إريتريا تهاجم كل من تركيا وقطر والسودان
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
ما لبثت إريتريا أن خرجت من عزلتها بعد إعلان اتفاق المصالحة مع جارتها إثيوبيا ورفع الأمم المتحدة للعقوبات عنها، حتى بدأت توجهات البلد الواقع في موقع استراتيجي على باب المندب واضحة في ما يخص اختيار حلفائه والإعلان عن خصومه.
وقد بات الموقف الإريتري أكثر وضوحًا بعد توجيه حكومة أسمرة اتهامات مباشرة لكل من تركيا وقطر والسودان فيما وصفه البعض باصطفاف معلن إلى جانب المحور السعودي الإماراتي تحت تأثير كل من أبو ظبي والرياض.
فقد اتهمت أسمرة السودان بعرقلة المصالحة الإريترية الإثيوبية عبر احتضان اجتماعات لرابطة علماء إريتريا -مجموعة إريترية إسلامية معارضة- بتنسيق تركي قطري في الخرطوم.
الاتهامات وجهت بشكل مباشر عبر وزارة الإعلام الإريترية، في بيان نشرته على موقعها الرسمي جاء فيه أن “أعمال التخريب المتقطعة التي قامت بها الحكومة التركية (تحت رعاية حزب العدالة والتنمية الحاكم) ضد إريتريا معروفة جيدا وتستحق التفصيل”، و”يتم تنفيذ هذه الأعمال غير المجدية من خلال دعم وتمويل من قطر..”.
وأضافت الوزارة في بيانها: “لقد تصاعدت حدة هذه الأعمال التخريبية خلال العام الماضي، بهدف عرقلة مسار السلام مع إثيوبيا بشكل خاص وفي منطقة القرن الأفريقي بشكل عام”.
وأضاف البيان: إن “التصريحات العلنية التحريضية التي صدرت ضد إريتريا وإثيوبيا في اجتماع لهذه الرابطة (الإريترية المعارضة) قبل بضعة أيام في الخرطوم كانت خارجة عن أي حدود وسياق”.
ويجدر الإشارة إلى أن هذا البيان يعد الثاني بعد بيان سابق أصدرته وزارة الإعلام الإريترية في شهر مارس 2018 يحمل أيضًا اتهامات لكل من قطر والسودان بدعم المعارضة الإريترية الإسلامية بشكل سري في منطقة معزولة بالسودان.
واتهمت إريتريا قطر بإرسال وفد عسكري من الدوحة برئاسة السفير القطري في السودان، راشد بن عبد الرحمن النعيمي، لإجراء زيارة تفقدية لمتابعة الأوضاع الأمنية على حدود كسلا.
الردود من جانب المتهمين
وكان الرد القطري على بيان أسمرة المسارعة بتقديم احتجاج رسمي سلمته الخارجية القطرية عن طريق وزيرها سلطان المريخي لسفير إريتريا بالدوحة علي ابراهيم أحمد، أنكرت فيه الاتهامات الإريترية الموجهة لها.
وبدورها أعربت تركيا عن استيائها الشديد من اتهامها بمحاولة تأزيم العلاقات الإثيوبية الإريترية، وكذلك أنكرت السودان التهم التي حملها البيان الإريتري وعبّرت عن دهشتها مما جاء في هذا البيان.
من جانبها لم تعلق إثيوبيا على البيان إلا بعد مرور أيام حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية نبيات جيتاشو، أن بلاده تتابع عن قرب البيان الإريتري دون الكشف عن أي موقف لإثيوبيا، داعيا جميع الأطراف إلى اللجوء للغة الحوار.
وقد سبق وأن أعلنت إثيوبيا عن موقفها من الأزمة الخليجية وهو موقف الحياد والوقوف على بعد مسافة متساوية مع كل طرف من الدول المتحاربة لأجل المصالح الإثيوبية.
وتأتي التصريحات الإريترية بعد تقارب ملحوظ مؤخرًا بين أسمرة وأبو ظبي التي تحظى بقواعد لها في إريتريا.
وهي الأرض التي تضم أيضا قواعد إيرانية تساهم بشكل فعال في الصراع الدائر في اليمن.
ما يجعل من الموقف الإريتري غير واضح ومضطرب ولا يمكن التعويل عليه. مع خلفية قمعية استبدادية حكم بها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إريتريا طويلًا، وأضحت معها التقارير المنددة بانتهاكات حقوق الإنسان في هذه البلاد أمرا مألوفًا.
ويقوي هذا الاتجاه عدم انخراط إريتريا في الحلف السعودي للبحر الأحمر الذي قاد مناورات في الأشهر الأخيرة لاستعراض القوى وإرسال رسائل لإيران مع كون إريتريا أهم البلدان التي تملك سواحل على البحر الأحمر وفي أهم موقع استراتيجي عند باب المندب.
وفي وقت تعزو الإمارات والسعودية الفضل لها في إبرام المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا يرى المراقبون أن المصالحة لم تمض إلا بدفع واشنطن لعجلتها والتمهيد لها مع إثيوبيا، فيما فُسر بخطوة ضرورية لإرساء صفقة القرن التي تخطط لها واشنطن مع إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط ويدعمها في ذلك حلفاءها في المنطقة، الرياض وأبو ظبي.
ويتوقع المراقبون مزيد احتقان للعلاقات الإريترية القطرية والتركية وحتى السودانية مع طول استمرار الأزمة الخليجية.