أسئلة محرجة للحكومة الصومالية وداعميها .. وتحول في سياسات التمويل تتجاوز الحكومة .. وشوارع مقديشو تشتعل غضبًا
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
شهد الأسبوع الماضي زيارة من رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وهي الزيارة التي أثارت اهتمام الصحيفة الأمريكية “واشنطن بوست” حيث عمد الكاتب والباحث الأمريكي مايكل روبن لكتابة مقال له نشرته الصحيفة، يثير فيه عددًا من الأسئلة المحرجة للحكومة الصومالية وداعميها من الغرب.
وتساءل الكاتب حول جدوى المساعدات الأمريكية التي تتلقاها الحكومة الصومالية في حين لم تشهد البلاد أي تحسن في الأوضاع الأمنية أو الاقتصادية أو التعليمية، خاصة وأن الحكومة الصومالية تعرف ارتفاعًا في الرواتب مقابل ضعف شديد في الخدمات المقدمة للشعب الصومالي.
وأوضح الكاتب أن الدعم الأمريكي للحكومة الصومالية بلغ أكثر من 900 مليون دولار ، بعد عدة سنوات من تقديم ما لا يقل عن 500 مليون دولار. دون حساب الدعم الذي تتلقاه الحكومة من قبل المجتمع الدولي والذي هو أكبر من الدعم الأمريكي.
وتساءل روبن عن مصير الدعم الأمريكي وأيضًا عن مصير دعم المجتمع الدولي للحكومة الصومالية التي لا زالت تصنف كأحد أكثر بلدان العالم فسادًا.
وقال الكاتب: “لماذا يجب على الولايات المتحدة أو المنظمات الدولية تقديم الأموال إلى بلد هو الأكثر فسادًا باستمرار أكثر من فنزويلا أو أفغانستان أو كوريا الشمالية؟ ما الذي فعلته حكومة الصومال فعليًا للحد من الفساد؟ وكم عدد الوزراء أو المساعدين الذين أقالتهم بسبب هذا الفساد؟”.
وسلّط الباحث الأمريكي الضوء على أسفار الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو الذي لا يستقر طويلًا في العاصمة مقديشو بدل القيام بمهامه الحساسة في حفظ استقرار البلاد.
وقال روبن: “لقد استلم فرماجو منصبه منتقدًا سلفه لسفره المتزايد للخارج، بدلًا من البقاء في مقديشو من أجل إدارة البلاد. ومع ذلك، بعد عامين فقط من فوزه في الانتخابات، يسافر فارماجو الآن إلى الخارج بوتيرة قياسية، حيث يتمتع برحلات جوية فاخرة وخدمات بينما لا يحسن ضبط استقرار بلاده”.
وقال روبن في مقالته:” مع انسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال من البلدات والقرى القريبة من مقديشو هذا العام استرجعت حركة الشباب سيطرتها – وفي بعض الأحيان على بعد أميال فقط من العاصمة- وفي الوقت نفسه ، فإن قوات الأمن الصومالية غير قادرة على منع الهجمات حتى في قلب مقديشو”.
كما استغرب روبن من جرأة الحكومة الصومالية على المطالبة بالمزيد من المساعدات الأمريكية في وقت أعلنت عن شراكتها مع الصين فيما يمنح بكين حق الصيد في السواحل الصومالية دون مبالاة لما سيترتب عليه من تضرر الصيادين الصوماليين أو من خطر إشعال القرصنة في المنطقة من جديد بحثًا عن سبل للعيش بعد استيلاء الصين عليها بتسهيل من الحكومة الصومالية، مؤكدًا أن لا أحد يعرف مصير الأموال التي جنتها الحكومة من هذه الصفقة مع الصين.
وانتقد الباحث مطالبة الحكومة الصومالية التوسط من قبل محكمة العدل الدولية للبت في النزاع مع كينيا ثم بدل انتظار الحكم النهائي سارعت للمضي في مزاد سري لاستثمار حقوق التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها. وتساءل روبن أليس هذا تقويضًا لشرعية المحكمة عندما تطالبها بالتدخل ثم تتجاهلها؟ وهل من الحكمة استعداء كينيا عندما تعتمد الحكومة الصومالية على القوات الكينية من أجل السيطرة على البلاد طوال العقد الماضي.
وسلط روبن الضوء أيضًا على موقف الحكومة الصومالية من النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
ففي الأسابيع الأخيرة، أعلن مسؤول في وزارة الخارجية الصومالية بأن العداء مع إسرائيل ليس في مصلحة الصومال. كما امتنعت سفيرة الصومال في سويسرا ، عن التصويت على قرار للأمم المتحدة الذين يدين إسرائيل في الجولان، ثم لمحاولة تهدئة غضب الشعب الصومالي الذي ندد بالامتناع، استدعت الحكومة السفيرة للصومال.
انتقادات روبن وصلت أيضًا للدور التركي في الصومال وتساءل الباحث الأمريكي هل ستكون الحكومة الصومالية على استعداد لنشر شروط الصفقات مع تركيا والحسابات بشفافية فيما يخص التمويل الذي كسبته من إدارة المطارات وصفقات التأجير الرئيسية؟
ويجدر الإشارة إلى أن زيارة رئيس الوزراء الصومالي حسن خيري لواشنطن يوم الإثنين الماضي شملت لقاءً مع مسؤول البنك الدولي ومع المسؤولين من وزارة الخارجية ووزارة الخزانة ومجتمع الاستخبارات في الولايات المتحدة.
كما أن تعيين خيري في منصب رئاسة الوزراء الذي يشغله منذ 3 سنوات، واجه انتقادات واسعة في الصومال واتهامات بالاحتيال وشراء الأصوات لاختيار خيري الذي كان لاجئًا سابقًا في النرويج.
ويرى المراقبون الهدف من تساءلات الباحث الأمريكي عبر أحد أشهر الصحف الأمريكية في البلاد هو لفت انتباه المسؤولين في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والكونجرس الأمريكي والبيت الأبيض ووزارة الخارجية وكل من له علاقة بالقرارت الخاصة بالشأن الصومالي للانتباه لفساد الحكومة الصومالية التي يدعمونها قبيل لقاء الوفد الصومالي بقيادة رئيس الوزراء.
تبدل في السياسة الأمريكية مع الحكومة
وعلى غير عادة الولايات المتحدة الأمريكية في تسليم التمويل للإدارات الإقليمية الصومالية عن طريق الحكومة المدعومة من الغرب، أعلن السفير الأمريكي أن بلاده ستحول الأموال مباشرة إلى الجهات المعنية في الصومال، وليس عن طريق الحكومة.
وأوضح السفير دونالد يماموتو أن السبب في تغيير طريقة تحويل الأموال، يأتي من باب الاطمئنان بأنها تذهب لأصحابها المعنيين بشكل مباشر.
ويأتي هذا التغيير في سياسة تحويل الأموال مع الحلفاء في نفس الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة مؤخرًا عن إرسالها المساعدات إلى حكومة صومالي لاند بشكل مباشر وليس عن طريق الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب.
ويرى المراقبون هذا التغيير في السياسة يدفعه الفساد المستشري داخل الحكومة الصومالية والتي لا زالت تطالب بمزيد دعم في حين لم تتلق بعد ميليشياتها الرواتب الشهرية منذ عدة أشهر، وأدى هذا التعطيل لانسحاب الميليشيات من قواعدها في عدة مناطق في جنوب الصومال وللاعتصام أمام مبنى الرئاسة للتنديد بإهمال الطلبات المتكرر بمستحقاتهم.
مقديشو تشتغل غضبًا
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات المنددة بأداء الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب من الخارج، تشتعل شوارع العاصمة مقديشو غضبًا لتندد باعتداءات جنود هذه الحكومة الذين يستهدفون سائقي سيارات الأجرة الصغيرة بالقتل عند رفضهم تقديم رشاوى أثناء عملهم اليومي، وقد تكررت هذه الاعتداءات مرات عديدة ولكن مقتل أحد السائقين اليوم السبت أثار غضب السكان والسائقين في مقديشو الذين خرجوا في احتجاجات عارمة تندد بالقتل المتعمد لزملائهم من قبل ميليشيات الحكومة.
وقد حاولت الميليشات الحكومية قمع هذه الاحتجاجات بالرصاص الحي والقوة، ولكن ثورة السائقين لم تهدأ ولا زالت تطالب بالقصاص من جنود الحكومة الذين يتعمدون قتل السائقين الرافضين لأساليبهم في النهب والسرقة.
ويجدر الإشارة إلى أن الاتهامات بفساد الميليشيات الحكومية قد تصاعدت بشكل لافت حيث تقطع الميليشيات الطرق على السائقين لنهب أموالهم وإجبارهم على دفع رشاوى للمرور بسلام، ومع ذلك لا يأمن السائقون الطرقات التي تحرسها الميليشيات الحكومية ويتعرضون للنهب بصورة متكررة على هذه الطرقات، وهو ما يدفعهم للمرور غالبًا من مناطق سيطرة حركة الشباب المجاهدين أين يجدون الأمن والسلامة في الطرقات. وقد تناولت العديد من الصحف الغربية هذا الواقع الذي يعيشه السائقون في الصومال ونقلت شهاداتهم على اعتداءات ميليشات الحكومة وأيضا إشادتهم بخدمات حركة الشباب المجاهدين والأمن والنظام الذي لا يجدونه إلا في مناطق سيطرتها.
خطر الاختطاف
على صعيد متصل بالولايات المتحدة الأمريكية، أعلنت واشنطن مؤخرًا عن تحذير لمواطنيها من خطر الاختطاف في 35 بلدًا منها الصومال.
والدول الـ35 التي ذكرها التحذير الأمريكي شملت: أفغانستان، الجزائر، أنغولا، بنغلادش، بوركينا فاسو، الكاميرون، جمهورية إفريقيا الوسطى، كولومبيا ، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، هايتي، إيران، العراق، كينيا، لبنان، ليبيا، ماليزيا، مالي، المكسيك، النيجر، نيجيريا، باكستان، بابوا غينيا الجديدة، الفلبين، الاتحاد الروسي، الصومال، جنوب السودان، السودان، سوريا، ترينيداد وتوباغو، تركيا، أوغندا، أوكرانيا (شرق أوكرانيا حيث تسيطر روسيا)، فنزويلا، واليمن.
ويأتي هذا التحذير على خلفية اختطاف سائحة أمريكية في متنزه أوغندي ودفع فدية بلغت نصف مليون دولار لإطلاق سراحها مع دليلها السياحي الأوغندي في حين عجزت السلطات الأوغندية عن اعتقال المختطِفين أو تحديد هوياتهم.