدينة غزة خلف وابل من القصف والضربات من الطائرات الحربية والمسيّرات، ما دفع الآلاف إلى الفرار مجددا.
ووقعت “انفجارات ومعارك عديدة بالأسلحة النارية” وغارات لطائرات مروحية خلال الليل على جنوب غرب مدينة غزة وفق ما أكد السكان.
وشاهد مصورو وكالة الأنباء الفرنسية فلسطينيين يغادرون المكان سيرا على الأقدام وعلى دراجات وعربات تجرها حمير، حاملين أمتعتهم عبر الشوارع المليئة بالركام وتحت أزيز الطائرات المسيّرة.
وهذه ليست أول مرة يدعو فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان غزة إلى إخلائها. ففي 27 يونيو/حزيران، دعا إلى إخلاء جزء من شرق القطاع، خصوصا منطقة الشجاعية وحيي التركمان والتفاح. والأحد في 7 يوليو/تموز، أمر بإخلاء بعض المناطق المجاورة للشجاعية. والإثنين أمر بإخلاء منطقة أوسع نطاقا تشمل حي الرمال وهو من أكبر أحياء مدينة غزة.
وبحسب السكان لا تزال حركة النزوح مستمرة إلى خارج المدينة فيما يقول آخرون إن ملجأهم الذين وصلوا إليه أصبح هدفا عسكريا أيضا.
وتبقى مناطق غير مشمولة حاليا بأوامر الإخلاء وهي المنطقة الساحلية التي تضم مخيم الشاطئ والمناطق الجنوبية بما فيها حي الزيتون والمناطق الشمالية بما فيها حي الشيخ رضوان.
ودعي السكان الإثنين إلى التوجه جنوبا نحو دير البلح، لكن شهود عيان أفادوا بأن النازحين يفضلون التوجه إلى الغرب والشمال.
وأعلن الدفاع المدني في غزة عن “تلقي بلاغات بوجود عشرات الشهداء والمصابين” مشيرا إلى أن طواقمه لا تستطيع الوصول إليهم “في ظل القصف العنيف”، مشيرا إلى أن “قوات الاحتلال تحاصر عشرات العائلات”.

حملة تجويع متعمّدة وموجّهة أدت لوفاة آلاف الأطفال

وحذّرت مسؤولة الشؤون الإنسانية في المجلس النرويجي للاجئين ميساء صالح الإثنين لدى عودتها من مهمة ميدانية من أن قسما من المدنيين توجهوا إلى دير البلح في وسط القطاع حيث الأوضاع الإنسانية تتفاقم.
وقالت إن “السؤال الأول الذي يطرح كل صباح هو نفسه: ماذا سنأكل اليوم؟”، وأضافت “خلال فترة تواجدي في دير البلح، لم أرَ شيئا أشبه بمساعدة. إنها تقريبا غير موجودة”.
والثلاثاء، اتهم خبراء حقوقيون أمميون إسرائيل بشنّ “حملة تجويع متعمّدة وموجّهة” أسفرت عن وفاة آلاف الأطفال في غزة. وقال عشرة خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة في بيان: “نعلن أن حملة التجويع المتعمّدة والموجّهة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي شكل من أشكال عنف الإبادة وأدّت إلى مجاعة في جميع أنحاء غزة”، وأشاروا إلى أن ثلاثة أطفال ماتوا مؤخرا “بسبب سوء التغذية وعدم الحصول على الرعاية الصحية الكافية”.
وفي الشهر الماضي، أشار تقرير صادر عن التصنيف إلى أن غزة لا تزال معرضة لخطر المجاعة بشكل كبير مع استمرار الحرب وتقييد وصول المساعدات.
وجاء في التقرير أن أكثر من 495 ألف شخص في أنحاء غزة، أي أكثر من خمس السكان، يواجهون المستوى الأشد أو “الكارثي” لانعدام الأمن الغذائي، انخفاضا من 1.1 مليون في التقرير السابق.
ويزيد من معاناة أهل غزة تواطؤ المجتمع الدولي مع الإبادة التي تجري على مسمع ومرأى العالم على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. حيث تواصل الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفهما تزويد الاحتلال بالأسلحة والذخائر والدعم العسكري واللوجستي والاستخباراتي بينما تفرض حصارا وحشيا على المدنيين وتحرمهم أدنى حق في أساسيات الحياة، فيما صور صورة إبادة جماعية تجري بدون خجل.
وسجلت الأشهر الأخيرة من الحرب فشلا ذريعا لقوات الاحتلال التي لم تتمكن من تحرير أسراها الذين أطلقت عمليتها العسكرية لتحريرهم من قبضة مقاتلي المقاومة الفلسطينية إلى اليوم رغم حجم الدمار والتعذيب والتنكيل بالمدنيين، وعلى الرغم من مساحة القطاع الصغيرة نسبيا وتواطؤ دول الجوار في إطباق حصار كامل كان مثخنا خاصة من جهة مصر.