الأمم المتحدة تندد بقصف أكبر قاعدة عسكرية في مقديشو في رأس السنة الميلادية الجديدة واتهامات بالفشل الذريع لحكومة “فرماجو”

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

لم تزل هجمات حركة الشباب المجاهدين تركز على أكثر المناطق حصانة في العاصمة الصومالية مقديشو، ويُعد قصف قاعدة “حلني” العسكرية يوم أمس – أول يوم في سنة 2019 الميلادية الجديدة- أحد أبرز هذه الهجمات مؤخرًا.

 

فقد قصف مقاتلو حركة الشباب قاعدة “حلني” أكبر قاعدة عسكرية في العاصمة مقديشو، بسبعة قذائف هاون، ما أدى إلى إصابة 3 مسؤولين أمميين.

 

ويجدر الإشارة إلى أن قاعدة “حلني” العسكرية تعتبر مركزا رئيسيًا لقوات الإتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم) وبعثة الأمم المتحدة (يونيصوم) والقوات الأمريكية التي تدعمهم.

 

الأمم المتحدة تندد بالقصف

وقد نشرت بعثة الأمم المتحدة في الصومال (يونيصوم) عقب القصف، بيانًا صحفيًا جاء فيه: “يدين الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالصومال، نيكولاس هايسوم، الهجوم غير المباشر على مجمع الأمم المتحدة الرئيسي في العاصمة الصومالية”.

 

وأوضح البيان بأن 7 قذائف هاون سقطت على القاعدة ، مما أدى إلى إصابة موظفين اثنين في الأمم المتحدة ومتعهدًا واحدًا.

 

من جهتها أعلنت حركة الشباب المجاهدين مسؤوليتها عن الهجوم، في حين أصرّت بعثة الإتحاد الإفريقي (أميصوم) على إنكار وقوع إصابات داخل القاعدة رغم بيان الأمم المتحدة الذي يؤكد ذلك.

 

نهاية ملتهبة لسنة 2018م

وبالنظر في آخر ثمانية وأربعين ساعة لنهاية سنة 2018م، يظهر تصاعد هجمات حركة الشباب في العاصمة مقديشو بشكل لافت، حيث سُجّل خلال يومين فقط، خمس هجمات تراوحت بين اغتيالات مباشرة وتفجير عبوات ناسفة وهجمات مباشرة على قواعد عسكرية للميليشيات الحكومية.

 

وشملت هذه الهجمات، تفجير عبوة ناسفة يوم أمس أدّت إلى إعطاب عربة عسكرية للمليشيات الحكومية ومقتل وإصابة 3 عناصر منهم في منطقة “جرسبالي” بضاحية مقديشو.

 

فيما قامت كتيبة محمد بن مسلمة المتخصصة في تنفيذ عمليات الاغتيال، بتصفية ضابط برتبة رائد  يدعى بـ “عبد مدوبي” وضابط آخر من الشرطة في مديرية “وابري” بمقديشو.

 

كما اغتالت عنصرًا من المليشيات في مديرية “شبس” في العاصمة، واغتنمت سلاحه وأيضا في نفس اليوم استهدفت “علي بباي” عضو في لجنة انتخاب أعضاء برلمان الحكومة الصومالية في مديرية “هدن” بمقديشو وأدى الاستهداف إلى إصابته.

 

بدورها تعرضت ثكنة عسكرية للميليشيات الحكومية في “أفغوي” التي تقع على بعد 3  كلم جنوب غرب العاصمة مقديشو إلى هجوم آخر عنيف، ينضم لهجمات آخر يومين من سنة 2018 م.

 

هجوم على قاعدة في بيدوا

ولم تقتصر هجمات حركة الشباب على داخل العاصمة مقديشو بل امتدت أيضا إلى عمق سيطرات القوات الإثيوبية، حيث شهد يوم 29 من الشهر الماضي مقتل أكثر من 10 عناصر من المليشيات الحكومية من بينهم الضابط “إنداعدي”، إضافة إلى اغتنام كمية من العتاد العسكري في هجوم واسع شنه مقاتلو الحركة صباحًا على قاعدة عسكرية في منطقة “جوفجدود بوري” بضاحية مدينة بيدوا في ولاية باي وباكول ووردت أنباء عن وقوع خسائر في صفوف الميليشيات.

 

وفي نفس اليوم أعلنت الحركة مسؤوليتها عن عملية اغتيال ضابط من  جهاز الأمن والاستخبارات للحكومة الصومالية وحراسه واغتنام مسدس في مديرية “حمرويني” بالعاصمة مقديشو.

 

هجوم عى قوات أميصوم

هذا وتستمر الحركة في استهداف قوات الإتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم) وكان آخر هذه الهجمات في نهاية السنة الميلادية، الكمين الذي نصبه مقاتلو الحركة لهذه القوات بالقرب من منطقة “قوقاني” بولاية جوبا جنوب البلاد، حيث أدى الكمين إلى تدمير وإعطاب مدرعتين عسكريتين للقوات الكينية ومقتل وإصابة عدد منهم.

 

فشل ذريع لحكومة “فرماجو”

وفي حين تتصاعد شدة هجمات جركة الشباب في المناطق التي يفترض أن تكون محصنة، تزداد الانتقادات للحكومة الصومالية المدعومة من الغرب وتوجيه أصابع الاتهام بالفشل للرئيس محمد عبد الله فرماجو لكونه أخفق في الوفاء بوعوده في تأمين العاصمة رغم قائمة الأوامر التي أصدرها لتكثيف إجراءات الأمن ورغم الدعم الذي يصله من المجتمع الدولي لأجل تحقيق ذلك والخبرات الغربية التي تحاول تسهيل مهمتهه.

 

ويرى المراقبون أن “فرماجو” قد فشل في جميع الملفات بالصومال حيث تميّز عام 2018 الماضي بتصاعد الأزمات والإخفاقات في جميع المجالات خاصة الأمنية، وكذلك السياسية حيث وصلت الأزمة بين الفرقاء الصوماليين إلى حد القطيعة السياسية.

 

وهذا ما تجلى بوضوح خلال انتخابات الرئاسة لإدارة جنوب غرب البلاد، وتنديد الإدارات الإقليمية والنواب بتدخل حكومة فرماجو لتنصيب رئيس موالي لسياساتها وتعميق حالة الانقسام.

 

وبالفعل فقد تحقق في الأخير تنصيب رئيس موالي لفرماجو على رأس إدارة جنوب غرب البلاد، فيما وصفه البعض ببركة الرشاوى التي دفعها الرئيس الصومالي من خزينة الدعم القطري التي تسانده باستمرار.

 

وتؤكد التقارير أن وضع الصومال منذ استلم “فرماجو” رئاسة الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب في  فبراير/شباط  2017، لم يقدم تحسنا ملموسًا، بل زاد الأمر سوءً.

 

تفاقم الأزمات

حيث عمّق الرئيس من حالة الانقسام السياسي في البلاد في أوساط البرلمان والأحزاب السياسية والإدارات الإقليمية. في وقت تصاعدت فيه معدلات الفساد والنهب لمؤسسات الدولة، وهو ما وثّقه تقرير الأمم المتحدة لفريق الرصد في الصومال لعام 2017م.

 

ويخشى المراقبون أن تخفق الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب في الإمساك بزمام الوضع الأمني مع اقتراب انسحاب قوات الإتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم) في سنة 2021م المرتقبة.

 

ويتعمق هذا الهاجس كون تقارير المتابعة للشأن الصومالي تؤكد عجز الجيش والمؤسسات الأمنية على رأسها الاستخبارات الوطنية في أداء وظائفها بشكل سليم بسبب اختراق حركة الشباب للمؤسسة على مستوى قيادتها وبسبب الفساد المستشري في هياكلها.

 

حركة الشباب المجاهدين تسيطر على المشهد

وأكدت التقارير الرسمية الأمريكية أن كل الجهود المبذولة في الساحة الصومالية والدعم الدولي لم تؤتي أكلها، واعترفت بأنه: “رغم كل هذه المجهودات فإن حركة الشباب لا تزال قادرة على الضرب بقوة في أماكن عدة داخل العاصمة، وفي وسط البلاد وجنوبها”.

 

وفي الوقت الذي باتت تسيطر فيه حركة الشباب على المشهد الأمني، ليس فقط على مستوى سيطراتها بل أيضا على مستوى العاصمة الصومالية، تبقى فرص حكومة “فرماجو” في كسب ثقة حلفائها الدوليين ضعيفة جدا بل تكاد تكون منعدمة. وتستقبل الحكومة وحلفاءها عام 2019م الجديد بإحباط شديد وخوف من تداعيات فشل عام 2018 م السابق الذي لا تبدو له نهاية. خاصة وأن قصف حركة الشباب لقاعدة “حلني” في رأس السنة الميلادية الجديدة أرسل رسالة واضحة لنوايا الحركة في التصعيد أكثر خلال سنة 2019م.