هل تشن كينيا حربا على الاقتصاد الصومالي؟
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
نشر موقع “تي أر تي وورلد” الإخباري مقالة بعنوان “هل تشن كينيا حربا على الاقتصاد الصومالي؟” سلطت الضوء على هجمات كينيا التي استهدفت أبراج الاتصالات الصومالية ما يهدد اقتصاد البلاد ويزعزع استقرار القرن الإفريقي بأسره.
وأول ما يشد انتباه الزائر لمقديشو العاصمة بحسب المقالة هو درجة اعتماد الصوماليين على شركة الاتصالات المحلية “هرمود” في إجراء المعاملات اليومية عن طريق خدمة تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول. والتي يستفيد منها الصوماليون في كل تحركاتهم سواء لدفع أجرة الحافلات أو للتسوق إلى شراء العقارات.
وهذا ما يجعل من توقف شبكة الاتصالات عن الخدمة انقطاعا لشريان الحياة في البلاد ويعد المساس بشركة الاتصالات مساسا بالاقتصاد الصومالي برمته، كما حدث في 22 أغسطس 2019، بعد هجوم القوات الكينية التي تعمل تحت مظلة بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال “أميصوم”، حيث شنت هذه القوات هجوما على مقر شركة هرمود وبرج إرساله، في منطقة “عوس قرن” في إقليم جيدو جنوب الصومال، مما أدى إلى انقطاع ما يصل إلى 4000 شخص عن العالم.
واستُهدفت شركة الاتصالات الصومالية بـ 12 هجومًا من هذا النوع في أقل من عامين، وتسببت حوادث سابقة في قتل وجرح موظفين من الشركة، وفقًا لبيان صحفي صادر عن هرمود عقب الهجوم الأخير.
ووجهت شركة هرمود الاتهام للقوات الكينية التي تتواجد داخل كينيا ثم عبرت الحدود إلى الصومال، بحسبما دلت على ذلك المركبات والمعدات والملابس التي استخدمها المهاجمون من القوات الكينية.
من جانبها نفت الحكومة الكينية أي تورط لقواتها في الهجمات. أما الحكومة الصومالية فأدانت هذه الهجمات على شركة الاتصالات.
وقال وزير الاتصالات في الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب: “لقد هاجم عدو لنا بشكل علني اقتصاد الصومال” وطالب الوزير أميصوم بالتحقيق في هذه الهجمات المتكررة واتخاذ الإجراءات المناسبة ضد “هذا العدو الذي يستهدف اقتصاد الصومال وتجارته وفق القانون الدولي”، في إشارة إلى كينيا التي تدعم بقاء الحكومة الصومالية والتي بدورها ترحب بالقوات الكينية في البلاد.
وبحسب المقالة تأسست شركة هرمود للاتصالات التي تعد أكبر شركة تدفع الضرائب وتوظّف العمال في الصومال، تأسست في عام 2002 في وقت كانت تمر فيه البلاد بحالة من الفوضى، ومع ذلك ازدهرت وأصبحت تغطي اليوم أكثر من 80% من جنوب ووسط الصومال، وتخدم 4 ملايين مشترك في خدمة الهاتف المحمول كما وفرت أكثر من 20 ألف وظيفة.
وتساهم شركة الاتصالات الصومالية بتقديم الدعم المالي لقطاعات التعليم والصحة وسوق العمل وتوفير فرص للدخل، ومكافحة الحرائق، والتدريب في حالات الطوارئ، والتطوير التنموي والمهني، وفقًا لموقعها على الإنترنت.
وبحسب المقالة تعرضت العديد من أبراج الإرسال لشركة هرمود ومعداتها في إقليم جوبالاند أين تنتشر القوات الكينية، تعرضت للهجوم والدمار على أيدي هذه القوات. ورغم نفي الحكومة الكينية تورطها في هذه الهجمات إلا أن مصادر أمنية كينية أشارت إلى أن تدمير مرافق شركة الاتصالات هرمود كان بمثابة هجمات انتقامية من حركة الشباب المجاهدين.
وأوضحت المقالة أن توجيه أسئلة لشركة هرمود بخصوص أي علاقة محتملة للشركة بهجمات حركة الشباب المجاهدين في كينيا أو ما إذا كانت الشركة تمول الحركة فكان الرد من عبد الرشيد علي، مدير الاتصالات في هرمود، التأكيد على أن الشركة “تلتزم بشكل تام بالقوانين الوطنية والدولية المتعلقة بالإرهاب. وأن التقارير نفسها التي سبق وأن زعمت أن الشركة تدعم حركة الشباب تراجعت عن اتهاماتها وحذفتها”.
وسلطت المقالة الضوء على سبب أهم يدفع إلى شن القوات الكينية هجمات ضد شركة الاتصالات الصومالية وهو التنافس القوي بينها وبين أكبر شركة اتصالات في كينيا، سفاريكوم، وذلك في المناطق الحدودية والأراضي الخاضعة لسيطرة القوات الكينية في الصومال.
ونقل الكاتب شهادة أحد كبار مسؤولي شركة هرمود لم يكشف عن هويته والتي تؤكد أن شركة سفاريكوم الكينية تتطلع لدخول السوق الصومالية أين تتواجد القوات الكينية.
وأضاف المصدر: “كانت كينيا قد طلبت من قبل عبر السفارة الصومالية في نيروبي تحويل أبراج الاتصالات الخاصة بهرمود على بعد 50 كيلومترًا من الحدود الكينية الصومالية، لكننا رفضنا ذلك. ونحن نعلم أن بعض مسؤولي سفاريكوم مستشارون لدى الحكومة الكينية ويدفعون باتجاه تدمير أبراج هرمود في منطقة جيدو في الآونة الأخيرة”.
وقال عبد الله عثمان، الرئيس التنفيذي لشركة هرمود: “تُباع بطاقات سفاريكوم وتستخدم شبكتها في داخل الصومال دون أي اعتراض في حين يعد بيع واستخدام شبكة هرمود في الطرف الآخر من الحدود (كينيا) غير قانوني ويعاقب عليه.”
من جانبها رفضت شركة سفاريكوم التعليق على هذه الاتهامات.
وأكدت المقالة على أن حرب الأبراج هذه لن تنفع أي أحد. أولاً ، لأن تدمير مراكز اتصالات هرمود يأتي بنتائج عكسية لمصالح كينيا الأمنية والجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في الصومال.
ثانياً، أن هرمود هي أكبر شركة أعمال في الصومال، واستهدافها لن يدمر فقط سبل عيش الآلاف من الأسر الصومالية، بل سيؤثر أيضًا على الاقتصاد الصومالي المتداعي.
وتشير التقارير إلى أن 90% من الاقتصاد الصومالي يأتي من القطاع الخاص. وبالتالي، فإن القطاع الخاص بشكل عام وخاصة شركة هرمود للاتصالات، باعتبارها أكبر مؤسسة خاصة، تمثل العمود الفقري للاقتصاد الصومالي.
وقال عبد الله عثمان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة هرمود، إن كل برج اتصال دمرته القوات الكينية في العامين الماضيين تبلغ قيمته نصف مليون دولار، وأن الهجوم الأخير دمر مركز هرمود بالإضافة إلى برجين للاتصالات مملوكين لشركات اتصالات صومالية أخرى.
وقال عثمان: “هذا يدل على أن كينيا ليست فقط في حالة حرب مع هرمود، بل في حرب مع الاقتصاد الصومالي برمته. ولا يمكن أن تكون كينيا تحت مظلة حفظ السلام في بلدنا وهي في نفس الوقت تدمر اقتصادنا”.
كما أن هذا التدمير يعطل المجتمعات الريفية الضعيفة التي تعتمد حصريًا على خدمة تحويل الأموال بالهاتف المحمول، كما تعتمد وكالات الإغاثة في الصومال اعتمادًا كبيرًا على شبكة هرمود وخدمة تحويل الأموال في المناطق الريفية المتأثرة بالجفاف لتوزيع الأغذية والمساعدات الطارئة بحسب ما أشارت المقالة.
ومن الآثار غير المباشرة لهذا الاستهداف المتعمد لشركات الاتصالات الصومالية هو النزوح.
وتوفر الهجمات المتكررة على شركات الاتصالات من قِبل القوات الكينية فرصا كبيرة لزيادة التجنيد في صفوف حركة الشباب المجاهدين بحسب المقالة.
وأخيرًا خلصت المقالة إلى أن هذه الحرب التي لا معنى لها، يمكن أن تعرقل الأمن الإقليمي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العلاقات الصومالية الكينية قد وصلت إلى أدنى مستوياتها مؤخرًا. حيث يواجه الجاران أزمة حول ملكية مثلث ضيق في المحيط الهندي.
وحرب الاتصالات هذه يمكنها عرقلة الحل السلمي للنزاع وتصعيد الوضع الأمني في المنطقة برمتها.
وتختتم المقالة بتنبيه كينيا على ضرورة إنهاء هذه الحرب غير المبررة على شركات الاتصالات الصومالية، وأن تتوقف عن تهديد هذه الشركات حتى تتمكن الأخيرة من توفير الخدمات للسكان، أما سفاريكوم فيكفيها تغطية خدمات الجانب الكيني من الحدود.
وبعد جملة توصيات قال كاتب المقالة: “إذا استمرت كينيا في حربها على شركات الاتصالات فعلى شركة هرمود أن تقاضي نيروبي دوليا للحصول على تعويضات”.