أميصوم تكثّف خدماتها الطبية لاستيعاب خسائرها البشرية المتصاعدة في هجمات حركة الشباب المجاهدين

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

(شهادة) – نشرت بعثة الإتحاد الإفريقي في الصومال “أميصوم” تقريرا مرئيًا يلخص الإنجازات والتحديات التي تواجه الخدمات الطبية– التابعة لها-للعناية بالإصابات البشرية في القتال الدائر في الصومال مع حركة الشباب المجاهدين.

 

وتحت عنوان “العناية الطبية لأميصوم بالمصابين في القتال”، أدرج التقرير عدة شهادات من الأطباء العسكريين والمسؤولين في القطاع الصحي العسكري الذي يرافق بعثة أميصوم في الصومال.

 

حاجة ملحّة

وجاء في التقرير أن ارتفاع عدد الجنود الأفارقة المقاتلين في الصومال من 1600 جندي في 2007 إلى 22 ألف جندي في 2016، يوازيه الارتفاع في الخسائر البشرية وبالتالي الحاجة الملحة لمستوى عالٍ من الرعاية الطبية في حينها.

 

ولأجل تغطية الحاجة الماسة للجنود الأفارقة للخدمات الطبية باستمرار، يقول د. روبرت أونيبوني – الضابط المدير لمكتب الأمم المتحدة لدعم الصومال (يونيصوص) (UNOSOS) أن البعثة الأممية أقامت في مقديشو (القطاع الأول) مركزا للخدمات الطبية يديره الأوغنديون، وفي دوبلي (القطاع الثاني) مركزا آخر يديره الكينيون، وفي بيدوا (القطاع الثالث) مركزا ثالثا يديره الإثيوبيون، وفي بلدوين (القطاع الرابع) مركزاطبيا يديره الإثيوبيون، بينما في جوهر (القطاع الخامس) مركزامماثلا يديره البورنديون، وأخيرا في كيسمايو (القطاع السادس) مركزا أخيرا يديره الكينيون. وجميع المراكز تتراوح الخدمات الطبية فيها بين المستويينالأول والثاني.

 

وقد تم إنشاء هذه المراكز الطبية بالأخذ بعين الاعتبار الموقع الجغرافي والمتغيرات الثقافية والتعقيدات السياسية لبعثة أميصوم.

 

طبيعة المهام

وقال أمادو كامارا -مدير الخدمات الطبية ليونيصوص(UNOSOS/UNOSOM)– : ” إن مهمة مكتب الخدمات الطبية ليونيصوم، هي تقديم الرعاية الطبية للموظفين والدعم الطبي اللوجستي لقوات أميصوم. ولا تقدم الخدمات الطبية للميليشيات الصومالية إلا في حال رافقت قوات أميصوم في عمليات مشتركة”.

 

وبحسب التقرير تتراوح خدمات يونيصوم، بين تلبية الحاجات الطبية المتنوعة إلى إجراءات الإخلاء الجوي للقوات.

إرسال الإصابات الخطيرة إلى خارج الصومال

ومع ذلك لا تكفي هذه المراكز الطبية لتلبية حاجات أميصوم لعلاج جنودها المصابين بإصابات خطيرة، ما يدفع بالبعثة إلى إرسال هؤلاء المصابين إلى مستشفيات بمستوى ثالث ورابع في خارج الصومال،حيث يتلقون علاجات متقدمة خاصة في مجال تركيب الأعضاء المبتورة والجراحة المتخصصة والحالات المرضية المستعصية.

 

ويقول د. روبرت أونيبوني: “لدينا 5 مستشفيات نتعامل معها أحدها مستشفى نيروبي، ومستشفى كارن، والثالث مستشفى أغا كان. ومستشفى ماتر، ومستشفى “ديفنس فورسز ميموريال”. ويتم التحويل أيضا على مستشفى ممباسا العام. وجميع هذه المستشفيات متواجدة في كينيا، وقد يصل الأمر إلى تحويل المصابين إلى مستشفيات جنوب إفريقيا.

 

مركز مقديشو تحت ضغط الحرب

وبحسب التقرير يواجه المركز الطبي في مقديشو – في المستوى الثاني- ضغط حالات الطوارئ في الحرب، والهجمات بالعبوات الناسفة على القواعد العسكرية الأمامية للعمليات.

 

حيث يقضي الأطباء والممرضون أوقاتًا عصيبة لانتشال الجنود المصابين من الموت. وقد تعودوا على استقبال المصابين بسبب التفجيرات وطلقات الرصاص والشظايا وغيرها.

 

وفي إشارة إلى درجة الضغط التي يعيشها مركز مقديشو الطبي، في استقبال الجنود المصابين، يقول العقيد الدكتور.جوزيف آسيا، ضابط قائد في أميصوم: “هنا نقوم بالكثير من العمليات الجراحية، أساسًا العمليات التي تسعى لإنقاذ حياة جنودنا، الذين سقطوا لسبب أو لآخر نتيجة القتال مع (حركة الشباب المجاهدين)”.

 

ويضيف التقرير بأن الكثيرين من الذين يعملون في هذه المهمة القتالية يعيشون حالة ضغط مستمر لتوفير الدعم، من أجل ضمان حياة قوات أميصوم. بينما لا يمثل الوقت أبدًا عاملا مساندا في كثير من الإصابات الخطيرة.

 

ويسقط الجنود غالبا بسبب التفجيرات على الطرقات، بما في ذلك السيارات المفخخة، والعبوات الناسفة، والتي تشكل عبأ ثقيلا على بعثة أميصوم منذ أطلقت حركة الشباب الهجمات غير المتكافئة ضد قواتها بحسب التقرير.

 

 

وتمثل الخسائر البشرية الثمن الباهض الذي تدفعه هذه القوات في سبيل البقاء في الصومال وإنجاز مهمة أميصوم الموكلة إليها في الصراع بحسب التقرير.

 

هجمات طيلة الـ24 ساعة في اليوم

ويقول جندي مصاب من أميصوم – في مستشفى ماتر- بنيروبي: “بالقرب من مقديشو في مكان يسمى”بولومرير” تفاجأنا بهجوم لحركة الشباب المجاهدين فمزقونا إربًا!”

 

ويصف التقرير الوضع في الصومال بأنها في حرب وتحت وطأة القتال طيلة الـ 24 ساعة في اليوم، ويقابل نشر القوات الثابت في الصومال، ارتفاع معدلات الخسائر.

 

ويقول د. روبرت أونيبوني:” بجانب الإصابات الجسدية، بعض الجنود يعانون من أمراض نفسية”.

 

عمليات الإخلاء في حالة تأهب 24 ساعة في اليوم

ويتعين على الخدمات الطبية بحسب التقرير التواجد باستمرار مع الجنود في أي مكان يخاطرون فيه بحياتهم، وكذلك يصبح توفير المروحيات للإخلاء السريع مهما وضروريا لدى أميصوم لنقل المصابين بأسرع ما يكون لأقرب مركز طبي.

 

يقول أرنست مانزو – الضابط المسؤول عن الطيران ليونصوص- بأن الحاجة ماسة لطائرات الإخلاء العاجل، ما دفع القاعدة لتوفير خدمات الإخلاء 24 ساعة لتعمل ليلًا ونهارا دون توقف، حتى تتمكن من تلبية حاجة الجنود لنقل قتلاهم وجرحاهم خلال القتال. وبعض الساحات يكون فيها المصابين على بعد نصف ساعة لكن في أخرى يستغرق الوصول إليهم ساعة ونصف وأكثر بالطائرة، بسبب بعد المسافة. وقد تم توفير 129 قاعدة للمروحيات المتخصصة في إخلاء الجنود المصابين والقتلى حتى تستوعب عمليات الإخلاء الخسائر البشرية لأميصوم التي يتم نقلها إلى مراكز الخدمات الطبية من المستوى الأول والثاني عبر البلاد.

 

محاولة تأمين الطرقات يعني المزيد من الخسائر البشرية

وبحسب التقرير تعاني القواعد العسكرية الأمامية كثيرا من هجمات حركة الشباب، حيث ينشغل جنودها بمواجهة جنود الحركة.

 

ولأن قوات أميصوم تتجهز لتحويل مسؤولية الأمن إلى يد القوات الصومالية، فكان لابد لها من العمل على تأمين الطرقات من العبوات الناسفة والكمائن التي تزرعها حركة الشباب باستمرار. وهذا يعني أن مسرح العمليات بحاجة ماسة للخدمات الطبية  وعمليات الإخلاء التي تبقى في حالة تأهب طيلة الـ 24 ساعة في اليوم. كما عرض التقرير.

 

 

وتستهدف القوافل والدوريات التابعة لأميصوم بشكل رئيسي بالعبوات الناسفة التي تسببت في ارتفاع الخسائر البشرية في صفوف قواتها بشكل ملحوظ أمام عجز أميصوم في تجاوز هذه العقبة.

 

 

من 10 إلى 40 مصاب في حالة خطرة ينقل يوميا إلى نيروبي

يقول د.روبرت أونيبوني: “في بداية عملنا في الصومال كنا نقوم بإرسال الحالات الحرجة للجنود إلى نيروبي بمعدل 30 إلى 40 جنديا في اليوم الواحد. وبتحسين الخدمات الطبية اليوم في المراكز الصحية داخل الصومال أصبحنا نحول بمعدل 10 جنود مصابين في اليوم الواحد لتلقي العلاج في مستشفيات نيروبي.

 

بعثة قتال لا لحفظ السلام

ويقول العقيد اللواء، الدكتور بونيفاس مانديشونا، وهو ضابط في الخدمات الطبية لأميصوم: “تحمل البعثة شعار قوات (حفظ السلام) ولكن حين نصل إلى الميدان، في الحقيقة هي مهمة قتال. إنها حرب كلاسيكية غير متكافئة”.

 

وأضاف: ” وهناك قضية أخرى هي أن لدينا جرحى وهؤلاء بحاجة للدعم الطبي”.

 

تحديات أمام الخدمات الطبية

وسلط التقرير الضوء على التحديات التي تواجه المراكز الطبية لأميصوم في الصومال وكان أبرزها عدم توفر الكوادر الطبية المتخصصة في بعض الحالات، وحاجة المعدات للصيانة والحفظ، ثم ارتهان العمل باستيراد المواد الطبية والمعدات وهي العملية التي تستغرق وقتا طويلا. ما لا يتناسب وحجم الحاجة في هذا القطاع النشط بشكل مستمر.

 

إضافة للحاجة لإعادة تدريب القوات بشكل مستمر بحسب أمادو كامارا .

 

أما إرنست مانزانو فيعتبر عمليات الإخلاء في ساحات القتال ليلا مهمة عويصة وتحقيق النجاح في الإسعاف الطبي حرج للغاية، وكثيرا ما يتعلم الفريق الطبي المرافق في مكان الخطر، وتعتبر “الصدمات” هي الحالات الشائعة التي يتعاملون معها خلال عمليات الإخلاء للجنود.

وأشار التقرير إلى المساعدات التي تصل مكتب الخدمات الطبية من المجتمع الدولي من تمويل ودعم لوجستي وفرق للتدريب وغيره. حيث لا يمكن لهذا المكتب تأدية خدماته دون استمرار الدعم الخارجي له.

 

تكتيكات فتاكة

ويأتي التقرير الأخير لقوات أميصوم ليسلط الضوء على درجة الاستنزاف البشري والمادي الذي تسببته تكتيكات حركة الشباب القتالية في حربها ضد أميصوم باعتماد حرب العصابات.

 

ويبدو أن توفير الخدمات الطبية المتأهبة باستمرار بجانب القوات الإفريقية لن يحدّ من معدلات استهداف هذه القوات بهجمات حركة الشباب المجاهدين خاصة بعد أن عجزت أميصوم في مواجهة تكتيكاتها القاتلة. وبالتالي لن يحد من ارتفاع معدلات الخسائر البشرية كلما استمر وجودها على أرض الصومال.

 

حركة الشباب تواصل هجماتها

وتشير حصيلة آخر أسبوعين من عمليات حركة الشباب المجاهدين ضد قوات أميصوم والميليشيات الحكومية، والتي تم تحديدها من خلال إحصاء الخسائر التي نتجت عن 33 عملية أعلنت عنها حركة الشباب إلى استمرار سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات أميصوم بمعدلات عالية.

 

فقد بلغت الحصيلة خلال الأسبوعين الماضيين فقط، 19 قتيلا وجريحا من الجنود الأوغنديين والبورنديين، وأكثر من 10 قتلى وجرحى إثيوبيين بدون إحصاء خسائر هجومين أدى كلاهما إلى مقتل وإصابة جنود إثيوبيين، أحدهما في بردالي بولاية باي وباكول وآخر أدى إلى تدمير شاحنة إثيوبية ومقتل وإصابة من فيها بعبوة ناسفة في منطقة “يركد”في نفس الولاية. وهما العمليتان اللتان لم يتم في كليهما تحديد عدد القتلى والإصابات بشكل دقيق.

 

كما تم إحصاء مئات القتلى والجرحى في صفوف الميليشيات الحكومية خلال الأسبوعين الأخيرين وكان من بينهم ضباط حكوميين، كالضابط “عبدي محمود حسن”،  الذي استهدف بعبوة ناسفة في منطقة “ويدو” بالعاصمة مقديشو والضابط “عبد الكافي”.

 

وتم إحصاء الخسائر المادية خلال الأسبوعين الأخيرين بتدمير وإعطاب العشرات من المركبات العسكرية بينها مدرعات وشاحنات إضافة إلى غنم أسلحة من قوات أميصوم والميليشيات الحكومية.

 

وتأتي هذه الخسائر البشرية والمادية نتيجة هجمات حركة الشباب المحصاة خلال أسبوعين فقط، والتي تنوعت بين عملية استشهادية واغتيالات وتفجير عبوات ناسفة ونصب للكمائن.

 

تكثيف من الجانبين

وفي الوقت الذي تستمر فيه قوات أميصوم في تكثيف الخدمات الطبية لتلبي حاجات قواتها المصابة بعد عجزها في التصدي لتكتيكات حركة الشباب الهجومية، تستمر الأخيرة في تكثيف هجماتها بالعبوات الناسفة والعمليات الاستشهادية وتكتيكات حرب العصابات، ما يجعل معدلات الخسائر البشرية في صفوف أميصوم قابلة للارتفاع باستمرار.

 

وهذا يعني أن قوات أميصوم ستستمر في دفع الثمن الباهض لتواجدها في الصومال إلى أجل غير مسمى.