إثيوبيا تراوغ مصر وتمضي في مشروع سد النهضة
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
لا يزال سد النهضة الهاجس المخيف بالنسبة لمصر، خاصة بعد تجلي سياسة المراوغة التي تعمد لها الحكومة الإثيوبية في التعامل مع طلبات مصر بشأن المفاوضات التي لا تتم والوعود التي لا يتم الوفاء بها.
فرغم إعلان إثيوبيا بأن ثورة السودان لن تؤثر في مشروع سد النهضة، تم تأجيل الاجتماع بشأن السد لأجل غير مسمى بعد عزل البشير وبتهميش لإلحاح القاهرة على الاجتماع.
وقد شهد المشروع عرقلات بسبب سوء التقييم لتكلفته ومدة إنجازه ومع ذلك سعت الحكومة الإثيوبية لاستدراك أي نقص والمضي في إتمام مشروع سيمثل نقلة اقتصادية ضخمة في البلاد.
وفي الوقت الذي تحاول فيه مصر فهم ما يجري بشأن السد، تتكتم إثيوبيا وتتقدم بصمت مثل تكتمها على وصول ثلاث توربينات خلال هذا الشهر، والتي يرى المراقبون أن وصولها يعني بأن السد سيبدأ في التخزين من موسم الصيف المقبل.
ويرى المراقبون هذه التصرفات الإثيوبية التفسير لحالة التأجيل أو “التهرب” من الاجتماع المقرر بين المسؤولين في مصر وإثيوبيا والسودان.
وكانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت في مرات عدة عن وجود مشاكل فنية سوف تعرقل مشروع السد. وهو ما بث الاطمئنان في نفوس المصريين، ولكن في الواقع كانت إثيوبيا تتجاوز أي عقبات وتتقدم في المشروع دون إتمام المفاوضات مع الأطراف المعنية بالسد، ما سبب “الصدمة” لدى الحكومة المصرية التي عوّلت كثيرا على التصريحات الإثيوبية رغم القلق الذي أثاره مشروع السد.
ويجدر الإشارة إلى أن الحكومة الإثيوبية لتجاوز عقبات المشروع، أبرمت اتفاقا مع شركات عالمية لحل كل المشاكل التي عطلت مراحل البناء خلال الفترة الماضية.
ويرى المراقبون أن تساهل مصر في التعامل مع قضية السد وعدم تهديدها لإثيوبيا بتصعيد عسكري أو المطالبة بمحاكمة دولية سمح لأديس أبابا بالتمادي.
وقد استغلت إثيوبيا الهدوء من الجانب المصري وشارفت على افتتاح السد في حين لم يتفق الطرفان بعد على شروط ملء خزان السد، أو التفاصيل بشأن حصص المياه ومستقبل الثروة المائية التي يُعد المساس بها مساسا بالأمن القومي للدول.
ويُرجع خبراء الفشل المصري لتوقيع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمذكرة تفاهم مع أديس أبابا منح الأخيرة الحق الكامل في إتمام المشروع دون أي التزامات منها تجاه القاهرة.
وتم تفسير لجوء السيسي لتوقيع المذكرة، كوسيلة مؤثرة للحصول على الاعتراف الأفريقي الكامل بشرعيته كرئيس للإتحاد الإفريقي في الولاية الحالية. فكان ثمن ثروة مصر من مياه النيل مقعد رئاسة الإتحاد الإفريقي لمدة سنة واحدة فقط.
وإلى اللحظة لا تملك الحكومة المصرية ما تضغط به على نظيرتها الإثيوبية سوى بعض التصريحات والتحركات في المنطقة دون أي تأثير في القرارات الإثيوبية، ويتوقع المراقبون احتقانا أكبر وتصعيدا بين الطرفين إذا ما بدأت إثيوبيا تشغيل السد متجاهلة تماما مطالب مصر بإتمام المفاوضات العالقة.
ويزيد تهديد نقص المياه من أزمة المصريين الذين يعانون بالأصل من ظروف معيشية سيئة وارتفاع حاد في أسعار المواد الأساسية.